أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - الانتخابات العراقية...الناخب الحائر!















المزيد.....


الانتخابات العراقية...الناخب الحائر!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5765 - 2018 / 1 / 22 - 04:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الانتخابات العراقية...الناخب الحائر!

حسمت المحكمة الاتحادية الجدل حول موعد الانتخابات، ولكن ذلك لن يخفف من متاعب الناخب العراقي "المسكين" في 12 مايو/أيار 2018، الذي سيجد نفسه مرة أخرى أمام عذاب الاختيار. هناك 27 تحالفا وقائمة انتخابية تضم 188 حزبا، وعلى المواطن أن يصوت لأحدها. لن تكون هذه المهمة سهلة في ظل تشابه الأسماء و الشعارات. وبطبيعة الحال سيصبح المشهد أكثر سريالية عندما تعلن هذه القوى عن جيش مرشحيها الذي سيصل عددهم إلى الآلاف يتنافسون على 328 معقدا فقط.
حتى خبراء ومحللو السياسية يجدون صعوبة في فهم المشهد السياسي العراقي، فكيف بحال المواطن العادي المطالب بوضع علامة التصويت أمام إسم التحالف ورقم النائب في بطاقة اقتراع تُعد من بين الأطول في العالم. وزيادة في التعقيد فإن جميع القوى تعتبر نفسها عابرة للطوائف وتعلن يوميا رفضها للمحاصصة المقيتة وتتنافس في رفع لواء دولة المواطنة. حيرة الناخب تبدأ بأسماء الائتلافات والأحزاب. أكثر من 60 منها يصر على إدراج لقب "العراقي" لإظهار غيرته على مصالح العراق. ولا تقل تسمية "الوطنية" انتشارا، إذ أن هناك 41 حزبا يصف نفسه بالوطني. ولمزيد من التأكيد فإن البعض يجمع بين الصفتين. مؤخرا راجت كثيرا صفة "مدني" وهذا ما يتكرر في أسماء 10 أحزاب، بينما يتبنى 9 على الأقل نهج "الإصلاح" إسما له.
الناخب في حاجة بالفعل للعناية الإلهية لأن القائمة تضم أسماء 10 أحزاب تؤكد انتمائها للإسلام (ليس من بينها حزب الدعوة ومنظمة بدر والتيار الصدري والحزب الإسلامي "الأخوان المسلمين سابقا")، فيما لا يوجد حزب واحد يصف نفسه بالشيعي أو السني ولا حتى بالديني. كان بالأحرى بها أن تفعل ذلك حتى تكشف عن "السر" الذي يعرفه الجميع. في المقابل تجنبت الاحزاب الارتباط من قريب أو بعيد بشعار "الاشتراكية"، وإن كان هناك حزبان شيوعيان، أحدهما "عراقي" والثاني "كردستاني". وإذا فهم الناخب أخيرا كل هذه الفروقات، فإنه قد يعجز في التمييز بين "سائرون" و"عابرون"، خاصة وأن هناك أيضا "متحدون" و"مستقلون" و"صادقون" إلى آخرالقائمة.
تزداد حيرة الناخب أكثر عندما يكتشف أن بعض الأحزاب اختار لأسباب تكتيكية أن ينضم لعدة تحالفات. ولو افترضنا أن هناك ناخبا "وفيا" يريد التصويت لصالح "حزب الوفاء" لصاحبه المهندس قاسم الفهداوي، فإنه سيفكر مرات ومرات قبل أن يقرر أين يضع علامة التصويت، لأن إسم هذا الحزب وبكل بساطة يتكرر في 5 تحالفات سياسية. أما حزب الدعوة فكان أكثر تواضعا وقرر المشاركة في تحالفين فقط: ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي وائتلاف دولة القانون بقيادة رفيقه وأمين عام حزبه نوري المالكي. ويبدو أن العبادي اختار تسمية "النصر" لأنه يعتقد بأنها ستسهل المهمة أمام الناخب حتى لا ينتخب ائتلاف "الهزيمة" وعلى رأسه غريمه المالكي الذي يتحمل المسؤولية السياسية لهزيمة الجيش العراقي أمام تنظيم داعش في منتصف عام 2014 عندما كان رئيسا للوزراء.
عدوى الانضمام لأكثر من تحالف سياسي طالت أيضا القوى الصغيرة والهامشية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحركة المدنية العراقية لصاحبتها شروق العبايجي وحزب الشعب والإصلاح لصاحبه فائق الشيخ علي. لا أحد يعرف في أي مدرسة للديمقراطية تعلم السياسيون العراقيون المنتمون للكتل الكبيرة والصغيرة، ولكن كما يبدو فإن تكتيك المشاركة في أكثر من تحالف يهدف لجمع أكبر عدد ممكن من الأصوات وتحسين فرص الفوز بمعقد البرلمان الوثير، وكذلك لخلط الأوراق وزيادة ضبابية المشهد بالنسبة للناخب. في حالة حزب الدعوة لا يستبعد أن يكون هناك نوع من الاتفاق الضمني بين ائتلاف دولة القانون وائتلاف النصر يقضي بالمنافسة في الاقتراع والتفاهم لاحقا على إبقاء منصب رئيس الوزراء بيد "أمينة". مع ذلك تبقى هذه الظاهرة الغريبة منافية لمنطق المنافسة الديمقراطية الذي لا يحبذ عادة تشتيت الأصوات.
كثرة الأحزاب والتحالفات والمرشحين لا تعني بالنسبة للناخب العراقي مزيدا من الديمقراطية وحرية أكبر في الاختيار، بل هي تجسيد لحالة التشظي والتشرذم التي يعاني منها الوضع السياسي في العراق منذ 2003. كان الأحرى بنواب البرلمان العراقي ورئيسه سليم الجبوري أن يشغلوا أنفسهم ببحث هذه المشكلة الخطيرة بدلا من إضاعة الوقت في جدل بيزنطي حول موعد الانتخابات. ولعل أفضل تشبيه لهذه الحالة الشاذة يعود لنائب رئيس الوزراء المقال والسياسي البارز سابقا في التيار الصدري بهاء الأعرجي الذي وصف المشهد السياسي في العراق بأنه "مزرعة بصل فيها رؤوس كبيرة". ويبدو أن الأعرجي توصل إلى هذه النتيجة بعد أن أُبعد عن المشاركة في جني محصول هذه المزرعة ذات الرائحة النفاذة والأرباح المجزية في آن واحد.
من الواضح أن ظاهرة التشظي تعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تقف وراء انعدام الاستقرار السياسي والصعوبة في تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات عندما تكتشف كل القوى الرافضة للمحاصصة المقيتة هوسها بالمناصب وضرورة حصولها على قطعة مناسبة من الكعكة، وإلاّ فإن دولة المواطنة ستكون في خطر كبير. إلى جانب المشاكل المذكورة تُبين تجربة الكثير من الدول الديمقراطية العريقة أن حالة التشظي يمكن أن تتيح صعود قوى راديكالية، بغض النظر إنْ كانت قومية متعصبة أو إسلامية متشددة أو يسارية متطرفة، الأمر الذي قد يصب في نهاية المطاف في إقامة نظام شمولي.
إذا كانت تداعيات المشكلة واضحة للعيان، فإن حلها أيضا لا يُعد سرا ولا يتطلب سوى الاستفادة من تجربة الدول التي سبقتنا في مضمار الديمقراطية. هناك حلّان لا ثالث لها: إما اعتماد نظام الانتخاب المباشر أو تطبيق العتبة الانتخابية.
يتطلب الحل الأول تقسيم العراق إلى 328 دائرة انتخابية حيث يدلي الناخبون بأصواتهم مباشرة لصالح مرشح معين، ومنْ يفوز بالأغلبية في هذه الدائرة يصعد للبرلمان، بينما يبقى الخاسرون خارج اللعبة. ومع إمكانية تخصيص مقاعد للأقليات، يبقى نظام الانتخاب المباشر غير مناسب للعراق بسبب التنوع الاثني والديني والمذهبي للبلاد والذي يتطلب في كل الأحوال ديمقراطية توافقية. من هنا يشترط الحفاظ على النظام الديمقراطي في العراق وتجنب التبعثر والتمزق الحالي التوصل إلى اتفاق على إدراج عتبة انتخابية (3% مثلا) في قانون الانتخابات بحيث تبقى جميع الأحزاب التي تُخفق في تجاوز هذه النسبة خارج البرلمان. مثل هذه النظام، وكما تُثبت تجارب أغلبية البلدان الديمقراطية، كفيل بتقليص عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات إلى الربع أو أقل، وذلك عبر إبعاد القوى الصغيرة والهامشية ودفعها للانصهار في قوى أكبر. حينها لن يخطر أيضا على بال حزب الدعوة أو حزب الوفاء وغيرهما خوض الانتخابات في عدة تحالفات.
في نفس الوقت سيضمن هذا النظام المزيد من الشفافية والوضوح في عملية الاقتراع ويجعل مهمة الناخب أكثر سهولة، ولكن دون أن يقلص من حريته في الاختيار بين توجهات سياسية متباينة ليس فقط في الأسماء.



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخمينية والوهابية تترنّحان
- الجوانب المظلمة لأزمة الكهرباء في العراق
- الفساد بين الحيتان الكبيرة والقروش الصغيرة
- تصدّع البيت الأوروبي
- مسرحية الحريري: التغريد خارج النص
- الميزانية العراقية وعقدة حصة الإقليم
- عندما يحلم العراقي!
- فخ المديونية في العراق
- الدين: محرك أم معيق للتنمية الاقتصادية؟
- أرصدة كردستان المالية في الخارج: من أين لك هذا؟
- التصعيد التركي والصمت الكردي!
- كردستان: استفتاء أم استطلاع؟
- عراق ما قبل الانتخابات: اصطفافات جديدة فوق رمال متحركة!
- وسكتت الجزيرة عن الكلام المباح!
- عقلية الراعي والقطيع بين الماضي والحاضر
- مجلس .’’التآمر’’ الخليجي!
- الأزمة القطرية: وزراء عدل للبيع!
- اللغة التجارية في القرآن (2 / 2)
- اللغة التجارية في القرآن (1 / 2)
- ماذا لو غرقت قطر؟


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - الانتخابات العراقية...الناخب الحائر!