أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناهض موسى - الارهاب..سلوك عدواني أم سلوك نكوصي..د.ناهض موسى















المزيد.....

الارهاب..سلوك عدواني أم سلوك نكوصي..د.ناهض موسى


ناهض موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5689 - 2017 / 11 / 5 - 23:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في كتابه خلل في الحضارة يشير عالم النفس سيجموند فرويد Freud :
( ليس الانسان قطعاً ذلك الكائن الطيب , ذا القلب المتعطش للحب بل هو على العكس من ذلك , كائن يتحتم عليه ان يصنع في حساب معطياته الغريزية نصيباً كبيراً من العدوانية فالإنسان في الواقع , يغريه ان يشبع حاجته الى الاعتداء على قريبه, ويستغل عمله دونما تعويض , ويستعمله جنسياً من دون موافقته , ويستولي على سلعه ويذله, وينـزل به الآلام ويضطهده ويقتله , وهذا يعني ان العدوانية ليست امراً عارضاً, بل من مقومات الكائن البشري ( كورناتون , 1985, ص65) .
وأكد فرويد ذلك مرارا في نظريته التحليل النفسي Psychoanalytic Theory
إن العدوان Aggression هو نمط من السلوك المعبر عن غريزة الموت , أي ان هناك ميلاً فطرياً لدى الأفراد للاعتداء على بعضهم , او ان العدوان الذي يستثار لديهم انما هو نزوع فطري غريزي متجذر في الطبيعة البشرية , فهو يرى الانسان كائن سلبي عاجز و شرير بطبعه, وميال الى العدوان, او ذئب يبحث عن فريسة أو على حد تعبير فرويد ( الإنسان ذئب الإنسان) , والسبب كونه شريراً لهذه الدرجة من الشدة والقسوة لأنه (نظام من الطاقة ) (88-Freud, 1930,p89 ) فهي المسؤولة عن سلوكه العدواني ، اذ تنشأ اثر الهياج او التوتر في بدنه ثم تتحول بعد ذلك الى أماكن مختلفة ، فان أعيقت هذه الطاقة في مكان ما ، فقد تتجه الى مكان اخر لتجد لها منفذا ليحدث فيه التفريغ او التنفيس ، ذلك ان حبس هذه الطاقة وعدم السماح لها من التفريغ ، ربما يولد كبتا وهو الأمر الذي يؤدي الى التوتر من ثم الى العدوان او الارهاب كون العدوان هو قاعدة السلوك الاجرامي ، ويرد فرويد السلوك الى دوافع أوليه هي الغرائز والتي لا يمكن تحليلها الى ابسط منها , وان الغرائز جميعها تهدف الى خفض التوتر او التهيج الى حدها الادنى وصولاً الى القضاء عليها تماماً في نهاية المطاف , وان غرائز الانسان ذات طبيعتين تلك التي تنشد الوحدة والمحافظةعلى النوع والتي أطلق عليها الغرائز الشهوية Erotic instincts بنفس المعنى الذي استخدمه افلاطون بكلمة Eros او كلمة جنسي Sexual .. وهناك الغرائز التي تنشد التدمير و القتل والتي نضمها جميعاً باعتبارها غرائز العدوان او التدمير . بمعنى ان هناك قطبين غريزيين هما ( ايروس )Eros و ( ثناتوس ) Thanatos أي غريزتي الحياة والموت , او اللبيدو والعدوان , وتمثل غرائز الحياة والموت القوى التي تكمن وراء غرائز الجنس والعدوان وهي بهذا تمثل الميول البايولوجية لدى الكائن الحي بصفة عامة .
ومنه أي من كتابات فرويد الاولى صاغ دولارد(Dollard ) المبدأ العام للإحباط والعدوان في نظرية الإحباط – العدوان Frustration – Aggression Theory وطبق دولارد نظريته على احد مجتمعات الولايات المتحدة وقام بتحليل استجابة طبقة الملونين للإحباط الذي تفرضه الجماعة البيضاء – وبهذا أمكنه الكشف عن التأثيرات النفسية للتركيب الاجتماعي على تنظيم الشخصية والسلوك ، مفترضا ان الإحباط يستثير دائما استجابة عدوانية ، الا ان السلوك العدواني قد يأخذ صورا عدة . فاحيانا ما يتم توجيه العدوان نحو العامل المسبب للإحباط ، وأحيانا أخرى يتم توجيه العدوان نحو أبرياء . وبعض صور العدوان قد تكون قوية واضحة غير متخفية ، وأخرى ضعيفة او متخفية .
فيما يرى لورنز Lorenz الحاصل على جائزة نوبل والذي يوصف بانه أب علم الايثولوجيا حول طبيعة العدوان عند الانسان بانها مماثلة بصورة او اخرى للنظرية التي قال بها فريد عن غريزة العدوان ويرى شأنه شأن فرويد, ضرورة اطلاق الطاقة التدميرية من حين لآخر لئلا تتراكم الى حد الخطر.
ففي كتابــه عـام 1963(الشر المزعوم Das sogenannte Bose)
يقرر لورنز ان السلوك العدواني عند الانسان والحيوان هو تعبير عن دافع ولادي . وان هذا الدافع يسعى الى الاشباع والتعبير عنه عند تحريره واطلاقه من خلال عامل مثير معين . بعبارة اخرى , فان لورنز يرى ان العدوان ينبع اساساً من غريزة للمقاتلة يشترك فيها الانسان مع كثير من الكائنات الاخرى . وان هذه الغريزة قد نمت خلال عملية التطور لأنها ادت الى فوائد جمة فالتنافس او تشكيل سلم من نظام اجتماعي يؤدي الى ظهور القادة ( اسماعيل , 1988 , ص31) .
والعدوان لا يوجد بشكل ليس له ما يبرره , ومن غير المفيد بيولوجياً ان يؤدي العدوان الى موت كائن وارهاق الاخر. ويشير لورنز الى انه بالاضافة الى وجود غريزة للمقاتلة فان كل الكائنات لديها صور من الكف والضبط تحول بينها وبين مهاجمة الاخرين من نفس نوعها . وتتفاوت تلك الصور من الكف وفقاً لدرجة قابليتها لإيقاع الاذى بالضحية . وهكذا , فان حيوانات مفترسة مثل الاسد والنمر , المزودة بوسائل طبيعية لقتل المخلوقات الأخرى , تمتلك صوراً قوية من الكف لضبط سلوكها الهادف الى مهاجمة الاخرين من نوعها , بينما نجد ان كائنات اخرى اقل خطراً مثل الانسان تكون عوامل الكف لديها اضعف من ذلك بكثير ( baron, 1977,p32 ) . ويفترض لورنز ان طاقة العدوان التي تنبع من غريزة المقاتلة تتولد تلقائياً داخل الكائن بصورة مستمرة وبمعدل ثابت وتتراكم بشكل منتظم مع مرور الزمن . وعلى هذا فان السلوك العدواني الواضح يتوقف على درجة تراكم الطاقة العدوانية من جهة, ولوجود درجة فاعلية العوامل المثيرة للعدوان في البيئة المباشرة من جهة اخرى . وكلما زادت الطاقة العدوانية عمل اضعف مثير على اطلاق حالة من العدوان الواضح... واذا مضى وقت كافٍ منذ اداء الفعل العدواني السابق , فان مثل هذا السلوك قد يحدث بشكل تلقائي في الغياب الكلي للمثيرات التي يمكن ان تعمل على اطلاق العدوان ومن نماذج ذلك اننا يمكن ان نجد حيواناً ينشد المتاعب , وانسان يفعل الشيء نفسه ( Baron, 1977,p33 ) .
من هذا نرى ان لورنز يستند في آرائه حول السلوك العدواني الى نظرية الدافعية التي صاغها في الخمسينات للسلوك الجنسي او الغذائي , انما تتوقف على تراكم طاقة خاصة بتلك النشاطات في مركز الجهاز العصبي . ويتم تحرير هذه الطاقة عند ظهور منبه او مثير مناسب , على الطاقة – حتى في غياب التنبيه – لا بد وان تجد مخرجاً لها من خلال منبه قد يكون غير ملائم او حتى في فراغ ( Crook, 1973,p33 ) . ومع ان لورنز يرى ان العدوان امر لا مفر منه ينبع اساساً من قوى ولادية , الا انه يبدو متفائلاً بدرجة ما فيما يتعلق بامكانية خفض او ضبط العدوان . فهو يرى ان الاسهام في نشاطات ذات طبيعة عدوانية غير ضارة قد يحول دون تراكم الطاقة العدوانية الى ان تصل الى مستوى خطر , الامر الذي يمكن ان يعمل على خفض احتمال حدوث انفجارات عنف ضارة بالآخرين كما هو الحال في الارهاب , وان مشاعر المحبة والصداقة للآخرين قد تتعادل مع التعبير العدواني الصريح وتميل بالتالي نحو إعاقة حدوثه بعبارة اخرى , فان لورنز يرى ان الالعاب التنافسية يمكن ان تشكل مخرجاً للعنف الجماعي للامة . و انه من خلال الطقوس والاعلاء قد يمكن ان تشكل مخرجاً للعنف الجماعي للامة . وانه من خلال الطقوس والإعلاء قد يمكن استئناس العدوان بدرجة كافية لتجعل الحياة ممكنة . ولورنز بهذا يريد ان يشير الى انه يمكن من خلال تبني مقاييس ملائمة ايجاد مسارات بديلة للعدوان او للعنف والارهاب وضبطه.
وفي العودة لآراء فرويد.. لقد كان لأحداث الحرب العالمية الأولى الاثر الكبير على أفكاره خصوصا بعد ما شاهده من دمار وقتل وتخريب, اذ اعتبر فرويد الحرب بحد ذاتها ( سلوك نكوصي.. Regressive behavior ) اي عودة الى نوع من السلوك البدائي غير المتحضر (العيسوي, 1999, ص73) . واصبح موقفه اكثر تشاؤماً بكل ما يتعلق بطبيعة ومنشأ او أصل الارهاب ففي عام /1920 اقام للعدوان مكانه منفصلة باعتباره غريزة تستهدف التدمير فيما ارتكز بشكل ثانوي على الغرائز الجنسية وقد أدى الارتفاع بالعدوان الى مستوى غريزة منفصلة مستقلة عن غيرها من الغرائز الى توجيه ضربة قوية الى اي مفهوم حول الطبيعة البشرية الخيرة الطيبة للانسان ( اسماعيل , 1988, ص507) .
وعلى ذلك فالعدوان يتخذ سبيلين : الاول يكون اتجاهه الى الداخل بقصد تدمير الذات واما الثاني فيكون اتجاهه الى الخارج من اجل تدمير الاشياء والعالم الخارجي
ولما كان فرويد يرى ان العدوان خاصية ولادية عند الانسان , فانه لا يمكن عمل الكثير من اجل ايقاف الدوافع العدوانية من النمو . وان الارهاب – مثل قتل الغير – هو الصيغة الطبيعية التي يتخذها السلوك العدواني مالم يتم اعاقته من قبل القوى الكافة الضابطه . ويرى فرويد ان عوامل كف او ضبط السلوك العدواني تنمو خلال تفاعل الطفل مع اسرته . وعلى هذا الاساس, فان عملية التنشئة الاجتماعية للطفل الهادفة في السنوات الخمس الاولى من عمره التي تقوم على الدفء والحنان وتلبية الحاجات تعمل على تعزيز عوامل الكف او الضبط في مقابل العدوان ,وهي تقيم الأمل في تناقص العنف, وفي هذا الصدد يمكن الاشارة الى دراسة عبدالله التي أجريت عام 2003 وأثبتت ان 91% من المجرمين والمنحرفين كانوا يعانون من نقص الحب في طفولتهم ( قدوري ، 2003،ص29) .كما ان فرويد يرى بينما يكون للدوافع العدوانية أساسها البيولوجي , فان الكف ينمو خلال الطفولة كنتاج لحل الموقف الاوديبي وصياغة الذات العليا او الضمير(53Baron, 1977,p ) .
على ان هناك احتمالاً بان الانفعالات المتعلقة بالعدوان . أي- المعادات والغضب – قد تؤدي الى تفريغ لطاقة التدمير , ومن ثم تعمل على خفض السلوك الخطر المحتمل قيامه , وهذا الجانب في نظرية فرويد – اي مفهوم التفريغ( Catharsis ) كان دائماً يتم النظر اليه باعتبار ان التعبير عـن العـدوان بسلوك غيـر تدميري يكون عادة وسيلة فعالة بـمنع السلوك الخطـر- الارهاب- بمعنى ما لم تجد غريزة الموت طريقاً مقبولاً للتعبير عن نفسها ( من خلال نشاط يفرغ طاقتها كالرياضة مثلاً ) فان الناس سيلجئون الى العنف او إرهاب الاخرين من وقت الى اخر لإطلاق الطاقة التدميرية المتراكمة لديهم . ويعتقد فرويد اننا بحاجة الى التعبير عن هذه الطاقة التدميرية المدمرة الكامنة لدينا تماماً مثل حاجتنا الى الطعام والشراب من حين الى اخر (wrights man, 1981,p268 ) فان عدم تصريف العدوان الكامن في الانسان بإيجاد مخرج له وبطرق مقبولة اجتماعياً فانه سيكون مدمراً للذات او للاخرين بتحوله لسلوك عنيف ومرفوض ( دافيدوف , 1983, 509) وبحسب فرويد من الممكن اضعاف , او ازالة العدوان عن طريق شكل ما من السلوك البديل الاقل تدميراً او غير المدمر , وبذلك فان التفريغ يصبح تطهيراً للميول التدميرية الناتجة عن العرض المؤثر فقط .. وليس بالضرورة التنفيذ الفعلي لمثل هذه الميول .



#ناهض_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب النفسي..Psychological Terrorism


المزيد.....




- بعد ارتفاع أسهم تسلا عقب الانتخابات الأمريكية.. كم تبلغ ثروة ...
- وزير الخارجية الفرنسي: لا خطوط حمراء فيما يتعلق بدعم أوكراني ...
- سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت (فيديو)
- هل تعود -صفقة القرن- إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى ال ...
- المسيلة في -تيزي وزو-.. قرية أمازيغية تحصد لقب الأجمل والأنظ ...
- اختفاء إسرائيلي من -حاباد- في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه ن ...
- أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة ...
- بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة ...
- -القسام- تعرض مشاهد استهدافها لمنزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية ...
- للمرة الأولى... روسيا تطلق صاروخ -أوريشنيك- فرط صوتي على أوك ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناهض موسى - الارهاب..سلوك عدواني أم سلوك نكوصي..د.ناهض موسى