حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 5758 - 2018 / 1 / 15 - 13:18
المحور:
كتابات ساخرة
حلوة زحايكة
سوالف حريم
أسأل الله أن لا يحرم أحد من والديه
عجبت من اتهام أبي عناد لي بأنني أكرر ما أكتبه، ولا تكاد واحدة من سوالفي تخلو من ذكر المرحومين أمّي وأبي! وفي الواقع فإنّني أسأل الله أن لا يحرم طفلا من والديه ولا من أحدهما، لأن الطفولة لا تكتمل إلا بوجود والدين، وهذا ما لا يتوفر لمئات الآلاف من أطفال شعبنا، الذين تيتّموا حين غيّب الموت بالشّهادة أو بغيرها والديهما أو أحد الوالدين، أو غابوا خلف الأبواب الموصدة أسرى دفاعا عن حرية وطنهم وشعبهم. لقد جرّبت اليُتم وعانيت منه ساعة ساعة ويوميا ولا أزال منذ تفتّحت عيناي على هذه الدّنيا، أنا التي لم أعرف أبي الذي سقط شهيدا في حرب حزيران 1967 وأنا طفلة رضيعة، من لم يعش تجربتي لن يشعر بمدى معاناتي وأحزاني عندما كانت بنات جيلي يتكلّمن أمامي ببراءة تامة وبفخر بأن أبا هذه قد جلب لها من القدس حلوى، أو كسوة، أو نعلا، وأن أبا تلك قد اصطحبها معه إلى المسجد الأقصى مثلا، وأنا أعيش لوعتي وحسرتي وأعيش خيالاتي حول معنى حنان الأبوّة التي لم أعرفها!
ولن يعرف من لم يعش التجربة مدى معاناة الأطفال اليتامى الذي يعيشون في كنف أمّهم الأرملة الحسناء الشابة التي يتوافد الخطّاب لطلب يدها، وهي ترفض بكبرياء وتقول دامعة " وين أروح بأطفالي؟ وأطفالي أغلى ما في الحياة"، إحدى قريبات أمّي العجائز كانت تأتي لتوبّخ أمّي لأنها ترفض الزّواج من رجل آخر، ماتت وأنا وأشقائي نكرهها لشعورنا بأنّها تأتينا لتسرق منّا الحضن الدّافئ الذي يحتضننا،
وكيف لي أن أنسى أمّي التي كانت تنيمني في حضنها وهي تبكي، وأستيقظ باكرا لأراها تبكي لأسباب لم أدركها في طفولتي المبكرة. فكيف لي أن أنساها.
قد يكون أبي وأمّي ليسا أفضل الآباء والأمهات، لكنني لم أشاهد أبا وأمّا أفضل منهما. ومن حقّهما أن يبقيا في ذاكرتي لأترحّم عليهما ما حييت.
وقد يستغرب البعض من تكرار كتباتي عن أبي وأمّي، لكنني أؤكد أنني أعبر عن مشاعري الداخلية بكتابتي عنهما، وفي ذهني شيء آخر هو أنني أريد أن ألفت انتباه الآخرين إلى ضرورة رعاية الأطفال الأيتام، وتعويضهم عن حرمانهم من والديهم أو من أحدهما.
أسأل الله أن يحفظ لأبي عناد والديه، وأن يحفظ للجميع والديهم، وخصوصا إذا كانوا أطفالا.
15-1-2018
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟