|
عندما تمارس الإمارات التّمييز الجنسي
سيبال جوزيف سيبال
الحوار المتمدن-العدد: 5737 - 2017 / 12 / 24 - 21:28
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
بعد منع الإمارات النّساء التّونسيّات من دخول أراضيها والسّفر عن طريق مجالها الجوّي وبعد تعدد التّأويلات وردود الفعل شق اعتبر هذا الحظر اهانة وشق أخر ارتئ أنّها من أنظار وزارة الخارجيّة وشق خيّر اجتناب الخوض في المسألة ورأى أنّها من المسائل العرضيّة التّي لا يجب تحميلها أكثر من كونها خطأ خاصة بعد ترجيع سبب المنع لأمور أمنيّة مع تحميل النّاقلة الإماراتية المسؤوليّة وذلك بقصد إعفاء السلطات الإماراتية من تحميلها مغبات هذا القرار المخالف لجميع الأعراف وتراتيب قوانين السفر الدولية.
في كلّ الحالات ومهما كان تباين الآراء.. قرارات كهذه تستوجب شرح الأسباب نظرا لكونها تدخل في مجال الملاحة الجويّة الدوليّة وتحتم تناول المسألة من مجالها القانوني قبل الخوض في الأبعاد الأخرى التّي بدورها أيضا تعد اختراقا لأخلاقيات التعامل الحضاري والقيم الكونيّة بين الأمم.. لذلك الحكومة الإماراتية لا يمكن لها أن تتنصل من مسؤوليّة قرار المنع الّذي كان يهدف فقط المرأة التونسيّة لذلك الاحتجاج بأن هذا الحظر هو خطأ غير مقصود أو يحمّل للناقلة يعد خرقا لاتفاقيّة شيكاغو للطيران لسنة 1944 والتّي "تهدف لتشجيع تطور الطيران المدني الدولي في جميع أرجاء العالم بشكل آمن ومنظم وتضع المعايير واللوائح التنظيمية الضرورية لسلامة وأمن وكفاءة الطيران وانتظامه "
ذلك أنّ إنشاء المنظمة الدولية للطيران المدني عرفته كما يلي : "إذ إنَّ التطور المستقبلي في مجال الطيران المدني الدولي بوسعه إيجاد الصداقة والتفاهم بين أمم وشعوب العالم والحفاظ عليها، وإنَّ التعسف فيه قد يُشكل تهديداً للأمن العام" "وإذ إنه من المستحسن تفادي الخلاف وتشجيع التعاون بين الأمم والشعوب التي يعتمد عليها السلام العالمي"
لذلك، فقد اتفقت الحكومات "الموقعة على الاتفاقيّة على بعض المبادئ والترتيبات الرامية إلى إتاحة تطوير الطيران المدني الدولي بطريقة آمنة ومُنظمة، وإنشاء خدمات النقل الجوي الدولي على أساس المساواة في الفرص، وتشغيله بشكل سليم واقتصادي." ورغم أنّ المادة التاسعة من الاتفاقية توضح أن من حق الدولة أن تمنع الطيران بمجالها الجوي لظروف استثنائية "أو أثناء أزمة أو لأسباب تتعلق بالأمن العام"، إلا أنها ربطت ذلك بشرط عدم التمييز بين الجنسيات. زيادة على ذلك تعرّف المنطقــة المحرمــة في عرف المجال الجوّي على أساس "مجال جوي ذو أبعاد محددة يقع داخل إقليم الدولة تعلن عنه الجهات المختصة ويكون الطيران فيه محرماً"
في كلّ الحالات قرار منع سفر التّونسيّات على الخطوط الإماراتية أو العبور عبر اراضيها لا يدخل في خانة المنطق القانوني الّذي بدوره مبني على أسس خالية من منطق التمييز الجنسي ومعايير التراتيب الدوليّة للطيران لا تستمد شرعيّتها بناءا على فرز مبني على الجنس بذلك فان سبب المنع عار من الحجة القانونيّة خاصة وأنّ أهداف اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي لسنة 1944 طبقا للمادّة 44 كما جاء في فقرة 1 "تأمين التطور الأكيد والمنظم للطيران المدني الدولي في العالم بأكمله" وهو ما يعكس هدف الاتفاقيّة التّي "تعمل علي تطوير المبادئ والقواعد الفنية المتعلقة بالملاحة الجوية الدولية، ودعم تخطيط وتطوير النقل الجوي الدولي "كذلك الفقرة 3 من المادة 44 التي جاء فيها "تشجيع تقدم الطرق الجوية، والمطارات، وتسهيلات الملاحة الجوية، المعدة للطيران المدني الدولي."
كذلك الفقرات 5 و6 و7 و8 و9 من نفس المادة 44 5. منع الخسائر الاقتصادية، التي تترتب على المنافسة غير المعقولة. 6.تأمين الاحترام الكامل لحقوق الدول المتعاقدة، وأن يكون لكل دولة متعاقدة فرصة عادلة لاستثمار خطوط جوية دولية. 7. تجنب كل تمييز، بين الدول المتعاقدة. 8. تحسين سلامة الطيران، في الملاحة الجوية الدولية. 9. تشجيع تطور الطيران المدني الدولي، بوجه عام، من جميع نواحيه. وتعمل المنظمة على إصدار الملاحق المتضمنة للقواعد القياسية الدولية، والإجراءات الموصى بها في إطار تحقيق هذه الأهداف.
وبقطع النظر عما جاء في اتفاقية شيكاغو الصادرة عن المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO)الّتي تم خرقها وبقطع النّظر ايضا عن أنّ المرأة التونسيّة تحمل تأشيرة وتذكرة وجميع الجوانب القانونيّة والتنظيمية سليمة فان القوانين والاتفاقيّات لا تستمد شرعيتها عبر التمييز بين الجنسين كما جاء في هذا المنع لذلك يتعرّى هذا الحظر ليعكس قرارا نابعا من تعارض المصالح واستهداف الرّبيع العربي الّذي انطلق من تونس أحببنا أم كرهنا وطالما أن العقليّات الذكوريّة لم تتحرر من أسلوب اعتماد آلية تعكس مع الأسف تخلّف العالم العربي كافة عبر الالتجاء للحط من المرأة لتبرير هذا الفشل (التخلّف) مهما كانت الأغراض..
وهو ما تفضحه حملات التشويه المغرضة تجاه المرأة التونسيّة التّي ساهمت مناصفة مع الرّجل في الثورة التونسيّة والالتحاق بركب التمدن في جوهره واحترام القيم الكونيّة التّي لا تكون صادقة وفاعلة بخوض اساليب ذكوريّة بحتة.. فتونس لم تقلل من شأن المرأة الإماراتية بالرّغم من أنّ لا أحد ينكر سواء بالعالم العربي أو الغربي أنّ السياحة الجنسية عصب اقتصادي مهم بالإمارات ومنظم بأعلى مستويات..
تونس التّي تحاول المضّي قدما نحو التّخلص من سطوة العقليّات الذّكوريّة وتوفير سبل الارتقاء الفعلي للمرأة لم تنتهج اساليبا أقل ما يقال عنها أنها سفاسف فعندما نقول مكتسبات المرأة نعكس المضمون الذي ينظر لها كذات وكيان إنساني و كلّ هذا الخناق على المرأة التونسيّة وتعمد تبني إستراتيجية كاملة للحط من شأنها وجعلها رمزا للخطر يهدف إلى هدم الميزات التّي تحظى بها المرأة التونسيّة من حقوق لا تتوفر بالإمارات التّي تتأرجح بين محاولة السمو بالمرأة ولم تتحرر من العقليّة الذّكوريّة ومنطق العشيرة فكل ما نشاهده بالإمارات تقليد للدول الغربيّة في انتهاج ركب الحداثة من زاوية لا تعكس أسس حداثة فعليّة وهو في خانة تقليد مسقط لا يعكس انفتاحا وهو ما فضحه قرار المنع حتّى لو كان لساعة واحدة وتمّ التّراجع فيه. فالمساس من حرمة المرأة ككل سواء كانت تونسيّة أو امارتية أو حاملة لأية هويّة هو مساس من شرعيّة القيم الكونيّة قبل كل شيء والتّي بدون استعابها لن يعكس أحد تمدنّا أو انفتاحا... من جانب اخر الربيع العربي انطلق من تونس وهذا الرّبيع يتعارض مع مصالح العديد لا الإمارات فقط بل كل دولة تنتهج اساليب القمع والحظر على شعبها ولا تستسيغ فكرة العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والحريّات الفرديّة وهذا ليس بجديد على تونس فهي تلاقي منذ عقود معارضة من جميع الدّول التّي لا تريد انفتاحا فعليّا بقدر التشعبط في الترف والمعمار وهو ما يعكس محاولات لسد النقص لا العكس...الدول التي تروم الانفتاح ومهما كان خطها لانتهاجه تحترم المعايير الكونيّة السامية التّي تحترم الذّات البشريّة سواء كانت رجل أو امرأة... ولا تكتفي بالقشور فهو لا ينجب انفتاحا بقدر درء للعقيات الذكورية التي تتمسك بنسيج ابقاء المرأة في قوقعتها حتى لو تم توسيمها بأثمن الأوسمة...
المراجع : اتفاقية شيكاغو الصادرة عن المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) https://www.icao.int/publications/pages/doc7300.aspx http://www.lexinter.net/JF/droit_aerien.htm http://tfig.itcilo.org/AR/contents/chicago-convention.htm http://www.wipo.int/wipolex/fr/other_treaties/details.jsp?group_id=22&treaty_id=932 http://www.encyclopedia.com/history/encyclopedias-almanacs-tran--script--s-and-maps/international-civil-aviation-organization-icao
#سيبال_جوزيف_سيبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لَبَّيْكَ الأَقْصَى لَبَّيْكْ
-
شَيطانَة لعُوب
-
تُونس :عندما تتحوّل العلاقة الشُّغليّة إلى عبوديّة
-
الحداثيّون الخطأ مع العورة وناقصة عقل ودين الخطأ
-
الاسلام كرّم المرأة
-
حق الرّد الحضاري من الحقوق الحضاريّة
-
الإسلام خط أحمر
-
رسالة إلى إسلام البحيري
-
أنا من تحرّش بي مجتمع الشّرف والفحولة
-
أيها الأبله ليس هذا أمل الثورة ولا هكذا يكون الثوار
-
أنا تونسية علمانية لست إرهابية ولن أصوت للسبسي
-
تونس : اعتذاري لنفسي أمام جبناء النفوس - المعارض محمد مواعدة
...
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|