الاتحاد الوطني لطلبة البحرين... ذكرى وذاكرة

محمد مطر

الحوار المتمدن-العدد: 1476 - 2006 / 3 / 1 - 11:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

1
ارتبط تاريخ الحركة الطلابية البحرينية ­ بما ورد في بعض الدراسات البحرينية ­ مع بداية النهضة التعليمية الحديثة في البحرين بتأسيس أول مدرسة نظامية في البحرين
العام 1919م (مدرسة الهداية الخليفية) التي مازالت قائمة وتعتبر من المدارس الثانوية الرئيسية في البلاد حتى الآن.
بمثل ما بدأ التعليم مبكراً في البحرين فإن الوجود الطلابي البحريني بدأ أيضاً مبكراً في الالتحاق بالدراسة بالخارج وقد بدأت تتحول تلك المجموعات الطلابية في الخارج إلى روابط طلابية (وهي عبارة عن منظمات طلابية تعنى بشئون الطلبة ومشكلاتهم المهنية والطلابية بالإضافة إلى ربطهم بقضايا ومشكلات وهموم شعبهم ومجتمعهم). فتأسست الروابط في بيروت والقاهرة وبغداد وحلب ودمشق والبصرة والموصل والكويت والإسكندرية وموسكو ولندن وغيرها.
وشكلت هذه الروابط فيما بينها اللجنة المشتركة لروابط طلبة البحرين خلال صيف العام الدراسي 67 ­ 1968 م في البحرين وذلك بهدف خلق عمل طلابي مشترك بين الروابط الطلابية البحرينية في الخارج، يتوجه بجهوده لخدمة وتنمية الوطن. وبدأت اللجنة المشتركة تباشر أعمالها مع بداية كل عطلة صيف دراسي.
برزت أكثر من دعوة إلى ضرورة تكتيل جهود الطلبة في إطار موحد، فكانت أول دعوة لتأسيس اتحاد يجمع كل روابط الطلبة تحت لوائه في العام 1959 (وهو العام نفسه الذي أشهر فيه الاتحاد العام لطلبة فلسطين)، وثم تكررت الدعوة في العام 1964 بمبادرة من رابطة طلبة البحرين في القاهرة، إلى أن عقد أول اجتماع تشاوري في فبراير / شباط 1966 في مدينة الكويت ضم ممثلين من روابط طلبة البحرين في القاهرة وبيروت والعراق. ومن خلاله تشكلت أول لجنة تحضيرية من رابطة القاهرة دعت إلى عقد مؤتمر تأسيسي حددت له موعداً في أواخر العام 1966 لم يكتب له النجاح.
ثم تجددت الدعوة من جديد في فبراير العام 1969 ما بين الروابط الطلابية في كل من القاهرة وبيروت والإسكندرية ودمشق والعراق والكويت، اتفق فيه على عقد مؤتمر تحضيري عقد بدمشق في الفترة ما بين 12 ­ 16 من شهر أبريل/ نيسان للعام 1969 حضرته جميع الروابط المذكورة ما عدا رابطة الإسكندرية، من خلاله تكونت لجنة تحضيرية جديدة لإعداد الوثائق اللازمة للاتحاد والدستور ومتابعة التحضير لمؤتمر تأسيسي يضم كل التجمعات الطلابية.
وفي فبراير 1970 انعقد في محاولة ثانية مؤتمر تأسيسي للاتحاد الذي كسابقه لم يكتب له النجاح بسبب بعض الخلافات التي كانت سائدة بين ممثلي روابط الطلبة حول الاتحاد، إلا ان ذلك الفشل لم يثن جموع الطلبة عن النضال من أجل تحقيق هدفهم الكبير في تشكيل الاتحاد.
في 1971 تجددت الدعوة لتجاوز الخلافات وتشكيل لجنة تحضيرية من جديد استطاعت أن تعيد إعداد الوثائق اللازمة للمؤتمر وكان أهمها دستور الاتحاد. دعت اللجنة التحضيرية الثالثة إلى عقد مؤتمر تأسيسي جديد بدمشق حضره ممثلون عن كل الروابط الطلابية لطلبة البحرين في الخارج والبالغ عددها آنذاك 11 رابطة، إذ تم الإعلان عن تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في 25 فبراير 1972م كتنظيم طلابي نقابي يجمع في صفوفه الآلاف من الطلبة البحرانيين الدارسين في الجامعات العربية والاجنبية تربطهم مصلحة ومهنة واحدة (الدراسة) وهذا ما تأكد عليه كل القوانين الدولية لمفهوم النقابة. وبالتالي فقد تحولت كل الروابط إلى فروع للاتحاد الوطني لطلبة البحرين التي وصل عددها بعد ذلك إلى 16 فرعاً.
وقد تم اعتماد 25 فبراير كيوم للطالب البحريني يحتفل به الطلبة في الداخل والخارج من كل عام لما يمثله من وحدة طلابية وروح مشتركة في العمل الوطني النضالي.
------------------------------



2
استطاع الاتحاد أن يعقد ستة مؤتمرات عامة بالإضافة إلى مؤتمره التأسيسي في الفترة من فبراير (1972) وحتى المؤتمر السادس في عام ،1988 وقد حدد الاتحاد الوطني لطلبة البحرين أهدافه الرئيسية منذ المؤتمر التأسيسي في العام 1972 وثبتها في دستوره الأول وأكد عليها في دستوره المعدل وقسمها على شكل مجالات ­ المجال الداخلي، المجال العربي، المجال العالمي.
إذ كانت على النحو الآتي:
أولاً: المجال الداخلي
* الدفاع عن مصالح الطلبة العلمية والثقافية والمادية والاجتماعية والمطالبة بحقوقهم والعمل على حل مشكلاتهم.
* المطالبة بمجانية وإلزامية التعليم بمختلف مراحله الابتدائية والإعدادية والثانوية.
* المطالبة بتوفير إمكانات التعليم العالي وإنشاء المعاهد العليا المهنية وتأسيس جامعة وطنية، والعمل على تطوير المناهج الدراسية والمطالبة بديمقراطية التعليم.
* العمل على تشكيل فرع الاتحاد في البحرين.
* نشر الوعي الوطني بين الطلبة والإسهام في القضاء على الأمية وتيسير سبل الثقافة لجميع المواطنين.
* تقديم كل حماية ومساعدة ممكنة لأعضاء الاتحاد وجميع طلبة البحرين.
* نشر وتعميق الوعي النقابي والعمل على تحقيق ممارسة الطلبة للأساليب الديمقراطية وتعويدهم على العمل الجماعي المنظم.
* المطالبة والعمل على الاعتراف بشهادات كل الطلبة الخريجين من مختلف الجامعات وتوفير العمل لهم.
* توثيق العلاقات مع المنظمات والمؤسسات الشعبية في البحرين.
* المطالبة بإطلاق الحرية الديمقراطية وحرية العمل النقابي في البحرين
ثانياً: المجال العربي
* توثيق العلاقات مع المنظمات الطلابية العربية وخصوصاً المنظمات الطلابية الخليجية.
* العمل على توثيق الوحدة الطلابية في الجزيرة العربية والخليج
* دعم نضالات شعبنا العربي ضد الصهيونية وحلفائها
ثالثاً: المجال العالمي
* توثيق العلاقات مع المنظمات الطلابية العالمية وفي مقدمتها اتحاد الطلاب العالمي.
* مكافحة كل أشكال التمييز العنصري.
* تعريف الرأي العام العالمي بقضايا وطننا العربي.
لا شك في أن الكثير من هذه الأهداف تحقق الآن، وخصوصاً على المجال الداخلي، ومازال البعض الآخر منها قائمة وتحتاج إلى الاستمرار في المطالبة بها حتى تحقيقها لمصلحة الطلبة.
على الصعيد العلمي، كان للاتحاد دوره البارز في حماية الطلبة الذين تعرضوا للعسف، بحرمانهم من مواصلة تعليمهم الجامعي ومن قطع منحهم الدراسية ومنعهم من السفر بسحب جوازات سفرهم وغيرها من أساليب تعسفية عانى منها طلبة الاتحاد، فلولا دور الاتحاد في توفير فرص القبول للطلبة بالجامعات، وتوفير المئات من المنح الدراسية لهم عبر علاقاتهم مع المنظمات الطلابية العربية العالمية، بالإضافة إلى قيامهم بتوفير بعض المخصصات المالية للطلبة الذين قطعت منحهم فلم يتردد أعضاء الاتحاد عن بيع دمهم في بنوك الدم من أجل مساعدة أخوانهم وقيامهم بالحملات التضامنية مع الطلبة الممنوعين من السفر.
ومن أبرز أنشطة الاتحاد التي تقدم داخل البحرين خلال العطلة الصيفية من كل عام:
1 ­ التعريف بالاتحاد: وهذا يتم عبر الندوات والحفلات والأعمال التطوعية التي يسهم فيها طلبة الاتحاد كالتدريس أو بناء مستوصفات كمستوصف قرية عراد.
2 ­ رفع مستوى الطلبة الأكاديمي والثقافي: وذلك من خلال فتح مدارس العمل الصيفي والتدريب فيها ومساعدة الطلبة من أجل تحقيق مستوى علمي أفضل. كما لعب الاتحاد في توعية طلاب الداخل على المفاهيم النقابية وأسس العمل الطلابي. وأسهم في تكريس العمل الجماعي المنظم من خلال إشراك الطلبة في إدارة المدارس الصيفية ولجانها ومختلف الأنشطة التي كان يقوم بها.
3 ­ توطيد العلاقة مع الجمعيات الأهلية: يقوم الاتحاد بنسج علاقات جيدة مع هذه المنظمات مثل الجمعيات النسائية وأسرة الأدباء والكتاب والأندية الرياضية والمسارح وغيرها ويقدم حفلات اجتماعية وثقافية تساعد في تنمية موازنته.
وقد بدأ العدد التنازلي لتألق الاتحاد الوطني لطلبة البحرين مع حل المجلس الوطني العام 1975م وإدخال البلاد تحت هيمنة قانون أمن الدولة الذي ترتبت في ضوئه مجموعة من الإجراءات الأمنية ضد الاتحاد الوطني وقياداته الطلابية تمثلت بمنع العمل الصيفي منذ العام 1976م واتخاذ إجراءات بمنع ما يزيد عن 100 طالب وطالبة من قيادة فروع الاتحاد الوطني في الكويت والقاهرة أساساً من السفر وسحب جوازات السفر لمجموعة من الطلبة وتسليم بعض الطلبة من مواقع دراستهم في الخارج إلى جهاز الأمن في البحرين ومنع البعثات والدراسة إلى الخارج وخصوصاً الكويت وبعض البلاد العربية الأخرى، واشتراط سفر أي طالب إلى الخارج من أجل الدراسة بالحصول على تصريح من وزارة التربية والتعليم وإذن من وزارة الداخلية التي هددت كل طالب عضو في الاتحاد الوطني بمنعه من السفر إذا استمر في الاتحاد. وتزايدت حملة التصفية على الاتحاد في العام 1976م عندما أسست الجهات الرسمية المسئولة ثلاثة أندية طلابية في كل من الكويت والقاهرة والإسكندرية، لتسير ضد الإرادة الطلابية وتجير لشق وحدتها. فإذا جاء تأسيس الاتحاد الوطني نتيجة إرهاصات وثمرة جهود طلابية مخلصة، نابعة من صميم إرادة الطلبة أنفسهم، فإن تأسيس الأندية الطلابية في الخارج لم يأت بفعل إرادة طلابية وانما بإرادة خارجية تمثلت لاحقاً في المؤسسة العامة للشباب والرياضة ­ قسم مراقبة أندية طلبة البحرين ­ إذ تمت متابعة ومراقبة وتوجيه أنشطة الأندية الطلابية التي أسستها الحكومة في الخارج معدومة النشاط والفاعلية وأصبحت تابعة للمؤسسة من جهة وللسفارات في الخارج من جهة أخرى، وذلك وفق لائحة النظام الموحد لأندية طلبة البحرين في الخارج.
فتقلص عدد الفروع بشكل تدريجي وتناقصت أعداد الأعضاء بشكل كبير وحكمت الظروف ألا يعقد المؤتمر السابع الأمر الذي جمد نشاط وحركة كيان الاتحاد الوطني لطلبة البحرين دون أن تكتب له شهادة وفاة. ومع مرور الزمن لم تستمر الأندية التي تم تأسيسها بكل الدعم المادي السخي الذي كان يقدم لها في الوجود، فقد انتهت من تلقاء نفسها باستثناء نادي الطلبة في القاهرة.
لعب الاتحاد الوطني لطلبة البحرين دوراً وطنياً وطلابياً مميزاً، إذ كان أحد الروافد الأساسية والفاعلة في الحركة الوطنية، تاركاً بصماته واضحة على كل من عايشه، مسهماً في صقل شخصيته وجعله يتمتع بعقلية منفتحة وناقدة وفرت الاستقلالية لشخصية الطالب آنذاك. لذلك نرى أن الاتحاد الوطني لطلبة البحرين لم يمت، فمازلنا نلمس إنجازاته ونتلمس تحقيقاته، نتعلم من خبراته ونستفيد من كوادره وطاقاته ونستشهد بإصداراته وإنتاجاته الهائلة، فهو حي في الروح الوطنية التي رسخها في أبناء ذلك الجيل.

------------
عضو جمعية الشباب الديمقراطي البحريني*

#محمد_مطر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات