|
من الأسلمة الى الأنسنة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 13:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الأسلمة الى الأنسنة ******************* هل فعلا يمكن لهذه لصيغة ان تشكل نسقا تداوليا على صعيد الوعي الثقافي ، ببعديه الديني والانساني ؟ . لماذا الدعوة الى الأنسنة ؟ ، وكيف أصبحت الأسلمة لفظة مدانة ؟ . في تتبع للخطاب الديني الراهن والذي تأسس على مدار ما يفوق عقد زمني كاملا ، أصبحت الدعوة الى الأسلمة دعوة مشبوهة . فبعد غياب مشاريع أصيلة ، تتأصل من بنيتها الذاتية التي تختزل التاريخ والجغرافيا والذهن والممارسة ، أصبحت الدعوة الى أسلمة المجتمع دعوة ملغومة قد تنفجر في وجه متلقفيها .الأمر لا يتعلق بنزوع نحو تخفيض مرتبة الدين الاسلامي كقرآن وسنة . بقدر ما يتعلق بتوظيفات اخترقت جدار اللغط الداخلي ، بفعل تفشي الجهل ، وبالأخص الجهل المركب الذي غذته قنوات الاعلام الديني .فسقط شعار "الاسلام هو الحل " ، سقوطا مدويا بعد أن تكشفت وظيفة الجماعات الارهابية العابرة للقارات . وتحول دين الدعوة الى الله بالتي هي أحسن الى دين الدعوة الى الله بالتي هي أسوأ ، بالقتل والتفجير والانتحار ، وانتحال الصفة ، كثرة اللحى وألبسة المجموعات الاسلامية ، والكذب البواح ، ما صنعته حكومة النهضة وحكومة العدالة والتنمية بالشعبين التونسي والمغربي . أصحاب شعار "الاسلام هو الحل " ، يستفيضون في جر التاريخ ، ويعيدونك قرونا الى الوراء ، في حين ان الواقع يزداد ترديا ، وتخلفا . في ظلهم ، وهم في ذلك سواء مع اليساريين والقوميين تزداد سجون الأنظمة كثافة وعددا ، تتوسع هوامش الفقر ، بينما تزداد الثروة تكدسا في أيدي قلة بورجوازية مهترئة تعجز عن تنضيض عبارة سياسية واحدة مفيدة . الاسلام هو الحل شعار مرحلة اظنها ولت ، وهو تاريخيا مرتبط بمرحلة بذاتها ، هي مرحلة ارتباط ومصاهرة حركة الاخوان المسلمين المصرية بحزبي "العمل المصري " و"حزب الأحرار " ابان الثمانينيات من القرن الماضي . فتاريخية الشعار واضحة حسب شهادة مجموعة من الباحثين . لكن تنزيل الشعار وتنفيذ مضمونه يطرح عدة اشكالات عملية ونظرية ، خاصة مع ما رشح عن تجربة ما بعد الربيع العربي المجهض . وانقلاب الأحزاب السلفية المصرية على اقرب حلفائهم ، الاخوان المسلمون . وما صنعه حزب النهضة بتونس وحزب العدالة والتنمية بالمغرب من سياسة تفقيرية خدمت أجندات غربية مباشرة ، مؤسسات القرض الدولية ، والارتماء في حضن الانظمة الرجعية المتخلفة . الاسلام هو الحل شعار يدغدغ العواطف ، ويلهب سعير نوستالجيا التاريخ والمجد الاسلامي الغابر . لكنه يعجز ان يقدم مفكرا متنورا ومستنيرا او قادة وطنيين قادرين على تغيير أحوال اوطانهم وشعوبهم . وهو الى ذلك شعار مغلق ، يتبناه على العموم عقول عليها أقفالها ، على الجميع أن ينظر بمنظارهم ، والعمل برأيهم ، بالرغم من أن قداسة الدعوة لا تستلزم عصمة التطبيق . وعلى الرغم من أن أصوليا مسلما منفتحا أسس لقاعدة جوهرية في فن الاجتهاد " رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب " ، فان دعاة "الاسلام هو الحل" ، يقدفون بهذه القاعدة الانسانية والجوهرية بعيدا ، ويحتكرون الحقيقة التي لا تخرج الا من بنات عقولهم وأفكارهم . فاجتهاداتهم لا يأتيها الخطأ ولو بنسب ضئيلة . وهم بذلك ينتقدون تجربة الامامة الخمينية وولاية الفقيه. قمة التناقض والاهتراء الفكري والعقلي . طبعا في انتقادنا ونقدنا وتدارسنا لشعار "الاسلام هو الحل " ، لابد من العروج قليلا نحو النهضويين العرب ، كرفاعة الطهطاوي ومحمد عبده والأفغاني . وهنا علينا أن نستحضر نقاء اللحظة ، لحظة الهجوم الكولونيالي على مصر وعلى مجمل الدول العربية . قبل أن تنزرع بذور الغرب بفكره ونمط حياته وعلومه ، وتستحوذ على لب جل مفكريه ، وتستعبد جميع حكامه . في حين لم يقدم للشعوب العربية الا مزيدا من الفقر والتهميش والجهل والتجهيل . داخل هذا الركام التاريخي الطويل ، ووسط هذا العبث الاجتماعي الرهان ، تنبعث شعارات ، تبدو في مظهرها براقة وموحية ، يستغلها تجار الدين ليعيثوا في الأرض فسادا . وهم قد أظهروا انهم لا يتمايزون عن عسكر الحكام في شيئ . بل معظمهم أقل وطنية وحضارة من مستبد كصدام حسين ، قبل أن تنقلب كفته ويؤوب الى رشده . لكن بعد ماذا ؟؟ . بعد أن خرب بلاده وشعبه وتاريخا موغلا في الزمن الانساني .ويفتح الباب مشرعا لتكالب أكلة القصعة على خيراتنا وأوطانننا وشعوبنا . فنا الضير في تأنسن يعيدنا الى فطرتنا ، ألن نعثر فيه على اسلامنا ؟ ام أن الاسلام في عرف أصحاب "الاسلام هو الحل " يناقض الانسانية ؟؟ .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعويم الدرهم المغربي ، نحو غرق أعمق واحتجاجات ضخمة
-
النظام المغربي أمام حقائقه
-
تحليل استخباري لأحداث ايران الأخيرة
-
احتجاجات ايران تحت مجهر احتجاجات المغرب
-
لا تركعوا لهبل
-
أول صفعة عربية للبيت الأبيض من أضعف خلق الله
-
قراءة جيوستراتيجية في قرار ترامب نقل السفارة المريكية الى ال
...
-
اللعب خارج الملعب ؟ المملكة العربية السعودية نموذجا
-
هذه موانع الحرب العشرة في الشرق الأوسط يا عطوان
-
بنكيران ينسف بروج الدكاترة والمحليين العاجية
-
مقارنة عابرة بين ديمقراطية الكيان الصهيوني وبين ديمقراطية ال
...
-
أزمة الثقافة في طنجة ، هل من منقذ ؟
-
خطاب الملك بين التفكك والسمو
-
مرحلة الجثث المتحركة ...السياسة بالمغرب الآن
-
وأخيرا السعودية تهرول نحو روسيا
-
بين الاستقلال والانفصال والمطالب الاجتماعية البحثة
-
حزب الاستقلال وحرب الصحون
-
أفلح قوم ولوا امرأة وذل قوم ولوا رجالا
-
خيانة فقهاء الدين للأمة
-
مقارنة بين استفتاءين وحراك الريف
المزيد.....
-
تعليق علاء مبارك على فيديو سابق لخيرت الشاطر عن تعامل نظام و
...
-
ثبتها الان احدث تردد قناة طيور الجنة على النايل سات 2024
-
“اضبط الآن”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات وعرب
...
-
المسجد العمري الصغير إرث تاريخي بالقدس من عهد الأيوبيين
-
لبنان.. المقاومة الإسلامية تزفّ شهيدين على طريق القدس
-
ترامب: هاريس لا تحب اليهود وهكذا ستكون دائما
-
ترامب يهاجم كامالا هاريس: لا تحب اليهود.. وخانت إسرائيل حليف
...
-
“أطفالك هيبقوا أذكياء ومبسوطن” قناة طيور الجنة بيبي 2024 بتع
...
-
رسالة شكر للعاملين على إصلاح كاتدرائية نوتردام في الأولمبياد
...
-
فرح أطفالك في الصيف.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل س
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|