|
النظام السياسي المرن
قيس جرجس
الحوار المتمدن-العدد: 5768 - 2018 / 1 / 25 - 23:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل دولة في العالم بحاجة لتسوية سياسية كل عشرة إلى عشرين سنة أو أكثر، كما يستنتج الفكر السياسي و علم الإجتماع، بما تمليه التغيرات المعرفية و العلمية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية على تغير التحديات و تغير طبيعة الصراع الخارجي و الداخلي و مواقعه و قواه السياسية و بروز قوى جديدة و أدوات جديدة و طبقات جديدة.
لقد ثبت أن التغيير الاجتماعي و الاقتصادي و ما يتبعهما تقوده المعرفة و الإبداع العلمي، فكل اختراع علمي وضع العالم على أساس جديد اقتصادي ثقافي اجتماعي، من اختراع المحراث إلى الثورة الصناعية إلى الثورة المعلوماتية.
لقد تبين من خلال ما نشهده في العالم، أن النظام السياسي القادر على التأقلم مع التغيرات و على استيعاب ما يفرضه حراك المجتمع بكل تنويعاته، و على قدرته على التجديد و التجدد إلى نظام أجد يطرح الترهلات و يأخذ بعين الاعتبار ما هو قائم، بما يخدم مصالح المجتمع و الدولة العليا، و بما يحمي المجتمع من الانفجار العنفي و الانقسام و التقسيم الداخلي المدمر، هو نظام سياسي مرن قابل للحياة.
لقد تبين أن النظام السياسي القائم على مبدأ سيادة إرادة الشعب في الدولة، فيما تعني السيادة أولا من نيل و ممارسة الأفراد، كشخصيات مستقلة، حقوق الإنسان السيد بدون تمييز، و كمواطنين، حقوق المواطنة المؤسسة على رابطة الإشتراك في الحياة و إنتاجها على أرض الوطن المعينة تاريخيا وجغرافيا بدون العودة إلى لغته أو جنسه أو عرقه أو دينه أو طبقته، بمعنى آخر نظام سياسي لا يقوم على الإقصاء و الإبعاد و الحرمان الإيديولوجي أو الجنسي أو الديني أو اللغوي أو العرقي. لقد تم ترجمة ذلك بدستور قائم على مبدأ فصل الدين و اللغة و الإيديولوجية عن ممارسة السلطة في الدولة.
و فيما يعني ذلك المبدأ من إدارة الصراع على السلطة في النظام السياسي سلميا و الإحتكام إلى إرادة الشعب عبر صندوق انتخابات و قوننة ذلك بأدوات و مؤسسات متطورة و مفتوحة دائما على التطور باتجاه التخفيف من سلبياتها.
لقد شهدنا تطورات كبيرة على فكرة الدولة و النظام السياسي في العالم، من نظرة ليبرالية فردية تبعد الدولة كمؤسسة اعتبارية لشخصية المجتمع راعية و موجهة و تقوم بإدارة الموارد البشرية و المادية، و من نظرة شيوعية إيديولوجية تقوم على ديكتاتورية الحزب المالك للدولة المالكة و القامعة و المصنّعة للمجتمع.
الدولة اليوم هي حاصل حراك سياسي ثقافي اجتماعي اقتصادي على ضوء فشل التجربتين، لقد تطورت فكرة الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية التي تأخذ بعين الاعتبار كل شرائح المجتمع و طعّمت برامجها بكثير من تأمين الضمانات الإنسانية لكل أبناء المجتمع بحيث لا تسمح للانفجار الطبقي بجرف المجتمع إلى حرب مهلكة مدمرة. مع تبدل دائم لمفهوم اليمين و اليسار و الوسط نسبة للتحديات الداخلية و الخارجية. حتى فيما يعني العلمانية لقد ذهبت العلمانيات الإلحادية إلى التخفيف من عدائها و محاربتها للدين كشعائر و طقوس و ايمان في المجتمع، لقد ذهبت فقط إلى فصل الدين عن الدولة و حماية الدولة و النظام السياسي من سيطرة سلطة الدين السياسية. كما روسيا و فرنسا و تركيا. فهي غير قادرة على إلغاء الدين من مسرح الفرد فليبقى إذا ضمن علاقة الفرد بخالقه.
هذا لا يعني أنه ليس هناك سلبيات و تحديات لهذه الأنظمة تهددها دائما، فكما لكل دواء شاف لمرض مهدد لحياة الشخص أعراض جانبية مزعجة و مقلقة لكن لا تصل إلى حد أن نلغي الدواء و نقبل بالمرض المهدد لحياة الفرد. كذلك النظام السياسي و مبادئه.
لا داعي للمقارنة بين أعراس الديمقراطية التي جرت و تجري في البلدان الغربية و التي كشفت عن وصول قوى سياسية حزبية جديدة أو أشخاص من خارج الطقم التقليدي السياسي مع أعراس تجديد البيعة للقادة العرب المؤبدين.
فيما يسمى العالم العربي نجد النظام السياسي يستخدم الدولة و أدواتها و مقدراتها لأخذ المجتمع كاملا إلى زنزانته الانفرادية المؤبدة، و بالتالي من هنا نرى مانراه من عنف و دمار و انهيار لكل تغيير في السلطة السياسية لكل مجتمع. لكن من المفارقة الجميلة أن الدولة كمؤسسة كبيرة و تحديات كبيرة بحاجة لتسوية سياسية كل عشرين سنة و مؤسسة الزواج الصغيرة بحاجة إلى عدة تسويات في اليوم كي تبقى المؤسسة قائمة. د. قيس جرجس - كاتب وشاعر سوري ——————
#قيس_جرجس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلم والحرية والصراع الإنساني
المزيد.....
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|