أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - إمام ونجم ..متلازمة الثورة والفن والغضب















المزيد.....

إمام ونجم ..متلازمة الثورة والفن والغضب


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5720 - 2017 / 12 / 7 - 23:02
المحور: الادب والفن
    


لا أعتقد بوجود يسارى أو مثقف عموما عاش زمن الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم دون أن يلتقيهما أو على الأقل لم يحضر حفلا لهما، كان ذلك الثنائى شديد الإنتشار وكأنما يحاولا توصيل رسالتهما فى زمن مكثف جدا قبل أن تدهمها الأحداث أو يرحلا، كان الشيخ يغنى فى كل مكان وبصحبته نجم، فى التجمعات ومقار الأحزاب "وبوجه خاص حزب التجمع"، وفى الجامعات والنقابات، وبيوت الأصدقاء، وفى سكناهم بحوش أدم، وحتى فى ميدان التحرير ليلة إعتصام الكعكة الحجرية.
يمكن أن نعتبر "بقليل من التحفظ" أن أحمد فؤاد نجم هو من دشّن حركة "الشعر السياسى"، تلك الذائقة الشعرية والحس الثورى المتقد الذى ألهم نجم أن يغيّر مسار حياته بعد زلزال 1967 الذى أضرم ناره فى الجميع، وجعل شاعرا مثل نزار يعتذر عمّا كتب سابقا ليقول " ياوطنى الحزين..حولتنى بلحظة من شاعر يكتب شعر الحب والحنين..لشاعر يكتب بالسكين"، وغيرت الهزيمة مسار نجم من صعلوك يرتكب جرائم صغيرة تودى به الى السجن غالبا، لينتقل الى الكتابة الشعرية الغاضبة شديدة المرارة، كان من بواكيرها قصيدته التى إعتذر عنها فيما بعد وطلب من الشيخ إمام عدم ترديدها فى الحفلات العامة "الحمد لله خبطنا تحت بطاطتنا..يا محلا رجعت ضباطتنا من خط النار"، تلك القصيدة حين وصلت لمكتب عبد الناصر أغضبته كثيرا وصمم على سجن نجم وإمام وأقسم بعدم الإفراج عنهما ما دام حيا، وفعلا لم يفرج عنهما الاّ بعد رحيل عبد الناصر، "لم تمنع هذه الخصومة أن ينعى نجم فى قصيدة شجنية عبد الناصر وهى التى بدت وكأنها إعتذار " وان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت ولا يطولوه العدا مهما الأمور جابت"، وفى ذلك العام أيضا ترك مصرع جيفارا جرحا غائرا فى القلوب فكتب نجم "جيقارا مات".
ولد نجم عام 1929 فى قرية عزبة نجم بمحافظة الشرقية، مات أبوه وهو ما يزال طفلا فى السادسة فعمل فى أحد معسكرات الإنجليز مكوجى وبنّا وغيرها وأخيرا دخل أحد ملاجئ الأيتام (وهو بالصدفة نفس الملجأ الذى تربى فيه عبد الحليم حافظ)، وبعد خروجه من الملجأعمل بين أعوام 51 -1954 عاملا بالسكك الحديدية ثم ساعى بريد، ونشرت له أول قصيدة بجريدة الأخبار فى 1954 وكانت عن الكرة والملاعب، وفى سنة 1959 نقل الى مؤسسة النقل الميكانيكى بالعباسية حيث قبض عليه بتهمة تزوير شيك ليقضى 33 شهرا بسجن قراميدان، وصدر له وهو سجين ديوانه الأول "صور من السجن والحياة" الذى أخرجه من السجن وظهر فيه بداية ملامح حس طبقى وسياسى ، المهم أن ذلك الديوان حين تقدم به أحد أفراد عائلته الى مسابقة المجلس الأعلى للفنون والآداب فاز بالجائزة الأولى وأوصى المجلس بطباعته على نفقة الدولة، كما أوصت اللجنة برعايته إجتماعيا لذا تم تعيينه بعد خروجه من السجن بلجنة التضامن الآسيوى الإفريقى، فى ذلك الديوان ظهرت تعبيرات دالة عن بدايات إنتماء طبقى، كما تعبر عن ذلك أحد قصائده على لسان فلاح فقير يقول فيها (الحريراللي أنت نايم فيه بتاعي .. واللي غازل كل فتلة فيه صباعى.. والنعيم اللي أنت عايش تحت ظله ..كل ده من صنع أيـــــدي ودراعي).
الشيخ إمام ابن بائع المصابيح المولود فى قرية أبو النمرس عام 1918 والذى فقد بصره بعد 4 شهور من ولادته، دخل الكتّاب وحفظ القرآن وعمره 12 عاما، وإشتغل بتلاوة القرآن فى البيوت والمقابر والحوانيت حتى إلتقى بأستاذه ومعلمه الشيخ درويش الحريرى الذى علمّه أصول الموسيقى والأداء اللحنى، حيث عمل مرددا فى الكورس وراء الشيخ، وكان الشيخ درويش قد خصص بيتا للمكفوفين لرعايتهم، وبعدها تعلم العزف على العود، ساعده ذلك فى الغناء منفردا فى حفلات الطهور والسبوع وغيرها، وغنى ألحان كبار المشاهير المعروفة فى ذلك الوقت كالشيخ زكريا أحمد ومحمود صبح وأبو العلا محمد وغيرهم، وتعرف الشيخ إمام بموظف بوزارة السياحة هو الأستاذ سعد الموجى الذى عرّفه على نجم بعدها عام 1962، حيث توثقت علاقتهما وإنتقل نجم للإقامة مع الشيخ إمام بحارة حوش أدم فى الغورية، ووكان يصحبه الى الحفلات التى يغنى فيها الشيخ إمام، وكانت الغرفة التى يقيم فيها الشيخ إمام ملكا لفنى صياغة ذهب هومحمد على الذى سرعان ما إستهوته حياة نجم وإمام فانضم اليهما عازفا على الطبلة، وكانت أول أغنية ألفها نجم ولحنها له الشيخ إمام هى " أنا أتوب عن حبك أنا".
كما غيّرت هزيمة 1967 حياة الكثير من المصريين فقد كانت بداية التغيير الذى حدث للرجلين، حيث بدأ نجم فى كتابة الأغنية السياسية وتحمس الشيخ إمام لتلحينها، فكانت باكورة تلك الأغانى "الحمد لله خبطا تحت بطاطنا"، وبدأت تلك الأغانى تخرج عن حيّز حوش أدم وتصل الى بعض مثقفى اليسار، وكان أول من تحمّس لهما الكاتب رجاء النقاش حيث رتّب لهم إقامة حفلة بنقابة الصحفيين كانت بداية الإنتشار الكبير، بعدها بدأ صعود كبير لهما فى المجال الفنى والثقافى وحظت أغانى الشيخ إمام بإستحسان عدد لا بأس به من متذوقى الفن والموسيقى على رأسهم عبد الرحمن الخميسى وكامل زهيرى وحسن حنفى والأستاذ فؤاد زكريا والكاتب الكبير أحمد بهاء الدين ومحمد عودة وآخرين.
لحن الشيخ إمام وغنى لمعظم معاصريه من الشعراء الثوريين ، وليس لنجم وحده الذى لحن وغنى له حوالى 200 أغنية، ولكنه غنى للعشرات، أولهم رائد الأغنية الثورية فؤاد حداد الذى غنى له "الخط دا خطى"، كما ترنم بأشعار أحمد فؤاد قاعود ونجيب شهاب الدين وزين العابدين فؤاد ونجيب سرور ومحمود الطويل ومحمود الشاذلى ومحمد الصعيدى ومصطفى زكى وغيرهم ومن الشعراء العرب غنى لمحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق حداد وفدوى طوقان الفلسطينيين، وكذلك اليمنى عبد الله البردونى، والتونسى آدم فتحى وآخرين.
لاشك أن إمام ونجم كانا أبناء تلك المرحلة، أعقاب الهزيمة والغضب الشعبى العارم، تلك الفترة الساخنة التي عرفت ظهور النقد السياسي اللاذع وانتشار النكات الشعبية، وصعود الحركة الطلابية ولو لم يوجدا لأوجدهما الشعب المصرى، إنها لحظة إذدهر فيها اليسار الماركسى والقومى وغليان الشارع، كان لابد من فنان يعبر عن هذه المرحلة، وفعلا ظهر عدد من الفنانين مواكبين لنجم وإمام ليس فى مصر وحدها، كمارسيل خليفة فى لبنان.
يطغى على ألحان الشيخ إمام عادة طابع التوشيحة والمديح وهى المدرسة التى تربى عليها طويلا، كما أنه يتميز بخفة ظل واضحة وبديهة سريعة تظهر فى الكثير من ألحانه، وبصوت مطواع يؤدى القرار والجواب بأريحية، وكان صاحب ذاكرة نادرة تحفظ عن ظهر قلب ألحان كبار الموسيقيين العباقرة‏، وكان موسوعة للموشحات القديمة متذوقا لها‏ ومبدعا في أدائها‏.
مرّت ظاهرة إمام ونجم كشهاب خارق فى سماء الوطن، لتعود أكثر بريقا وتألقا فى ميدان التحرير إبّان ثورة يناير المجيدة حيث إنتشر فى الميدان عشرات الفرق الموسيقية لشباب يغنون أغانى إمام ويرددون أشعار نجم، لقد وجد الشعب صوته فى ألحان الشيخ إمام وكلمات أبو النجوم الفاجومى "أحمد فؤاد نجم"، الذى كان أنور السادات يسميه بالشاعر البذيء، بينما قال عنه الشاعر الفرنسي لويس أراجون إن به قوة تسقط الأسوار
يا مسأسأ الصبر
فوق الجرح من برّه
الجرح يا عم
جايب دم من جوه.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن الحوثيون
- بدو سيناء والإنتماء الوطنى
- ثورة أم ثورتان .. 25 يناير و 30 يونيو؟
- حول كتاب - الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث-
- الحازميون .. الوريث الأكثر دموية لداعش
- مرّة أخرى ..حول التنظيمات الإرهابية العاملة فى مصر
- تناقضات الواقع بين السلطة وحركة الجماهير
- ملاك أم شيطان.. أشرف مروان في الرواية الإسرائيلية؟
- الفلاح المصرى ..فى عيده
- فيلم الكنز ..بين السيناريو المفكك وإرتقاء الأداء
- عودة للجدل حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة
- رفعت السعيد .. مناضل موسوعى مشاكس من طراز خاص
- حول تصريحات الرئيس التونسي بشأن المرأة
- سر عداء عبد الناصر للشيوعيين
- حكّام الخليج .. إمكانية الحفاظ والإستمرار بالحكم.
- ما بعد هزيمة داعش فى العراق وسوريا
- تطور المنظمات الجهادية فى مصر من السبعينيات
- 30 يونيو .. نصف ثورة ونصف إنقلاب
- الجماعة 2..عبقرية الكتابة والأداء
- علاقات قطر والإخوان..بين السياسة والبرجماتية


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - إمام ونجم ..متلازمة الثورة والفن والغضب