|
هل اصبحت القرارات الأممية ومجلس الامن ، متجاوزين في حل نزاع الصحراء المغربية ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5728 - 2017 / 12 / 15 - 19:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سؤال : بعد كل الذي حصل باعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية من خلال اعترافه بالقانون الأساسي للاتحاد الإفريقي ، وحضوره اللقاء الذي جمع الاتحاد الإفريقي بالاتحاد الأوربي ، رغم أن هذا الأخير قبْل حصول اللقاء ، لم يكن يعترف رسميا بالجمهورية الصحراوية ، وكان يعترف فقط بالجبهة الصحراوية كمخاطب رئيسي في نزاع يُعد من أقدم النزاعات ، حيث عمّر لما يزيد عن اثنتي وأربعين سنة ، و دون ان ينجح مجلس الأمن في فضّه بشكل ديمقراطي ، يأخذ في الاعتبار الحقوق التاريخية ، والجغرافية ، والبشرية ، والمادية ، والقرارات التي يصدرها في كل شهر ابريل من كل سنة ، والتي تستوجب التحليل العميق ، والقراءة الرزينة والمتأنية ، لتفسير مضامين القرارات ، دون اي نرجسية ، او طاووسية ،او غلبة شوفينية .... الخ نطرح السؤال : إلى أين تتحرك رمال الصحراء التي ربما تكون قد فقدت صوبها الصحيح واتجاهها المعقول ؟ وهنا فان السؤال لا يعني جماعة البوليساريو التي ما تزحزحت في مواقفها ، ولا بدلت خططها ، بل المقصود بالسؤال هو النظام المغربي الذي ما ترك حلا وإلاّ جربه وفشل فيه . فمنذ انطلاق الصراع في سنة 1975 تمسكت جبهة البوليساريو بنفس المطلب المؤدي إلى الاستفتاء وتقرير المصير ، وما بدلته بمطلب آخر ، او تزحزحت ، او ترددت عن مواقفها المسجلة لدا المنتديات الأممية ، وعلى رأسها اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، ومجلس الأمن ، ولجنة حقوق الإنسان الأممية . النظام المغربي وبخلاف موقف الجبهة الثابت ، اعتمد حلولا شتى لمحاولة إيجاد مخرج يحفظ مغربية الصحراء ، بما يحفظ بالأساس وجود النظام الذي طرح هذه القضية في منتصف سبعينات القرن الماضي ، لتفادي السقوط الذي كان يتهدده من قبل المعارضة الراديكالية التي كانت تطالب بالحكم ، اي الجمهورية ، والجيش الذي حاول قلب النظام ، وإسقاط كل الدولة في محاولتين انقلابيتين في 1971 و 1972 ، ومحاولة الجنرال احمد الدليمي في سنة 1982 . يرجع تاريخ نزاع الصحراء الغربية الى بداية الخمسينات من القرن الماضي ، فلا ننسى هنا خطاب محمد الخامس في محاميد الغزلان ، كما لا ننسى خطاب طنجة التاريخي . الى جانب هذا الموقف الرسمي المتذبذب ، كان هناك الموقف الشعبي الذي عكسته قرارات جيش التحرير المغربي ، بمواصلة التحرير لتحرير الصحراء ، بعد حصول المغرب على استقلال إيكس ليبان في سنة 1956 . ان هذه الملحمة الأخيرة ، ونظرا لنتائج خطورتها ، ولتفادي تكرار تجربة جمهورية الريف ، بادرت كل من فرنسا ، واسبانيا ، والنظام ، في وضع حد لعملية جيش التحرير ، في ما عرف في حينه بمؤامرة إيكوفيون ، او مؤامرة المكنسة . بعد تراجع المد الشعبي التحرري ، سنجد ان النظام المغربي ، وفي كل فرصة تكون سانحة ، إلاّ وكان يُذكر بمغربية الصحراء ، ويطالب باستردادها الى البلد الأم . هنا سنجد ان النظام المغربي ، هو من كان وراء القرار ألأممي 1514 الذي يعتبر الصحراء أراضي مشمولة بتصفية الاستعمار ، وان حلها لن يزيغ عن الاستفتاء وتقرير المصير . وهنا سنجد ان ممثل النظام بالأمم المتحدة ، لم يتردد لثلاث مرات ومن أعلى منبر أممي ، ان يطالب بالاستفتاء وتقرير المصير للأقاليم الصحراوية المتنازع عليها . عندما كانت الجمعية العامة ، وبناء على موقف النظام المغربي ، تصدر القرار 1514 في سنة 1960 ، كانت الجزائر لا تزال تعيش تحت نير الاستعمار الفرنسي ، الذي احتلها لما يفوق مائة وأربعين سنة ، بعد الاحتلال العثملي السجلوقي التركي . ومن غرائب الأمور أنّ الجزائر اليوم ، هي من يتمسك بالقرار 1514 ، في مواجهة حقوق الشعب المغربي التاريخية ، والجغرافية في أرضه ، وكان من المفروض ان يصبح القرار 1514 ، فاقدا لأية مشروعية قانونية ، بمجرد ان استعاد المغرب صحراءه في سنة 1975 . ان الاستفتاء كان حقا مشروعا ، حين كان الصراع ثنائيا ، بين المغرب واسبانيا الاستعمارية ، وحين كانت الصحراء لا تزال تحت السيطرة الاسبانية . أما وقد استرجع المغرب أرضه ، فاللجوء إلى هذا القرار ، هو المطالبة بحق يراد به باطل . منذ الستينات دأبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، على التذكير في كل قراراتها بالقرار 1514 الصادر في سنة 1960 ، بل سنجد ان الجمعية العامة هذه ، وفي غياب دبلوماسية النظام الفاشلة ، تبادر إلى إصدار قرار في سنة 1979 الفقرة 34 / 37 ، يعتبر الجبهة ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الصحراوي ، وتجاهلها للروابط التاريخية ، والجغرافية ، وللرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 يوليوز 1975 ، وكأنّ الأمم المتحدة بهذا القرار المتحيز ، تعتبر التواجد المغربي بالصحراء هو بمثابة احتلال . لقد لعبت الجزائر من خلال الدور الأساسي الذي كان لها بكتلة عدم الانحياز ، وبالقارة الإفريقية ، وأمريكا اللاتينية ، وبآسيا ، ومن خلال حركات التحرر الوطني ، دورا في كل هذه المثبطات الماسة بالحقوق الوطنية ، والشعبية المغربية في قضية الصحراء المغربية . وبقدر ما كانت الجزائر تحقق الانتصار تلو الأخر ، بقدر ما كان النظام المغربي يتلعثم في خطواته ، لمواجهة المد الدولي المعادي لمغربية الصحراء . ولا أذل على ذلك المواقف المتناقضة للنظام ، التي أثرت على الموقف الدولي ، بسبب تشكيكه في دفاعات النظام المغربي بخصوص نزاع الصحراء المغربية . ففي كل مرة كان الأوربيون والأسيويون واللاّتين أمريكان ، يتساءلون عن السبب في عدم تمسك النظام المغربي ، بحل واحد ، وموقف واحد من قضية الصحراء ، رغم ان قرارات الجمعية العامة منذ سنة 1960 ، كانت تتحدث عن سكان ، وليس عن شعب . عندما تدخل مجلس الأمن في النزاع ، بعد اندلاع المعاركة المسلحة بين المغرب ، والجزائر ، والجبهة ، بدعوى الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ، دأبت كل القرارات التي اتخذها المجلس تنسخ بعضها في كل شهر ابريل من كل سنة . وربما ان الدول العظمى الممسكة بحق الفيتو ، لم ترى أمرا يدعو إلى الاستعجال في حل قضية نزاع الصحراء ، طالما ان النزاع يُمكّن الدول الكبرى في استعمال الصراع بهدف تركيع الأنظمة ، وبهدف دفعها للالتزام بما تقرره الدول الكبرى في موضوع الصراع العربي الفلسطيني ، وبهدف استنزاف مقدرات الأنظمة بالانكباب على شراء الأسلحة المختلفة ، استعدادا لحرب لن تعود منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار ، بين النظام المغربي ، والجبهة ، وتحت إشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 . ان طول أمد هذا النزاع منذ 1975 ، لعب دور إعاقة ، للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة ، واثر على الوضع الاجتماعي للشعوب ، بما انعكس عليها سلبا في الشغل ، والصحة ، والتعليم ، وكل مناحي الحياة الاجتماعية . ان تلاعب الدول الكبرى بدول الصراع حول الصحراء ، يُسْتشف من طريقة صياغة القرارات التي عَهَدَ مجلس الأمن على اتخاذها كل سنة . وهي قرارات بقدر ما تمطط أمد الصراع ، بقدر ما تتضمن عراقيل في صياغة القرارات ، بما يعطي لإطراف النزاع ، حق التوسع في شرحها ، وفهمها بما يتماشى مع مطامحها وحقوقها . ان الغرض من التنصيص على الشرط الواقف حول ( موافقة ) أطراف النزاع ، و ( قبولهم ) على اي حل قد يُفرض ، هو دليل كاشف على ان المجلس ، يقصد منه العمل على إطالة النزاع ، وعرقلة أي حل لا يرضى بقبول وموافقة أطراف النزاع . ولنا ان نسأل : هل النظام المغربي سيقبل بالحل الجزائري – الصحراوي ، وهل الجزائر والصحراويون سيقبلون بحل النظام المغربي ؟ معادلة صعبة ليس لها من تفسير ، غير أن مجلس الأمن يستبعد حل الاستفتاء ، لكنه يتمادى في معاكسته الحقوق المغربية المشروعة ، حين لا يعترف بمغربية الصحراء ، وحين يساوي في التعامل بين المغرب الدولة وبين الجبهة المنظمة الانفصالية . ان كل هذه المواقف المتناقضة لمجلس الأمن ، تبين وبالملموس ، ان الحل النهائي لنزاع الصحراء ، ليس بيد النظام المغربي ، ولا بيد النظام الجزائري ، ولا بيد الجبهة . ان الحل لهذا النزاع الذي عمر اثنتي وأربعين سنة ، هو بيد الدول الكبرى أصحاب حق الفيتو بمجلس الأمن . انه نزاع متحكم فيه ، حتى من قبل الاتحادات الدولية المختلفة ، التي تستعمله كتناقض أساسي في تطويع الأنظمة والتلاعب بها ، وفي فرض شروطها وتصوراتها للعلاقات الدولية . ان هذه الاتحادات مثل الاتحاد الأوربي ، واستشعارا منها بالوضع الذي يرسمه النزاع بين النظامين المغربي والجزائري ، خاصة الحلقة الأضعف في الصراع ، التي هي النظام المغربي الذي فقد البوصلة والاتجاه الصحيح للدفاع عن مغربية الصحراء ، بدأت تتصرف في معالجة الصراع ، بما يفرزه الواقع اليومي من متغيرات ، أصبحت تفرض نفسها في الساحة ، وبعيدة عن قرارات الجمعية العامة ، وقرارات مجلس الأمن . بل إن الاتحاد الأوربي ، وأمام التنازلات التي يقدمها النظام المغربي ، وتذبذب مواقفه وتناقضها ، وبحثه عن اي قشة ولو وسط كومة ثبن ، لتأمين بقاءه ، وتفادي السقطة الحرة بسبب ملف الصحراء .... الخ ، فهو أضحى ، أي النظام المغربي بقراراته ، يمهد ويسهل الطريق على الأوربيين ، لاتخاذ مواقف مناهضة لمغربية الصحراء ، من خلال مختلف مؤسساته ، كمحكمة العدل الأوربية ، والبرلمانات المحلية ، وتهديد بعد الحكومات بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، رغم أن مصدر إنشاءها ، لا يرجع الى استفتاء ، ولا الى تقرير للمصير ، بل ان الذي أنشأها هم أعداء الوحدة الترابية والشعبية للمغرب ، الهواري بومدين ومعمر القدافي . فما الجديد الخطير الذي طرأ على وضع الصحراء منذ 2016 والى الآن ؟ ان هذا الجديد الخطير الذي فاجئ العالم ، وقوبل بصمت رهيب من قبل كل ( الأحزاب السياسية ) و ( المنظمات النقابية المغربية ) ، هو اعتراف النظام المغربي الصريح بالجمهورية الصحراوية ، من خلال اعترافه بالقانون الأساسي للاتحاد الأفريقي ، الذي ينصص وبصريح العبارة ، على أن أية دولة لا تنتمي الى الاتحاد ، إذا أرادت الانضمام له ، عليها ان تعترف صراحة بجميع الدول المكونة له . وحيث ان الجمهورية الصحراوية هي عضو كامل العضوية بالاتحاد ، وعضو مؤسس له ، وشاركت في صياغة قانونه الاساسي الذي يفرض الاعتراف بالدول المكونة للاتحاد ، فان مصادقة النظام المغربي على القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي ، هو اعتراف صريح بالجمهورية الصحراوية . النظام المغربي ، وطيلة السبعينات ، والثمانينات ، والتسعينات ، كان يرمي في السجون ، كل من ردد الاستفتاء وتقرير المصير في الصحراء ، كما لم يكن يتردد في إطلاق وصف الخائن ، على كل مغربي التقى بمسئولين عن جبهة البوليساريو ، وليس فقط عن الجمهورية ، حتى ولو كان اللقاء في إطار عمل صحفي . الآن النظام المغربي ، وبعد أن أعلن على قبوله الاستفتاء في نيروبي سنة 1982 ، وقبوله باتفاق الإطار لجيمس بيكير ، الذي يتوقف على محورين . محور تطبيق الحكم الذاتي لمدة خمس سنوات ، وهنا تشكيك في مغربية الصحراويين ، ومحور الاستفتاء بعد انقضاء الخمس سنوات من الاستفتاء ، وهنا تشكيك في مغربية الصحراء ، يعترف بالجمهورية الصحراوية ، ويحجز له مقعدا الى جوار مقعدها بالاتحاد الإفريقي . فأي مفارقة هذه التي تحلل لنفسها ما تحرمه على غيرها ؟ إن الخطورة أن النظام في تصرفه الأحادي في قضية الصحراء المغربية ، كان يُبعد مشاركة الشعب المغربي الذي يُمول الحرب في الصحراء من أبناءه الذين استشهدوا في الصحراء ، وتركوا عوائلهم يتضورون الحاجة ، والفقر ، والبؤس ، والحرمان ، وأبناءه الذين سقطوا في الأسر ، وقضوا أكثر من ستة وعشرين سنة ، وتعرضوا لكل أنواع التنكيل ، والتعذيب على يد المخابرات الجزائرية ومجرمي الجبهة . بل وفي زيارة خاصة لجورج حبش الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتندوف ، كان يدخن السيجار الكوبي ، وهو يتسلى بجولات التعذيب التي كان يتعرض لها الجنود الذين كانوا في الأسر ، على يد ضباط الجيش الجزائري و عصابات البوليساريو . وحتى نضع الأشياء في صورتها الحقيقية ، فان منظمة ( التحرير الفلسطينية ) ، تعترف بجبهة البوليساريو ، وتعترف بالجمهورية الصحراوية ، وتناصر أطروحة الجزائر في حل النزاع المفتعل بالمنطقة . فهل اعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية ، ودخوله إلى الاتحاد الإفريقي ، قد مكنه من النجاة ، من طوق العزلة الدولية المضروبة حوله ، ومكنه من النجاة من حبل المشنقة الذي كان يحيط بعنقه ؟ إذا كانت الطبيعة لا تقبل الفراغ ، لان هذا قد يخفي أشياء قد تكون غير متوقعة ، وقد تسقط في آخر لحظة ، وقد تسبب في كوارث ، فان طرح الحسن الثاني لملف الصحراء في سنة 1974 / 1975 ، كان لتجنب الفراغ الذي كان يفرض نفسه في الحكم ، وعلى مختلف الفرقاء السياسيين الذين كانوا يطالبون بالحكم وبرأس النظام . وهنا لا ننسى الانقلابين العسكريين في سنة 1971 و 1972 ، ولا ننسى المحاولات المختلفة للمعارضة البرجوازية الصغيرة السيطرة على الحكم في 16 يوليوز ، 1963 و في 3 مارس 1973 ، كما لا ننسى المشروع الإيديولوجي العام لليسار الماركسي اللينيني في سنة 1970 ، وحتى 1979 تاريخ المراجعات النظرية والسياسية والإيديولوجية . لقد نجح الحسن الثاني في خلط الأوراق ، عندما تمكن من جر كل المعارضة وراءه كمحرر وطني ، و تحولت صورة النظام من اعتباره عدوا رئيسيا ، الى اعتباره عدوا ثانويا ، ثم إلى اعتباره نظاما وطنيا محررا . هكذا ستتحول المعارضة الداخلية من معارضة للنظام ، الى معارضة للجزائر ، ولكل أعداء الوحدة الترابية للمغرب . الآن ما نراه ، يعاكس كل أجواء المسيرة الخضراء وقسمها ، ويعاكس خطاب محاميد الغزلان ، وخطاب طنجة . فهل استطاع النظام المغربي اليوم من خلال اعترافه بالجمهورية الصحراوية ، تخطي الفراغ الذي ترفضه الطبيعة ؟ إذا كان النظام يعتبر ان دخوله الى الاتحاد الإفريقي ، واعترافه الصريح بالجمهورية الصحراوية ، يخدم النظام كنظام ، لتجنب الفراغ الذي ترفضه الطبيعة ، ولفك طوق العزلة الدولية عنه ، فان جواب الاتحاد الإفريقي ، ومنه الدول التي استفادت من الاستثمارات التي سكبها النظام في صناديقها ، كان واضحا ، وهو تمسك الاتحاد الإفريقي وأكثرية دوله ، بالجمهورية الصحراوية . وقد ظهر هذا في لقاءات متعددة داخل الاتحاد الإفريقي حين انحازت أغلبية دوله إلى جانب الجمهورية ، كما ظهر في اللقاء الذي جمع الاتحادين الأفرو – أوربي بايدجان ، وحضرته الجمهورية الصحراوية ، رغم ان الاتحاد الأوربي كان لا يعترف بها رسميا قبل اللقاء . فهل كان على النظام المغربي ان يحضر لقاءاً دوليا تحضره الجمهورية الصحراوية التي لا تعترف بها أوربة رسميا ، ولا تعترف بها الأمم المتحدة ؟ ان تهليل النظام المغربي لتصريح الاتحاد الأوربي بعدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، رغم حضورها اللقاء معها ، واعتبار هذا التصريح نصرا ، هو غباء واستبلاد لنظام فشل في جميع الحلول التي تقدم بها لحل نزاع الصحراء المغربية ، بل هي هزيمة مدوية وموجعة حاول النظام الالتفاف عليها بتحويلها الى نصر شبح . ان الأوربيين لو لم يكونوا يرغبون في الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، ما كانوا يقبلون الجلوس في لقاء به دولة شبح لا يعترفون بها . ان ما حصل هو مفارقة غريبة تلحق الضرر بالقانون الدولي العام ، وتعتبر نوعا من العبث بالعلاقات الدولية . فهل يمكن تصور ان تجالس وتجلس دولة مع دولة أخرى لا تعترف بها ؟ شيء لا يمكن لعقل سليم تصوره والأخذ به . ان الاتحاد الأوربي الذي تخندق عمدا وليس سهوا ، إلى جانب الأطروحة الجزائرية ، بسبب التراجعات والخيْبات التي حصدها النظام المغربي في نزاع الصحراء ، وانتصار الدبلوماسية الجزائرية على الدبلوماسية المغربية ، من خلال فرض اقتراح الجزائر بحضور الجمهورية الصحراوية اللقاء الاورو – إفريقي ، شجع الأوربيين على استعمال مؤسساتهم ، كمحكمة العدل الأوربية ، في التعاطي السلبي مع قضية الصحراء المغربية . فقبول الاتحاد الأوربي الجلوس في لقاء الى جانب البوليساريو ، هو تحصيل حاصل لتأييد محكمة العدل الأوربية الأطروحة الجزائرية ، ومن ثم يجب اعتبار اللقاء ، بمثابة اعتراف أوربي مسبوق بالجمهورية الصحراوية ، فلو لم يكن الأوربيون قد قرروا الاعتراف بالجمهورية ، هل كانوا ان يجالسوها او يجلسون معها ؟ الأمور واضحة إلاّ من عميت بصيرته ، او متخصص في تحويل الهزائم المتواصلة الى نصر . إن تذرع الأوربيين ، بان اللقاء هو بين الاتحاد الافرو – أوربي ، وليس بين الاتحاد الأوربي والجمهورية الصحراوية ، هو ضحك على دقن النظام واستبلاده ، كما ينم عن اسكيزوفرانية أوربية مقيتة ، تمدح أطروحة الجزائر عندما يكونون بالجزائر العاصمة ، وكانوا ولم يعودوا الآن بعد اللقاء ، يمدحون أطروحة النظام عندما يحلون بالرباط ، واليوم اصطفوا الى جانب الانفصاليين حين جالسوهم وجلسوا معهم علنا ، وبحضور النظام المغربي بابديجان بساحل العاج . ولو كانت فرنسا التي تتلاعب بالنظام المغربي ، حسب مصالحها الآنية والمستعجلة ، تريد الوقوف في وجه اللقاء ، والحيلولة دون انعقاده ، لكان بإمكانها ذلك ، لأنها تملك إجراءات كثيرة لو استعملتها مع اسبانيا ، لما حلمت الجمهورية الصحراوية ان تجالس يوما الاتحاد الأوربي . لكن النظام التائه في رمال الصحراء ، وضع كل بيضه في سلتها ، فكان ان انقلبت عليه بطريقة خبيثة ، جعلته بحضوره اللقاء ، يُزكي اعترافا أوربيا بالجمهورية الصحراوية . هكذا وبعد ان تم تحديد نتائج المسؤوليات التي أصبحت تثقل كاهل النظام أمام المنتظم الدولي ، فان الخطوة القادمة ربما ستكون القطرة التي ستفيض الكأس ، لان الأوربيين لن يكونوا أكثر من النظام الذي اعتراف بالجمهورية الصحراوية . لقد وُضع النظام بفعل سياسته الفاشلة أمام الأمر الواقع ، وأصبحت الجمهورية الصحراوية حقيقة ثابتة . ان الخطأ الاستراتيجي في ما آل إليه الوضع بالنسبة للقضية الوطنية ، يرجع إلى لعب النظام منذ 1975 ، دور المحامي الفاشل المدافع عن القضايا الخاسرة . والسؤال ، وهو سؤال مشروع يكون الأوربيون قد طرحوه على أنفسهم وبينهم : كيف للنظام المغربي الذي يعترف واعترف اعترف بالجمهورية الصحراوية ، أن يمنع الأوربيين من اعتراف مماثل بنفس الدولة ، رغم أن الأمم المتحدة لم تعترف بها إلى الآن ؟ وهذا يعني ان خطأ النظام حينما اعترف بالجمهورية الوهمية ، هو الذي سهل على الأوربيين ، الاعتراف بنفس الجمهورية ، حين قبلوا الجلوس معها في اللقاء الافرو – أوربي . ان الخطورة في هذا اللقاء الذي حضرته الجمهورية الصحراوية ، وحضره النظام المغربي ، هو تزكية النظام لاعتراف أوربي بالجمهورية ، ونتائجه سوف لن تبقى في حدود العلاقات بين الاتحادين الاورو – إفريقي ، بل ستكون له تبعات خطيرة على استقرار الوضع بالمغرب . إن كل دول الاتحاد الإفريقي ، ودول الاتحاد الأوربي ، هم أعضاء بالأمم المتحدة ، إضافة إلى وجود دول بمجلس الأمن ، تتمتع بالفيتو كبريطانيا العظمى . ان اعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية عند دخوله الاتحاد الإفريقي ، وتزكيته للاعتراف الأوربي بالدولة الوهمية ، سيسهل الطريق أمام انضمام سريع للجمهورية الصحراوية إلى الأمم المتحدة . ان كل دول الاتحاد الأوربي ، بريطانيا العظمى ، الدول الاسكندينافية ، هولندة بلجيكا ، ايطاليا لكسمبورج .... الخ ، وأكثرية دول الاتحاد الإفريقي ، ودول أمريكا اللاتينية ، وآسيا ، ستصوت لصالح قرار انضمام الجمهورية الصحراوية ، إلى الأمم المتحدة ، فيما إذا تقدمت بطلب العضوية ، الجزائر وجنوب إفريقيا ، وأكثرية دول الاتحاد الإفريقي . ان هذه العضوية التي يجب انتظارها حتى لا تكون مفاجئة للنظام ، هي حتمية الوقوع الآن ، لان الظروف الحالية ، والتي لم تكن متوقعة تساعد عليها ، ولان مؤشراتها الأكيدة ، أضحت جلية للعيان كخطوة مقبلة ، وأعداء الوحدة الترابية للمغرب ، جادون في مخططهم الذي يعرف درجات متقدمة من التطبيق . ان السنتين القادمتين ، ستكونان سنتان شؤم للقضية الوطنية . لقد تم تجاوز كل قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ 1975 ، وأصبحنا مصدومين أمام فرض سياسة الأمر الواقع بفعل تراخي النظام . ان التعامل مع الجمهورية الصحراوية التي لم ينشئها استفتاء ، ولا قرر الصحراويون بشأنها مصيرهم ، هو فرض أمر واقع ، أمام عجز مجلس الأمن عن حل النزاع الذي دام أكثر من اثنتي وأربعين سنة خلت . فغدا حين ستصبح الجمهورية كأمر واقع ، ومفروضة كعضو بالأمم المتحدة ، كيف سنتصور الوضع ، وما هي السيناريوهات المحتملة أمام النظام الذي عجز في تأمين الوحدة الترابية للمغرب ؟ ان الشيء الذي يجهله النظام ، ان قرار اعترافه بالجمهورية الصحراوية عندما اعترف بالقانون الأساسي للاتحاد ، وتزكيته لاعتراف أوربي بالجمهورية ، عندما جالست الاتحاد الذي لم يكن يعترف بها رسميا ، قد سهل وقرب دخول الجمهورية الصحراوية الوهمية الى الأمم المتحدة . أمام هذا الوضع الذي فرضته سياسة الأمر الواقع ، وتسارع الخطوات المؤيدة للجمهورية الصحراوية دوليا ، هل هناك من فائدة وجدوى لعقد جلسة مجلس الأمن حول الصحراء في ابريل 2018 ، ما دام ان المجلس وقراراته أضحيا متجاوزين أمام ما يحصل على ارض الواقع ؟ او إذا عقد مجلس الأمن دورته السنوية هذه ، قد يأخذ في الحسبان اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، الذي قد يشجعه مثلما شجع الاتحاد الأوربي ، في تقريب قرار الاعتراف الأممي بالجمهورية الصحراوية ؟ والسؤال : هل هناك جمهورية ، ودولة تعترف بها الأمم المتحدة ، والاتحاد الأوربي ، والاتحاد الإفريقي ، ويعترف بها النظام المغربي ، ليس لها ارض ولا شعب ؟ القادم خطير وأكثر من خطير . وضياع الصحراء سيُسبّب في تغيير جذري بالمغرب . أين سيصب ؟ ما هي وجهته ؟ كم أشواطه ؟ من سيحتكره ؟ والسؤال الآخر وليس الأخير : إذا نجح مخطط الأعداء . اين سيتوجه الجيش المرابط في الصحراء ؟ أين ستتوجه أسلحته ؟ اين سيتوجه المغاربة الذين يسميهم الانفصاليون بالمستوطنين ؟ ان التاريخ يعيد دائما نفسه ، في المرة الأولى بشكل مأساة ، وفي المرحلة الثانية بشكل تراجيديا . نعم لقد أعاد التاريخ نفسه بشكل مأساة ، عندما عجز النظام في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب أمام المحافل الدولية ، وسيعيد نفسه بشكل تراجيديا ، لان النظام يغرق في رمال الصحراء ، خاصة وان كل القبائل التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء وسقطت من الصحراء كذلك . فهل نحن على أبواب تراجيدية قد تعصف بسبب رمال الصحراء المتقلبة ، و الغير متحكم فيها بالجميع . لقد حقق النظام الجزائري نصرا ساحقا على النظام المغربي ، ليس فقط بسبب اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، عندما اعترف بالقانون الأساسي للاتحاد الإفريقي ، ولا بتزكيته اعتراف أوربياً بالجمهورية عندما حضرت اللقاء الآرو – إفريقي ، بل سيعبر النظام الجزائري على نصره ، بالطريقة الاستفزازية التي صافح بها الوزير الأول الجزائري ، الملك محمد السادس ، أمام الرئيس ماكرون ، رئيس فرنسا التي يُقال أنها تدافع عن مصالح النظام المغربي . طريقة المصافحة كانت شماتة ، وتشفي ، وتحدي للملك شخصيا قبل نظامه . إذن من المسئول عن هذه الإهانات التي تتقاطر على المغرب بالتوالي ، حيث ان كل إهانة تكون اكبر وافضح من سابقاتها ؟ هذا ما جناه المقبور إدريس البصري وإدارته ، حين سلمه الحسن الثاني مصير المغرب والمغاربة ، ليبطشوا بهما ظلما واعتداءات مختلفة ، و لم يتردد المقبور البصري في تحميلها شخصيا الى أوامر الحسن الثاني ، وحصر نفسه بالمنفذ للأوامر والتعليمات . و هذا ما جناه من بعده فؤاد الهمة ، والشرقي ضريس ، وعبداللطيف الحموشي ، وإدارتهم على الصحراء وعلى المغرب . لقد اعتدوا ظلما على الناس ، وفتحوا أبواب السجون ظلما لأحرار وشرفاء الشعب المغربي ، بمحاضر مزورة ومطبوخة ، بل لم يكفيهم سلب الناس حرياتها ، حين حرضوا ومن داخل السجن أعتى المجرمين للاعتداء عليّ ، وهي جريمة مكتملة الأركان ، وخطيرة ، ومع ذلك لا تحقيق ولا متابعات ، وتسببوا للناس في أمراض خطيرة ومزمنة ، وآلام حادة لا تفارقهم طيلة الوقت ، كما تسببوا في تفريق وتشتيت عائلات . لقد ارتكبوا في حق الشعب المغربي جروحا وندوبا يستحيل ان تندمل او تضمد . لقد دقنا ضرعا برمي كل الجرائم المقترفة في حقنا ، وفي حق غيرنا الى العدالة الإلهية ، إننا نطالب بعدالة الأرض قبل عذاب ( القبر ) .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقاش سياسي -- الجمهوريون --
-
هل ستعترف اوربة بالجمهورية الصحراوية ، إنْ حضرت اللقاء المنت
...
-
إيجابات رفيق في زمن الخيانة ، في زمن الردع العربي
-
إغتراب البطولة في رواية - وليمة لأعشاب البحر -
-
خطاب الملك و مآل الصحراء
-
ويستمر الظلم -- إخبار لاحرار وشرفاء الشعب المغربي
-
رد على الجيش الالكتروني الجزائري الذي يديره الجيش والدرك وال
...
-
خبث الجزائر ومكر البوليساريو
-
السؤال الذي على المغرب طرحه على الاتحاد الاوربي
-
لعبة الامم واشكالية صياغة القرارات الاممية -- الصحراء المغرب
...
-
حدود تحرك البوليساريو كجبهة وكجمهورية
-
اللقاء بين الاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي في مهب الريح
-
الملك ضد الملك
-
فشل إنفصال كتالونية
-
آية الغضب المحْموم
-
الحركات الانفصالية : الريف ، كتالونيا ، كردستان
-
كردستان العراق ، كتالونية ، الصحراء : من الحكم الذاتي الى ال
...
-
لا تلُم ْالكافر عن كفره ، فالفقر والجوع أب الكفار
-
رسالة الى الاستاذ عبدالرحيم المرنيسي -- مملكة السويد الديمقر
...
-
هل يمكن تغيير النظام في المغرب .... وان كان الامر ممكنا .. ك
...
المزيد.....
-
بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟
...
-
هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة
...
-
بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال
...
-
الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
-
سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك
...
-
-فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري
...
-
-نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل
...
-
مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد
...
-
بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار
...
المزيد.....
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|