أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مي عيسى - ضرورة إلغاء المادة 548 تماشياً مع روح العدالة















المزيد.....

ضرورة إلغاء المادة 548 تماشياً مع روح العدالة


مي عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 1469 - 2006 / 2 / 22 - 10:12
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


/ ألقيت هذه المداخلة في ندوة عقدها موقع نساء سورية في المركز الثقافي بطرطوس، بتاريخ 15/2/2006، في إطار الحملة الوطنية لإيقاف جرائم الشرف.."

بسم الله الرحمن الرحيم
"واللائي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهم الموت أو يجعل الله لهن سبيلا" صدق الله العظيم
حقيقة... لم أجد أفضل من خطاب الله سبحانه وتعالى ليكون مدخلاً إلى موضوع بحثي هذا والمتعلق بنص المادة 548 من قانون العقوبات العام التي أجازت للرجل قتل المرأة بدافع الشرف وأحلته من كل عقاب، متناسين بأن أهم مصادر الالتزام هي مبادئ الشريعة الإسلامية وعلى رأسها القرآن الكريم.
فهل يعقل أن يستخدم القانون أداة بيد مشرعيه لإجازة فعل القتل وحماية مرتكبيه؟
إننا اليوم أمام ظاهرة تلك القوانين الوضعية التي تحكم علاقتنا ببعضنا البعض والتي هن نتاج تشريع بعيد كل البعد عن مجتمعاتنا التي ننتمي إليها وتحكمنا ضمنها مبادئ وأخلاقيات نابعة من ذاتنا البشرية التي تتحرك مع حراك المجتمع باتجاه الخلق والإبداع بكافة نواحيه السياسية والاجتماعية والثقافية.
وهل نبقى تحت تأثير مواد قانونية جافة هي من صنع الإنسان نفسه الذي شرعها وهي قابلة للتعديل والإلغاء كما حدث في الكثير من التشريعات الأخرى التي لم تعد تتماشى مع زمنٍ نتعايش ضمنه مواكبين عصراً ننتمي نحن إليه ولا يمكن لأحد أن يدخلنا في متاهات يدعى أنها حضارة وهي بعيدة كل البعد عنا.
الفرد هو اللبنة الأساسية في تشكيل المجتمع بشطريه الأنثوي والذكري، فكيف يمكن النهوض بمجتمع ما زال يرزح تحت وطأة قوانين تنتقص من كرامة المرأة وتجعل سيف الرجل مسلطاً على عنقها متى شاء استله ليذبح فيه مجتمعنا بكامله تحت عنوان الشرف.
الشرف كلمة بمعناها اللغوي تضم جميع المبادئ والقيم الأخلاقية التي على المرء أن يتحلى بها كالصدق والأمانة والدفاع عن جسد المرأة؟
وهل يحق لنا أن نعتبر المرأة إنسان قاصر أو فاقد لأهليته وبحاجة لوصي يدافع عنها؟ متجاهلين بذلك مبدأ المساواة بينهما والمصان بالدستور السوري. هل يحق لنا أن نبيح القتل تحت تأثير ما ونجعله حقاً حصرياً للرجل دون المرأة؟
أسئلة كثيرة تطرحها العقول وثمة إجابة واحدة عنها، أبدأها بقراءة نص المادة 548 كما وردت في قانون العقوبات السوري:
1- يستفيد من العذر الحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد.
2- يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فرعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر.
وحيث أن جرائم القتل تستهدف الاعتداء على حق الإنسان في الحياة أو البقاء، فالنتيجة التي يتوخاها الفاعل في جرائم القتل هي الموت.
أما جرائم الإيذاء فتستهدف الاعتداء على حق الإنسان في سلامته الجسدية وترمي إلى إيذائه في صحته والإخلال بسيرها المعتاد وتعطيل وظائف الحياة فيها تعطيلاً كلياً أو جزئياً فالنتيجة التي يتوخاها الفاعل هي إصابة المجني عليه بضرر جسدي أو صحي أو عقلي.
ومن منا لا يعلم بأن حق الإنسان في الحياة هو حق منحه الله سبحانه وتعالى ولا يمكن لأحد إزهاق هذه الروح البشرية تحت أي دافع لأن الله حرّم قتلها.
إن نص هذه المادة مأخوذ من التشريع الفرنسي ونتاج حقبة زمنية، ترجم لدينا وطبق دون الالتفات إلى أن كلمة الزوج لديهم تعني الزوج والزوجة معاً، ناهيك عن أن هذه المادة قد ألغيت ولم يعد معمولاً بها وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من الدول ونحن مازلنا حتى تاريخه نعمل بها رغم تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية من جهة.
ورغم مخالفتها للنصوص القانونية نفسها الواردة في قانون العقوبات ذاته وإضافة إلى عدم دستوريتها.
لكننا وقبل الخوض في هذا وذاك، لابد من التوقف عند بعض العبارات الواردة فيها، والتي لا يمكن إغفال معناها ولا المقصود منها قانونياً.
1- العذر المحل: هو العذر الذي يعفي المجرم من العقاب.
2- العذر المخفف هو العذر الذي يستفيد منه فاعل الجريمة الذي أقدم على ارتكاب جريمته بثورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه، وهو يؤدي إلى تخفيض العقوبة للوصول بها أحيانا تحت الحد الأدنى المقرر لها. مثلاً: القتل عقوبته الإعدام، تحول العقوبة إلى الحبس سنة واحدة على الأقل. فالمشرع هنا أعطى الرجل حقا حصرياً بالقتل أو الإيذاء وفقاً للحالات التي أوردتها المادة، فأعفاه من العقاب تارة ومنحه العذر المخفف تارة أخرى.
3- "صلات جنسية فحشاء"، إن هذه العبارة تشمل كافة الأوضاع الفاحشة. فما المقصود بكلمة "الفاحشة"؟ هذه الكلمة التي تشمل الكثير من المعاني التي لا حصر لها. وكذلك الأمر بالنسبة لعبارة "الحالة المريبة"، أي الحالة التي تدعو للريبة أي الشك والارتياب. وأشكالهما كثيرة ومتنوعة، ناهيك عن أن ما يعتبر مريبا لشخص قد يكون غير مريب لشخص آخر.
وهنا لا بد من طرح السؤال التالي: من هو المسؤول عن تحديد هذه المعايير وضبطها وتحديد طبيعة الأشخاص وتعاملهم وفقا لها؟ خاصة أن الذي يشرف على تطبيق القانون هو شخص مثلنا تختلف هذه المعايير لديه أيضاً.
4- عنصر المفاجأة أو المدة الزمنية التي يتم خلالها ارتكاب الفعل وهو تحت تأثير ثورة الغضب والدفاع عن الشرف.

إن هذه المعايير برمتها موجودة من الناحية النظرية فقط. أما من الناحية العملية فإنها عرضة لارتكاب الكثير من الأخطاء أثناء التطبيق على أرض الواقع. ونادراً ما يتوافق تطبيق هذه المادة مع الغاية التي شرعت لأجلها.
إضافة إلى أن هناك الكثير من الجرائم التي ترتكب تحت عنوان "الدفاع عن الشرف" والغرض منها يكون بعيداً كل البعد عن ذلك، بل هو نتاج مفرزات مجتمعات بدائية تعطي للرجل خاصية التميز عن المرأة ليمارس سلطته من خلال ذلك.
فمثلاً:
- رجل تمارس زوجه الدعارة بعلمه ويقبض ثمن بيع جسدها. وعندما يعلم أهلها بالأمر يقتلها بحجة الدفاع عن الشرف تخلصاً منها حتى لا تقول الحقيقة فيفتضح أمره.
- رجل يقتل بدافع الحفاظ على إرثه الذي يعتبره حقاً خالصاً له بعيداً عن اخته.
فمن المسؤول عن ذلك كله؟ وهل يمكن أن نسمح لأنفسنا أن نجعل كلمة الشرف معياراً لشعار حرمان أو إباحة لتفويض الرجل بالدفاع عن جسد المرأة التي هي أقدر على صونه من أي كائن آخر، وهي تلك الإنسانة التي تربي مجتمعاً بأسره؟
وعلنا لا ننسى أثر هذه الجرائم على مرتكبيها وكيفية تعايشهم مع هذا الحدث الفظيع خلال مسيرة حياتهم طالت أم قصرت.
والآن سنلقى نظرة عملية حول توافق هذه المادة مع أحكام الدستور والقانون.
- إن حق الدفاع مصان بالدستور وهو حق لكل إنسان.
- إن منح العذر المحل يتم وفق محاكمة عادلة.
- والمحاكمة هنا تتعلق بإثبات الجرم المرتكب وهو هنا (جرم الزنا، الصلات الجنسية الفحشاء، الحالة المريبة).
إننا هنا نحاكم المجني عليها ونثبت عليها قيامها بهذه الأفعال دون حقها بالدفاع عن نفسها. وكيف تدافع عن نفسها وهي غير موجودة أصلاً؟
إن القاعدة القانونية تقول: "المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم مبرم". والإدانة والبراءة تثبت بمحاكمة.
فنحن وفقاً لهذه المادة:
أولاً: أعفينا الفاعل من العقاب بعد أن سمحنا له بارتكاب فعل القتل. ومن ثم، ثانياً، نبحث عن ماهية الفعل المرتكب، وهل هذا الفعل يشكل جريمة الزنا أو الصلات الجنسية الفحشاء أو الريبة.. وذلك لإثباته وإثبات مرتكبيه.. وذلك دون وجود هذا الشخص أصلاً للمحاكمة وهو المجني عليها.
ومن الناحية العملية فإن المحاكم تلجأ عادة لتغطية وسد هذه الثغرة القانونية بتوكيل محام عن المجني عليها من أجل سير إجراءاتها. هذا التمثيل في أساسه تمثيل غير قانوني وغير صحيح لإن إرادة الوكيل يجب أن تنصرف إلى إرادة الموكل. والموكل هنا معدوم الإرادة بسبب الموت.
إذا حق الدفاع المقدس والمصان بالدستور لم يعد موجوداً. وهناك طرف حرم من ممارسته، فما هي أبعاد هذه المحاكمة العادلة؟!
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن جريمة الزنا عوقب عليها بالقانون، واعتبرها المشرع من قبيل الجنحة المشهودة. وذلك حسب نص المادة 473 من قانون العقوبات السوري. بينما، حسب هذه المادة التي نحن بصددها الآن، اعتبرت من قبل الجناية لأن العقوبة توصف بالفعل.
فهل يجوز أن نعاقب على الفعل مرتين؟
وهل يجوز أن يتم توصيف الفعل قانوناً مرتين؟
هذه مخالفة واضحة لأبسط القواعد القانونية..
وحيث أن القوانين لا تملك القدسية التي تجعلنا مقيدين بحرفيتها ويمكن تعديلها وإلغاؤها، وبما أن هذه المادة تتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية، وكما تبين لنا عدم قانونيتها ودستوريتها، فإننا نرى ضرورة إلغاءها تماشياً مع قواعد العدالة وروح العصر لبناء مجتمع سليم قوامه المرأة والرجل معاً.

نساء سورية- العدد 53- 19/2/2006



#مي_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ما هي شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالمنزل ورابط التق ...
- باحث اجتماعي ينبذ الزواج خارج المحاكم ويؤكد: ضياع لحقوق المر ...
- قابلت/ي الصاحب/ة اللي نص كلامه مش مفهوم؟ #الحب_ثقافة 10 سنين ...
- معلومات بالعربي ومجانًا
- لاعب هولندي مدان بالاغتصاب يفكر بالاعتزال بسبب جماعات حقوق ا ...
- بغياب النساء وتجاهل معاناة الشعب: طالبان تحتفل بالذكرى الثال ...
- ” بالرابط المباشر والخطوات” .. طريقة التسجيل في منحة المرأة ...
- ثلاث سنوات من حكم طالبان ونضال النساء الأفغانيات مستمر
- أفغانستان: غياب الأمن وتراجع الاقتصاد وتدهور أوضاع النساء... ...
- الحكومة الجزائرية توضح شروط منحة المرأة الماكثة الجزائر 2024 ...


المزيد.....

- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مي عيسى - ضرورة إلغاء المادة 548 تماشياً مع روح العدالة