أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باقر جاسم محمد - الخطاب السياسي و اللغة العادية














المزيد.....


الخطاب السياسي و اللغة العادية


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1468 - 2006 / 2 / 21 - 11:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يوصف كل استعمال للغة language لغرض التخاطب بأنه أداء كلامي performance ، و بأنه خطاب discourse، و بأنه نوع من السلوك اللفظي verbal behaviour. وهو في كـل الأحوال يهدف إلى تحقيق التواصل communication بين منتج الكلام و مستقبله سواء عبر الكلام أو الكتابة. و لسوف نمحص أوجه التشابه و الاختلاف بين نوع من الخطاب السياسي الذي يتناول مشكلات الواقع المحلي تحديدا ً كما يتمظهر في كلام الساسة و معاونيهم و الناطقين باسمهم، و اللغة العادية التي يستعملها رجل الشارع البسيط حين يتحدث عن المشكلات نفسها. و ليس القصد من التمييز بين الخطاب السياسي، و نعني به هنا خطاب الساسة من ذوي السلطة في كل زمان و مكان، و اللغة العادية القول باختلافهما من حيث كونهما مظهرين يمثلان تجسيدات متباينة للقدرات اللسانية لمستعملي اللغة، و إنما المراد أن نؤكد على اختلاف الغايات و المواقف الذي أدى إلى اختلاف في طبيعة الخطاب و وسائله. فما يبتغيه السياسي من خطابه يختلف بهذه الدرجة أو تلك عما يريده مستعمل اللغة العادي من كلامه في الموضوعات السياسية المحلية. و لذلك كان لا بد من الاصطلاح على كلام الشخص العادي باللغة العادية تمييزا لـه عن الخطاب السياسي النسقي لرجل الدولة. و اللغة العادية، بهذا الوصف،هي ذلك النوع من الخطاب المسخر لإغراض لا تتجاوز التعبير عن الحقائق المعاشية و عن الضيق و التبرم و حتى الاحتجاج الضمني أو الصريح على فشل جهود من يتصدون لقيادة الدولة و يملكون القرار في معالجة مختلف أشكال الاختلال البنيوية الجسيمة في حقول الأمن السياسة و الاقتصاد و الخدمات؛ و هي أمور يدفع ثمنها المواطن مستعمل اللغة العادية الذي لا يملك القرار.
و من المهم أن نذكـِّر َ بأن التواصل يكاد ينقطع بين مستعمل اللغة العادية و صاحب الخطاب السياسي لوجود اختلافات جوهرية بين الخطاب السياسي و اللغة العادية على الرغم من كونهما يتناولان القضية نفسها. و يمكن حصر أهم وجوه الاختلاف في النقاط الآتية:
1. يصدر الخطاب السياسي من جهة أعلى هي السلطة السياسية أو الحزبية أو الحكومية إلى جهة أدنى هي الشعب عامة بينما تصدر اللغة العادية من الشعب و قد لا يقصد منها مخاطبة السلطة السياسية مباشرة، و ذلك حين يتحدث رجل الشارع إلى صحيفة أو لإذاعة أو قناة فضائية.
2. يتسم الخطاب السياسي بكونه ذا بنية نظرية على درجة من التماسك، و هي بنية مستمدة من أيديولوجيا معينة هي الأيديولوجيا التي يتبناها النظام السياسي القائم بينما تتسم اللغة العادية بالبساطة، وهي تفتقر إلى البنية النظرية أو الأيديولوجية سوى كونها تعبر عن مطالب فئات الشعب بوساطة أشخاص عاديين، بمعنى أنهم لا يمتهنون السياسة، من أبناء الشعب.
3. يكون الخطاب السياسي، في الغالب، منمقا ً و على شيء من التعقيد في الصياغة و مفكرا ً به مسبقا ً، بينما تتسم اللغة العادية بالبساطة و التلقائية و المباشرة.
4. يهدف الخطاب السياسي بالأساس إلى إضفاء المشروعية على إجراءات السلطة السياسية في الماضي و الحاضر و المستقبل و لذلك فهو يتضمن وعودا ً من جهة و نقدا ً للآخر الأيديولوجي من جهة أخرى، بينما تركز اللغة العادية على المشكلات الراهنة و لا تهتم كثيرا ً بالوعود و لا تنزع إلى مهاجمة أية أيديولوجيا بعيدا ً عن قدراتها على الإنجاز.
5. القصد من الخطاب السياسي هو التوجيه لمن تمارس عليهم السلطة، فضلا ً عن
6.
7. تسويغ الأخطاء و الاخفاقات إن وقعت، و توضيح الخطط و الإجراءات المستقبلية. فهي إذن لغة آمرة في طبيعتها و تميل أساسا ً إلى التذكير بالواجبات. و رجل السياسة الذي ينهض بمهمة إنتاج الخطاب السياسي يزعم عادة بأنه إنما يعالج بخطابه مشكلات الواقع و ذلك لإخفاء الجوهر السلطوي لذلك الخطاب. أما مستعمل اللغة العادية فإنه يقصد إلى التعبير المباشر عن المظالم و الاخفاقات و الكشف عن المعاناة المؤدية إلى الاحتقانات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية؛ فهي إذن لغة واصفة توظف لغرض التشخيص و التحديد و المطالبة بالحقوق. و هي تنزع إلى الطلب و الرجاء من القابضين على السلطة بالإسراع في معالجة الاختلالات البنيوية المذكورة آنفا ً.
إن العودة إلى الخطابات السياسية في المرحلة الراهنة، سواء أكانت شفاهية أم كتابية، يظهر للقارئ الكريم مقدار ما تنطوي عليه هذه الخطابات من خصائص ذكرناها سابقا ً. كما إن العودة إلى اللقاءات التي تجريها المحطات الفضائية، على اختلاف اتجاهاتها السياسية، مع رجل الشارع البسيط من مختلف مناطق العراق تبين وحدة في الرأي و تطابقا ً مع قلناه عن لغة رجل الشارع العادية. و كل ذلك يؤكد مصداقية التشخيص الذي أوردناه في العموميات و التفاصيل. و لعل من المهم أن نذكر بأن اتساع الفجوة بين لغة رجل الشارع العادية و الخطاب السياسي هي من مظاهر الخلل في الأداء السياسي لأية حكومة. و إن من أولى واجبات رجل الدولة أن يبذل كل الجهود لتقليص هذه الفجوة. و من هنا فإن من المهم أن نذكـِّر رجل السياسة بأن يحسن الاستماع إلى لغة رجل الشارع العادية و أن يتخذ منها بوصلة هادية لـه في عمله لأنها تعكس الواقع بصدق و تجرد و شفافية. و هو إن فعل ذلك فسيجعل إنجازاته على أرض الواقع تتحدث بلغة أعلى من الخطاب السياسي المثقل بالوعود. عندها فقط يجمع السياسي شرعية الإنجاز الباقية إلى شرعية الانتخاب الزائلة.



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت الجميل ، فهل سيصمت كل جميل في حياتنا!؟
- قراءة جهرية في نص مسرحية صامت
- رسالة محبة للدكيور سيار الجميل
- أصدقاء الديمقراطية و أعداؤها
- حياة جديدة في كيريفاسو
- الأيديولوجيا و السلطة السياسية
- قريبا من الفن بعيدا عن السياسة
- نظرية الاحتمالات و نظرية المؤامرة
- الديمقراطية و الإصلاح السياسي بين الواقع و الطموح
- الكتاب المقدس: حول أصل اللغة و أختلافها
- أرسطو: حول الاستعارة
- من أغاني العاشق القديم
- أتألق دائما لأن مائي سيكون
- في أي الأرض...!؟ إلى جورج حاوي إنسانا
- مسألة ضمان حقوق المرأة في الدستور المنشود
- العمل السياسي ممارسة إنسانية الإنسان : رد على أسئلة الحوار ا ...
- الترجمة و حوار الحضارات / مقابلة مع الأستاذ باقر جاسم محمد
- حوار في مشكلة المصطلح في الكتابات الماركسية
- اليتم الكوني
- الفكر اللغوي الإغريقي:سقراط: حول الأسماء


المزيد.....




- وسط اللا مكان.. كوخ عمره 200 عام يحصل على نجمة ميشلان بأيرلن ...
- -نساء البحر- والشلال المقدس.. بين أسرار اليابان المذهلة!
- دول عربية ترفض -تهجير- الفلسطينيين من أرضهم وتؤكد على ضرورة ...
- ضم السعودية والإمارات.. اجتماع سداسي وزاري عربي في القاهرة ي ...
- شاهد لحظة وصول فلسطينيين مفرج عنهم من سجون إسرائيل إلى غزة و ...
- -ما الذي يمكن لإسرائيل وحماس تعلّمه من اتفاقيات وقف الحرب ال ...
- عدد طلبات اللجوء يتراجع بنسبة 45% في فنلندا والسلطات توقف در ...
- لبنان.. مقتل مونسنيور الأرمن أنانيا كوجانيان بظروف غامضة
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
- فتح معبر رفح لأول مرة منذ مايو وعبور50 مريضا غالبيتهم أطفال ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باقر جاسم محمد - الخطاب السياسي و اللغة العادية