|
غلطة الشاطر قاصمة..!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1479 - 2006 / 3 / 4 - 10:03
المحور:
كتابات ساخرة
وصف تقرير إخباري زيارة ، رئيس الوزراء الجعفري ، الأخيرة إلى تركيا ، بأنها " القشة التي قصمت ظهر البعير " وعلى الرغم من أني لا أعرف على أية حال كانت صحة ذلك البعير ، البائس ، الذي قصمت ظهره قشة ، ربما كان خلي الظهر أهزله المرض ، وربما كان صحيحا ، إلا أن ظهره قد ناء بحمل أثقل من الجندل أو الحديد ؟ بحيث كانت القشة المضافة قاصمة قاتلة ؟ لو كان ذلك الحيوان ، ناطقا لاشتكى من ثقل حمله ، ونجى ! وإن كان الصبر بعض صفاته ، وهي صفة قاتلة ، أيضا ، في أحيان كثيرة . ربما أحد كان يعرف ، سر القشة ، وكتمها عنا ، وربما كذلك لا أحد يعرف ! أقول لو كان الجمل في وقتنا هذا لتم عرضه على بيطري ، ولعرفنا حقيقة الأمر والنتيجة ، كما يحصل لأنفلونزا الطيور حاليا ، إلا أن الجمل مات مع ما حمل ، وأخذ السر الذي قتله معه .فزيارة الجعفري لم تكن قشة ، بل مهمة وسرا وهو لها ، كما أن الجعفري لم يكن بعيرا ، بل زعيم حزب ، ورئيس وزراء عن قائمة الائتلاف الشيعي ، وإن كانت الأمثال تضرب للدلالة والاعتبار فلماذا تشبيهه بهذا المثل ؟. قانون إدارة الدولة ، قانون بريمر طيب الذكر ، لا يزال ساري المفعول ، وحتى انعقاد الدورة الجديدة للمجلس النيابي الجديد ، ينص في بابه الخامس " السلطة التنفيذية الانتقالية ، المادة الخامسة والثلاثون ، تتكون السلطة التنفيذية في المرحلة الانتقالية من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيسه " وبموجب هذا النص الدستوري ، لا يحق لرئيس الوزراء أن يغادر إلى دولة ما لغرض رسمي ، لقاء دولي أو عقد مباحثات مع أطراف خارجية، من دون معرفة وموافقة مجلس الرئاسة على المهمة ، المراد المشاركة فيها، وبما أن رئيس الجمهورية من ضمن مجلس الرئاسة ، فكان من الواجب أن يتم الاتفاق مسبقا على هذه الزيارة ، والتباحث بشأنها قبل أن يقرر السفر ويحط رحاله في تركيا ، فالزيارة من حيث المبدأ تمثل خرقا للدستور ، كما تمثل إحراجا للدولة العراقية ومؤسساتها ، من حيث قيام رئيس الحكومة بزيارة دولة دون علم رئيس الدولة ، ومن دون أن تكون هناك أسباب وأهداف معلنة لهذه الزيارة المفاجئة ، فبيان رئاسة الجمهورية قال " ليس له ـ أي للجعفري ـ أي حق في الدخول في محادثات أو مناقشات مع الدول الأخرى .." .فما صدر من رئاسة الجمهورية بهذا الخصوص هو بحد ذاته دليل على عدم ثقة وعدم اطمئنان ، ليس بين طرفين من أطراف السلطة التنفيذية ، رئاسة الدولة ورئيس الحكومة ، وإنما بين طرفين حليفين يتقاسمان الحكم ، وإعلان بيان الرئاسة بحد ذاته فضيحة حكم ، تتم في ظرف دقيق وحرج يمر به الشعب العراقي ، فالحكومة لازالت غير مشكلة ، والعنف يضرب أطنابه بالبلد ، والمواطن ينتظر انفراجا للوضع المتوتر الذي هو فيه ، بعد جريمة تفجير المراقد ، وأن ُيسِرع الأطراف المتحاورون على الإتفاق فيما بينهم لتشكيل الحكومة ، إلا أن هذه الزيارة جاءت دليلا قاطعا على أن الحكومة ومن تمثلهم سياسيا لا يهمهم أمر الشعب ، ولا ما هو فيه الآن من محن ومآسي ، بقدر ما يهمهم توتير الأجواء السياسية لتضييع الفرصة على تشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة ، .الظرف العراقي غير عادي ، وحتى لو كان ما يمر به العراق وضعا طبيعيا ، والحكومة وضعها طبيعي كذلك ، وليست حكومة تصريف أعمال ، لما جاز لرئيس الوزراء القيام بأية مهمة خارج العراق قبل أن يتم الإتفاق على تشكيل الحكومة ، وهو مرشح لها ، فلم العجلة ؟ لا أعتقد أن الزيارة جاءت من دون موافقة الأطراف التي يمثلهم في قائمة الائتلاف الشيعي ، رغم أن لا أحد يعرف الغاية منها سوى من خطط لها ، على عجل دون الأخذ بالاعتبار الحالة السيئة التي يمر بها البلد ، ولما كانت هذه الزيارة تثير رئاسة الجمهورية ، والطرف الكردي ، وأطراف دولية ، عليها لو تمت وفق إعلان رسمي لها وعن أسبابها ، واستصحب رئيس الوزراء معه أصحاب العلاقة المسؤولين ، ربما كان من بينهم وزير الخارجية ، إن كانت تتعلق بأمور سياسية وديبلوماسية ، أو وزير الداخلية إن كانت لمعالجة ملفات أمنية ، على سبيل المثال . الزيارة المستعجلة تدلل على أن أمرا" طارئا قد حدث أو أوشك على الحدوث ، ولا مجال لآن يناقشه حتى مع أقرب المستشارين المختصين والقريبين إليه في وزارته ، إلا أن هذا لم يحدث ! السيد رئيس الوزراء المنتهية ولايته ، قام بهذه الزيارة وهو يعرف أن صلاحياته قد انتهت منذ بدء الانتخابات ، وانتهاء الصلاحية تعني كل إجراء خارجي يعتبر باطلا ، ولا حق له في إبرامه أو عقده ، وهذا ما يؤكد عليه السيد المالكي الشخصية الثانية في حزب الجعفري ، يقول " الزيارة خاطفة ، ولن تتضمن عقد اتفاقيات ..وهي حكومة تصريف أعمال ، وكونها زيارة عادية وفق هذه المهمة " على الرغم من اعترافه بأن الزيارة لن تتضمن عقد اتفاقيات ، وإن الحكومة حكومة تصريف أعمال ، إلا أنه لم يفصح عن سبب هذه الزيارة الخاطفة ، كما لم يوضح عن ماهية " المهمة " التي تتم وفق هذه الزيارة العادية . وفي مكان آخر يصرح " إن بعض الشركاء في تشكيل الحكومة لا يريد لها أن تتشكل ويحاول اختلاق الحجج لتأخيرها أو يريدها بناء على رغبته وأغراضه الخاصة .." وهذا بعض إيضاح ، مغلف ، من أن الزيارة لها علاقة بالكورد وكوردستان وكركوك . وحتى اللحظة الأخيرة من مغادرة الجعفري أنقرة إلى بغداد لم يرشح عن أسباب الزيارة سوى ما صرح به في مطار أنقرة " قمت بزيارة شرعية مطابقة للقانون إلى تركيا وأنا مرتاح لنتائجها ، علاقتنا الثنائية أصبحت اليوم أكثر متانة .." لن يجد السيد الجعفري صعوبة في تفسير " زيارة شرعية مطابقة للقانون .." فالقانون " يعزف عليه كثيرون وكل حسب " المقام " الذي يؤديه ، إلا أن الزيارة ، هل كانت شرعية حقا !؟ فلماذا إذن لم يعلن السيد رئيس الوزراء عنها ، ولم كانت ، وما هي أسابها؟
2آذار 2006
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين الحقيقة ..ياحكومة !!
-
تفجير المراقد المقدسة ..والقادم أدهى وأمر ..!
-
عمرو موسى ..عذر أقبح من ذنب ..!!
-
صح النوم ..يا سيادة الوزير ..!
-
خطوط حمر ..تصبح ِبيْضا-.!
-
ميليشيات العشائر ..!
-
الدم العراقي المهدور في شباط الأسود ..!
-
الاستحقاقات ..والمحاصصة ..!
-
ليوم الشهيد ..تحية وسلام ..! - بمنايبة يوم الشهيد الشيوعي
-
الرصافي شاعر التحرر..يحاول إيقاظ الرقود ..!
-
الانتخابات ...وتقرير البعثة الدولية لمراقبتها...!
-
أيها العراقيون ..لا زال العراقي الفيلي مهَجرا..!
-
عندما يتحول البغض إلى حب ..!
-
من أجل من ..صلاحيات رئيس الجمهورية ..!
-
تأبين الشهداء ..والحزب الشيوعي ..!
-
المليشيات والحكومة والوضع الأمني ..!
-
الديموقراطية والاستحقاق الانتخابي ..!!
-
أين الديموقراطية ..؟ تضامنا مع سجين الفكر والرأي الدكتور كما
...
-
الشعب العراقي جدير بالديموقراطية ..ولكن ..!
-
البصرة - تتونس - وكركوك تدفع الخاوة ..!
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|