أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سلام ناصر الخدادي - طرزان حكيم الزمان














المزيد.....

طرزان حكيم الزمان


سلام ناصر الخدادي

الحوار المتمدن-العدد: 5687 - 2017 / 11 / 3 - 16:50
المحور: كتابات ساخرة
    


طـرزان حـكـيـم الــزمـان
سلام ناصر الخدادي

بعد ان أمضى حياتَه نصفَ عاريا .. متنقلاً بين الاحراشِ والاشجار .. يتسلى برمي القشورِ بعد أن يأكل الثمار ..
يتدلّى من غصنٍ الى غصن .. متنقلاً بين الأشجار .. يداعبُ هذا الحيوان ، ويستفزّ الآخر ، ويدجّنُ ذاك ويتسابقُ مع أولئك .. حتى أضحى حيوانا مثلهم على هيئةِ بشر ، اسلوباً وتصرفاً وحتى بالفكر !..
قرّر طرزان قراراً خطيراً ، وأرادَ بذلك أن يظهر بأسلوبٍ مغايرٍ عمّا عُرفَ عنه وعن تصرفاتِه ..
ففي إحدى الليالي ، طافَ عليه كابوسٌ مزعجٌ ثقيل .. أخذ منه مأخذا .. وصار يئن ويزمجرُ .. ويهمهمُ بكلماتٍ ويتذمّرُ .. ويحاولُ الهروبَ من حلمهِ الثقيلِ ، بالصراخِ مرة والعويل ..
وما أن اصبحَ الصباح ، حتى جلسَ طرزان وفكرّ ملياً في حلمِ ليلةِ أمس!
وقرّر أن يمضي قدماً بتحقيقه ..
فارتدى جبةً ، واعتمرَ عِمامة ، وأطلقَ ذقنه ، كي تشعر الحيوانات بفارق العلامة !.. ونادى الحيواناتَ جميعاً بأعلى صوته المعهود ..
" أنا طرزان .. صرتُ طرزان الحكيم .. وعليكم أخذ الحكمة والنصيحة مني .. سأتحدثُ باسمكم .. وأنوبُ عنكم في كل شيء "
اقتربت الحيواناتُ حوله واجتمعت ، وشيئاً فشيئاً تجمهرت .. ونظروا اليه بدهشةٍ واستغراب !! وسألوه ، لعلهم يسمعون الجواب !!
_ حكيم ؟ طرزان .. صار حكيماً ؟
تعالتِ الاصواتُ .. واختلفت النغماتُ .. بين مستهزئ ومستهجن .. بين ساخر ومؤيدٍ .. بين مكذبٍ ومصدقٍ !!
_ أحقاً ما يقول ؟؟ كيف حصل هذا ؟؟ ومتى ؟؟ (قالت الحيوانات)
_ من هذا اليوم .. (قال طرزان) .. بعد أن طاف عليّ وَحـيٌ ليلةَ أمس .
صاحَ أحدُ الحيوانات : بالأمسِ تلعبُ وتقفزُ مع القرود ..
ردّ آخر : ورأيناك تسابقُ الارانبَ والفهود ..
_ تعبث بالثمارِ والاشجار
_ تركبُ البغلَ والحمار ..
لم نعرف لك قصداً أو وجهاً او دين ..
_ فهل انت صادقٌ بما تدّعي يا فطين ؟
هتفَ طرزان : ههه كلّ هذا ، بالأمسِ كان .. ولا نعيدُ ما كان !! اما اليوم ، فأنا الحكيمُ الفهيم .. ولأجلِ أن تصدقوني .. سأدعوكم جميعاً لقضاءِ يومٍ جميلٍ بديع .. على شاطئ تلك البحيرة (واشار بيده الى مكانها) .. لنتصالح جميعاً ونجعل الدنيا ربيعاً في ربيع :
الاسودُ مع الغزلان .. القططُ مع الفئران .. الذئابُ مع الارانب .. والافاعي مع السناجب .. من هذا اليوم ، لا خصومات ، لا كراهية ، لا عداوات .. هناك .. في ذلك المكانِ تجتمعون .. فما أنتم قائلون ؟؟
همهمَ كلبٌ هرمٌ ، ونبحَ بصوتٍ منخفضٍ .. بعدما أزاح أذنيه المتدليتين عن عينيه : سلمتْ أفكارك .. واحسنتَ القولَ يا طرزان .. اوافقك الرأي باختيارِ الزمانِ والمكان .. سأكون اولَ الحاضرين ، ومعي عدد من الجراءِ لخدمةِ الوافدين !
تنحنحتْ عنزةٌ بدينة ، وأومأت برأسِها بعدما تثاءبت : يا جمالَ الرأي السديـد .. والقول المفـيـد .. وأغمضت عينيها بسباتٍ مديد !!
هـزَّ كلبٌ ذيله .. وصالَ وجالَ فرحاَ ، وقال : سأنبحُ .. وأنبحُ .. حتى أجمع القطيع .. يا له من أمر مريع !! سنكون لكَ السندُ السنيد .. ومن يخالفك الرأي ، نعدّ لـهُ التهديدَ والوعيد ..
جاء الخروفُ الى طرزان مبايعاً : وأنا يا سيدي .. مشهودة لي الموائد .. وحضوري هو السائد .. سأجمع الشياه والنعاج والخراف .. ولتكن ليلة يعلو فيها الصياح والهتاف ..
بخلسةٍ وصل ابن آوى متلصصاً فرحا منتشياً .. يا لها من فكرةٍ عظيمة .. سنشارك جميعنا بهذهِ الوليمة .. أنا وجميعُ بناتِ آوى لك مشاركون .. ولأفكارك مقدّرون .. فانت الفهيمُ الحكيم .. ولك وحدك القولُ السليم !
قفزَ قردٌ على الشجرةِ .. وتأرجحَ بأغصانِها مثل الكرة .. ووثبَ على كتفِ طرزان وهمسَ بأذنه : يا سيدي الحكيم الفهيم .. دع الترفيهَ لي .. فانا بهِ عليم .. سأمتعكم بالمسابقاتِ والاغاني .. وابهركم بلعب السيرك والبهلوانِ .. والعبُ مع الاطفالِ والكبار .. لي خبرةٌ طويلة بهذا المضمار !
بعد برهة تعالت الأصوات .. فتقدم الحمار .. هزَّ رأسه يميناً وشمالاً .. نهقَ بصوته المعروف قائلاً :
سمعاً وطاعة سيدي .. هل لي بمنصبٍ معك ؟ وأنا المدافع عنك .. وأرفس كل من يخالفك !
رد طرزان : ستكون نائبي الامين .. ونعملُ بصبرٍ متكاتفين ..
قال الحمار : يا حكيمَنا يا طرزان .. هل دعيتَ ذوي الشأنِ والبيان ؟ وغابتنا ملأى بالرموزِ والأعيان .. وكل منهم ، يشار له بالبنان !!! فمن يأتي ؟ ومن يرفض ؟؟ ومن لا يعجبه المكان ؟؟
أجابه طرزان حكيم الزمان :
يا صديقي ونائبي الحمار الأمين .. كان قولي واضحٌ مبين .. لكنك يبدو تحبُ الاعادة .. ومثلما يقال .. في الإعادةِ إفادة !!
رد الحمار : أعـد يا سيدي أعـد .. فما عـداك التفكير قد جـمـد !!
قال طرزان : سنعلن عن حفلنا العظيم الكبير .. وندعو الناسَ للصلحِ والصفـحِ والتفكير .. بعيداً عن البغضِ والكرهِ والخصام .. سنجعلُ الغابةَ تعيشُ بوئام .. ويعمُ الحبُ ويسودُ السلام ..
اهتفوا معي : هكذا يسودُ السلام .. هكذا يسودُ السلام !!
هتفت مجموعة صغيرة كانت قرب طرزان :
هكذا يسووووود .. وقبل ان تكمل جملتها ، قاطعتها مجموعة حيوانات أخرى .. ما هذا الهراء ؟؟ ماذا تهتفون ؟؟ انه مصيرنا وحياتنا .. ألا تفهمون ؟؟
هههه .. قالوا يسود السلام !! كيف نعيشُ بلا حروبٍ أو خصام ؟
عـمّ الهرجُ والمرجُ بالـغـابـةِ .. واختلطَ الحابلَ بالنابل .. هذا ينبحُ وذاك ينهقُ وتلكَ تموء وهناك ينعقُ .. وهذا يخور وذاك يصيحُ وآخر يصهـلُ ..
وقف بينهم الأسـدُ ونـظـر .. يتطـايـرُ من عينيهِ الـشرر .. وبأعلى صوته زأر .. أنـا ملـكُ الغـابـةِ ولـيَ الأمـر ..
سأقولها لكم الآن : هـذا آخـر الزمان .. أن نرى العجائب والغرائب .. ومنتهـى الـقبحِ والمصائب .. أن يكون طرزان .. هو الـفهـيـم وحـكيـم الزمان !! ألا لعنة على هذا الزمان !!
سيدني 12 / 10 / 2017



#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطوط الحمراء .. الخطوط الخضراء
- الفساد حين يكون توافقياً !!...
- يابن الرافدين
- الإقليم والأقاليم مرة اخرى !!
- أغمضي عينيكِ
- مَن يقودُ مَن ؟؟
- نفترضُ لو إنّا ..
- إفرازات الزمن الرديء
- المدارس الأهلية .. الواقع والطموح
- الأقليات العراقية والمشاركة الوزارية
- همسات دافئة
- الأقليات بين الحقوق والدموع !!...
- وددتُ أن أقول
- التوافق .. والفساد السياسي
- غربة الجسد
- لِمَ الصمتُ ؟
- أحبك اكثر
- من بذرة ... إلى شجرة للخوف !!
- طفلي المجنون
- انتظار


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سلام ناصر الخدادي - طرزان حكيم الزمان