أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - يحدث في الفجر














المزيد.....

يحدث في الفجر


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 5687 - 2017 / 11 / 3 - 19:28
المحور: الادب والفن
    


(هذه القصة مكتوبه قبل 37 سنة وهي من دفتر فيه أكثر من خمسين قصة عثرت عليه لدى اهلي عقب الأحتلال الأمريكي2003، طبعا أعدت كتابتها هذا اليوم)
يحدث في الفجر
سلام إبراهيم
- من حوّلَ كومة من الحديد إلى فوهة تطلق الموت للإنسان؟!.
سأل همساً جندي زميله الواقف جواره في الصف .
- ...!.
أردف:
- أي ملعون هذا!.
ردَ الأخر بخفوتٍ بالكادِ يُسْمَعْ:
- ملعون حقاً!.
البندقيةُ قديمةٌ خَشب أخمصها متآكل.
- كم إنسان قتلت هذه الفوهة؟!.
أجابَ الأخر بعد صمتٍ قصيرٍ:
- يجوزْ!.
رد بصوتٍ مسموعٍ وبغضبٍ:
- يجوزْ.. يجوزْ.. أتشك بذلك؟!.
- ...!.
أنتظرَ قليلاً، ثم أكملَ جازماً:
- من المؤكد أنها قتلت عشرات.. بل مئات من الأبرياء!.
فكرَ زميلهُ الساكت إلى جانبه بهم، وسرح بعيداً...
أخذوهم فجراً من زنازينهم المعتمة الرطبة، مكبلين بالحديدِ إلى فناءٍ واسعٍ. كانوا يهتفونَ بحناجرٍ متوقدةٍ تعانق الأفق البعيد، وأعقاب البنادق تنزل على رؤوسهم بقسوة. صفوهم لصق حائط يتوسط الفناء ورجعوا عشر خطوات. ملأت هتافاتهم فضة الفجر فيما استقامت البنادق وأنطلق الرصاص فهوتْ الأجساد الناحلة في الصمت على الإسفلت ساكنةً.
في زيارة التعزية قالت أم القتيل:
- كان مضروباً في جبهته!.
كانَ يحدق بالقتيل يطلُ من الحائطِ المقابلِ باسماً غير مكترثٍ بأحزانِ المعزينَ.
أردفَ الجندي بصوتٍ مسموعٍ هذه المرة:
- كَمْ طفل بريء وامرأة كردية، وسجين قتلتها هذه الفوهة!.
خرجَ من صمتهِ قائلاً بخفوتٍ:
- أسكت ماذا دهاك؟!.
أشار إلى بقعة جافة قرب قدميه وقال:
- أنظر.. أنظر.. إلا ترى بركة دم!.
كانت كفه تقبض بماسورة البندقية ملتفةً حول فوهتها المعتمة.
- ...!.
- لنجلب حبلاً!.
قال بصوتٍ سمعهُ كل الجنود، فالتفتوا نحوه يحملقون بدهشةٍ.
- ...!.
- لنشنق البندقية!.
- أسكتْ.. أسكتْ ماذا أصابكَ؟
تعالت الأصواتُ بهمسٍ خشيةً من الضابطِ الواقفِ على مقربةٍ.
صاحَ هذه المرة بصوتٍ أنتشرَ في الساحة:
- أجلبوا حبلاً سأشنقْ البندقية!.
وهبَّ راكضاً خارج الصفِ مكرراً جملته:
- حبلاً.. حبلاً سأشنقها.. سأشنقها.. حبلاً.. سأشنقها!.
تَسّمَرَ زميله في مكانهِ محملقاً في الجندي الراكض صوبَ الشمس التي اشرأبت بعنقها الجميل فتلألأ قرصها من بين نخيل البستان البعيد. كان يبتعد مردداً بجنون:
- أريدُ حبلاً.. حكمتُ عليها.. أريدُ حبلاً!.
وهجموا عليه من كل الجهاتِ، جنودٌ وضباطُ صف إلى أن رمى أحدهم نفسه وأمسك قدميه، فسقطَ أرضاً، لم يكف عن الصراخِ. غطتهُ الأجسادُ وضاعتْ الكتلةُ بفيضِ الدمِ المنسكب من القرص الدامي.
فركَ عينيه وركزَ نظره، فرآهم يظهرونَ من نهرِ الضوء الأحمر حاملينَ زميلهُ موثوق اليدين والرجلين، ومكمم الفم، ويتوجهون نحو بنايات المعسكر.
صاح الضباط:
- إلى التدريب عادةً سر!.
17-3-1978
الديوانية - العراق



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرف من خبر عائلة ال سوادي الشيوعية
- حفيدتي
- سوف لا أشتمك
- تجربتي الثقافية مع الحزب الشيوعي العراقي. 1- كراس عن شهيد
- انتقام
- لحم حار
- كيف يفشل النص حينما يُبنى على فكرة غير دقيقة
- الإنجاز الإبداعي لتجربة -مظفر النواب- في ميدان القصيدة الشعب ...
- الحُلو الهارب إلى مصيره رواية العراقي -وحيد غانم-: عالم الشا ...
- البنية الفنية لقصيدة الشاعر الراحل علي الشباني
- المثقف المدني العراقي.. هل هو موجود في الواقع؟!.
- من قصص الحرب؛ كم واحد؟
- من يوميات الحرب أ هذا بشر؟!.
- لقاء وحيد
- في تجربة مظفر النواب الشعبية -1- علاقة أشعار مظفر بالوجدان ا ...
- في الوسط الأدبي العراقي - الأديبة العراقية بنت بيئتها
- في حوار شامل، الروائي العراقي سلام إبراهيم: اليسار العربي ضع ...
- شهادات -1- ثابت حبيب العاني وبدر شاكر السياب
- أدب السيرة الذاتية العراقي
- قيامة في ليل


المزيد.....




- الموت يغيب النجم المصري الشهير سليمان عيد
- افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمهرجان موسكو السينمائي الدو ...
- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان
- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - يحدث في الفجر