زهير الخويلدي
الحوار المتمدن-العدد: 5731 - 2017 / 12 / 18 - 10:20
المحور:
الادب والفن
" يحتوي البدء دائما على الامتلاء اللاّمنكشف للاّمألوف أي للنزاع مع ماهو مألوف"
مارتن هيدجر – كتابات أساسية-
السؤال الذي استحوذ على الفلسفة طوال تاريخها واعتبر حدثا استثنائيا ومع ذلك ظل طي الكتمان وفي غياهب النسيان هو سؤال الفكر بما يعود إلى ذاته وما يقتضيه من إعادة نظر جذرية في طريقة طرحه.
لقد حجب التفكير بماهو فعل للنفس في نطق أحوال وجودها الفكر وأغلق الأبواب في وجه كل معترض ومعاند وأجبره على العودة إلى الوراء يجر أذيال الخيبة ويستعمل طرق ملتوية ويختفي وراء الاستعارة.
لقد أضحى الفكر بعيدا عن مقامه مدركا للعالم وواعيا للذات ومتصورا للنظريات ومقارنا للتصورات ومصنفا للعلوم ومحصيا للمعارف ومتخيلا للموجودات ومعتبرا من الظواهر ومتنقلا بين المستويات.
كما مارس العقل دكتاتوريته المعرفية على بقية الملكات وأرجع الفكر إلى دائرة الانتفاع وجبر الأضرار وأوقعه في شراك الأداتية والموازنة بين الخسائر المكلفة والأرباح المحرزة وجعله رصيدا للحساب.
لقد كان الفكر وراء المطاردة التي خاضت الفلسفة للنصوص بحثا عن الحقيقة والمطلق والمثال والمعنى ولكن الموجود البشرى أدخل كل ذلك في دائرة اللغة وأدرجه إلى أحداث التاريخ وضمه إلى أشياء العالم.
لقد صادر الاعتقاد الديني حرية الفكر لدى الكائن البشري وقضت المعالجة العلمية على انسيابيته وأجهز الإنتاج الفني على جماليته واحتكر التقني عبقريته وذكاء واستولى المرء الصانع على طاقته وصلابته.
ماهو ليس مألوفا بالنسبة للظن السائد أن يقترن ميلاد الفكر من اللاّفكر بظهور الوجود من اللاّوجود وما لا يمكن ستره يكمن في أن الفكر بداية ممتلئة للتفكير في الوجود وحضور مطلق للذات المفكرة في العالم.
لكن، هل كان يمكن تجنب هذا الاعتداء؟ وكيف يند الفكر عن المصير الذي تحول فيه الى تفكير؟ وما الذي يبدو أقرب الى الصواب من أن يفكر الفكر في ما يسبق عملية تفكره لذاته واستدعائه لغير المفكر فيه؟
كاتب فلسفي
#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟