أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأمة في قصيدة -الحمامة والعنكبوت- تميم البرغوثي














المزيد.....

الأمة في قصيدة -الحمامة والعنكبوت- تميم البرغوثي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5721 - 2017 / 12 / 8 - 12:50
المحور: الادب والفن
    


هذه الأمرة الأولى التي أقرأ فيها لشاعر "تميم البرغوثي"، رغم سماعي للعديد من قصائده، فالقراءة شيء والسماع شيء آخر، ولم أكن أتصور أن يكون شعر "تميم" بهذه الجودة والتألق، لأنني تعود على سماع شعره بالصوت العالي والنبرة المرتفعة، لكننا في هذه القصيدة أمام نبرة وصوت هادئ، فالشاعر يخاطبنا بصيغة السؤال، لكي نفكر فيما آلت إليه أحوالنا، فأهم ما في القصيدة اللغة الناعمة والتساؤلات التي تطرحها الحمامة على العنكبوت.
اختزال سيرة وحال أمة في قصيدة ليس بالأمر السهل، لكن من شاعر مبدع يمكنه أن يقدم لنا ما هو متألق ويناسب أحوالنا، يبدأ الشاعر قصيدته بهذا الشكل:
"تقول الحمامة للعنكبوت
"أخية تذكرين أم نسيت؟؟
عشية ضاقت علي السماء
فقلت على الرحب في الغار بيتي
وفي الغار شيخان
لا تعلمين حميتهما يومها أم حميت
جليلان إن ينجوا يصبحا أمه
ذات شمل جميع شتيت
وقوم أتوا يطلبونهما"
جزء من احداث الهجرة النبوية التي كانت فاتحة لتشكيل الأمة العربية والحضارة العربية الإسلامية، لكن جمالية القصيدة كانت عندما قدم لنا الشاعر مشاعر (إنسانية) للحمامة والتي جاءت بهذا الشكل:
"أقلب عيني في القوم ما بين وجه مقيت
ووجه مقيت
أتوا فارتعشت فقلت اثبتي
تحرزي الخير يا هذه ما حييت
فليس بأيديهم أن توتي"
وكأنه بهذا يردنا أن نتأكد بأن مشاعر الخوف وهواجسه هي مشاعر طبيعية في الإنسان، مهما أعطي من قوة ومهما كان موضعه، فهو يردنا أن نصل إلى فكرة أن الضعاف يمكنهم أن يفعلوا المعجزات، إذا ما توفرت لديهم الإرادة.
الصورة الفنية لما حدث على باب الغار يقدمه الشاعر بهذا الشكل:
" سنحمي الغريبين من كل سيف
بريش الحمام وأوهى البيوت
سنبني المآذن في المشرقين
بخيط رفيع وخبز فتيت"
الأشياء البسيطة ـ الريش وخيط العنكبوت ـ يمكنها أن تحدث أشياء عظيمة، فالشاعر يؤكد على قلة الامكانيات وضعفها ومع هذا أحدثت نقلة نوعية ليس على الصعيد العرب فحسب بل على الصعيد الإنسانية أيضا.
المنجزات الحضارية والثقافية والدينة التي أحدثها الشيخان تتمثل فيما يلي:
"لقد كان في الغار دينا
من الصين حتى بلاد الفرنجة
أسواقها وميادينها وقوافلها
وعساكرها .. صياح المنادين
بسط الجوامع آي المصاحف
أضرحة الصالحين نقوش الأواني
وشاي الصباح يعطر بالميرمية والياسمين"
الفعل الحضاري متكامل وشامل لك ما هو إنساني ومكاني/جغرافي، لهذا نجد الشاعر يهتم بالمكان كما يهتم بالاجتماع المدني، فهو يتناول الجغرافيا والتجارة والجيش والعبادات والسلوك والقراءة والبنيان والعمران والفنون وحتى الجلسات الخاصة للأفراد، فهنا صورة مختزلة المجتمع العربي الإسلامي الذي أحدثه "الشيخان" .
الأسئلة التي تقدمها الحمامة لنا تشير بطريقة رمزية إلى سوء أحوالنا عل كافة الأصعدة:
"أخية ماذا جرا لهما؟؟؟
أترى سلما؟؟
يا أخية ماذا جرى لأرى ما أرى
فلقد طفت ما طفت تحت السما
لم أجد أحدا مهما
وكأنهما لم يكونا هنا
لم يحلا لم يرحلا
يا أخية ضيفاك ما فلا؟
أو لم يصلا للمدينة أم وصلا؟
يا أخية ضيفاك ما فلا؟
أترى قتلا أترى أسرا؟
أترى بقيا صاحبين أن انفصلا
يا أخية ضيفاك ما فلا؟؟" رغم أن الأسئلة جاءت تغريب لحادثة الهجرة، فكلنا يعلم أن الرسول وصاحبه وصلا المدينة، لكن الشاعر تعمد أن يقدمها لنا بهذا التغريب ليجعلنا نتوقف متسائلين متفكرين فيما آلت إليه أحولنا، فهو يحترم تفكيرنا وقدرتنا على الفهم والتحليل، لهذا جاءت الأسئلة بصيغة مغايرة للحدث، لكنها تحمل الرمز، وتعطي اشارات لنا بأن أحوالنا لم تعد جيدة.
الشاعر يحملنا المسؤولية فيما حدث لنا وفيما فعلناه بأنفسنا، فيغيب العنكبوت بالموت:
"روح حارسة الغار فاضت"
ويجعل الحمامة تختم القصيدة فتقول:
"ثم ميلي إلى كل طفل وليد
قصي عليه الحكاية قولي له
في زمان مضى
حل في غارنا عربيان وارتحلا"
تبدو هذه الخاتمة سوداء وتجعلنا نصاب الإحباط، لكن هل أرادنا الشاعر أن نصل إلى هذا القنوط أم أراد به شيء آخر؟ هل نصاب بهذه الخامة باليأس أم أن مجمل القصيدة يجعلنا نستفز فكريا ثم عمليا لننتقل إلى الأمام، مندفعين بما خلفه لنا "صاحبي الغار" من أرث حضاري وثقافي وأخلاقي وديني؟، بهذا الاستفزاز والتغريب يمكننا أن نحدث نقلة نوعية في تفكيرنا ثم النقلة الأهم في سلوكنا وعملنا.
إذا ما توقفنا عند اللغة التي استخدمها الشاعر سنجدها لغة سهلة وبسيطة، لكنها جاءت تحمل أفكارا تغريبة تدفعنا إلى التوقف والتأمل والتفكير، لهذا يمكننا القول ان القصيدة لا تجذب القارئ فحسب بل تجعله يقرأها أكثر من مرة مستمتعا مفكرا متوقفا عند حالة وحال أمته، وهذا الأمر ـ التوقف والتفكير ـ كان مناسبا ومنسجما مع لغة القصيدة، لهذا كانت متألقة ومدهشة.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة ديوان -خروج من ربيع الروح- للشاعرة ابتسام أبو شرار
- مناقشة ديوان -خروج من ربيع الروح-
- الثقافة الدينية في ديوان - خروج من ربيع الروح- ابتسام أبو شر ...
- الاتجاهات في قصيدة -مصرع انكيدو- عبد الجبار الفياض
- إسرائيل المصنوعة في رواية -قط بئر السبع- أسامة العيسة
- الشاعرة والإنسانة في كتاب -الرحلة الأصعب- فدوى طوقان
- بيضة التمساح مرة أخرى
- الفاتحة السوداء في قصيدة - يا موتنا مت مثلنا- يوسف عمر خليفة
- مناقشة مجموعة قصائد للمرحوم الشاعر الفلسطيني التشكيلي توفيق ...
- البحر والمرأة والثورة في ديوان -العبور إلى الضفة الأخرى- توف ...
- بدايات أدب السجون -تحت أعواد المشانق- يوليوس فوتشيك
- القصيدة العابر للشخصيات -قم حين موتك- عمار خليل
- الأسطورة في قصيدة -تموز والشيء الآخر- فدوى طوقان
- الفاتحة البيضاء في قصيدة -شهداء الانتفاضة- فدوى طوقان
- مناقشة مجموعة -عندما تبكي الألوان- في دار الفاروق
- استنساخ الاشتراكية في رواية -آن له أن ينصاع- فارس زرزور
- أهمية الفانتازيا في قصة -عرس في مقبرة- علي السباعي
- الاختزال في حكم خالد سليم الخزاعلة
- الأم الفلسطينية في رواية -الأم الاجيوس/حكاية فاطمة- نافذ الر ...
- محاورات الأموات في رواية -سارة حمدان- ماجد أبو غوش


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الأمة في قصيدة -الحمامة والعنكبوت- تميم البرغوثي