أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - عن القدس والسينما/ مقالة














المزيد.....

عن القدس والسينما/ مقالة


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 5686 - 2017 / 11 / 2 - 12:38
المحور: الادب والفن
    


1
كان لمدينة القدس اهتمام بالسينما منذ ما قبل نكبة العام 1948 وإلى ما بعد هزيمة حزيران 1967 ، وقد استمر ذلك الاهتمام إلى ما قبل انتفاضة الحجارة في العام 1987، ثم وقعت القطيعة مع دور السينما، وذلك بإغلاقها طوال فترة الانتفاضة وإلى ما بعدها بسنوات، غير أن هذا الاهتمام أخذ يظهر من جديد، من خلال مركز يبوس الثقافي، وبعض العروض السينمائية التي يقدمها المسرح الوطني الفلسطيني، والمقهى الثقافي التابع للمكتبة العلمية، وعروض أخرى؛ تقدمها في المناسبات؛ المراكز الثقافية المختلفة في المدينة.
في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين وإلى ما قبل هزيمة حزيران، كانت دور السينما في القدس تشكل مع المقاهي والنوادي والمكتبات والفنادق والمطاعم، مظهراً من مظاهر النزوع المدني المرافق لنهوض الطبقة الوسطى، وما يستتبع ذلك من ميل إلى الترفيه عن النفس والتسلية، وإقامة علاقات اجتماعية منفتحة، وتواصل مع الأصدقاء.
وكانت في القدس ثلاث دور للسينما تقع اثنتان منها في شارع صلاح الدين، والثالثة في شارع الزهراء . كنت؛ وأنا طالب في المدرسة الرشيدية، أقطع الشارع نحو سينما الحمراء، أتفرّج على الملصقات التي تحمل صوراً لممثلين وممثلات، ثم أذهب للغاية نفسها إلى سينما النزهة التي تقع في آخر الشارع، ولا تبعد عن سينما الحمراء إلا مئتي متر أو أكثر قليلاً، وحين ظهرت سينما القدس في شارع الزهراء تعزّز حضور السينما في حياة المقدسيين والمقدسيات. وكان من اللافت للانتباه أن كلاً من دور السينما الثلاث كانت تقدم للجمهور ثلاثة عروض في اليوم الواحد؛ كل عرض يشتمل على فيلمين بتذكرة واحدة. العرض الأول في الثالثة والنصف عصرًا، والعرض الثاني في السابعة والنصف مساء، والعرض الثالث في العاشرة والنصف ليلاً. وكانت تقدم عروضًا إضافية في العاشرة والنصف من صباح يومي الجمعة والأحد.

2
دخلت سينما الحمراء أول مرة؛ وأنا في الثالثة عشرة من العمر، لمشاهدة فيلم سنوحي المصري، ولم يتوقف شغفي بالسينما منذ ذلك الوقت إلى الآن. كان ذلك في العام 1954، وكنت معنيًّا في سنوات المراهقة بأفلام العنف؛ كان ممثلون من أمثال جيف شاندلر وكلارك جيبل ومحمود المليجي وفريد شوقي، يحظون بإعجابي جرّاء استخدامهم لقبضات أيديهم ولمسدساتهم ضدّ الأشرار.
وكنت في الوقت نفسه معجبًا بالأفلام الكوميدية؛ وبخاصة أفلام اسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي وعبد المنعم ابراهيم؛ كنت معجبًا كذلك بأفلام الحب التي يتخللها الرقص الشرقي والأغاني العاطفية. وكنت أتابع بعض المجلات التي تعنى بأخبار نجوم السينما؛ مثل مجلة الشبكة وغيرها، وبادرت إلى مراسلة بعض الممثلين والممثلات. راسلت شادية وفاتن حمامة وأحمد رمزي وعبد الحليم حافظ، ولم يجبني على رسائلي سوى أحمد رمزي. طرت من الفرح حينما وصلتني رسالة منه، وحين كرّرت الكتابة إليه لم يردّ على رسالتي، فأقلعت عن مراسلته.
وأثارت اهتمامي أفلام رعاة البقر، صرت أميل إلى تقليد أبطالها، أرتدي ملابس تشبه ملابسهم؛ أذهب إلى سوق الباشورة في القدس القديمة، أشتري جاكيتات رخيصة من الجلد، وأحزمة عريضة، رصعتها بصفوف متوازية من الدبابيس ذات الطبعة الكبيرة، وأنتعل جزمة سوداء، وأضع على رأسي قبعة، ثم أمشي متمايلاً مثلما يمشي أبطال الأفلام.
في سنوات لاحقة، لم تعد تشدّني أفلام العنف؛ صرت معنيًّا بالأفلام الواقعيّة التي تصوّر أوضاع الفقراء وتتعاطف مع همومهم، وكذلك مع هموم الطبقة الوسطى. جذبتني الأفلام المصرية التي اعتمدت على روايات نجيب محفوظ ويوسف إدريس. وفيما بعد؛ أعجبتني أفلام يوسف شاهين وآخرون من بلدان عربية أخرى وأجنبية، وأعجبتني أفلام للفلسطينيين؛ غالب شعث، مصطفى أبو علي، ميشيل خليفة، هاني أبو أسعد، وإيليا سليمان، وكذلك أفلام للفلسطينيات؛ مي المصري، ليانة بدر، آن ماري جاسر، ليلى صنصور، وغير هؤلاء وأولئك.

3
قبل انتشار الفيديو والتلفاز، كان الذهاب إلى دور السينما أمرًا محتّمًا للراغبين في مشاهدة الأفلام. وكانت الأسر المقدسية تضع ارتياد هذه الدور ومشاهدة الأفلام فيها من أهم المتع التي تنتظرها بشغف. كنتَ ترى ربّ الأسرة يمشي في شارع صلاح الدين وإلى جواره زوجته، وهما معًا يرتديان أبهى الملابس، ومن حولهما أبناؤهما وبناتهما وهم ذاهبون معًا إلى السينما.
كانت سينما الحمراء تتميز بواجهتها الزجاجية العريضة المزينة بالملصقات، وكانت سينما القدس تتميز ياتساع قاعتها وبحداثة تجهيزاتها وفخامة مقاعدها، وكان ثمة في اللوج مقاعد مخصّصة للعائلات. أما في القاعة الأرضية فكانت العادة المتبعة في دور السينما الثلاث أن يجلس الرجال في جانب، وتجلس النساء في الجانب المقابل، وقد ظل هذا التقليد ساريًا لزمن طويل، ولم يتوقف العمل به إلا في السنوات القليلة الماضية.
وما يؤسف له؛ أن تأثير السينما في الحياة اليومية للقدس ما زال خافتًا، وثمة أجيال من المقدسيين ومن الفلسطينيين بشكل عام لا تعرف شيئًا عن عروض السينما في القاعات، ولا تكترث للتواصل معها، مستعيضة عن ذلك بمشاهدة أفلام؛ أكثرها سطحي وسخيف، على شاشة التلفاز أو من خلال الفيديو. ولعلّ هذا مؤشر أكيد على خلل لا بدّ من تصحيحه وتجاوزه.
كانت القدس ورام الله ونابلس وبيت لحم وغزة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين تزدهي بدور السينما فيها، وكانت العائلات الفلسطينية، بنسائها ورجالها وشبابها وشاباتها، تقبل على ارتياد دور السينما ومشاهدة الأفلام العربية والأجنبية بمثابرة واستمتاع.
لذلك؛ لا بد من استعادة العلاقة الحميمة مع دور السينما، ومع الأفلام الجيدة بصفة كونها عنصرًا مهمًا من عناصر ثقافة الفرد، وكذلك المجتمع بوجه عام.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحد عشر قطًّا/ قصة
- بيت الأخت/ قصة
- عائد من الحرب/ قصة
- له قلب طفل/ قصة
- الوالدة العزيزة/ قصة
- خاصرة العروس/ قصة
- تحت ضوء الثريّات/ قصة
- ثدي الأم/ قصة
- مطر متأخر/ قصة
- قماش ملون/ قصة
- قحط/ قصة
- قطٌّ شريد/ قصة
- ضياء شاحب/ قصة
- لا مكان للقطة/ قصة
- مارتا التي تشبه العصفورة/ قصة
- خوف متبادل/ قصة
- في الغابة ومعنا الطفل/ قصة
- عادات أسرية/ قصة
- رحيل متكرر/ قصة
- امرأة من بلادي/ قصة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - عن القدس والسينما/ مقالة