أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عيد ميلاد البابا تواضروس














المزيد.....

عيد ميلاد البابا تواضروس


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5691 - 2017 / 11 / 7 - 15:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عيد ميلاد البابا تواضروس


هاتفتني الزميلة "مي عبد الرحمن"، رئيسُ القسم الثقافي بجريدة فيتو، تُذكّرني بعيد ميلاد قداسة البابا تواضروس الثاني، وتطلب منّي كلمةً للملف الذي دشّنته الجريدةُ احتفالا بعيد ميلاد قداسته وعيد رسامته أيضًا في شهر نوفمبر. وأعلمُ يقينًا أن الرهبانَ، والبابا في الأصل راهبٌ، لا يحتفلون بأعياد ميلادهم، بل هم لا يكادون يتذكرّون تلك المناسبات الدنيوية التي تشغل بال معظم البشر. ليس وحسب لأنهم رجالُ دين، ورجالُ الدين في الغالب مشغولون بالدين عن الدنيا، إنما يتخطى الأمرُ ذلك بكثير؛ حالَ الكلام عن الرهبان. فالراهباتُ والرهبانُ، يوم رسامتهم، يُصلَّى عليهن وعليهم "صلاةُ تجنيز" (كما نُصلّى على موتانا في الجنائز). وكأنهم قد رحلوا الدنيا، وماتوا! وهو طقسٌ رمزي يشير إلى أن مَن اختار لنفسه حياةَ الرهبنة والبتولية، فإنه يُقرُّ، بكامل رضاه، أنه قد فارق دنيانا الأرضية بكافة مباهجها، وكرّس نفسَه بكاملها لخدمة الله. لا يتزوج الراهبُ، اقتداءً بالسيد المسيح الذي لم يعرف النساء. ولا تتزوج الراهبةُ، تشبّهًا بالعذراء مريم، أطهر نساء الأرض، عليها وعلى ابنها السلام. ويتخطّى الأمرُ انقطاعَ الصلة بالعالم، إلى حدِّ تنازل الرهبان والراهبات عن كل ما يمتلكونه من متاع الدنيا من بيوت وأموال وحتى الشهادات العلمية. حتى الثوب الذي يغطّي الجسد، يرتدونه دون ملكية. وهل يمتلكُ "الميتُ" شيئًا؟! تلك هي الرمزية النقية التي تُشكّل حياة الرهبان الصعبة. طلاقٌ كامل وتامٌّ ونهائي مع الأرض، وحلولٌ كاملٌ وتامٌّ وأبديٌّ في السماء. فماذا يعني، إذن، "عيدُ ميلاد" لبشر مثل هؤلاء الزاهدين؟! بالتأكيد لا يعني شيئًا. لكن بوسعنا نحن المصريين الاحتفال بيوم ميلاد رجل نبيل أثبت وطنيته في المحكات الصعبة ووفاءه غير المشروط للوطن. وشاءت المصادفة أن يتزامن يومُ ميلاد البابا، مع يوم انتخابه للكرسي البابوي. فكلا اليومين يوافق 4 نوفمبر. أما رسامته الرسمية فكانت يوم 18 نوفمبر 2012؛ ليصبح البابا رقم 118 من باباوات مصر.
والحقُّ أن هذا المقال ليس تهنئة بعيد ميلاد صيدلانيّ نال زمالة الصحة العالمية بانجلترا، قبل أن يُلقي بدرجاته العلمية ليغدو راهبًا ثم بطريركًا. إنما هو تذكِرةٌ لنا ببعض ما صنعه البابا من أجل استقرار مصر، ووحدة المصريين وعدم شتاتهم.
ليس بوسع أحدٍ إنكار صنوف الأذى والويل التي تعرض لها أقباطُ مصر، منذ يناير 2011، وقبلها، والتي تضاعفت بشاعتُها بعد سقوط الإخوان. وكأن إخوان الشيطان، ينتقمون من مصرَ، ليس فقط في شخص الجيش والشرطة والمؤسسات، بل كذلك في شخص أقباط مصر. ولكن الأقباط أبدًا لم يقابلوا الإساءة بمثلها. فهم، كما وصفهم قداسةُ البابا شنودة رحمه الله: “لا يعرفون سوى الحب". لهذا قابلوا حرقَ الكنائس وقتل المصلّين في أعيادهم بمزيد من حب مصر. وكان ظهيرهم دائمًا رأسُ الكنيسة الذي يدعمُ تسامحَهم، ويُعزّزُ غفرانَهم للمسيء.
عوّدنا باباواتُ الكنيسة المصرية، جيلاً بعد جيل، وعهدًا بعد عهد، أن يقدّموا لنا درسَ الوطنية المدهش، والحبّ غير المشروط لمصر أرضًا وبشرًا. يشهدُ التاريخُ لأقباط مصر معدنهم النقيّ الذي لا يتبدّل مهما قدّموا من أرواح شهدائهم؛ فداءً لمصر. هكذا المعادن الشريفة والأحجار الكريمة، كلما صُهرت في النار؛ ازداد نقاؤها وعلت درجاتُ بريقها.
لا ننسى أبدًا للبابا تواضروس في لقائه بالمستشارة الألمانية، عدم إشارته إلى حرق الكنائس وقتل المصلين وغيرها من أهوال. ورفضه إلماحَها لاضطهاد الأقباط في مصر. بل أخبرها أن الأقباط تحسنت أوضاعهم بعد 30 يونيو 2013! ماذا دعاه للنفي بينما دماءُ الأقباط لا يتوقف نزيفُها؟! إنها الوطنيةُ. منعته حكمتُه من نشر ملابسنا على حبال الأغراب، مهما أظهروا من حبّ ودعم. قداسة البابا تواضروس رفض، كما رفض من قبله قداسةُ البابا شنودة رحمه الله، أن تُحلَّ مشاكلُ الأقباط من "خارج" مصر. لأن مصر أولى بحلّ مشاكل أبنائها. تحية احترام لرجل نبيل يقود شعبًا نبيلا، لا يعرفُ سوى المحبة، التي لا تسقط أبدًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد جلال يرفع مرآة ميدوزا في وجوهنا
- هل تذكرون الدكتور محمود عزب؟
- الفنون والسجون
- صناديقُ عمّ محفوظ
- جيشُنا العظيم أحبطَ حرقَ مصر
- صراعُ الخير والشر … عند أجدادنا
- سميرة أحمد ... خيوطٌ في حب مصر
- هل المسيحيُّ في ذمّتي؟!
- دمُ القسّ في رقبة هذا الرجل
- إني لأعجبُ كيف يمكنُ أن يخونَ الخائنون!
- عصفورٌ بلا حقيبة
- كيف ينجح الناجحون؟
- أنا اليومَ مشغولةٌ بلحظة فرحٍ لعيون الحجازية
- الزمن النظيف فوق الشجرة
- المنيا ... على مسافة السكة … شكرًا يا ريّس!
- نصير شمّة…. تِهْ موسيقى
- مثلثُ التفوق والإنسانية
- لماذا اليابانُ يابانُ؟
- قطعةٌ من الفرح في صندوق الحَزَن
- أسئلة (مفيد فوزي) الحرجة! العيل بيجي برزقنا!


المزيد.....




- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عيد ميلاد البابا تواضروس