|
سياسة الصواريخ المضادة في تركيا والسعودية
جورج حداد
الحوار المتمدن-العدد: 5739 - 2017 / 12 / 26 - 17:44
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
إعداد: جورج حداد*
في العهود الماضية اضطلعت الاساطيل البحرية دورا اساسيا في السياسة الدولية سلما وحربا. وفي العهد الاستعماري التقليدي ظهرت تسمية "دبلوماسية الاساطيل". وحتى يومنا هذا لا تزال الولايات المتحدة الاميركية تستخدم حاملات الطائرات العملاقة وما يسمى "مشاة البحرية" (المارينز) في ستراتيجية فرض هيمنتها الدولية. وفي ايامنا الراهنة تم الانتقال الى ما يمكن ان نسميه "عصر الصواريخ" ويتفرع عنها "الصواريخ المضادة". وتلعب "سياسة الصواريخ" الان دورا اساسيا في الستراتيجية الدولية بأسرها كما كانت في الماضي "دبلوماسية الاساطيل". وهذا ما نشهده في رعب اميركا وحلف الناتو من صاروخ "اسكندر" وغيره من الصواريخ الروسية، وفي رعب اسرائيل وشيوخ النفط "العرب!" من صواريخ ايران وحزب الله اللبناني وانصار الله اليمنيين، وفي رعب اليابان واميركا الغنيتين والقويتين من صواريخ كوريا الشمالية الضعيفة والمجوّعة. والان تضطلع "سياسة الصواريخ" دورا مهما في تقرير مصير تركيا والسعودية، وهو ما نلقي عليه نظرة سريعة فيما يلي: تركيا تستنجد بروسيا دخلت تركيا بزعامة اردوغان الحرب السورية كلاعب رئيسي. وكانت تركيا مركز التجمع الرئيسي للقوات التكفيرية ـ الارهابية وتضطلع بدور القائد السياسي والميداني الاول لما يسمى المعارضة السورية (الستار المعهّر للتكفيريين ـ الارهابيين). وكانت القيادة التركية على ثقة من "النصر السريع" الى درجة التأكيد ان النظام السوري سيسقط خلال اسابيع، وفي احدى الوقفات العنترية عشية عيد الاضحى او الفطر المبارك قال اردوغان بحماسة انه "سيصلي العيد" في الجامع الاموي بدمشق. وكانت الخطة التركية ذات شقين: الاول ـ انشاء دولة "خلافة اسلامية" مزعومة، ذات "وجه عربي". والثاني ـ إلحاق هذه "الخلافة" المزعومة بتركيا الاردوغانية والكشف عن الوجه العثماني للنظام التركي واعادة بعث "سلطنة عثمانية" جديدة، تكون مهمتها بعيدة المدى محاربة روسيا. وطبعا كانت هذه الخطة تحظى بمباركة ودعم اميركا وحلف الناتو. وامام انكشاف الطابع الدولي لهذه المؤامرة الكبرى على سوريا والشعوب العربية قاطبة طلبت السلطة الشرعية السورية، ومن ضمن الاعراف والقوانين الدولية، ـ طلبت المساعدة من الدولة الروسية الصديقة. ومع بدء التدخل العسكري الجوي الحاسم لروسيا في 30 ايلول 2015 ربما يمكن القول انه منذ الايام الاولى لهذا التدخل تحطمت كليا امكانية تنفيذ المؤامرة الداعشية ـ العثمانية ـ الاميركية. وكان ذلك بمثابة هزيمة خاصة لنظام اردوغان الذي وضع تركيا على شفير الحرب مع روسيا، مما لم يكن يدخل في حسابات اميركا والناتو. وهكذا اصبح نظام اردوغان يشكل عبئا على اميركا التي اتجهت نحو تغييره والمجيء بنظام "اسلاموي" تركي جديد يتابع العمل لمصلحتها. فكانت محاولة الانقلاب الفاشلة ضد اردوغان في 15 حزيران 2016. وحينما وجد نظام اردوغان انه اصبح مهددا من قبل "اصدقائه" الاميركان، اخذ يغير اتجاه بوصلته لاجل الاحتفاظ بسلطته. وبالرغم من عضوية تركيا في حلف الناتو كان التقارب مع روسيا هو الحل الاقرب والانسب بالنسبة لنظام اردوغان الذي طلب تزويده بمنظومة S-400 المشهورة المضادة للطائرات والصواريخ. وقد وافقت القيادة الروسية مبدئيا على الطلب التركي. ونشرت جريدة "خبرتورك" التركية تصريحا لـ سيرغيي تشيميزوف، رئيس شركة "روستيخ" لصناعة الاسلحة بأنه تم توقيع الاتفاق مع انقرة "حول التعاون العسكري ـ التكنولوجي" (وهو التسمية التي تطلقها الجهات الروسية على صناعة الاسلحة خصوصا والشؤون العسكرية عموما). ووفقا لهذا الاتفاق، والى جانب صفقة الـ S-400 يمكن لروسيا ان تطلب الحصول على قاعدة عسكرية في تركيا تموضع فيها بعض القوات الروسية. وكان للمعلومات حول امكانية انشاء قاعدة عسكرية روسية في تركيا صدى واسع في الغرب. اذ انها ستنشأ على ارض بلد عضو في حلف الناتو المعادي لروسيا. ومجرد طرح مثل هذه المسألة يبدو غريبا: فهل يمكن لبلد عضو في حلف الناتو ان تنشأ على اراضيه قاعدة عسكرية لبلد هو في الوقت الراهن خصم وفي حالة حرب باردة مع الناتو؟ ويقول بعض الخبراء ان سبب طرح هذا الاحتمال هو ان الرئيس اردوغان كان مستاء جدا من التصرف الذي حدث في المناورات التي اجراها مؤخرا حلف الناتو في النروج حيث ان بعض عسكريي الناتو وضعوا اسم اردوغان واتاتورك ضمن لائحة "الاعداء المفترضين" على نصب التهديف امام الجنود. ويومها قام اردوغان باستدعاء العسكريين الاتراك المشاركين في تلك المناورات. وبذلك اخذت تركيا تبتعد تدريجيا عن الناتو، وتقترب اكثر من موسكو. وقد كتبت وسائل الاعلام التركية عن امكانية انشاء منطقة امنية جوية تمتد من القرم الروسية ـ البحر الاسود ـ تركيا الى سوريا. واعتمادا على منظومة S-400 تتوقع انقرة ان تستطيع عرقلة التعاون بين القوات الجوية الاميركية و"حلفائها" على الارض السورية. وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية التركي داود شاويش اوغلو نفى بشدة امكانية انشاء قاعدة روسية على الارض التركية، الا انه اكد ان اتفاقية الحصول على منظومة S-400 اخذت طريقها الى التنفيذ. وقال انه يمكن في هذا الوقت وجود خبراء ومدربين عسكريين ومدنيين روس على الارض التركية لتدريب العسكريين الاتراك على المنظومة. منظومة Patriot الاميركية فشلت في اسقاط صاروخ "كيروسينكا" اليمني تتسلح القوات المسلحة السعودية بمنظومة Patriot الاميركية المضادة للصواريخ، وتنتشر هذه المنظومة في كافة ارجاء المملكة لحماية القصور الملكية والمنشآت النفطية والمدن والاماكن المقدسة. وفي 19 كانون الاول الماضي اطلق انصار الله (الحوثيون) اليمنيون صاروخا باليستيا على الرياض في السعودية. وتقول الصحافة الروسية ان قوات الدفاع الجوي السعودية، وحسب المعلومات التي قدمتها اطلقت خمسة صواريخ MIM-104C من منظومة Patriot PAC-2 المضادة للصواريخ، ولكنها فشلت جميعا في اصطياد الصاروخ اليمني المسمى Burkan 2-H الذي من جانبه لم يصب هدفه المحدد بالضبط وهو قصر اليمامة في الرياض. ويذكر انه في شهر تشرين الثاني الماضي كان "الحوثيون" قد اطلقوا صاروخ Burkan 2-H باتجاه مطار الرياض. ونشرت جريدة The New York Times الاميركية لاحقا ان منظومة Patriot فشلت في اصابة الصاروخ. وذكرت الصحيفة، استنادا الى خبراء فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، ان صواريخ الدفاع الجوي السعودي اصابت الجزء المنفصل من الصاروخ اليمني وليس جزءه الاخير الذي يحمل الشحنة المتفجرة. وقد استخدمت الاوساط السعودية الصور الملتقطة للادعاء بأن صواريخ باتريوت اصابت هدفها. ولكن الرأس القتالي للصاروخ وصل الى هدفه وهو مطار الملك خالد في الرياض و"انفجر قرب ترمينال الطيران الداخلي، وان الركاب تقافزوا فوق مقاعدهم" كما تؤكد The New York Times. وصاروخ Burkan 2-H هو احد الانواع المعدلة من صاروخ R-17 (المسمى حسب تصنيفات الناتو SS-1c Scud B، الذي وضع في الخدمة سنة 1962 وكان يسمى في الاتحاد السوفياتي بشكل غير رسمي "كيروسينكا"). ان الطغة الحاكمة في السعودية تريد ابادة الشعب اليمني المظلوم، بواسطة القصف الوحشي اليومي للمدنيين والحصار والتجويع والكوليرا وغيرها من الاوبئة، لانها تكتشف بعد فوات الاوان انه بالرغم من كل مئات والاف مليارات الدولارات التي تدفعها لاميركا، فإن اميركا لا تحميها، لا بمنظومة الباتريوت ولا غيرها، وان السعودية كلها هي "مكشوفة" حتى لصواريخ "كيروسينكا" من طراز 1962 المعدل. ـــــــــــــــــــــــــــــــــ *كاتب لبناني مستقل
#جورج_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد والنزاعات الداخلية سيقضيان على اوكرانيا كدولة
-
سياسة العداء والعقوبات ضد روسيا تنقلب على اصحابها
-
اميركا تعمل لتعطيل مشروع انبوب الغاز الروسي -السيل التركي-
-
تفوق سلاح الغواصات الروسي
-
الجيش الاوكراني يشن هجوما فاشلا على مقاطعة دونيتسك المستقلة
-
اميركا تتجه لاعادة تحريك الازمة الاوكرانية ضد روسيا
-
ولى زمن حاملات الطائرات الاميركية
-
الازمة الكورية الى أين؟
-
الاولويات الحربية للقوات المسلحة الروسية
-
زعزعة العلاقات الاميركية التركية
-
الصين الشعبية على عتبة قفزة تطور كبرى جديدة
-
السعودية على مفترق المصير
-
مقدمات زيارة الملك السعودي الى روسيا
-
التاريخ الاسود للسعودية قبل زيارة الملك سلمان لموسكو
-
الحرب الباردة بين اميركا و...كوريا الشمالية
-
الشعب الكوري سوف ينتصر!
-
الازمة القطرية تزيد عزلة السعودية
-
التجارب الكورية تؤثر سلبا على الدولار واليورو
-
السبب الستراتيجي الرئيسي لتغيير الموقف الأميركي في سوريا
-
-الصقور- الاميركية تستهدف ضرب وتغيير النظام في ايران
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|