أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - اسماء محمد مصطفى - الماضي يحاور الحاضر بإتجاه المستقبل














المزيد.....

الماضي يحاور الحاضر بإتجاه المستقبل


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 5684 - 2017 / 10 / 31 - 14:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



نستعير او نقتبس ، بتصرف ، عبارة المستشرق الفرنسي جاك بيرك : " التراث هو الماضي يحاور الحاضر عن المستقبل " ، ونحن نتناول أهمية التواصل الإيجابي بين حاضرنا وماضينا ، لإحياء التراث او الموروث ونحن نسير نحو المستقبل ، ونقصد بالإيجابي هنا الخروج من الإتكاء على الماضي وحده ، فالإحياء ليس ترديدا ببغاويا لمايجري توارثه عبر الأجيال او نوماً في أحضان مامضى من غير استيقاظ ، او تفاخراً بحضارة وإنجازات حققها الأجداد ليتكئ عليها الأحفاد من غير أن يقدموا شيئا يذكر ، شأنهم شأن التنابلة يستلقون تحت النخلة بانتظار سقوط التمر الى أفواههم .

ولايعني إحياء التراث اوالموروث والتواصل معه وتناقله عبر الأجيال نكوصاً للوراء او تقوقعاً فيه بمعنى الدوران الأعمى في مدارات الماضي وتفعيل كل مافيه ليكون سمة الحاضر ، فثمة موروثات قد لاتناسب أن يحياها الناس الآن كبعض التقاليد المتخلفة على سبيل المثال ، او المفاهيم التي تتقاطع مع نبض التقدم ولغة العصر الذي يشهد ثورة تقنية في جميع مناحي الحياة .

ويتحاور الحاضر مع الماضي عبر صيغ احترامه وتقديره له بكل مافيه من صور الحضارة كبناء صروح وابتكارات واختراعات وطرائق تفكير مثيرة للإعجاب وجماليات فنون وادب وشعر وقيم سامية تدعو للدهشة ، الى جانب الاستفادة من تلك الإشراقات التي تضيف مايفيد الأجيال ويبني البلد ويصعد من إنجازاته ليكون لنفسه صورة بهية تجمع بين ألق مضى وحاضر يزهو بالعم والبناء ومستقبل يبنى بالعقول النيرة .

وبهذا لايعني التمسك بالتراث او الموروث نسيان بناء الحاضر ، كما قد يتصور البعض حين يسمع كلمة تراث او موروث ، كأنه سُبة او ارتداد سلبي عشوائي للوراء او لم تعد له قيمة نظرا لماعاناه الإنسان في بلدنا ومايعانيه ، حتى قد يخطر في البال أنّ المواطن لم يعد معنيا بتاريخ بلاده وهو مشغول بسبل عيشه ويدور في فلك المتاعب والهموم والتضحيات ، ولكن على هذا الإنسان إدراك حقيقة أنّه هو من يبني ويصنع حضارة ، وليس بإمكانه ذلك إن لم يشعر بانتماء حقيقي لبلده ، ويتجلى هذا الانتماء من خلال احترامه لمافي تاريخه من جماليات وبطولات . نعم في الماضي أمور قد لاتدعو للتباهي ، لابأس ، فللحضارة عدّة وجوه .. بناء وحروب ، ولكن مهمة إنسان الحاضر أن لايكرر أخطاء حصلت في الماضي ، وإنما يتحاشى تكرارها ، مع أهمية أن يتوقف ويتأمل في مقدرة جده على أن يصنع مايخلده التاريخ ، كاختراع الكتابة الذي أضاء ثقافات العالم ، ورصف الأحجار في أبنية لاتزول كما تتداعى او تتصدع أبنية اليوم ، وكإنّ بناة الأمس وضعوا أرواحهم في تلك الأحجار كي نشعر بها ونحن نتأمل نتاجهم .

إنّ من أساليب التحاور مع الماضي الحضاري والتراثي الشعبي والثقافة الشعبية ليبعثه الحاضر اليه بشكل إيجابي صانعا مصابيحَ جديدة للمستقبل ، على سبيل المثال ، الإهتمام بالكتاب بصفته خير جليس وتقديسه وقراءته والحفاظ عليه وتنشئة الأبناء على قيمة القراءة الواعية ، وحماية الوثائق من السرقة والضياع ، والحفاظ على الممتلكات الأثرية والتاريخية من التصدع والتشويه والضياع بسبب التوجه نحو الربح التجاري .

أحيانا ، يكون التحاور بين الماضي والحاضر وإحياء الموروث عبر سلوكيات بسيطة لاتتطلب منا الكثير ، إذ تنطلق من أخلاقيات عالية هي التي تدفع بصاحبها نحو بناء الحاضر والمستقبل ، وحيث إنّ الإنسان قيمة عليا ، فإنّ أخلاقه هي التي تبين مدى إنسانيته ووعيه في التعامل مع كل شؤون الحياة ومنها نظرته للماضي ، وكيفية تعامله معه ومع تراثه اوموروثه ..
إغمض عينيك وتأمل ماضيك ، وافتح يديك لتتلقى منه ماينفع حاضرك ، واترك مايسيء او يعرقل استمرار تعالي الصرح نحو أعالي المستقبل .. ذلك هو التحاور الخلّاق بين إتجاهات الزمن الثلاثة .

https://www.facebook.com/asmaa1m

https://www.facebook.com/samaaasma



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Dr.Phil
- المرأة القوية
- الموت .. زائراً لشارع الجنة / سارقة الكتاب أم محنة الإنسان ؟
- كراسة الأيام / (4)
- كراسة الأيام / (3)
- كراسة الأيام/ (2)
- كراسة الأيام /(1)
- قصتان قصيرتان
- آهٍ .. أطفاله لاعشاء لديهم ليلة مصرعه
- مقاطِع من العراق المُختَطَف
- القضية .. قضية وطن
- هذا عالم أحلام الطفلة الموهوبة سماء الامير
- بائعة العلكة / قصة قصيرة
- رسالة أم : طاقة الحب في مواجهة العوق
- انفصال روحي
- من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى / 10
- عن ( قنفة) الزمان العجيبة بالعراقي العامي والسجع الفصيح : حز ...
- بالعراقي العامي الفصيح
- طوفان الحب والوداع
- بإتجاه طائفة الفرح .. أيها الوجع


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - اسماء محمد مصطفى - الماضي يحاور الحاضر بإتجاه المستقبل