أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - أطوار... وأشياء أخرى














المزيد.....

أطوار... وأشياء أخرى


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 1472 - 2006 / 2 / 25 - 10:58
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم تكن تدري أطوار بهجت بأن ربيعها الثلاثين سيكون شتاء قارساً, تطال فيها أيادي الظلام الداكن الممزوج بالإرهاب الدموي, لتقطف زهرة كانت في أوج عطاء عبق الزيزفون الحزين, وتقصف قامة كنخلة شامخة على أرض الرافدين الدامي, والكئيب لتأخذ روحها أنين الأيام القادمة, ويبكي ذلك الحجل الحزين أطوار, وزملائها.

فداء الكلمة الحرة, والخبر اليقين شهيدة الحقيقة, والكلمة. أطوار بهجت تفارق العربية بثوب عروس ملطخ بالدم, قبل أن يحضنها عريسها, تتكالب عليها أيادي الوحوش البشرية, وقبل أن يقبلها ذلك البائس كانت سكرات الموت أقرب إليها من حبل الوريد, رحلت دون أن تشبك أيديها بأيد من كان ينتظر قدوم طلتها البهية, فكان اللحد غرفة نوم حقيرة, وارتدت ذلك التراب الباهت البارد بدلاً من ثوب زفافها, وبيانات الاستنكار, والتنديد هي بطاقة دعوى لعرسها الذي حصل في آخر ليلة كئيبة ظالمة.

لو فكر ذلك الإرهابي قليلاً قبل أن يغتصب أرواحاً بريئة تنقل رسالته التي يريدها للعالم كله, تكتب, وتتكلم, وترسل كل ما كان يجري, كانت تساعدهم على أن توصل مطالبهم للعالم كله, هذا إذا كان إرهابهم فعلاً لأسباب, وأهداف تهم الوطن العراقي, إن لم يكن فقط ثلة قتلة مأجورين يقبضون أثماناً بخسة لينتزعوا الأرواح من أصحابها فأي نضال, ومقاومة, وجهاد تتذرعون به أيها الأوغاد.

العراق هذا البلد الكئيب الجريح, كتب عليه الموت, وهو حي كتب عليه الشقاء في فرحه, وسعادته منذ بدايته, وهو يعيش تحت وطأة الموت, والدم والقتل, والإرهاب. من حمو رابي إلى قاطعي رؤوس الرعية الحجاج ابن يوسف الثقفي إلى الدكتاتور الجبان صدام حسين. معظم حكامها أوغاد حكموها بالنار, والحديد, وخلقت لدى ضعفاء النفوس فيها شهية حيوانية دموية للقتل, ومص الدماء فدراكولا العراق أكثر دموية من كل مصاصي دماء الكون فأي ذنب اقترفته يا عراق, وأي كبائر ارتكبتها يا أرض النخيل.

بعد تفجير مرقدي الإمامين الشيعيين علي الهادي, وحسن العسكري في مدينة سامراء, وفي منظر إرهابي يخلق مناخاً ملائماً لحرب طائفية ستحصد الأخضر, واليابس لو اندلعت في بلد متخبط كالعراق الذي يعيش في شتات, وضياع أمني, وحكومي إلى هذه اللحظة أدى إلى تظاهر طائفي من نوع أخر, وتم إحراق مساجد السنة في ردة فعل كان ينتظرها من قام بتفجير المرقد الشيعي في سامراء ونجح في ذلك.

الآلاف من هذه العمليات التفجيرية الإرهابية, تحصد يومياً أرواح عشرات, بل مئات العراقيين البائسين, والذين لا حول لهم, ولا قوة. كان أحدهم يسير بجانب حاط, أو يبتاع لأبنائه حاجيات في سوق, أو يتعبد الله في حسينيته أو مسجده فأي ذنب اقترفه ذلك البائس حتى تتشظي أشلاءه تأبى الوحوش الوقوف عليها في منظر يرعب الحديد, والحجر, ويتلذذ بذلك ذلك السادي الإرهابي, وقد وصل مخططه إلى نهايته بنجاح طبعاً.

أسئلة كثيرة لا تزال أسيرة أجوبة حزينة كئيبة مبهمة, كنت أتساءل بيني, وبين نفسي من المستفيد من هذا كله, وأين وما هي الفائدة من قتل صحفي, أو مراسل, أو بريء لا دخل له في كل شيء يريد لنفسه, ولزوجه, وأبناءه حياة تشبه حياة البشر, وقد يموت دونها. فأين هي المشكلة؟ هل تكمن في شعب عاش لمئات العقود تحت وطأة القمع؟ فانهال من ثقافة دموية لا يمكنه أن يفارقها, والذي يعمل ضده تكون نهايته أشلاء مقطعة, وجسد متناثر هنا وهناك, أو جثة هامدة يأبى أي مشفى استقباله لامتلاء برادتها بالمئات من مثيلاته.

أطوار, وزميليها عدنان, وخالد طوبى لكم هذا الموت العظيم اعلموا بأنكم كنتم تقدون مضجع هؤلاء الإرهابيين, والقتلى, وماصي دماء البشر, وآكلي لحومها, وأعلموا بأن من قتلكم هم أنفسهم من فجر ضريح الإمام علي الهادي, وحسن العسكري. كانوا يريدون منكم السكوت, والصمت, ومنع نقل الحقيقة. لكنكم! أبيتم إلا نقلها لكل العالم بأن هناك إرهاب منظم تحركه أيادي خفية, تريد إشعال نار الطائفية, وإحراق العراق لكنكم استبسلتم في نقل الصوت, والصورة الحقيقة الكامنة وراء ذلك الإرهاب المتفشي في كل العراق, ولا تبتئسوا, ولا تحزنوا إن الله معكم, ولا صوت يعلو فوق صوت الحقيقة التي دفعتم حياتكم من أجلها فطوبى لكم, ولكل من كان يماثلكم في الفكر, والعزيمة, والقوة, والجرأة, والشجاعة, والخزي, والعار للقتلة, والسفلة, والإرهابيين في كل مكان.



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التبعية البعثية في مسودة قانون الأحزاب السورية
- ثقافة الأغبياء في الإساءة للأنبياء
- في البحث عن وطن
- نادي الجهاد:أزمة رياضية أم قضية سياسية؟
- ربيعنا الذي صار خريفاً
- الشعب سيحاسب مجلس الشعب
- انشقاق خدام: صفقة أم انتقام؟
- الإرهابية القاتلة في ثقافة الأشلاء المتناثرة
- القلم الشهيد بل شهيد القلم
- فاقد الشيء لا يعطيه
- الديمقراطية والحرية للكرد الفيلية
- الشاهد المقنع: زوبعة سورية أم عاصفة لبنانية؟
- من شهر العسل إلى شهر البصل
- القرار الدولي ثلاثي الأبعاد
- بين تقرير ميليس وانتحار كنعان أسئلة برسم الإجابة
- ديتليف ميليس... إلى أين؟
- إعلان دمشق... مستلزمات ونواقص
- القتل بدافع الشرف مباح اجتماعياً محمي قانونياً
- دستور العراق ... مستقبل العراق
- تحية إلى جون قرنق


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - أطوار... وأشياء أخرى