أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مينا ابراهيم - بين الشر و الخير














المزيد.....


بين الشر و الخير


مينا ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 5712 - 2017 / 11 / 28 - 10:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل فكرت يوما ما الذي يجعل إنسان، وبخاصة إن كان صالحا، يفعل الشر؟ لعل الإجابة علي هذا السؤال تتوقف بشكل كبير علي مدى فهم الفرد للسلوك الإنساني. يرى الكثير أن ما يحدد أفكار وأفعال الإنسان هي صفات الشخص و نزاعاته الداخلية فحسب، فيري الناس ملائكة و شياطين وخط ثابت يفصل بين الخير والشر، يقف الأخيار علي جانب و الأشرار علي الجانب الآخر يقسمهم ذلك الخط الذي يصعب عبوره. نحن نركز دائما علي الدوافع الداخلية فنرجع اي عمل شرير إلى صفات الشر الكامنة في الإنسان، ونتناسى أن البشر إلى حد كبير مخلوقات تفاعلية تتأثر بالموقف و الظرف. نرى الآخرين كما لو أننا مصنوعين من مادة أخرى؛ ننظر إليهم من فوق رابية العصمة ولا نفطن إلى تلك الحمأة التي تحت أرجلنا.

لكي نفهم كيف نخطئ، يجب علينا أولا أن نتوسع قليلا في فهم ماهية الشر، منشأة، و نقطة اتصاله بالواقع الإنساني. فمن الصعب أن نرى الشر كقيمة إيجابية بل إنه يعتبر بمثابة نقيض الخير، وهذا لا ينكر وجود الشر بينما فقط يعطيه معنا سلبيا. وبذلك يكون كل نقص أو ضعف هو شر ويشمل ذلك المرض، الألم، الإعاقة، التشوه، الرذيلة، الخطأ، الجهل، والقبح.
وعلي الرغم من أن الشر لا يتزامن مع الخير في الوجود إلا أنه في علاقة جدلية متصلة معه، ولعل نشأة الشر لها ارتباط وثيق بالهشاشة التكوينية للخلق و الضعف النوعي للإنسان مقترنا بحرية الإرادة، فالشر هو ضريبة الحرية كما أن إدراك الشر هو أولي خطوات وعي الحرية. ولفهم حتمية وجود الشر يجب أن ندرك كون الإنسان كائن مادي يقع ما بين الله وهو الوجود الأعظم واللاوجود، يتطلع إلى الكمال و يشترك في العدم، ومن هنا تنبثق الثنائية ويتواجد الشر. ولعل من أفضل الأمثلة التي قرأتها من قبل و التي توضح هذا المفهوم هو أن نتخيل وجود مصدرا للضوء كشمعة مضيئة علي سبيل المثال، وحين أن ضوء الشمعة يكمن في شعلتها، فإن إضاءتها الكاملة تعتبر مائة بالمائة، وكلما ابتعدنا عن الشمعة فإن درجة الضوء تتضاءل أيضا، فتكون تسعين ثم ثمانين....، وهكذا حتى تصل عند عشرة بالمائة، في هذا المستوى تكون الإضاءة ثنائية بمعنى انها نورا وظلاما. هذا المستوى يمثل الكون المادي الذي نعيش فيه و الذي تسوده الثنائية، فنجد فيه النور والظلام، المعرفة و الجهل، الإيجابية و السلب، الروح والمادة، والخير و الشر. و بما ان للإنسان حرية الاختيار فإن عليه أن يسعى نحو المعرفة العميقة التي تجنبه عمل الشر و تحفظه في إطار الخير. وعندما كان الابتعاد عن شجرة معرفة الخير والشر يمثل أحادية المعرفة و التي تحميه من الخطأ، إذ أن معرفة الشر ليست معرفة بالمعنى الوصفي للكلمة، حيث أن الشر هو جهل أو إن صح التعبير معرفة سلبية، كان اختيار الإنسان ثنائية المعرفة هو السقوط بعينه.
على ضوء هذا فإن الإنسان الذي هو نتاج تربية وتنشئة من أجيال سابقة تحمل أفكارهم الكثير من الجهل و انحرافات مختلفة في القانون الأخلاقي، وهو محصلة خبرات و مواقف متباينة تعرض لها من خلال مسيرته الحياتية، لذلك فإنه من المنطقي أن يكون ردود أفعال البشر تجاه نفس المؤثرات مختلفة أيضا. وكما ذكرت من قبل أن البشر كائنات تفاعلية فليس من العجب تحول الناس إلى الشر في ظروف ما و في سياقات سلوكية معينة.

أنا لا أتعجب من وجود الشر ولا اندهش عندما أرى الآخرين يخطئون، فأنا خطاء أيضا ولا استطيع ان احصر اخفاقاتي، وعلى الرغم من أن البعض قد يحسب ذلك تواضعا إلا أنه في حقيقة الأمر واقعية بحته. فكثيرا ما يتردد علي مسامعي أن المتواضع يرى جميع الناس ملائكة مهما كانت اخطائهم، ولكني لا أعتقد أن نوح البار كان يرى الجموع الهالكة من حوله ملائكة، ولا أن هذه كانت نظرة إبراهيم و لوط لأهل سدوم و عمورة وإلا كانوا بشرا مغيبين. انا لا استطيع ان اكون إلا واقعيا ولا أن أرى البشر إلا بشرا، كائنات مادية تحمل في أجسادها أرواح ابديه، تترنح ما بين كثافة المادة وطلاقه الروح في عالم يجمع ما بين الإيجاب والسلب.









#مينا_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -العين بالعين-.. كيف سترد الصين على أمريكا بعد فرض ترامب رسو ...
- ساعة رونالد وثمنها بلقطة مع تركي آل الشيخ بحلبة UFC
- دراسة صادمة .. الأرض قد تحتوي على 6 قارات فقط!
- قوانين جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي تدخل حيز التنفيذ في ا ...
- تسع دول تشكل -مجموعة لاهاي لدعم فلسطين-
- وفاة الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر
- مهاجم مدرسة قازان أراد تدميرها بالكامل
- دراسة جديدة تفنّد الفرضيات السابقة حول علاقة صحة الأم باضطرا ...
- من السلطان سليمان إلى أردوغان: تطور الاستخبارات في تركيا
- عصر القطب الواحد انتهى – ماذا ستفعل الولايات المتحدة؟


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مينا ابراهيم - بين الشر و الخير