أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد الحمّار - متى تكون القدس لنا؟














المزيد.....

متى تكون القدس لنا؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 5725 - 2017 / 12 / 12 - 01:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


لن أقول إنّ الدعوات إلى المقاطعة والاستنكار والتنديد والإدانة على إثر الإعلان الأرعن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس مجانبة للصواب ، لكنني في حيرة كبيرة من الأمر التالي: كيف يكون شخص عربي مسلم، تونسي أو من جنسية عربية أخرى، أو هيئة عربية مسلمة أو حكومة في بلاد عربية مسلمة، في الآن ذاته قابعا، ولمدة عقود، في وضع فكري ومعنوي ومادي يتسم بالعزلة شبه التامة عن أيّ مناخ حركيّ يستهدف التمكين الحضاري وتقوية النفس بشكل يُضعف شيئا فشيئا ومع مرور الزمن الكيان الغاصب، كيف يندهش هؤلاء حين يَصدرعن دونالد ترامب أو عن غيره من الزعامات الموالية للكيان الصهيوني إعلانُ القدس عاصمة لأيّ كيان يرغب فيه، سواء أكان في الهند أو في السند؟ ما الذي بذلناه من جُهدٍ سابق ومُدخٓلات سابقة بصفتنا عربا و مستعربين حتى ننتظر عكس ذلك؟ ما الذي سبّقناه من عملٍ حتى نتوقع نتائجَ ومُخرجات مناسبة لآمالنا و تخدم مصالحنا وتتقدم بنا أشواطا على طريق مساندة ودعم الشعب الفلسطيني الشقيق حتى يستعيد أراضيه المسلوبة؟

اطلعتُ على بعض الآراء في هذا السياق لرُواد المواقع الاجتماعية من تونسيين وعرب آخرين والتي جاءت كردّة فعل على القرار الأمريكي حول القدس. وبقدر ما أتفق مع الهاتفين أنّ ”الشعب (التونسي) يريد تحرير فلسطين” وأضمّ صوتي إليهم حول ضرورة "تطوير أنفسنا" و"مقاومة الفساد" و" لا نريدها نصرة مناسباتية" وما إلى ذلك من الشعارات الفورية، إلا أنّ هذه الأخيرة ستبقى بلا روح طالما أنّ الحكومات العربية توجد في وضعٍ لا تُحسد عليه من التصحر متعدّد الأوجُه.

بالفعل، تفتقر الحكومات أوّلا وبالذات إلى الالتزام بعُروةٍ سياسية وُثقى لا انفصامَ لها، من شأنها أن تكون الخيط الرفيع الذي يربط بين سياساتها المحلية من جهة وسياساتها الإقليمية من جهة أخرى. كما أنه ليس للحكومات عُروةٌ وُثقى لأنه ليس لها تصور للعالم تكُون هي لاعبٌ أساسي فيه.

أما غياب التصور فيعود إلى كَون مُفكري الطبقة السياسية تنقصُهم استطاعة التجسير بين الفكر الذاتي الموروث والفكر العالمي المعاصر، ما حَكَم على الفكر والسياسة بالارتجال والتذبذب. ويُعزى جفاف الفكر السياسي العربي إلى أنّ السياسيين العرب، حكاما كانوا أم معارضين، قد اتخذوا حزمة الأمراض الوراثية، العقدية والأخلاقية والإيديولوجية، على أنها مواردُ أساسية للإبداع إن لم نقُل الإبداعُ بعينه. كيف لا يكون ذلك كذلك والحال أنّ الأسرة والمدرسة العربيتين كانتا ولا تزالان غير مُكترثتَين بلزوم تحرير ملكة الإبداع لدى الناشئة، ما جعل خرّيجي الجامعات عبارة على مُكرسين للحَوَل العقلي وبالتالي صانعين اعتباريين للفكر(العام والسياسي) المعوَجّ والمسخَّر للخدمة لحساب الغير (العدوّ الصهيوني مثالا) أكثر من خدمته لحساب نفسه.

زيادة على ذلك، ما من شك في أنّ سبب غياب مَنهجٍ سويّ لتنوير سبُل الإبداع لدى الصغار هو أنّ مكونات الأسرة والمدرسة لا يعرفون مَن هُم وما هو تاريخهم وأين كانوا وأين أصبحوا وأين أمسَوا وأين هُم ذاهبون، وبالتالي لا يعلمون لِمَ يَصلُح الإبداع.

هذا مما جعلَ الأمة العربية لا تتطور باتجاه مغادرة فترة المراهقة السياسية، في أفضل الحالات. فسواء إثر حرب حزيران/جوان 1967 ضد الكيان الصهيوني أو في حرب 1973 ضد نفس العدوّ أو إبّان فاجعة اليوم، لا تزال الشعارات إزاء القضية العربية الأُمّ هي نفسها. وحتى إن تغيّرت الشعارات شيئا ما فالموقف الرسمي سجّل زيادة في النفاق في الوقت الذي سجّل فيه الموقف الشعبي تناميا للحماس الطفولي لا غير.

أخلصُ إلى أننا ربما نعيش حقبة حَكَمنا فيها على أنفسنا بأن نحمِل أوزارَ الزمن الليبرالي وبأن نسمح لغيرنا بأن يقتادَنا عبر المَتاهة التي تنصبها عولمةُ الرفاهة والترفيه والوفرة، مُدمنين على تناول أقراص الهلوسة الحضارية لنكون أحياءً في الشكل وموتى في المضمون، ضاربين عرضَ الحائط (حائط المبكى!) كل ما من شأنه أن ينقذ مدينة القدس وفلسطين من التدنيس الحضاري.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يفهمُ المتخصصون الإسلامَ أفضلَ من العوام؟
- هل الدين حقا مسألة شخصية؟
- ما وراء حديث الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم
- الليبرالية بين حُروبهم الناعمة وعقولنا النائمة
- حديث -البْرِيكَة- أم الهَبْطة اللغوية الوشيكة؟!
- ما بَعدَ العلمانية لسَترِ العَورَة التونسية
- هل مدرستنا تحذق القراءة؟
- بعد برلين، إلى أين سيُهَجّرنا الإعلام التونسي؟
- تونس بين مؤتمر الاستثمار ومدرسة الاستهتار
- هل القرآن بحاجة إلى تفسير جديد؟
- مخالفة القانون: أين الداء وما الدواء؟
- حتى تنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر...
- الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين
- تونس: خسرنا الدنيا فهل ربحنا الدين؟
- كيف أكون عربيا إسلاميا مستقبلا؟
- لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟
- الكدح إلى الله والكدح التاريخي
- اللهجة العامية عربيةٌ فما الذي يزعج دعاة التعريب؟
- هل فهِمنا الإسلام وطوَّرنا اللغة العربية؟
- تونس، بلد عربي؟


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد الحمّار - متى تكون القدس لنا؟