أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هرمز كوهاري - كيف ومتى بدأ...تسيس الدين في العراق ..؟ ---6















المزيد.....

كيف ومتى بدأ...تسيس الدين في العراق ..؟ ---6


هرمز كوهاري

الحوار المتمدن-العدد: 1471 - 2006 / 2 / 24 - 11:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رأينا في الحلقات السابقة كيف كانت الحركات والاحزاب والافكار العلمانية سائدة منذ تأسيس الدولة العراقية ، ولا أعني بهذا أنهم كانوا قد تخلوا عن الدين ، ولكن كان الدين بعيدا عن سياسة الدولة ولم يكن الساسة يتولون المناصب على أساس الطائفية والمحاصصة الدينية أو حتى القومية ، بل كانت المحاصصة الفكرية ، وكان معيار الفرز الرجعية والتقدمية قتعيين صالح جبر وهو شيعي أو محمد الصدر وهو شيعي معمم لم يغير سلوك الحكومة أو إتجاه الدولة ، وتولي مالك سيف الصابئ مركزا مرموقا في مؤسسة الامن بعد خيانته للحزب الشيوعي العراقي لم يؤثر على إتجاه الامن تجاه الصابئة أو أية فئة أخرى، وكان آخر رئيس وزراء العراق في العهد الملكي الشخصية الكردية أحمد مختار بابان في الوقت الذي كان العراق ضمن الاتحاد الهاشمي ، ولم يكن تعينه ريئسا للوزرا تقربا للاكراد بأي حال الاحوال ، كما كان سعيد قزاز الكردي أقوى الوزراء في عهد نوري السعيد ولم يكن توزيره محاباة للاكراد وهكذا .
إن نقطة التحول بتسيس الدين وإقحام رجال الدين بالسياسة كانت ،إنتفاضة 1948 الشعبية التي كانت أقرب الى ثورة عارمة من الانتفاضة ، وقد عايشتها وكنت آنذاك طالبا قي الصف الثاني المتوسط ، فقد شملت ، كما يصفها الكاتب " حنا بطاطو " بأكبر ثورة مسلحة في تاريخ العراق، ثورة الجياع والعمال والفلاحين التي بدأها طلبة الكليات منطلقة إحتجاجا على توقيع معاهدة " بورتسموث " كبديل لمعاهدة 1930 ولكن جاءت مخيبة للامال ومن دون الرجوع وإستشارة الساسة العراقيين وخاصة رؤساء الاحزاب ،
إن الاندفاع الذي قامت به الجماهير ، متحدية زخات الرصاص بصدورهم العارية وكانوا يتساقطون بالعشرات دون أن يتراجعوا، للالتقاء بزملائهم في جانب الرصافة وتقدم المتظاهرين ، فتاة رافعة العلم العراقي ،لا العلم الاخضر ولا الاسود وخال من أية إشارة تدل على دين أو مذهب أو طائفة ، الفتاة كانت تدعى "عدوية الفلكي " سميت بحق فتاة الجسر ، ، وقد تجاوز عدد الشهداء على ثلاثة مائة شهيد ، مما أرعب الشرطة وتراجعت من هول المجزرة وغزارة الدماء، إن هذه الانتفاضة لم تكن وليدة الساعة ولا وليدة الاحتجاج على المعاهدة فقط ، وإن كانت السبب المباشر من إنطلاقها من قبل طلاب الكليات وتحريض الاحزاب ، وتجاوبت معها في المدن الكبيرة مثل الموصل والبصرة وكركوك وغيرها ، إنها في الحقيقة كانت إنفجارا هائلا لخزين من الاحباطات والحقد الدفين من قمع إنتفاضات الفلاحين في الجنوب والشمال وضربهم بالرصاص ، وكذلك قمع إضرابات العمال وخاصة عمال النفط في كركوك وضربهم بالرصاص ، وعمال الموانئ في البصرة وعمال معامل الشالجية والدخان والنسيج ومسيرة عمال النفط في ( كي ثري)، التي ساروا فيها ما يقارب 250 كلم ، يستقبلونهم الاهالي بالاهازيج ويقدمون لهم الماء والطعام والمأوى ، حتى شبهت بالمسيرة المصغرة ، بالمسيرة الكبرى للشيوعيين الصينيين بقيادة ، ماوتسي تونغ ، بالاضافة الى الكساد والبطالة والغلاء والجوع والمرض والفقر ، مقابل ذلك إثراء طبقة من تجار التموين حيث كانت قد أسست وزارة للتموين عند بداية الحرب وكان التلاعب بموادها ظاهرا للعيان ، فكنا نرى نساء لابسات ثيابا قديمة وممزقة ومهينة، وعشرات الاحرار وبالاخص من الشيوعيين والبارزانيين ، في السجون ، أما بالنسبة الى القبول في المدارس المتوسطة والثانوية والكليات والوظائف فتقف في طريقهم ، شهادة (حسن السلوك )، سيئة الصيت ، ومن شدة تأثيرها وحقد الناس عليها أي تلك، فقد عم الفرح الطلاب والموظفين بإلغائها أولى أيام ثورة 14/تموز .كل هذه الحوادث وقعت دون أن يرفع علم أو شعار أو هتاف ديني أو قومي أو طائفي ، كلها كانت تهتف بإسم العراق وسقوط الرجعية والعمل للعاطلين والخبز للجائعين .

ولكن السؤال الذي طرح نفسه أمام الحكومة العراقية من جهة و أمام السفارة البريطانية من الجهة الثانية ،و التي كانت تدير شؤون الحكومة من وراء الستار و كان الناس يطلقون على السفير البريطاني في الاحاديث والقصائد الشعبية ب " مختار ذاك الصوب " !!

يتساءلون من هي الجهة المحركة لهذه الجموع التي تندفع وكأنها تقول للحكومة " رشاشتكم أقوى لو صدورنا !!" مثل ثوار ثورة العشرين الذين كانوا يهجمون على المدافع البريطانية ويهوّسون " طوبك أحسن لو مكواري ...!! ، ومن الذي نظم تلك الشعارات ؟، وأتى بالجموع الهائلة ، قدّرت إذاعة[ بي، بين ، سي ] اللندنية في اليوم الاخير ب( 150 ) ألف متظاهر وكان هذا العدد في ذلك الوقت ربما يعادل ربع نفوس بغداد أو أكثر ، من خارج بغداد من المحافظات القريبة وتهيئة وسائل النقل و المأكل و والماء والمبيت ؟ وإستمرارية الزخم المتواصل دون كلل وملل ؟ عمال، فلاحون ، كسبة ، طلاب ، طالبات ، نساء ، عاطلون ، شعراء خطباء ، دون أن يحدث أي إعتداء على المحلات أو الاعتداءات على الاشخاص ، كلها كانت تسير بإنتظام نحو هدفها المحدد وهوالهتافات ضد المعاهدة وضد الحكومة وضد الجوع والمرض ، وكانوا يرفعون الصمون الاسود كشعار للجوع ، حيث كان طعام أكثرية الشعب العراقي آنذاك هذا إذا حصلوا عليه ! ، ويهتفون " يسقط الصمون الاسود " يسقط نوري السعيد ، ونوري السعيد قندره وصالح جبر قيطانه !!" وتطورت الى الهتافات بالجمهورية الشعبية !!وسقوط الملكية !!.

وأخيرا وجدوا الجواب..، وجدوا أن وراء هذا التحريض وتحشيد الجماهير هي جهة واحدة ، ليس إلا الحزب الشيوعي العراقي ! لأن بقية الأحزاب ، كحزب الاستقلال ليس لديه رصيد ولا تأثير لدى العمال والفلاحين بل كان متداخلا ومتعاونا أحيانا مع الحكومة ويساعدها بالوشاية ضد الشيوعيين والديمقراطيين ، أما الحزب الوطني الديمقراطي ، فكان يمثل البرجوازية الكبيرة كبار التجار وصغارهم وأصحاب المعامل وكثيرا من موظفي الدولة وأكثر نشاطاته السياسية كانت اللقاءات والاجتماعات و تقديم عرائض الاحتجاج على تجاوزات السلطات ونقد المخالفات على صفحات جريدته " الاهالي " ولم يكن لهم رصيد بين الطبقة العاملة أما حزب البعث فكان في بدايته وكان ضعيفا هزيلا بين بعض الطلبة

وجدوا ما لم يكن يتوقعونه !! ، وجدوا أن الشيوعية تبدأ وتتغلل بين الطلاب منذ الدراسة المتوسطة والثانوية والكليات !، وجدوا أن أغلبية المعلمين والمدرسين والاساتذة شيوعيون أو متعاطفون مع الحزب الشيوعي العراقي في طروحاته وشعاراته ، بإلاضافة الى العمال والفلاحين والكسبة والنساء ، وأن الشعارات كانت تكتب بتوجيه وبإشراف قائدهم القابع في السجن زعيم الحزب الرفيق " فهد " . أرعبهم هذا النشاط وهذه القدرة على قيادة الجماهير وتوجيهها وإستمرارية زخمها وإصرارها على تحقيق هدفها ألا وهو إلغاء المعاهدة وإسقاط الحكومة وتحسين الاوضاع المعيشية ، لأول مرة تحدث مثل هذه الانتفاضة لا في العراق فحسب بل في المنطقة من باكستان حتى المغرب العربي والاخطر ما فيها أنها بقيادة وتوجيه الحزب الشيوعي .الامر الذي لم يكن يتصورونه أو يتوقعونه أن الحزب المذكور يتمتع بمثل هذه الشعبية والتأييد بين الطلبة وأساتذتهم وبين المثقفين والشعراء والكتاب والاوساط والطبقات الفقيرة والمعدومة .

ووجدوا الحل السحري !!
هنا وجدت السفارة ، الحل السحري !! ، ففي مطلع سنة 1949 وعلى ما أذكر في شباط من تلك السنة وبعد ما هدأت الجماهير و بعد الاحتفالات وعقد الاجتماعات في الساحات العامة وإلقاء الخطب والقصائد في إحياء ذكرى الشهداء وتمجيد بطولاتهم ، فقد تمكن الحزب الشيوعي من الحصول على مذكرة خطيرة صادرة من السفارة البريطانية موجهة الى حكومتها ، كان فيها سر الحل السحري الذي توصلت اليه السفارة المذكورة ، نشرها الحزب في جريدته المركزية [القاعدة] ما زلت أذكر فيها العبارة المهمة التي قرأتها آنذاك تقول :
"....... أن كل طالب ينتقل من المرحلة الابتدائية الى المرحلة الثانوية ، يشكل شوكة في عيون بريطانيا العظمى !! حيث تتلقفه منظمات الحزب الشيوعي المنتشرة في المدارس والكليات وبين المدرسين .... " وتضيف المذكرة "... ليس أمامنا إلا حلا واحدا هو الدين ... الدين !!! نعم الدين !! هو الحل الوحيد لإيقاف هذا المد الشيوعي ، ويوصي الحكومة العراقية للتوجه الى رجال الدين من كل الطوائف والاديان ، في المساجد والحسينيات والكنائس ،

بدأوا فعلا يرفعون شعار الشيوعيون الملحدون حتى إذا كان المطالبة بالعمل والخبز والدواء يقولون هذا شعار الشيوعيين الملحدين ،فإستعانت الحكومة ب" وعاظ السلاطين " من كلا الديانتين الاسلامية والمسيحية وأصبح لهم موقعا متقدما لدى الدولة لأنهم أصبحوا المنقذون للدولة ومصالح الحكام وبالتالي أصبح لهم مكانا في السلطة والسياسة ورجعت من جديد مقولة " الاسلام دين ودولة ..!" كما صار شعار وسلاحا بيد الرجعية والاقطاع لمحاربة كل من يطالب بحقوقه المشروعة بأنه شيوعي ملحد ضد الدين وحتى البعثيين العلمانيين إستخدموا هذا السلاح بخبث ، وكثرت ترديد أقوال دينية إسلامية و مسيحية ، " الله يرزق من يشاء ويهدي من يشاء " ردا على شعارات الشيوعيين للمطالبة بتحسين ظروف معيشة الفقراء من العمال والفلاحين وبقية الكسبة ، وبدأ الائمة و القساوسة بالتهجم في وعظهم في الجوامع و الكنائس على الشيوعيين ،بعض الكنائس شكلت مجموعات وعظية من الشباب المسيحي المخدوع سموها "جيش مريم !!! طبعا جيش بدون أي سلاح إلا بسلاح الوعظ والتحذير من الوقوع في " حبائل " الشيوعيين !! وإنخداعهم بشعاراتهم !!

ومثال على ذلك ، في أحدى القرى ، شاب كان في دار المعلمين الابتدائية في منتهى الطيبة والخلق ، زميلا لي ، رجع الى البيت يوما وإذا بوالده المتدين بيده عصى كبيرة يريد ضربه !! إستغرب الشاب وقال ما المشكلة ؟؟ ، فاجأه والده وقال ، أنت تريد أن تتزوج أختك فلانة !!؟؟ إستغرب الشاب من هذا الكلام العجيب الغريب !! وقال: كيف يمكن أن يحدث هذا ؟؟ من قال لك هذا ؟ قال في الكنيسة اليوم قالوا الشيوعيين كفار " فرمسون "!! يتزوجون شقيقاتهم !!.

ولكن هل توقف رجال الدين أو إقتصر عليهم محاربة الشيوعية فقط !؟؟
[ يتبع ]


==============================



#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ومتى بدأ ..تسيس الدين في العراق 5
- !!سمفونيات في سوق الهرج والمرج
- متى وكيف بدأ ...تسيس الدين في العراق ؟
- على - مرام - تشكيل حكومة الظل
- متى وكيف بدأ --- تسييس الدين في العراق 3
- كيف ومتى بدأ - تسيس الدين في العراق 2
- متى وكيف بدأ -- تسيس الدين في العراق
- الحكيم يخشى على الديمقراطية في العراق !!
- النظام الديمقراطي.. والاحزاب القومية والدينية ..!
- النظام الديمقراطي.. والاحزاب القومية والدينية [2]
- النظام الديمقراطي.. والاحزاب القومية والدينية
- المساومات السياسية ...مساومات على الصمت المتبادل..‍‍
- المساومات السياسية ...خروج على الديمقراطية
- لنتعلم منهم كيف يطبقون الديمقراطية..!!
- الكيانات السياسية ... وتشكيل الحكومة الجديدة
- الاحلام في زمن صدّام...كلام في المنام
- !!يقسمون.ويعرفون....ثم ويحرفون
- وفروا الارزاق..قبل توزيع الاوراق..!!
- الصحافة في الزمن الصعب... حوار مع نكره
- هذه - الروبوتات- البشرية كيف نفككها ..!


المزيد.....




- “شغلها 24 ساعة وابسط ولادك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد لدى استقباله الفرق الإيرانية المش ...
- قائد الثورة الإسلامية: منعوا دولة من المشاركة في الألعاب الأ ...
- بروفيسور يهودي يتوقع نشوب حرب أهلية في إسرائيل (فيديو)
- عشرات المستوطنين المحتلين يقتحمون المسجد الأقصى
- القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي: ا ...
- قناة الأطفال المفضلة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة 2024 الجد ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مباني يستخدمها جنود الاحت ...
- ايران تطلق سراح سجين نمساوي انطلاقا من الرأفة الاسلامية
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصف هدف في غور الأردن بفلس ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هرمز كوهاري - كيف ومتى بدأ...تسيس الدين في العراق ..؟ ---6