مرام عطية
الحوار المتمدن-العدد: 5698 - 2017 / 11 / 14 - 01:49
المحور:
الادب والفن
على التِّلالِ القريبةِ من أقاليمِ الخريفِ تساقطت ورقةٌ من إحدى الأشجارِ الباسقةِ ، يسبحُ فيها العطشُ فيغادرها الألقُ وتلاحقها أسرابُ اليبابِ القادمةِ من الصحراءِ
الأَرْضِ أنثى عذراء يخالجها الأسى ترتعدُ أوصالها يرتعشُ فؤادها من شتاءٍ قاسٍ
تخلعُ الورقةُ ثوبَ الصَّمتِ : لاتقلقي ياصديقتي لستُ بطائرةٍ حربيةٍ ، تنهمرُ منها حممُ الموتِ أوالهواءُ الأصفرِ ، وإنما ورقةٌ يابسةٌ من سلالةِ السنديانِ والزيتون ، بين يديها تاريخٌ حافلٌ بالغنى والخصبِ ، وأغنياتٌ جميلةٌ أودعتها حقائبَ روحها في صباها، وحين جاء الشتاءُ أسلمتْ للريحِ ساقيها ؛ فاختارتكِ عنوانَ حياتها الجديدةِ ، لا تخافي فسأقطنُ في دياركِ ضيفةً سمحاءَ، أمنحكِ كنوزَ جسدي و سكينةَ روحي
أرعى كلَّ نبتٍ أخضرَ يتبرعمُ .
ثلجٌ ورديٌّ يصحو على ضفتي السَّحابِ يترنَّمُ : إنَّني أنشودةِ السَّماء حين يجفُّ الندى في ثغرِ الوردِ ، وينأى الشَّوقُ من عيونِ البشرِ ، جئتكِ أيتها الجميلةُ من فيضِ الغيومِ العاشقة للبحرِ، وأحلامِ النوارسِ العائدةِ للوطنِ ، فما أنا إلا رسولُ سلامٍ وحبٍّ وعطاءٍ ، أحملُ رسالاتِ النقاء في سلالي البيضاءِ ، وما ندفي المنهمرة إلا جنودٌ للفرح ، وحرابٌ تقصمُ فؤادَ الحربِ حين تمتدُّ أذراعَهُ للقتلِ والفناء
خيولُ الأَرْضِ تصهلُ ، تهرولُ لاحتضانِ الثَّلجِ ، وعناقِ أوراقِ الشجرِ كعاشقةٍ تلاقي حبيبها بعد طويلِ غيابٍ .
موكبُ الربيعِ يتهادى على أمواجِ الحنينِ ، الحقولُ تشهقُ فرحاً بلقاءٍ مجيدٍ رتَّبه الإلهُ : لقد عادَتْ إلى جسدي الحياةِ .
------
مرام عطية
#مرام_عطية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟