أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - لبنى حسن - !!أوعى البطوط















المزيد.....

!!أوعى البطوط


لبنى حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1471 - 2006 / 2 / 24 - 11:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أصبحت رؤية طائر تعادل رؤية إرهابي خطير حامل لأسلحة دمار شامل, فبمجرد أن رأى الناس بطتين بيتمشوا لوحدهم في منطقة المنيل حتى عم الهلع و الفزع و قفز الناس بعيدا و اتصل الأهالي بقسم الشرطة, و فورا استجاب مأمور القسم و اتصل بدورة بوزارة الداخلية طالبا المشورة و العون لمواجهة الكارثة و بعد اتصالات مكثفة و توجيهات من كبار المسئولين تم مده بأعداد غفيرة من قوات و جنود الأمن المركزي التي وصلت مسرعة لمقر الجريمة, فأقامت كوردون أمنى و حاصرت المتهمين و ثبتتهم في مكانهم في انتظار أوامر ضباط مكافحة الطيور أو مندوبي الصحة الذين تأخروا فحيروا الشرطة التي وقفت في حالة تأهب تحمل لوازم القتال للتعامل مع البطة و صاحبتها, و استعدت بالهراوات و القنابل المسيلة للدموع و حتى بلطجية الانتخابات و المظاهرات و لكن هيهات فالبطة مش ممكن تعترف و لا يبان عليها أعراض كما يحدث مع سائر الأنواع الأخرى....................

لم اعد أصادف اى وسيلة إعلام مصرية أو حتى مواطن إلا وكان الحديث عن فيروس أنفلونزا الطيور فقد أصبح حديث الساعة, و المسبب الأول للرعب الذي يبدوا انه تمكن من الجميع, فانطلقت الشائعات و انتشرت بسرعة كالنار في الهشيم و ربحت شركات الاتصالات مبالغ طائلة من جراء تبادل رسائل الهاتف النقال التي أمست الوسيلة الأولى لنشر الشائعات في مناخ خصب متعطش للمعلومة و إن لم تكن منطقية, حتى أن مرصد الشائعات التابع لوزارة الأعلام رصد 178 شائعة جديدة يوم الثلاثاء فقط.

الرسائل المتدفقة على الهواتف صعدت من الحالة المعلنة و تحدثت عن حالات إصابات بشرية في مصر بل ووفيات, و حذرت أخرى من تناول الحلويات و المأكولات التي يستخدم البيض في إعدادها..... مع أن طبقا للخبراء الطائر المصاب لا يبيض... المهم ازدادت الحكايات التي كلما تناقلها الناس أكثر كلما كبرت ككرة الثلج و أضيف لها أحداث مثيرة و أخرى مريبة, حتى وصل خوف البعض من القطط التي يحتمل أن تكون قد تعرضت للاحتكاك المباشر بأنفاس طائر... على فرض تبادل القبلات مثلا!! و مع مرور الساعات أصبح موضوع أنفلونزا الطيور هو محور حياة المواطن المصري و مؤرق منامه, و لعل أقوى شائعة انتشرت كانت تلك التي تتحدث عن ثلوث مياه النيل بالفيروس بعد إلقاء الطيور النافقة فيه, ليهرع الناس لشراء المياه المعدنية, حيث لم تفلح معهم تأكيدات وزارت الصحة و الري و الإعلام و مسئولي الحكومة أجمعين بأن هذا الفيروس يصيب الجهاز التنفسي و بالتالي لا ينتقل عن طريق الجهاز الهضمي إن وجد في المياه فعلا, كما لم تسعفهم ذاكرتهم بالصورة المعتادة للحيوانات النافقة الملقاة دائما في النيل سواء في مصر أو الدول الأخرى المطلة على حوض النيل, مثلا مؤخرا في السودان حيث انتشرت الحمى القلاعية بين المواشي و ألقى بها أصحابها في مياه النيل تماما كما تلقى فيه جثث بشرية أحيانا.

و حتى أطباء منظمة الصحة العالمية الذين ظهروا على التلفزيونات المصرية و هم يتناولون الدواجن و الحلويات و البيض, لم يفلحوا في طمأنة الناس أو إقناعهم أنهم غير تابعين للحكومة المصرية, لأن اى مسئول يطل على الشاشة مدان إلى أن يثبت عدم صلته بالحزب الوطني, و المواطن من كثرة ما تعرض للخداع و التدليس بات شديد الإيمان بنظرية المؤامرة فما الضامن؟ و لما لا يكون موظفي تلك المنظمة العالمية - و حتى إن كانوا غير مصريين- مواليين للحكومة المصرية و متآمرين على الشعب؟

فيروس أنفلونزا الطيور تحول لوباء و انتشر في دول عدة كفيتنام و أندونسيا و تايلاند و ماليزيا و الهند و الصين و تايوان, كما أصاب دواجن في النمسا و ألمانيا و لبنان و السعودية و ليس مصر فقط و لكن كم الذعر و الفزع الذي شهدته مصر ليس له مثيل, فنحن دائما منفردون و خصوصيتنا طاغية على سير الأحداث و مع الوقت و الإلحاح الإعلامي و التوجس من التضليل الحكومي نسينا انه وباء يصيب الطيور في الأصل و ليس الإنسان, و طبقا لأخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية, فقد اعدم حتى الآن مائه و ستين مليون طائر مصاب بينما لم تتعد حالات الإصابة البشرية في كل أنحاء العالم - منذ انتشار المرض من عامين- 160 فرد توفي منهم 92 و جميعهم من أصحاب التماس المباشر مع الطيور المصابة.

و الأهم أننا نسينا أن بلادنا تحديدا ذات طابع خاص و أن وزراءنا في الأساس رجال أعمال و أن أصحاب المصالح يتربحوا وقت الأزمات, فبالرغم من الخسائر الفادحة التي ألمت بقطاع الدواجن الذي يعمل به أكثر من اثنين مليون ونصف مواطن, إلا أن هناك من استثمر بل و أطلق الشائعات لتحقيق مكاسب, فمصائب قوم عند قوم فوائد, فها هي شركات الهاتف النقال تتصدر الأرباح و لحق بها منتجي اللحوم و الخضروات و أخيرا أصحاب شركات المياه المعدنية و البقية تأتى.... و من ناحية أخرى نسينا أن ازدياد الاهتمام الحكومي و تهويل الإعلام المحلي للأمر الذي هبط على النظام من السماء باعتباره أول كارثة ليست من صنعه, جاء في توقيت مناسب و حجم يؤهله لإلهاء الناس و جذب انتباههم بعيدا عن كارثة العبارة و علامات الاستفهام حول صاحبها المحصن, بالرغم أن ضحايا عبارة السلام 98 من المصريين أضعاف عدد مصابي أنفلونزا الطيور على مستوى العالم.

و لو دققنا و تأملنا الأحداث بهدوء لوجدنا أن هذه هي سياسة النظام المفضلة, فكلما غضب الشعب و ارتفعت الأصوات المعارضة و المطالبة بالمحاسبة, اخرج لنا من جعبته ورقة جديدة لجذب أنظارنا بعيدا.. على طريقة بصوا العصفورة يا حلوين... فمثلا في نفس توقيت الحكم على أيمن نور استيقظ ضمير الإعلام المحلي و بادرونا بالحديث عن موضوع ماريان و كرستين و فتحت قضية اختفاء الفتيات المسيحيات, و قاموا بالإمعان في إظهار الحدث و إضفاء الاهتمام الحكومي بل و الرئاسي بالمواطنين- و هو ما لم نعهده من قبل- و كأن الموضوع ظهر فجأة و في هذا التوقيت بالذات تماما كما أخفى فجأة و لم يستكمل أو يحل بل أغلق عندما أستوفى الغرض منه و قام بدوره في التشويش على الناس و شغل الرأي العام و توجيهنا بعيدا عن قضية المعارضة, و هو نفس ما حدث عندما تم تفجير قضية فساد عبد الرحمن حافظ رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي و تسليط الضوء الاعلامى على قضية نهب الملايين من المال العام, في نفس توقيت مجزرة السودانيين و قبل أيام من حفظ التحقيقات في قضية انتهاك عرض الصحفيات.

نعم أنفلونزا الطيور و باء و مرض يصبح خطير على البشر أن لم نتعامل معه بوعي و حرص و لكنه ليس اخطر من وباء الاعلام المحلى و لا فيروس الحزب الوطني المستوطن و لا أبشع من ما نعايشه و نبتلعه من مصائب و كوارث, و لم يصل ضحاياه عالميا لعدد ضحايا محرقة بنى سويف و لا بنى مزار و لا السودانيين و لا ضحايا العبارة و لا الانتخابات أو ضحايا الإهمال و تلوث الماء و الزرع و الهواء.



#لبنى_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعب نفسه يفرح
- كانت سنة سوداء
- نقاب آه...حجاب لا
- !أمسك....علماني
- دعوة للهدوء
- !المصري سريع الاشتعال
- آمالي السودا
- أزمة الغد صحية
- لو واحد فى المليون
- سعيد صالح...نحن نشكر الظروف
- كفاية حرام علينا
- أتخنقنا
- انتخبوا مبارك رجل الإنجازات الأول
- الأنتخابات الرئاسية و حيرة المواطن المصرى بين المشاركة و الم ...
- هنا مصر المحتلة
- القضاء على ارهاب الشرطة أولا
- عصير مرارة بالخوخ
- !احترس أمامك مخ..و بيفكر
- قانون مصادرة الحقوق السياسية
- !ابتسامة مصر.. ماتتنسيش


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - لبنى حسن - !!أوعى البطوط