زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 5761 - 2018 / 1 / 18 - 18:37
المحور:
الادب والفن
بكنزته الصُّوفيّة الحمراء وشالِهِ العِنّابيّ، اقترب شُباط من أمّه السّنة الجديدة وعانقها وطبعَ على جبينها قُبلةً حارّة وقال :
" لماذا أنا وفقط أنا يا أمّاه 28 يومًا ؟ ...آه نسيت وفي بعض المرّات تتكرّمون عليّ بيوم إضافيّ ، أنا مظلوم ، أنا قليل الحظّ وبائس .
لقد أصبحتُ اضحوكةً حتى لدى الأطفال الصغار ، فذاكَ يقولُ عني : "لَبّاط" وذاك يقولُ " قزَم". وذاك......
وتضحكُ السنةُ الجديدةُ الأمّ وتحتضنُه وهي تقول : لسْتُ أنا يا حبيبي مَنْ وَزَّعَ الميراثَ والأيام ، لستُ أنا ، انها جدتك الأولى...
ولكنْ دعني أفكّر ، دعني أبحث في الأمر.
وتظهرُ ابتسامةُ الرّضا على وجهِ شُباط وهو يغفو على سريرِهِ الجميلِ وفراشهِ الصوفيِّ الأبيض قرب المدفأة ، ويروحُ في نومٍ عميق.
وما هي الّا لحظات حتّى يقترب آذارُ من أمّه بقميصِهِ الملوّنِ بألف لونٍ ولون ، وبعطرِهِ الزكيِّ الذي يفوحُ من جنباتِهِ ، فيعانق امَّهُ السّنة الجديدة قائلًا:
مظلومٌ أنا يا أمّاه..مظلومٌ وأكثر...
هل من العدْلِ أن يكونَ أخي كانون الثّاني ببردِهِ وغيومِهِ وبروقِهِ ورعودِهِ مثلي 31 يومًا ؟!
ثمّ هل من الإنصافِ أنْ يكونَ أخي تمّوز أيضًا بِحرِّهِ وجفافِهِ وعرقهِ وبعوضِهِ مثلي أنا الرّبيع ابن الربيع ، الحاملُ الزهور والمنتور والعطور !!!
وتقهقهُ الأمُّ وتضمُّه الى صدرِها وهي تقول : دعني أفكّرُ في الأمرِ يا بُني.
ويرسمُ آذارُ بسمةً وضيئةً على وجهِهِ ويتمدّد على فِراشِهِ الورديِّ ، وينامُ نومًا عميقًا..
وتنظر الامّ والنُّعاس يأخذ منها مأخذًا، وإذا بنيْسانَ يتململُ ويحاول ان يدنوَ منها .. فتضحك وهي تربّتُ على كتفه من بعيدٍ بحنان وهي تقول:
لا شكّ أنّك مظلوم أنت ايضًا يا صغيري.. ولكنني نعسانة ..غدًا ساسمعك يا صغيري ..غدًا...
وجاء الغدُ ، وأشرقتِ الشمسُ جميلةً دافئة ، فبدّدتِ الغيومَ والاحلامَ والأطماع، وسرى النسيمُ يحملُ المحبّةَ الى النفوس؛ كلِّ النُّفوس.
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟