أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حنان محمد السعيد - المبنى الأيل للسقوط














المزيد.....

المبنى الأيل للسقوط


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 5752 - 2018 / 1 / 9 - 14:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عندما توشك المباني على التداعي تزيد فيها الشقوق والصدوع وتنهار فيها المرافق، وتصدأ الأنابيب فتسرب محتوياتها إلى الحوائط ويختلط الصرف بماء الشرب، وتتمرد الأسلاك على موقعها داخل الحائط وتنسى أن وظيفتها الأساسية هي نقل الكهرباء للأجهزة والمصابيح لتعمل.

وهنا تجد الحشرات والقوارض فرصتها للنمو والتوالد والدخول من بين الشقوق والصدوع ويصبح وجودها طبيعيا وتسمح الأوضاع لها بالنمو والتكاثر والتحرك بحرية، وينتهي الأمر أخيرا بتقويض البنيان وإنهيار أركانه، وهذا هو حال مصر الآن!

ولذلك فليس غريبا أن يظهر كل هذا القدر من التسريبات في آن واحد ومن أعلى جهة أمنية في البلاد "المخابرت الحربية" والحقيقة أنه وكما لا يقوم شئ بوظيفته الطبيعية في البناء المتداعي أو على الأقل لا يقوم بعمله بكفائة، فكذلك أصبحت كل أجهزة الدولة مجرد لافتات على أشياء أخرى لا تمت لوظيفتها الأساسية بصلة.

وعلى حد معلوماتي المتواضعة للغاية فإن المخابرات الحربية يفترض أن تقوم بمهمة حماية البلاد من الأخطار الخارجية، مثل سد يتم بنائه على منابع النيل – مثلا – فيحجب الماء القادم عن مصر وتموت أرضها ويموت سكانها عطشا، أو أن تعمل على حماية البلاد من الإرهابيين والمسلحين القادمين من الخارج – مثلا – لا أن تتركهم يتجولون بأريحية في البلاد ويحدثون أضرارا مستمرة هنا وهناك.

أو أن يعملوا على تتبع نزيف تهريب الآثار الذي بلغ حدا غير معقول ولا متصور في هذه الفترة البائسة من تاريخ الدولة وإيقاف هذا النزيف وتقديم المسؤولين عنه للعدالة.
إلا أن الحال على ما يبدو مختلف تماما عن معلوماتي المحدودة القاصرة، وهو ما تظهره التدفقات – ولا أقول التسريبات – التي خرجت من هذا الجهاز المهم للغاية والذي لم يستطع حماية مكالماته من المتجسسين، حيث تبين أن وظيفته هي العمل على ترويض الناس وغسيل أدمغتهم وتوجيههم لتمرير أي شئ يخدم السلطة ولو كان على حساب التاريخ والجغرافيا والمقدسات والبديهيات.
إن ما يفعله هؤلاء ليس قاصرا على توجيه الإعلام والمشاهير لقول ما يريدونه وما يخدم النظام الحاكم، ولكن هذا التأثير أصبح ممتدا لكل مناحي الحياة لدرجة أنك لن تتمكن من العمل والحياة بشكل طبيعي إذا ما كان هناك أحد من رجال السلطة غير راضٍ عنك. يمكن لهؤلاء أن يحيلوا حياتك إلى جحيم حرفيا ودون أن تمتد إليك أيديهم بصورة مباشرة فيكفي أن يوضع إسمك في قائمة سوداء وبعدها ستجد نفسك معزولا منبوذا يعمل الجميع على إثارة أعصابك وتعطيلك وإستهلاك طاقتك.
هؤلاء لا يمانعون في إنفاق ملايين ومليارات الجنيهات لتتبع ورصد من تسول له نفسه الإعتراض على تجريف ثروات البلاد وتوغل الفساد فيها لحد يصبح معه كل شئ فاسد الماء والهواء والأرض والسماء، فعليك أن تطيع بلا نقاش وتقبل كل ما يفعل بك وبوطنك وحتى ينهار البناء على رأسك في صمت!
هؤلاء أصبحوا يتحكمون في الكل وبمكالمة واحدة يمكنهم أن يوجهوا عليك ألاف الألسن السليطة وقطعان من العبيد الراجين في رضاهم ليتركوهم يعتاشوا على الطعام الفاسد المتحلل الذي يتركونه لهم.
إن هذا الجو الفاسد لا يسمح إلا بنمو وتحكم الفاسدين، بل أنه في مصر المجرمين يطردون الشرفاء في كل شبر، وكل موقع وجميع الأماكن محجوزة للمتذللين والمتزلفين والعبيد حتى أنهم لا يتركون مكانًا لأصحاب الموهبة والمجتهدين ونظيفي اليد، وعليهم أن يموتوا في صمت وهم يراقبون تداعي هذا البنيان الأيل للسقوط أو يصرخون دون أن تطرق صرخاتهم أسماع شعب مغيّب يسير مغمض العينين نحو حتفه بدعم وتوجيه من أجهزته الأمنية.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرض الموت
- إعلام النظام
- بارانويا النظام المصري
- لم يعش ليقص القصّة
- ما وراء الفشل
- عندما يتحدث اللص عن الشرف
- مصر التي أصابها الجدب
- عهد والذكور العرب
- القوة والحق في عصر ترامب
- الصهاينة العرب
- زوجة رجل مهم
- عندما سقط الحياء من وجوه حكام العرب
- مسابقة قذف الوحل
- شعب الماسة
- تحشيش
- من الذي باع الوطن؟
- علم المثليين
- عربي في زمن التطبيع
- فقهاء للمرحلة
- الصخرة التي تحطمت عليها أقوى المبادئ


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حنان محمد السعيد - المبنى الأيل للسقوط