أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عبير سويكت - طفلة السماء تكشف عن إستمرارية قهر المرأة بإسم العيب و الحرام و المفاهيم الخاطئة و العادات والتقاليد الموروثة














المزيد.....

طفلة السماء تكشف عن إستمرارية قهر المرأة بإسم العيب و الحرام و المفاهيم الخاطئة و العادات والتقاليد الموروثة


عبير سويكت

الحوار المتمدن-العدد: 5683 - 2017 / 10 / 29 - 22:46
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


نص منقول عن رواية "طفلة السماء"، للكاتبة السورية سمر يزبك ، مع العلم أنه تم منع طبع الرواية من الرقابة السورية تحججاً بأنها تطرقت لسرد الممنوع ،بينما أتاحت لها بيروت فرصة النشر فصدرت عن دار الكنوز الأدبية بلبنان .

("وجدت الأنوار مضاءة في البيت علي غير العادة ،توقف قلبي، و شعرت به يتهاوي الي ركبتي ،أسرعت الخطي ،انتصب أبي واقفاً أمامي، جبلاً من نار، و زوبعة تبتلع وجودي ،توقفت أمامه و لم أعرف ما الذي علي فعله.
سأقول له بجرأة أنني كنت مع سالم وراء بساتين الليمون، سأخرج عن صمتي ،هكذا فكرت و أنا أحاول رفع عيني إلى وجهه، لكني لم أنبس ببنت شفة، و ابتلعت ريقا مريرا من الدهشة.
الخوف الذي شعرت به كان فوق تصوراتي ،الخوف الذي دمر روحي، منذ تلك اللحظة التي انقض فيها أبي على جسدي، هوى به، امسكني من شعري و صار يلوح به مثل مزقة في إعصار، تلك هي المرة الأولى التي يضربني فيها، لم يكن ضرباً، بل محاولة قتل، تخيلت دائماً أن أول تماس لي مع جسد ابي المخيف سيحصل عندما يلفني بين ذراعيه ،و يمسح جبهتي مغنيا لي أغاني حفظها عن أمي، اعتقدت أن أمي كفيل بأن يجعل منه بديلاً لها، ولكن التماس الأول كان نار كفه و هي تهوى على وجهي، و بصاقه الذي ملأ جسدي، مترافقا مع اللعن و الركل.
كنت اتطاير في الهواء و هو يرفعني بيديه ثم يرميني على الأرض تاركاً لنفسه فرصة للراحة، ثم يعود ليعلو بي من جديد، أرجوحته دوختني.
في الصباح وجدت نفسي في المستشفى ،تحيط بوجهي الضمادات، ظهري، أضلعي، كتفي ،و كل ما في جسدي يوجعني، يدي اليمني ملفوفة بجبس، تذكرت أن أبي عندما ضربنى امسكني منها ،و لوح بي يمينا ويسارا.
الوجوه تحيط بي:زوجة عمي ، عمي، بناتها ،عمي و أولاده ،فتحت عيني واجهتنى نظرات شزراء من كل صوب.")

رواية "طفلة السماء" طويلة و شيقة، و لكن تركيزنا على هذا الفصل بالتحديد من الرواية الطويلة لما يحمل في طياته من مظاهر عنف لفظي و جسدي صادر من أب عنيف، شرس لا يعرف معنى الرحمة، و لا يعير اهتماماً ولا احتراماً لمشاعر إبنته و عواطفها، يستمتع باستعمال لغة العنف معها، و يعجز عن إستخدام لغة الحوار و المرونة، لغة العقل و الإنسانية .

و من ناحية أخرى يبين لنا هذا الفصل من الرواية ردود فعل المجتمع المحيط بالراوية من قرب المتمثل في زوجة عمها و بناتها و عمه ذات نفسه، و كيف كان موقفهم منحازا لموقف الأب، ناظرين لها بنظرات شرزاء،نظرات غضب و لوم و اشمئزاز فهم ينظرون لها على أنها جالبة العار للأسرة، في حين أن "طفلة السماء" لم تفعل شئ سواء أنها عادت إلى البيت في وقت متأخر من الليل حيث كانت مع سالم وراء بساتين الليمون، و من جانب آخر نرى كيف أن النساء المحيطات بها كانت ردت فعلهن تؤكد على قبولهن لما تتعرض له النساء من عنف بل و يساندن المجتمع في قهر المرأة .

و من خلال تطرقنا للمحورين السابقين يتضح لنا مدى المأساة التي تعيشها المرأة في المجتمع العربي و الإسلامي على وجه التحديد ، فما زالت هذه المجتمعات تقهر المرأة و تكبتها و تمارس معها شتى أنواع العنف و الإرهاب النفسي و المعنوي بإسم الإسلام تارة (الحرام)، و بإسم العادات والتقاليد الموروثة (العيب) ،و بإسم المفاهيم الخاطئة المتوارثة، و حال المجتمع الشرقي و الإسلامي في حيرة كبيرة جعلته يخلط بين العيب و الحرام، و بين تعاليم الإسلام و العادات والتقاليد الموروثة و المفاهيم الخاطئة، و للأسف مجتمعاتنا تصر على التقوقع في هذا المستنقع اللاإنساني، الذي لا ينظر للمرأة على أنها إنسان بداخلها مجموعة من الاحاسيس و المشاعر ،و تستحق أن تتمتع بحقوقها كاملة لأن الإنسانية لا تتجزأ، و هذه العادات والتقاليد الموروثة و المفاهيم الخاطئة التي تظلم شريحة معينة من البشر لا بد لها من أن تتلاشى و تنتهي، و يحل محلها صوت الإنسانية و عدالتها الذي لا يفرق بين البشر ذكر و أنثى.

تلك التفرقة التي أفرط في إستعمالها ذوي العقلية الذكورية شر استعمال، فاضعفوا بها المرأة و أرهبوها و استلبوها جميع حقوقها حتى الإنسانية، فحكموا عليها أن تعيش جسد بلا روح تحت شعار "الرجال قوامون علي النساء" ،بحيث يحق لهم أن يديروا حياة المرأة بالرموت كنترول منذ المهد إلى اللحد، و هكذا شكلت هذه المجتمعات نساء ضعيفات مسلوبات الإرادة، و تناست هذه المجتمعات أن المرأة هي قلب المجتمع، هي التي تلد و تربى الآخر، هي التي تشكل الرجل، فإذا تم أضعاف المرأة ضعفت، فأخرجت أجيال ضعيفة للمجتمع ،لأن من لا يملك قراره و حريته لا يمكنه أن يخرج أجيال صالحة، قوية، نافعه للمجتمع قادرين على زرع مفاهيم الإنسانية و العدالة و الحرية.

فقد ان الأوان كي تترفع الأصوات المؤمنة بحقوق المرأة الإنسان لمناهضة شتى أنواع العنف والإرهاب و التعزيب ضدها ،و تنطلق رسالة تحرير المرأة عالية ، حتى تعيش إنسانيتها من غير قيود ،و تتمتع بكامل حقوقها.

عبير سويكت
ناشطة سياسية و كاتبة صحفية
29/10/2017



#عبير_سويكت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تمكن سفهاء القوم بإسم الدين التفرعن في البلاد و استعبدوا ...
- يا دكتور جبريل تبت يدا كل معاون لنظام الفساد تبت يداه الي يو ...
- نريد معرفة الحقيقة يا د. مريم المهدي ،د. جبريل و القائد مني ...
- فنون القيادة السياسية المفتقدة في وسط المعارضة السودانية ، م ...
- كلنا مريم الصادق في وجه الإرهاب الأمني و كبت الحريات
- نقول لتجار الدين :كفوا عن التضليل حد الردة المزعوم لا وجود ل ...
- شروط آل سعود لقيادة المرأة للسيارة أقبح وجه لإنتهاك حقوقها و ...
- بينما تقود أنجيلا ميركل ألمانيا للمرة الرابعة يزغرد العالم ا ...
- محاولة آل سعود الوهابيين تحرير المرأة شكلياً لإغراض سياسية و ...
- البلاد العربية تتسم بقهر شعوبها و التبعية للهيمنة الدولية
- امرأة الخلخال و الأنوثة الطاغية التي يعجز الرجل عن مقاومتها
- أستباحة دم رجل الشرطة السوداني هو وجه آخر لمأساة الطالب عاصم ...
- مأساة الطالب السوداني المعارض عاصم عمر حسن المحكوم عليه بالإ ...
- فلسفة كسر حاجز العمر في عهد الرسول و رئيس فرنسا الشاب إيمانو ...
- تعزية الدكتور حسن سعيد المجمر و ال المجمر في الفقد العظيم
- صلاح بندر و إستخدام كرت دار العجزة لإغتيال الحزب الشيوعي
- وقفة تأمل بين الشيوعية و رائداتها و حكومة الإخوانجية و نسائه ...
- تعدد الزوجات مدخل الخيانة الزوجية و جهنم الأبدية
- جدل حول إقتحام الرجل السوداني المهن النسائية و إستمرارية الت ...
- لمعرفة المزيد من مؤامرات حكومة الإنقاذ ضد دولة الجنوب الوليد ...


المزيد.....




- ضحيتها -الطالبة لالة-.. واقعة اغتصاب تهز الرأي العام في موري ...
- الاغتصاب: أداة حرب في السودان!
- غوتيريش: غزة بات لديها الآن أكبر عدد في العالم من الاطفال ال ...
- -المانوسفير- يصعّدون هجماتهم ضد النساء بعد الانتخابات الأمير ...
- حجاب إلزامي وقمع.. النساء في إيران مقيدات منذ أكثر من 45 عام ...
- أيهم السلايمة.. أصغر أسير فلسطيني
- سابقة في تاريخ كرة القدم النسائية السعودية
- سجل وأحصل على 800 دينار .. خطوات التقديم في منحة المرأة الما ...
- سجل وأحصل على 800 دينار .. خطوات التقديم في منحة المرأة الما ...
- بزشكيان: قبل فرض قوانين الحجاب الجديدة يجب إجراء محادثات


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عبير سويكت - طفلة السماء تكشف عن إستمرارية قهر المرأة بإسم العيب و الحرام و المفاهيم الخاطئة و العادات والتقاليد الموروثة