|
حول حاجة امريكا للقدس
عبدو خليل
الحوار المتمدن-العدد: 5745 - 2018 / 1 / 2 - 09:24
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
حول حاجة أمريكا للقدس ؟! في صيف 2006 أفتعل حزب الله حرباً بالوكالة. نيابة عن النظام السوري وتحت إشراف مباشر من إيران، وذلك من خلال استفزازها لغطرسة وعنجهية اسرائيل. عبر رميه لعشرات الصواريخ المحلية الصنع. التي تنعدم فيها حاستي البصر والبصيرة. أقل ما يقال فيها أنها خيبة الآمال في إصابة أي هدف مجدي . و كلفت لبنان دماراً لم يقل عن كارثة حربه الأهلية قبل ثلاثة عقود. تلك الحرب ألهبت المشاعر العربية من المحيط إلى الخليج. وخلقت تعاطفاً منقطع النظير، وهتفت الجموع في العواصم العربية بحياة السيد نصر الله قائد النصر التموزي، إلى أن تكشفت الكارثة التي لحقت بلبنان وشعبه فيما بعد، ولولا تدخل المجتمع الدولي عبر وصفته السحرية والجاهزة لحل كل النزاعات والأزمات بالنتيجة المحببة إلى قلوب المتصارعين (رابح-رابح). لكانت لبنان الأن تعيد سيناريو الحرب ولكن بمعالجة أكثر تشويقاً. بأي حال لم تكن حرب تموز آنذاك سوى لإعادة الرونق لنظام الأسد الابن الذي كان قاب قوسين أو أدنى من المثول أمام المحاكم الدولية نتيجة تورطه باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري من خلال أداته. حزب الله، واستطاعت جوقة المقاومة والممانعة من استمالة الجمهور المطالب برأس النظام السوري إلى مصفق للأداة (حزب الله). واليوم سيناريو القدس الحالي ليس ببعيد عن غسيل لأنظمة وميليشيات تتصدر المشهد في كل من سوريا والعراق واليمن، وتحصد نتائج تعاطف الجمهور العربي لخدمة مصالحها وأجنداتها السياسية والتوسعية. لكن الغسيل يتم هذه المرة على يد دونالد ترامب عبر نقل سفارة بلاده إلى القدس، هذا الاعتراف الذي يخفي بين طياته عن لعبة كبيرة. من جهة خلط الأوراق مجدداً. وإعادة تصفير عداد المشاكل للبدء بها من نقاط أخرى، وليس أخرها خلق ترتيبات واصطفافات تخدم المرحلة. من البديهي أن صناع السياسات الأمريكية يدركون جيداً حساسية موضوعة القدس بالنسبة للشارع العربي والإسلامي ضمن مستوييه. الرسمي والشعبي، ويعرفون في الوقت ذاته أن المنطقة برمتها منذ سبعة سنوات تعاني من مخاض وتبعات الربيع العربي الذي جرفته السياسات الإقليمية والدولية نحو مآلات غير تلك التي حلمت بها شعوبها، لا بل يتم العمل اليوم على تجريم هذه الشعوب والاقتصاص منها عبر إعادة تدوير النظم العربية المستبدة. لذا كان لا بد من تكبير الحجر هذه المرة. قبل رميه في مستنقعات الدم، و بما يوازيها. للتغطية على هذه الحقوق المشروعة لشعوب المنطقة في الحرية والكرامة ولذر الرماد في العيون، فكانت القدس. وسيلة التقارب أو التسوية لعودة الوئام والسبات بين الشعوب العربية وحكامها. ببساطة أمريكا اليوم تحتاج لخلق إجماع عربي حول القدس. ليس من أجل خاطر عيون الشعب الفلسطيني، إنما لجر شعوب المنطقة نحو حلبة صراع. تقليدية، سبق لها وأن خبرتها طويلاً، لا تتعدى التنديد والتهديد اللفظي، وذلك لتخفيف الضغط الشعبي عن بعض الحكام العرب ممن حافظ على هدوء جبهاته مع اسرائيل طوال نصف قرن. حكام كانوا كرماء في منح شعوبهم حق شتم العدو الغاشم، و ممسكاً عنهم في الوقت نفسه أي انتقاد أو شكوى للتظلم حتى لو كان من عنصر أمني قزم يهين كرامتهم و يدوس عليهم، كما لو أنهم مجرد حشرات. ما فعله ترامب. سواء كان بتخطيط أو عن تهور، عبر إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل يختصر بأنه طوق النجاة الذي رمي لميلشيا حزب الله التي استنفذت كل رصيدها الشعبي في العالم العربي عبر حربه الطائفية ضد الشعب السوري. ويكاد يخسر فوقها استقرار لبنان، الهش أصلاً. لذا مفاعيل وتأثيرات هذا القرار ستظهر ضمن المدى الطويل على العديد من العواصم العربية والإسلامية، ولنا أن نتخيل كيف أن محاصري الغوطة في دمشق وبعض مناطق المعارضة السورية في الشمال. وهم ليسوا سوى ضحايا النظام وأبطال المقاومة وأسودها. بدوا أقرب لمواقف جلاديهم. جمعتهم القدس في خندق واحد، وهذا ربما ما قد يعول عليه البعض مستقبلاً لبناء جسور العبودية بين نظام ممانع نظرياً ومغتصب لشعبه فعلياً. ولسنا هنا في وارد انتقاد وتجريم المشاعر النبيلة لمحاصري التجويع من أجل القدس. بل لفضح الآلة العالمية في جعل تطبيع الشعوب مع الاستبداد ديمومة واستقرار للنظام العالمي القائم على اللاعدالة، وعلى لا أخلاقية الوسائل والأدوات السياسية. قضية القدس كما يعلم القاصي والداني كانت على الدوام مباعة لوكيلها الحصري إيران ومن لف لفها من الدول العربية. صانعوا فيالق القدس وناسخوا تجربة حزب الله في العراق وسوريا واليمن والبحرين، لذا ما علينا سوى ترقب خسارات عربية أخرى مقابل تعويم إيراني في الساحتين السورية والعراقية. رغم كل التهديد والوعيد الأمريكي. الصوتي، لملالي طهران. لقد فعلها ترامب وأطلق رصاصة الرحمة على ثورات الشعوب العربية. فالقدس بداية الطريق. الأمريكي، نحو التطبيع مع نظم الاستبداد والممانعة.
#عبدو_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كرد العراق وسياسات المحاصصة
-
وطن يفرح كلما قصفته طائرة
-
نعم أنا احب ترامب
-
سوريا نحو التخامد
-
الحنين الى الاستبداد في سوريا والعراق
-
حلب و سقوط المرجعيات الثورية.
-
صادق جلال العظم و الثورة السورية.
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|