|
اذار اول خطوة سليمة نحو الديمقراطية 12
غمكين ديريك
الحوار المتمدن-العدد: 1478 - 2006 / 3 / 3 - 11:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد تتفاوت التسميات لحدث ما وفي ظرف من الظروف ، وذلك بسبب التفاوت بين التيارات والايدولوجيات التي تتعامل مع هذا الحدث والطبيعة الانسانية المختلفة في تحليل وتفسير الحدث ، ولكن تبقى الظروف التي دفعت بالحدث الى الظهور وتداعياتها هي الاهم والتي تطبع المرحلة بطابعها . 12 اذار جاءت نتيجة التراكم الاجتماعي والثقافي والسياسي للمجتمع الكردي السوري ، وشكلت هذه الانتفاضة صرخة شعب يئن تحت الاستبداد والقمع والانكار ، ورغبة من هذا الشعب بالتطلع الى الحرية والعصيان وعدم قبول الاجراءات الاستثنائية بحقة ، ودفاعا عن مقوماته القومية والوطنية ولاثبات وجوده كشعب له قضية وارض تاريخية يعيش عليها . ومثلما بدأت الحرب العالمية الاولى بحادثة اغتيال (اطلاق النار في سراييفو على الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته مشعلا نيران الحرب العالمية الأولى. ) ومثلما كانت حادثة 11 ايلول في نيويورك البداية في الحرب على الارهاب ، وبداية مرحلة جديدة في النظام العالمي الجديد ، والتي تتساقط فيها الانظمة الاستبدادية ، يعتبر الثاني عشرمن اذار ايضا الحادثة التي لابد لنا من التوقف عندها وتحليلها تحليلا منطقيا ، وان نصل الى النتائج التي تمخضت عنها والتي ماذلت مستمرة الى الان في افرازاتها القومية والوطنية ( سياسيا واجتماعيا وثقافيا ) ، وهي ستستمر في التطور ولعب دورها في عجلة التاريخ الكردي السوري ، لانها شكلت نقطة البداية في مرحلة التطور القومي والوطني الكردي السوري ، معلنا نضالا ديمقراطيا وحلا لكافة المعضلات السياسية والاجتماعية والثقافية في كردستان سوريا . الاجواء التي حدثت فيها انتفاضة الثاني عشر من اذار كانت حساسة جدا وبلغت مرحلة لابد لها ان تتمخض عن نتيجة كهذه ، والتي شكلت بداية النهاية للنظام الانكاري والقمع المستمرين على الشعب الكردي في سوريا ، حيث نضجت الظروف الموضوعية لهكذا انطلاقة وتحتاج الى الظروف الذاتية لاعطاء النتيجة المرجوه ، ولكن الظروف الذاتية لم تكن مواتية في الحركة السياسية الكردية بسبب فقرها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي ، ولم يكن من مفر للجماهير الشعبية الا البدء بهذه المرحلة لاعطاء قوة الدفع للحركة السياسية واستنهاضها ، واشعارها بالاخطار المحدقة والتي تريد النيل من وجودها ووجود الشعب الكردي بالكامل ، وتصاعد التعصب الشوفيني العروبي من جهة ، والتطورات السياسية التي تعصف بالمنطقة من جهة اخرى . وان اردنا ان نستعرض الاوضاع بالتفصيل المختصر نجد ان الكرد بعدما كان يعيش على ارضه التاريخية ، اصبح في غضون اربعة عقود من حكم الحزب الواحد يتعرض الى حرب ابادة جماعية وتتعرض هويته القومية والوطنية الى الامحاء من الوجود ، ولم تبقى قضية نضاله قضية حقوق بل اصبحت قضية وجود ، لان السلطة لم تعد تناقش حقوق الكرد على ارضه في سورية ، بل تناقش عبر المشاريع الاستثنائية وجوده وعدم وجوده ، وهذا ما نراه بكل وضوح في التعامل القمعي والاستبدادي للسلطة مع شعبنا في سوريا . فبعدما كانت مناطق كردستان تظهر الطابع الكردي ثقافيا وسياسيا واجتماعيا ، اصبحت الان ذو طابع مبندق كوسموبوليتي ، واختلال ديموغرافي واضح ، ومشاريع لا اول لها ولا اخر من اجل امحاء الحقيقة الاجتماعية لهذا الشعب ، فنجد التعريب والتي طالت حتى الحجر والشجر ، والاستيطان التي اصبحت قوة تضغط على الحقيقة الاجتماعية ، فتجد المئات من القرى وحارات في المدن ، والمستوطنات الرسمية التي انشأتها الدولة للعرب المهجرين واعطائهم الاراضي الزراعية بعد ما انتزعوها من المزارعين الكرد ، بالاضافة الى مشروع الحزام العربي والذي يدل اسمه على العنصرية والحقد والاستهتار بالحقيقة التاريخية ، ويتحول التباين السكاني الى لون اخر غير لونه الحقيقي ، فبعدما كانت نسبة العرب في كردستان لايتجاوز ( 3 % ) اصبحت الان بحدود ( 30 % ) تقريبا ، بالاضافة الى اقصاء الكرد من كافة وظائف الدولة والتعليم ، وتجريدهم من الجنسية والتي اصبح الكرد بسببها لايستطيع ان ينام في فندق في سوريا لانه لايملك الاوراق الثبوتية على انه موجود وانسان له حق العيش ، بالاضافة الى عدم الاعتراف بلغته ، ليس هذا فحسب بل منعه من التكلم بها ، وحظر الثقافة الكردية والتوجه الى منع استعمال الوان قوس قزح او تداولها في المحلات التجارية والتي ترمز الى الوان علمه القومي ، بالاضافة الى الظروف الاقتصادية القاهرة ونشوء جيش من العاطلين عن العمل والذين لايجدون لقمة العيش لهم ولعائلاتهم . ومن جهة اخرى تصاعد موجة الديمقراطيات في المنطقة ، وتساقط تماثيل الدكتاتوريات بدأ من الطالبان في افغانستان ومرورا بصدام حسين ، والاقرار الدستوري بفيدرالية كردستان العراق والتي اصبحت حقيقة تؤرق اصحاب الفكر الشمولي والانظمة الاستبداية والقمعية والانكارية ، وبشكل خاص تلك الانظمة التي تتقاسم كردستان ، ومن جهة اخرى ظهور الكرد كلاعبين اساسيين في مرحلة التحول الديمقراطي في هذه المنطقة ، وتحقيق الديمقراطية مرتبط بالاعتراف الدستوري بحقوق الكرد ، حيث يعتبر الكرد القوة الاساسية التي تستطيع تفعيل الديمقراطية في هذه الدول ان لم نقل انها القوة الطليعية في التطور الديمقراطي . هذه الاحداث المختصرة دفعت القوة الاستبداية الى ضرب القومية الكردية واهانتها في عقر دارها ( قامشلو) وشن هجوم مسلح عنصري تهدف الى تحطيم ارادة هذا الشعب وتخويفه عبر القوى العنصرية في سوريا من العرب الشوفينين البعثيين الصداميين مدعومة بالاجهزة الامنية والاسلحة النارية ، وتفعيل كافة المؤسسات الامنية والقمعية في وجه الكرد ، وبالمختصر المفيد كان ذلك اعلان حرب شاملة على الكرد بشكل عام في شخص الشعب الكردي في سوريا . ماذا علينا ان ننتظر من الشعب الكردي في سوريا في مثل هذه الحالة سوى المقاومة ، والدفاع عن القضية الكردية بشكل عام وقضيته العادلة في سوريا بشكل خاص ، وهل ننتظر سوى ان يعطي الكرد قراره في المقاومة والانتفاضة بوجه الظلم والاسبداد ؟ بعدما كان متعطشا للتطورات التي عصفت بالمنطقة بشكل عام وبكردستان بشكل خاص ، وهو الذي دفع المئات من ابناءه شهداء من اجل كردستان العراق والالاف من الشهداء من اجل كردستان تركيا ، وقدم كل الدعم والمساندة لكردستان ايران ولو كانت معنوية ، فهل يعقل ان يتقاعس هذا الشعب في عقر داره ويستسلم للظلم والاضطهاد . لقد سطر شعبنا الكردي في سوريا ملاحم بطولية في هذه الانتفاضة الباسلة ، والتي تعتبر الخطوة الاولى نحو نضال ديمقراطي من اجل اثبات وجوده ، ومطالبته حقوقه القومية والوطنية ، وكان ذلك السبيل الامثل للنضال والخطوة الاولى على الطريق الصحيح ، فماذا تنتظر من من يقاتلك بالسلاح ؟ سوى ان تقاومه بروح العزيمة والاصرار، وتقول له انا لااخاف الموت والارهاب ، وبايد فارغة وصدور عارية تقول له اقتل ما شاءت لك وحشيتك فانا باقي رغم القتل والقمع والارهاب والانكار والاستبداد ، انا باقي وساناضل مهما تعاظمت فيك الشمولية والشوفينية ، انا باقي وعنواني هو الشهيد ، والشهادة هي التي تنير درب النضال وبه نتجه الى النصر .
#غمكين_ديريك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحراك الديمقراطي والتنظيم في سوريا
-
المراة بين الواقع وطموح الشعارات
-
المعارضة الكردية بعد خدام
-
ردا على رياض الترك (م. طلب هلال الثاني ) 2
-
نحن ومعوقات الديمقراطية
-
القضية الكردية بين الانكار و الوجود
-
دراسة تحليلية في البنية التنظيمية للحركة الكردية في سوريا
-
قصة ميليس
-
الرجل يعرف بكلمته التي لن تتغير ولو طارت راسه
-
رسالة إلى إعلان حلب
-
من بين المتاهات
-
هل ستتساوم قامشلوعلى كرديتها
-
شذرات سياسية
-
دور الشبيبة في ترتيب البيت الكردي السوري
-
تأهيل الشرق الأوسط الكبير
-
افتتاحية جريدة الوفاق العدد 22
-
الانظمة تخلق حفارة قبرها
المزيد.....
-
-حماس- تصدر بيانا بشأن فلسطينيين تتوقع الإفراج عنهم مقابل 3
...
-
عمدة مدينة اسطنبول أمام القضاء وسط هتافات المؤيدين ودعوات لا
...
-
أكبر تجمع للمسلمين بعد الحج .. مهرجان ديني على ضفاف نهر تور
...
-
مشغلو المسيرات الروس ينقذون جنديا روسيا معتقدين أنه أوكراني
...
-
لماذا يخشى ترمب تخلي -بريكس- عن الدولار؟
-
ترامب: سأفرض رسوما جمركية على السلع الأوروبية لأن بروكسل تعا
...
-
إسقاط 7 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك الروسية
-
فرق الطوارئ الأمريكية تنتشل جثث 41 ضحية في حادث تصادم الطائر
...
-
زاخاروفا: روسيا قدمت بديلا للكتل السياسية العدوانية على السا
...
-
المغرب واليمن.. توقيع 7 اتفاقيات لتعزيز التعاون
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|