|
الجيش المُلتحي ... ليبيا الى أين؟
أمينه الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 5725 - 2017 / 12 / 12 - 13:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ذكرت مصادرٌ إعلاميةٌ أنَّ هناك أوامر وقرارت صادره من القيادة العامة "للجيش الليبي" تسمحُ بِاعفاء اللحيه ورفع الإزار بالجيش، فكيف بداءت القصه؟ وما أبعادها؟ لمن لا يعرف، هذه الأوامر والقرارت ليست وليدة اللحظه حيث بدأت الحكايه منذ اول اقتراح لتمكين المنتسبين والجنود من الحفاظ على لحيهم بفترة حكم المجلس الإنتقالي عندما طالب البعض بإلغاء قانون حلق اللحية من الشرطة و الجيش لمعارضته لأحكام "الشريعة الإسلامية". غير ان تسارع وتيرة الأحداث وما حصل من أزمات مُتلاحقه باعد الموضوع عن دائرة الضوء فلم يلقى الاهتمام اللازم من وسائل الاعلام او من قبل النشطاء و الكتِّاب والمحللين . غير انه على ما يبدو كان هناك طرف لم يغفل عن الامرولو لبُرهه واستمر في العمل والتخطيط والتدبير الآ وهو الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية. حيث صرح رجالات الهيئه مِراراً وتِكراراً أنَّ النُّصحُ قائم ومستمر بين اللجنة العليا للإفتاء، والقيادة العامة للقوات المسلحة ورئاسة الأركان بخصوص إعفاء اللحية في الجيش. اليوم، وبعد أن ثبت بالدليل القاطع نجاح مساعي الهيئه حان الوقت للتعبير عن الآراء بهذا الخصوص. يقول البعض انَّ إطلاق اللحيه يعد أحد مظاهر الحرية الشخصية ولا يجوز أن يتم فرض القيود على الرجل المسلم ومنعه من إطلاق لحيته. حجة هولاء منطقيه ولا غُبار عليها طالما كان الحديث عن عامة الناس ولكن الامر قد يُنظر اليه من زاويه مختلفه عندما يكون الحديث عن ضباط و جنود الجيش. ترجمتنا للواقع الليبي بهذا الشأن تأخذ منحنى بعيد عن موضوع الحريات الشخصيه : فقيام المكتب التنفيذي الليبي، التابع لوزارة شؤون الداخلية والحكم المدني، بِاصدر قراره بالسماح لأعضاء الجيش والشرطة بإعفاء اللحى، مباشرتاً بعد طلب رئيس المجلس الأعلى للإفتاء يطرح تسأولات عن سلطات وصلاحيات رجال الدين بليبيا التي كما يبدو بدأت تتجاوز النصح والإرشاد الى إصدار الأوامر والنواهي. فقد ورد ببيان لرئيس المجلس الأعلى للإفتاء تناقلته وسائل الإعلام انه "ليس من حق وزارة الدفاع أو الداخلية أن تطلب من الجنود والشرطة التابعين لها حلق لحاهم، ولا يحل لأي من الوزارتين أن تفعل ذلك، ومن فعل ذلك فهو آثم.." من المعروف أن قيادة قوات الجيش هي الجهة الوحيدة التي يمكن لها وبشكل مستقل إصدار قرارت تسمح للعسكريين بإبقاء اللحى. ولكن ما يحدث في ليبيا اليوم يبدو خطوة إستثنائية غرضها الأساسي إرضاء جهه معينه ترى ان إعفاء اللحية واجب ديني و مظهر للورع والتدين والتقوى وتصف كل قائل بغير ذلك بِألآثم و المخطئ والمُذنب. ودون حاجه لبرهان، تلاقي هذه الخطوه الترحيب و التاييد المنقطع النظير من طرف اخر وهو الضباط والعسكريين المحسوبين على الجماعه السلفيه التي توغلت في المؤسسه العسكريه بشكل ملفتٍ للنظر ومثيرٍ للقلق. يقول هولاء في تصريحاتهم لم تكن اللحيه يوماً عائقا امام أداء المهام الأمنية ولم تمس يوماً بالانضباط العام. الحقيقه ان كلام هولاء يجب الوقوف عنده و التفكير فيه خصوصاً عندما يصرح بعضهم ان " ألسماح بوجود اعداد من الجنود بهذا المظهر هو ما سيجعل الجيش الليبي وبحق جيشاً إسلامياً ". هنا تاخذ الامور منحنى اخر ونصل الى اللحظه التي تثار فيها اسئله خطيره منها على سبيل المثال لا الحصر: جيشٌ إسلامي بأي معيار؟ وبحسب وجه نظر من؟ وهل باللحى يكون الجنود مسلمين؟ وهل بمظهر الجنود يكون الجيش إسلامياً؟ واهم سؤال هو ذاك الذي طرحه الحكيم والشاعر العبقري ابو الطيب المتنبي حين قال : أغاية الدين أن تحفوا شواربكم ، يا أمة ضحكت من جهلها الأمم"" كلمات المتنبي تلائم واقع الحال بليبيا لانها تنتقد الجمود الذي يهتم بالقشور ويهمل اللب وتنتقد الفكر الآسن الذي يقلب الأولويات رأساً على عقب. ما أود لفت النظر اليه هو انَّ مثل هذه القرارت غير مناسبه للمرحله وغير مريحه عموماً ليس فقط لأن الجندي الملتحي لا يعكس صورة مثالية للمظهر العسكري أو لأن اللحيه تتعارض مع التقاليد العسكريه المتعارف عليها عالمياً بل ايضاً لأن هكذا قرارات تحمل في جوهرها إشارات خطيره لِإختلال التوازن المنشود بين المعايير المعاصرة وبين التقاليد الأسلاميه. الأمر الأخطر الذي يجب الانتباه اليه هو ان البلد بمرحله حرجه و ان السماح بتواجد ملتحين في صفوف الجيش يمكن ان يؤدي الى تجنيد إسلاميين متشددين دينياً مما قد يؤدي الى تسليم رقاب الليبين والليبيات للسياف مجدداً، فما أشبه اليوم بالبارحة. إن اخر شئ يريده اي ليبي و ليبيه في هذه الفتره العصيبه من تاريخ بلادهم أن يتم التحكم فيهم من قبل عسكريين بأجندات متطرفه.
#أمينه_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إغتصاب السجناء في ليبيا
-
ثقافة النوع الاجتماعي والمجتمع الليبي
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي”.. تحديث تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد عل
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على الأقمار الصناعية بجودة
...
-
-السياحة والآثار- الأردنية تنظم معرضا بعنوان -الأردن: فجر ال
...
-
خطيب المسجد الأقصى يحذر: كل المؤامرات الحالية تستهدف تسليم ا
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
أ ف ب: حماس والجهاد الاسلامي وافقتا على اتفاق وقف اطلاق النا
...
-
صبري: مؤامرات تهدف إلى تسليم الأقصى لليهود
-
بعد أيام من كارثة -وليمة الدم-.. إعلام سوري يوضح حقيقة إغلاق
...
-
مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
أمسية علمية متخصصة حول زراعة الأسنان في سلفيت
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|