أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - المنفى والوجود واللغة - قراءة في المجموعة الشعرية -مديح الطائر- للكاتب البولندي جيسواف ميووش














المزيد.....

المنفى والوجود واللغة - قراءة في المجموعة الشعرية -مديح الطائر- للكاتب البولندي جيسواف ميووش


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 5742 - 2017 / 12 / 30 - 23:26
المحور: الادب والفن
    


انها المرة الأولى التي أقرأ فيها للشاعر البولندي – الليتواني المولد – جيسواف ميووش والحائز على جائزة نوبل للادب عام 1980. يضم الكتاب "مديح الطائر" – ترجمة هاتف الجنابي – مختارات شعرية تغطي كامل مسيرة الشاعر والكاتب الذي قضى حياته في العديد من الدول بعد ان اختار المنفى عن بلاده بولندا – التي عاصر فيها فترة الاحتلال النازي. يذكر المترجم في المقدمة تفاصيل جميل عن لقاءه بالشاعر شخصيا ووصفه له بـ "البابلي المتبولن"، ويذكر كيف تجاهل الشاعر نصيحة أينشتاين له بعدم مغادرة بلاده عندما قال له، "لا يمكن الانفصال عن الوطن، على الشاعر ألا ينفصل عن وطنه."

يضم الكتاب – الذي استحوذ عليّ لأنهيه في يوم واحد – قصائد وتأملات في الوطن والشعر واللغة والوجود والحياة ومغزاها والطبيعة والتاريخ والانسانية. انه كتاب ملهم دفعني للكتابة ايضا وأنا أقرأه. أحببت كثيرا تصاوير ميووش الفنية وافكاره ورسائله للشعراء وكلامه عن من أثّر في حياته. بالنسبة لميووش "فائدة الشعر أن يذكرنا، كيف من الصعب عليك ان تكون ذاتك". يبدأ الكتاب بقصيدة مؤلمة يستذكر فيها وطنه فيقول عنه، "في وطني الذي لن أعود إليه!".

استوقفتني ايضا قصيدة يتحدث فيها عن تناسي البشر لآلام الآخرين وهو يتكلم عن احراق فيلسوف في روما وما حصل من مآسي في غيتوهات اليهود في وراسو، لكنه يدين انفضاض الجموع بعد رؤية عذابات الآخرين وكأن شيئا لم يكن، نقرأ في قصيدة كتبها في اعياد الميلاد عام 1943:

ثمة من سيقرأ هذا المغزى:
على أن الناس في وارسو أو روما
يتاجرون. يلعبون، يضاجعون.
غير عابئين بمحارق الشهداء
ثمة آخر سيقرأه: على أنه
حول تعاقب الاشياء الانسانية
حول النسيان الذي يولد
قبل أن ينطفئ اللهيب

يتحدث ميووش في كثير من القصائد عن الوجود، فيقول، "لا حياة لمن لا ظل له." ونرى بأنه يتوق لوجود آخر غير مرئي وغير مادي حيث يقول:

البعض يقول: العين تخدعنا
لأنه لا شيء هناك سوى ما يتراءى لنا.
لكن هؤلاء بالتأكيد بلا أمل
هم يفتكرون أن المرء حالما يستدير
كل العالم يتوقف فورا بعده عن الوجود
كما لو أن أيدي لصوص قد اختطفته.
ثمة من يجد الهدوء في تأليه الوطن

كما يتردد صدى مخاوفه من الخسارة والموت في مواضع أخرى، راق لي منها قوله:
لا تعشق بلداً: فالبلدان سرعان ما تختفي.
لا تعشق مدينة: فالمدن سرعان ما تتهدم.
لا تحفظ التذكارات لأنه من خزانتك
سيتسرب الدخان مسمما نفسك
لا تعطف على الناس: فالناس بسهولة يهلكون.
أو يطلبون العون منك وهم مظلومون
لا تحدق في برك الماضي: فسطحها يعتريه الصدأ.
تريك وجها خلاف ما كنت تأمل.

بعد نقاشه للشعر ووظيفته، يشيد ميووش بالشعراء والشعوب التي تمتلك شعراء، حيث يقول، "المجد لجهة العالم التي تعطي شاعرا".

يدعونا الشاعر ايضا للاحتفاء بالحياة حيث يقول، "النهار على الأبواب، نهارٌ آخر، افعل ما بوسعك" لكنه يبكي الموت بمرارة فيقول:
موت الانسان مثل سقوط دولة عظيمة
ذات جيش باسل. قادة وأنبياء.
موانئ غنية وسفن تجوب كل البحار.
والآن هي لا تهب لمساعدة احد ولا تتحالف مع أحد.
لأن مدنها فارغة وأبناءها مشتتون.
كانت أرضها خصبة والآن يعلوها الشوك.
رسالتها منسية ولغتها ضائعة.
لهجة قروية في مكان بعيد في جبال قصية.

مع ذلك، يواصل الدعوة للاحتفاء باللحظة واننا هنا نعيش اللحظة، فيقول:
لا تنطفئي يا نارُ. تسرّب في حلمي يا حب.
ولتبقَ فتية وخالدة فصول الأرض.

يبدو ميووش تواقا للطقوس وان يستمع اليه احدهم، لكنه يفكر في النهاية في الذهاب للكنيسة والاعتراف. وعن الصلاة، نقرأ:
أنت تسألني كيف الصلاة لواحد ليس موجوداً
كل ما أعرفه أن الصلاة تبني جسرا مخمليا
نمشي فوقه محلقين كما لو فوق منصة الوثب
فوق المناظر الطبيعية بلون الذهب اليانع

بعد تقدمه في السن، نقرأ تأملاته عن الشيخوخة وجدوى الحياة. عن الكتب يقول:
الكتب التي قرأتها لن تكون ضرورية بعد
أنت بحثت عن جواب وعشت بلا جواب.

وعن تصور الجنازة والجسد الميت يكتب، "ماذا يهم دبا ميتا، فيما لو صوروه محنطا"، وفي قصيدة أخرى، "هذا الجسد الهش جدا والسريع العطب، هذا الذي سيبقى بعد ان تهجرنا الكلمات".

ختاما، انه كتاب جميل، ستشعر بالالهام والحزن والسعادة وانت تقرأه. وستقرأ خطاب ميووش عند فوزه بجائزة نوبل عام 1980 وتتعرف على رؤيته للتاريخ والحياة في بولندا ومأساة المحرقة ومدينته في ليتوانيا التي تضم 400 كنيسة كاثوليكية والكثير من الكنس اليهودية حتى عرفت ذات يوم باسم قدس الشمال. ستقرأون عن الشعر واللغة ورؤيته لاساليب التجديد والتقليد فيهما. اتمنى لكم جولة ممتعة مع رحلات ميووش وقصائده التي كتبت في محطات متعددة حول العالم.



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الإنسان والوجود والإلوهية - قراءة في كتاب -تصوف- ل ...
- اطلالة على قصور اسطنبول - قصر بيلارباي
- مآثر السريان في المشرق - قراءة في كتاب عصر السريان الذهبي لف ...
- رؤية محايدة لمشاهدتي الأولى لفيلم الرسالة
- الاسلام في عيون مبشر أميركي - قراءة في كتاب -الاسلام أو دين ...
- ابحار في فهم الذاكرة والنوستالجيا – قراءة في رواية -الجهل- ل ...
- إطلالة على الأدب الأرمني - قراءة في المجموعة القصصية -عندما ...
- تفكيك المبادئ والمواقف – قراءة في رواية إدوارد والله للكاتب ...
- بعث بدائي ورغبات مكبوتة - قراءة في كتاب علم نفس الجماهير لسي ...
- فيلم لعبة المحاكاة: دروس في تقبل الاختلاف
- آسيا الصغرى وإيران - جسور بين الحضارات
- الفردوس المفقود - العراق في عيون الرسام الإنجليزي دونالد ماك ...
- بغداد في عيون مبشر إنجليزي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر
- الأيديوجيات الشمولية – خطر محدق وخوف مبرر
- انتهاء عصر المراة الدمية - قراءة في مسرحية بيت الدمية لهنريك ...
- حوار الأمس واليوم - قراءة في كتاب -محاورات برتراند راسل-
- قصص لا تستحق النشر – تجربة لدعم شباب الكتاب العراقيين
- متى نموت؟ - قصيدة
- تمجيد الابداع والوفاء للأرض - قراءة في الكتاب الأول من -هكذا ...
- الأحلام وعلم النفس - قراءة في كتاب -تفسير الأحلام- لسيغموند ...


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - المنفى والوجود واللغة - قراءة في المجموعة الشعرية -مديح الطائر- للكاتب البولندي جيسواف ميووش