أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نورة العبيدي - وفاء الكلاب














المزيد.....

وفاء الكلاب


نورة العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5757 - 2018 / 1 / 14 - 12:56
المحور: كتابات ساخرة
    


فوبيا الكلاب كانت تلازمني منذ طفولتي إلي أن مزق قلبي نباح جرو صغير إحتمي بحاوية للقمامة، يستعطفني و يحاول الخروج وكأنه يطلب مني إحتضانه تناسيت خوفي ما أن إلتصق بي و أختبأ تحت وشاحي .. كنت أعلم مسبقا انه لا مجال لإدخاله لمنزل يؤمن بأن وجود حيوان لطيف هكذا يبعد الملائكة و يجعله مرتعا لشياطين ، جعلت من صندوق عداد الماء الموجود بجانب المنزل بيتا له ، أطعمه و أقوم بتنظيفه و أحاول جاهدة إزالة شوائب الماضي عنه من أوساخ و ندوب لحقت به ، و كنت سعيدة جدا وأنا في طريق العودة من المدرسة أنتظر رؤيته لي من أخر الزقاق لتبدأ مراسمه الخاصة لأستقبالي .. علمني ذاك الصغير درسا في الحب والوفاء و الإعتراف بالجميل وكنت كلما كتبت مذكراتي وأذكره أترك نقاطا مسترسلة بعد طرح سؤال العادة ، الي متي سيذكرني؟ كنت أحزن في تلك اللحظة وأنا أرسم نقطة الإستفهام علي الورق .. لقد كان وفيا لأخر يوم في حياته قبل أن تقتله رصاصة صوبت لجمجمته الصغيرة في إطار حماية الحي من الكلاب السائبة..
خمسة عشر سنة مرت علي كتابة مذكرتي تلك ، لكن الدمع كان نفسه والحزن نفسه وأنا أقرا بنهم هذيان طفلة تسكنني الي الأن .. طفلة تطرح أسئلة في النهاية دائما لتنطلق منها من جديد ، كان السؤال صفعة سمعتها وأحسست أثرها علي وجهي ، هل الكلاب وفية أكثر منا؟
صور و أصوات و مواقف مرت سريعة أمامي و أنا أردد هل الكلاب أوفي منا.. صور دم ، جنائز متتالية ، نشيد وطني في الساحات ، توابيت ألبسوها الأحمر والأبيض، ليل يمر بطيئا جدا تحت وطئة الترهيب و دخان العجلات المطاطية ، الحليب و طماطم علي وجوه المصابين بعبوات الغاز المسيل لدموع ، صورة و صورة و أخري فهدوء.. عودة المنفي و حرية السجين ، كسر الألجمة، العلنية ... فأعتراف بالجميل
الكل يمجد و يشكر و يمدح و يقدس و يثني ، الكل مدينون و ممنونون .. الي متي؟
ضحكت طويلا ضحكت ساخرة متهكمة وانا أقارن سؤال الطفولة بسؤال الحاضر ، كلب مات وفيا وبشر لبسو جبة الإمتنان إضطرارا لا إقتناعا ، أراهم اليوم عراة تماما ، ناكرين، متسلطين، حاقدين، ، بعد أن تمكنوا من الصعود علي ظهورنا و الجلوس فوق رقابنا .. تمردوا علي الليالي التي عشناها نواجه الموت وجها لوجه، تمردوا علي أجساد عانقها التراب قبل الاوان ، تمردوا علي صوت نحيب الأمهات و قهر الأباء، علي أحلام الصعاليك بمستقبل بعيد عن قضبان ، عن الحق في العيش الكريم و الحرية معا ، تمردوا علي تاريخ لولاه لما كانوا اليوم في هذا البلد .. تمرد ناكريوا الجميل و أطلقوا علي من فك أسرهم و غربتهم " شرذمة"
بعد خمسة عشر سنة أجيب علي سؤال الطفولة
حين يصبح البشر بلا وفاء أسيادا ، علي الشرذمة التمسك بوفاء الكلاب لنهاية...



#نورة_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الي إيزيس
- شيلونا
- صلاة قلب
- العمل الثقافي بين الخردة الإبداعية و ثنائية الجمال و الإقتدا ...
- في إنتظار السلام المستحق


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نورة العبيدي - وفاء الكلاب