أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - الملاك الضحية















المزيد.....

الملاك الضحية


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 412 - 2003 / 3 / 1 - 15:47
المحور: الادب والفن
    


 

قصة قصيرة بقلم: اميرة بيت شموئيل

 

فتحت عينيها الجميلتين لترى وجوها تغمرهما الفرحة، تستقبلها بابتسامات وضحكات، معبرة عن السعادة للقاءها. حركت شفاهها المقتربة من الثدي ... تعلقت بالحلمة البنية…اخذت تمتص الحليب الشهي، الخارج منها.

 

كانت انفاس المرأة الدافئة تقاسم الهواء، كلما دخل رئتيها، وصوتها الحنون يخلق النغمات الاولى في اذانها. اما نظرات الرجل اليها، فكانت تحسسها بانها اجمل فتاة في الكون.

-          منى... يامنى عيني. منى... يا منى روحي. منى... يا منيتي. منى ... منى.

 

هذه الكلمة اصبحت تلاحقها في كل مكان... شعرت، رغم صغرها، بقيمتها اثناء التجاوب معها... كانت كلما استدارت الى المنادي، ترى الاعجاب يزداد تجاهها... هذه الكلمة اصبحت تحبها كما حليبها.

 

ماما... هذه الكلمة السحرية... ما ان نطفت بها، حتى امتلئت اسارير المرأة بالفرحة وغمرتها السعادة حد البكاء، هذه الانسانة التي التصقت بها... بصدرها وانفاسها، ايقن فكرها الصغير بانها امها...

 

بابا... ها هي تقذف بكلمة سحرية ثانية... تملئ بها قلب الرجل فرحة وسعادة... هذا الذي يأتي اليها بالعاب جميلة ...  يحملها... يلاعبها... يدفئها بين ذراعيه كلما عاد... هذا هو اباها.

 

-          ستنتهي فترة الحضانة نهاية هذا الاسبوع يا سامي وانت مازلت اسير العسكرية والغياب الطويل... يجب ان اعود الى العمل، وليس لنا احد ليحضن منى في غيابي ... ماذا افعل يا حبيبي.

-          لا ادري يا رنيا... لا ادري يا حبيبتي... يظهر ان امد هذه الحرب اللعينة لن ينتهي... اعلم انك لا تريدين ان تتركي حضانة منى لاحد، ولكننا في نفس الوقت لا نستطيع ان نعتمد على راتبي في حمل ثقل البيت... احس ان العذاب الطويل سيتخلل سعادتنا من الاسبوع المقبل.

 

تحولت منى الى ايادي غريبة ... اخذت تستنشق انفاسا وترى وجوها واحضانا وتسمع اصواتا لم تعهدها قبلا. لم تجد الطيبة في الانفاس... البسمة في الوجوه... الدفئ في الاحضان... الحنان في الاصوات كما عهدتها في امها وابيها... حتى طعم الحليب، ما عاد لذيذا كحليب الام. بل كانت احيانا تحس بالقرف منه وتحاول قذفه الى خارج فمها الصغير، باكية، طلبا لتغييره باخر ارحم مذاقا.

 

اصبح البكاء سلاح ووسيلة لمنى للتعبير عن مطاليبها والدفاع عن حقوقها امام الكبار... كانت تبكي كلما امتدت اليها الايادي الغريبة لتأخذها من اهلها... تبكي في الحضانة، كلما تركت حضينتها غارقة في البول والوساخة... تبكي وتصرخ، كلما امتدت هاتان اليدان اليها، لتجبرها على الامتصاص واحتساء هذا الحليب الغريب والمقرف. بكت ثم بكت، الى ان اصبح البكاء الصفة الملازمة لمنى، وتحول معه جسدها الصغير الى عظام نحيفة يلفها الجلد.

 

مع اقرب اجازة لسامي، اسرع الوالدان الى زيارة الطبيب وعرض حالة ابنتهما المتردية عليه... بعد اجراء الفحوصات الدقيقة والاطلاع على الاشعة، استدعاهم الطبيب ليفضي اليهم بالخبر الصاعقة:

 

-          ابنتكم تمتص المني بدل الحليب احيانا... لقد تم اكتشافه في معدتها!!!.

 

تجمدت الدماء في عروق الاب ووقف كالابلى... اخذت الام تصرخ وتبكي... استدعى الدكتور السكرتيرة وطلب منها كتابة تقرير الى المستشفى، لتحويل الصغيرة للعلاج ، وتقريران الى الشرطة والجهات الامنية!!، لاتخاذ الاجراءات اللازمة وضبط الجاني، مع ارفاق نسخة من فحوصاتها بكل تقرير. استدعت الشرطة جميع الرجال، الذين كانت لهم علاقة بالعائلة، بضمنهم الاب، سامي... بعد اجراء الفحوصات اللازمة على الجميع... خرجت النتائج لتلحق الجريمة بفراش الحضانة!!!.

 

هذا المجرم، كان يستغل كسل الحاضنين وتقاعسهم عن اداء واجباتهم، للخلوة بالاطفال... وقد اوقعت الاقدار السيئة منى الجميلة بين مخالبه... يريح نزواته المريضة بفمها الصغير ويجبرها على امتصاص سموم منيه بدل الحليب!!!.

 

بعد اسبوعين من تقديم الشكوى وانتظار امر المحكمة، استدعت مديرية الامن العامة سامي وابلغته ما يلي:

-          يؤسفنا ما حدث لابنتكم ولكم ونبلغكم باننا سنحصل على وعد من المعتدي بعدم الاعتداء عليكم مرة ثانية.

-          ولكن يا سيدي، ما فعله هذا الفراش، يعد اجراما ... نحن نريد تقديمه الى العدالة لينال عقوبته.

-          اسمع يا سامي، نعلم بانك عسكري ، دارس ومجتهد، وزوجتك ايضا موظفة، دارسة ومجتهدة... ولكنه رفيق حزبي ... ومجتهد!!! لا يمكنكم المساس به في هذه الحالة. نرجو ان تعودوا الى رشدكم وتبحثوا عن حضانة اخرى لصغيرتكم و... بلا متاعب!!!.

 

بعد هذا البلاغ من مديرية الامن... ايقن سامي ورنيا من عدم جدوى استمرارهما بطلب العدالة للملاك الضحية ولهما... اخذا يبحثان عن سبل الخروج من هذا الجحيم الذي لا يستطيع ان يستمر فيه الا الظالم... اسرعا بترتيب الاجراءات الغير قانونية للهروب ... قاما بتصفية بعض اثاث البيت... ومع استلام رواتبهما الشهرية، انطلق الملاك الجميل مع والديه هاربا من سجون الظلام والجهالة والعبودية.

 



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنافق
- لن أعود اليك
- سيحدث غدا
- الشهيدة مركريت جورج مقاتلة اشورية، اغفلها الكتاب الاكراد وال ...
- رأفة بالعراق المثقل بجروح الأمهات والأرامل والأيتام
- اتكمن المشكلة في التسمية ام في المناصب؟؟؟
- ماهذا بتمثيل للشعب الاشوري
- الى اللجنة التحضيرية والمشاركين في مؤتمر المعارضة العراقية ف ...
- قضية المرأة واعدائها الحقيقيين


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - الملاك الضحية