أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف














المزيد.....


السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5734 - 2017 / 12 / 21 - 22:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جميعنا تساءلنا ربما ، في هذه الأيام ، عن كل هذا العنف و التوحش الذي ظهر مؤخراً في بلداننا ، متزامناً مع الأحداث السياسية الراهنة ، و ربما قمنا بتحديد الأسباب الظاهرة و الأطراف و الايديولوجيات الملامة على تفشي هذه الظاهرة المدمرة و تعاظم نتائجها سلباً في مستويات الحياة المتعددة ...
لكننا دائماً ما نغفل الجانب النفسي العميق و نتجه إلى قشور الظواهر ، لنطرحها بكل ثقة ، متجنبين الخوض في مسائل قد يتجاوز حلّها ، العملية السحرية السريعة ، و يتطلب منا جهداً أكبر على المستوى الاجتماعي و النفسي و الايديولوجي ، و وقتاً أطول ربما ، لتغلغله و تعمقه في بنية مجتمعاتنا ...

لنتحدث أولاً عن خطوات الانتقال إلى السلوك العنيف ، كما وضحها الدكتور مصطفى حجازي في دراسته الموسعة عن التخلف ، في كتابيه : الانسان المقهور و الانسان المهدور ... حيث يبدو لنا من خلال هذه الدراسة ، أن الانتقال إلى سلوك العنف يتم بشكل بطيء و على مراحل تتطلب وقتاً طويلاً ، مما يساعدها على تثبيت جذورها ، عميقاً ، في العالم المتخلف ، و يصعب فيما بعد التعامل معها بالحلول السحرية السريعة ... و يتضح لنا أن أهم هذه الخطوات هو فك الارتباط العاطفي مع الطرف الآخر ، لتسهل على الذات عملية تبخيس الآخر و تجريمه ... فهنا تحل مشاعر الحقد و الكره محل مشاعر الود و المحبة و التعايش ... و يصبح الآخر نداً و عقبة أمام الاستمرار الوجودي للذات ، و تدميره واجب أكثر من كونه رغبة فقط !!
يلي ذلك عملية فك الارتباط العلائقي مع الآخر ، من خلال العبث في التاريخ و تلفيق القصص ، لنفي أية صلة تاريخية تربط الذات بالآخر ، أو أية قرابة محتملة ، أو تعايش سابق ...
ثم يلي ذلك أهم مرحلة و هي عملية الشرعنة (إضفاء الشرعية على الفعل) ، حيث تعتمد هذه العملية على مجموعة من الأساطير التحقيرية التي تنفي عن الآخر صفة الانسانية و تظهره كعقبة وجودية تهدد كيان الذات و اعتبارها الانساني ، و تجعل السلوك التدميري تجاه الآخر يبدو و كأنه عملاً بطولياً أو واجباً مقدساً ، و هذا ما يسهّل توجيه العنف للخارج بدلاً من الذات نفسها ، حيث أن ذلك الشعور يكون نابعاً في الاساس من عقدة الذنب و الرغبة في تدمير الذات الضعيفة و المهانة (مصدر آخر : ممدوح عدوان_حيونة الانسان(

هنا يبدو لنا بشكل واضح أن المجتمعات المتخلفة تعيش عواطفها إلى أقصى الحدود ، و كما يقول حجازي (العنف هو لحظة انفجار الحقيقة الكامنة في بنية التخلف) (المصدر السابق نفسه) ... فالعنف المدمر يظهر و كأنه الحل السحري السريع الذي يساعد على قلب المصير رأساً على عقب و يغير مسار الأحداث ، بينما هو في الحقيقة الوجه الآخر للقهر و المهانة التي تعاني منها مجتمعات التخلف ، فهذه المجتمعات ليس لديها ضوابط خلقية نابعة من الذات ، بل هناك فقط خوف من القمع الخارجي ، و عندما يزول شبح القمع ، ينفجر العدوان متخذاً شكل عنف مباشر مدمر أو شكل السلب و الاستباحة ... يساعد على ترسخ ذلك ، أن السلطة في العالم المتخلف لا تريد مواطنين ، بل تريد أتباعاً ، إنها تخشى المواطنية التي تنزلها من مكانتها الجبروتية إلى مستوى اللقاء الانساني ، لأن هذا اللقاء يتضمن اعترافاً متبادلاً أو تساؤلاً متبادلاً في الوقت نفسه ... مع العلم ان أهم شرط لشرعية السلطة في العالم المتخلف هو عدم وضعها موضع التساؤل و التقييم ...

و حسب حجازي (المصدر نفسه) فإن العنف في العالم المتخلف يأخذ طابع التشفي الذي لا يعرف الارتواء ، لأن الجرح النرجسي النابع من القهر غير قابل للشفاء !!
فعدوانية الانسان المقهور تبقى دون توازن داخلي ، لأنها تفتقد إلى القوة المضادة التي تكبح جماحها و تلطفها ، و ذلك أن نزوة الحياة (الجنس و الحب) هي وحدها الكفيلة بالقيام بهذه المهمة ، و التي بدورها لا تفلت من القمع في المجتمع المتخلف ، فالكبت الجنسي الذي تعززه السلطة هو دليل على تغلغل حكم المتسلط بالإنسان و ضبطه من الداخل ... فنفسياً لا شيء يوازن العدوانية سوى الحب الفعلي و الود الذي يساعد على نشر ثقافة التعايش ، بينما القمع الجنسي يعطل تدخل نزوة الحياة لضبط نزوة الموت المضادة لها !!

بعد استعراض أهم جوانب و أسباب و حيثيات العنف و علاقته بحياة التخلف ، نسأل أنفسنا : على من تقع مسؤولية ايجاد الحلول ، التي ستأخذ طابعاً جذرياً هداماً ثم بناءً ؟ ... مع مراعاة الدور الكبير للسلطة و الايديولوجية الدينية القائمة حالياً ، و عدم إغفال دور المفكرين و المثقفين برغم الضغوطات المفروضة عليهم من المذكورين سابقاً (السلطة و الدين) ... فالمسألة تحتاج إلى تعمق في جذور الأمور و تجاوز الخطوط الحمراء التي يتحامى بها التخلف المُنتِج لكل ذلك العنف و الوحشية ...



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة
- جدوى الحياة
- المثقف العربي و الجنس
- السجين
- المنتخب السوري : بين النظام و الشعب !!
- القصيدة العبثية
- عن الهوية و سلطتها على الذات الإنسانية
- عن الهوية و قيمتها الانسانية ...
- نعم نجح الربيع العربي !!
- في التخلف و بعض أسبابه ...
- تساؤلات ضرورية (2)


المزيد.....




- -45 ساعة من الفوضى-: مصادر تكشف لـCNN كواليس إلغاء قرار ترام ...
- مستشار ترامب: يجب على مصر والأردن أن تقترحا حلا بديلا لنقل س ...
- -الطريق سيكون طويلا جدا- لإعادة بناء غزة من الصفر
- إدارة ترمب تسحب 50 مليون دولار استخدمت لـ-الواقي الذكري- في ...
- أميركا نقلت صواريخ -باتريوت- من إسرائيل إلى أوكرانيا
- -الشيوخ- الأميركي يعرقل مشروع قانون يعاقب -الجنائية الدولية- ...
- مقتل العشرات بتدافع في مهرجان هندوسي ضخم بالهند
- ترمب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين
- دفع أميركي باتجاه وقف هجوم حركة -أم 23- على شرق الكونغو
- توقيف رجل يشتبه في تخطيطه لقتل مسؤولين في إدارة ترمب


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف