ناصر ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 5765 - 2018 / 1 / 22 - 19:21
المحور:
الادب والفن
حينَ أسقطُ في الموتِ مرتين!
نص: ناصر ثابت
في الطريق إلى الفكرة
أصادف الأملَ
وأتركه يتيما على قارعة الوهم
وعند الانتظار تحت ظل الإبرة أجد قلبي واقفاً على ساقِ الوقت
بطريقة تدعو للضحك والبكاء معاً
دعنا نعترف بكل الكلام الساذج الذي قلناه مراراً
وكررناه على أسماعِ السنونو
حتى تعود إلى بيتها المائل في الموج
دعنا نركض خلف الأحايين
ونودع الحزنَ الجاثم على صدورنا
الذي لا يهرب من شدة البرد
ولا يصلحُ للكيمياء الخفيفة للموت
تفاجئني صورة الجبل الذي يسكن قبالة نافذتي
كأنه جاءَ إلى هنا في غفلة من الله
تفاجئني فكرته العامة
ولا أضيع في حمى التعريفات الساذجة للحياة
أكسر عصا النور
وألاحق نحلَة الشتاءِ الضالة
وأستفيقُ على عينينِ من ظلامٍ ورماد
أنظر في المدى المتهدل كالستارة المثقوبة
وألمسُ المطرَ المعطرَ بالنار الهزيلَة
أشارك المرأة الطيبة أفراحها بسقوط القمر
وأدخلُ في عيد القسوة مع طفلة السرو الغائبة
أتألقُ على رُبى المبادئ الخفية
وأموت من أجلها مرتين
حتى لا أستعمل اسمي إلا في الضرورة القصوى
أما اللغة
فأرممها، وأهديها إلى من يغطيها برائحة الضباب
وإلى من يسخر منها ومني ليلَ نهارٍ
لأنه لا يحبُّ قراءةَ الحروف المقعرة
تسخرُ مني أميرةٌ من سلالة ملك الكلام
لأنني لا أقول ما يناسبُ أسماعها الساذجة
وتضحك مني حجارة الطريق
والأسماء الوهمية
والرسائل الضائعة
والقرارات الموغلة في فوضى الحياة
وتذاكرُ الطائرات التي تسقط كالذباب
يسخرُ الهدهدُ من نصوصي، بطريقة المديح
يمدحني ليقلل من شأني
ليقول لي.. ابقَ كما رسم لك الربُّ الأحمرُ
في مزاميره المكتوبة بطريقة الروايات البوليسية
يقول لي: إنسَ وجهكَ... فهو لعبة ملغومة ستنفجر يوما ماً في وجهك
عد إلى ظل الإبرة
وإلى الجرح العميق في ذراع المدينة
وإلى العادة الوهمية للصخر
والى دقات القلب الضائعة التي تحتاج إلى من يجمعُها في سلال العنب
عد إلى كلامك المطلق عن الحرية الأسيرة
واقترب من البُعد
إقترب من الكَسرة حتى تسمعَكَ القصيدة في غيابك الغرابي
اشرب شُؤمَك الملكي، من أحلامك السوقية، كاللعنة العاقر
وفاخر، لكن بالثقوب الجريئة في ثياب الجبل
تلك ليستْ ثقوباً إنما هي كهوف في صفحة المكر
لا تعامل نفسَك بجنونها الواثق من نفسه
بل كن بريداً يومياً بينها وبين البئر
حتى تولدَ ساعة الصفر الكافرة
كن، كما أنتَ، وثنياً متمرداً مؤمناً بالشكِّ فقط
واعبد زرافةَ الليمون المثقفة
فالقصيدة تعرفُ كيف تكونُكَ
وتعرفُ كيف تخونُك
القصيدة ظلك المعتل
وعملك المنقوص
وصوتُك الآنُّ الوحيدُ
الذي سيمر من سهم الجنوب.. ومن هرمِ الخارطة
كيف تسقطُ في الموتِ مرتين؟
فالموتُ كالحبِّ، يحتاجُ إلى شمسٍ فاخرةٍ
حتى يرتكب جريمتَه!
#ناصر_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟