|
يحيى السماوي وأزاهيرِ حديقتهِ الكلماتية(3) ....
هاتف بشبوش
الحوار المتمدن-العدد: 5681 - 2017 / 10 / 27 - 13:00
المحور:
الادب والفن
ما اروع الشاعر فهو قنينة عطر ، هذه الكلمة لوحدها صاغها الروائي الألماني( باتريك زوسكيند) ... وعمل منها رواية بإسم ( العطر) ومثلت الى فلم عظيم من تمثيل (داستين هوفمان) وقد حقق الكثير من الواردات في شباّك التذاكر حيث تشرح لنا الرواية ما اهمية العطر ومامدى ملاءمته لكل إمرأة وإغرائها ومايعطيه لنا كرجال من خدرٍ روحي يجعلنا هائمين في ضوع الطيوب ، أمراءً أو أحفاداً للصعاليك الذين مرّ عليهم الشاعر يحيى في ماسيته الآتية ( أحفاد عروة بن الورد) : بـسـطـاءٌ كـثـيـابِ أبـي ذرٍّ الـغـفـاري خـفـافٌ كـحـصـان عـروةَ بـن الـورد راسـخـون كـالـجـبـال يـكـرهـون الإسـتـغـلالَ كـراهـةَ الـشـجـرةِ لـلـفـأس يُـحـبُّـون الـعـدالـة حـبَّ الـعـشـبِ لـلـربـيـع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ هكذا هو يحيى واحدُّ من أحفاد عروة بن الورد ، وهنا الشاعر يرمز بالأحفاد الى الشيوعيين واليساريين والإشتراكيين ومحبي العدالة والمساواة . يحيى يحب الناس جميعا فما بالنا بالأصدقاء ، حيث كرس في ديوانه هذا وحده أكثر من خمسِ نصوصٍ مهداةُّ الى الأصدقاء ومن ضمنها نص مهدى الى صديقه هاتف بشبوش صاحب المقال هذا لنقرأ جزءاً منه : نص/ ثلاثة حروف( ب..ر..ح) الى صديقي الشاعر هاتف بشبوش / استكمالاً لحديثٍ غير عابر أعـطـانـا الله حـرفَ "ب" واسـعـاً كـسـفـيـنةِ نـوح .. أعـطـتـنـا الـرحـمـةُ حـرفَ "ر" رشـيـقـاً كـهـلالِ الـعـيـد .. وأعـطـتـنـا الـحـريـةُ حـرفَ "ح" حـمـيـمـاً كـجـنـاح حـمـامـة .. الـسـاسـةُ الـتـجّـارُ اسـتـولـوا عـلـيـهـا فـكـتـبـوهـا "ربـح” .. الـظـلامـيـون اخـتـطـفـوهـا فـكـتـبـوهـا "حـرب” .. أنـا كـتـبـتـهـا "حِـبـر” .. وحـبـيـبـتـي كـتـبـتـهـا "بـحـر” لـذا آمـنـتُ بـحـبـيـبـتـي وكـفـرتُ بـالـسـاسـةِ الـتـجّـار والـظـلامـيـيـن ـــــــــــــــــــــــــــــــــ الراء من تفصل بين الحب والحرب .. فالحرب ضحايا وموت .. والحب حياة وخصب ..الحب هالة وطمأنينة ونومٍ على فراش وثير .. والحرب نكوص وانكسار وانذار ونوم على الرمال والملاءات القذرة . نص يتحدث عن الساسة السراق والذين يدعون الدين والمتاجرة به والكذب على البسطاء من عامة الناس (المنحطون هم بحاجه مستمرة إلى الكذب .. لأنه في ذلك سر بقائهم ..نيتشه ) . هؤلاء من يدعون انهم حماة الدين وناشروه شهدوا مع بصمتهم وعارهم من انهم أعظم عصابة للسرقة أنجبها العراق والعالم الإسلامي والغربي ، يدعون التقوى بينما الثائر الراحل فيديل كاسترو البعيد عن الدين والتدين أسس كوبا الحديثة وامّم كل الإمتيازات الإقطاعية ومن ضمنها مقاطعة ابيه ، أهدى له صدام حسين سيارتين مارسيدس في موديلهما الأخير بعد مؤتمر هافانا لعدم الإنحياز ولم يستخدمهما وبيعت في المزاد العلني واضيفت للمالية العامة . قبل اربعمائةِ عام كتب الفرنسى الكبير موليير مسرحية اسمها تارتوف، رسم فيها شخصية رجل دين فاسد يسمى (تارتوف)، يسعى إلى إشباع شهواته الإنسانية الرخيصة وهو يتظاهر بالتقوى وقد ثارت الكنيسة الكاثوليكية آنذاك بشدة ضد موليير ومنعت المسرحية من العرض خمسة أعوام كاملة وبرغم المنع فقد تحولت مسرحية تارتوف إلى واحدة من كلاسيكيات المسرح حتى صارت كلمة تارتوف فى اللغتين الإنجليزية والفرنسية تستعمل للإشارة إلى رجل الدين المنافق . فمتى يجتهد الشعب العراقي ويعلن صرخته فيأتينا برمز لسرقة قوتنا ومالنا من قبل رجال الدين هؤلاء الذين إتخذوا الرموز المتوفاة منذ قرون كشماعة يعلقون عليها كل فتاواهم والذين اتخذهم الشاعر يحيى من انهم سبب تلاحم الوطن بكل أطيافه وأنا أرى عكس ذلك.... لنر بخصوص هذا في جداريته (تماثيل وجداريات ) : ولـلـعـراق: جـِداريـةً من صـلـواتِ مـوسى الـكـاظم وتـسـابـيـحِ عـبـد الـقـادر الكـيـلاني! ـــــــــــــــــــــــــــــــ لا أدري لماذا أجدُ نفسي لستُ متفقاً مع هذا القول ويبقى مجرد رأي قابل للنقض ، وانا أنطلق من أنّ العراق في حرب وقتال وضغينة وحقد من جراء هكذا رموز منذ أكثر من قرون واليوم وعلى مستوى عالم عربي ومانراه من حرب طائفية قتلت الكثيرين ومايزال الحبل على الجرار . ولكني أعتقد من انّ الشاعر يحيى أراد من خلال النص أن يزرع بذور التلاحم بين الأطراف المتحاربة والمتضاغنة . وحتى هذه لاتنفع لأن كلا الطرفين جاهلُّ يدعي الأفضلية فهم حتى اليوم في قتال مرير كما الصومال المستمر في القتل بلا هوادة منذ أكثر من ثلاثين عاماً ولنفس السبب . فالشاعر يحيى ينطلق من كونه الشاعر الرهيف الذي لاشأن له فيما يتخذه ساسة الصدفة اليوم لهذه الرموز الدينية كوسيلة لتمشية مآربهم في قتل وتجهيل الناس ودفنهم في مقابر جماعية . لنتمعن الروح الخفيفة للشاعر يحيى في ( ريشة) : أنْ أكـونَ ريـشـةً فـي جـنـاحِ عـصـفـور يـلـقـطُ قـمـحَ الـمـحـبـةِ خـيـرٌ لـيْ مـن أنْ أكـون جـنـاحـاً عـلـى سَـعـةِ الأفـق لـنـسـرٍ لا يـتـوانـى عـن نـهـش الـجـثـث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في النهاية أستطيع القول من انّ هذه هي حقيقية الشاعر يحيى السماوي أعلاه بين عصفوريتها الرقيقة واحتقارها للنسرية الوحشية . تلك الحقيقة التي رَسمت لنا من خلال الديوان انّ الإنسان محكوم بجبرية الكاتب الفرنسي الوجودي (البيركامو) وهي مثلثة الجنس والجوع والوضع الإجتماعي( ماركس وفرويد وبافلوف) . الشاعر يحيى في ديوانه هذا كتب عن الرغبة( الجنسانية) التي ولدتني .... ولدت الفلسفة المتمثلة بماركس وآدم سميث ، ولدت الفن المتمثلة في بتهوفن وموتسارت ، ولدت الغناء المتمثل بمادونا أو فرقة البيتلز وجون لينون أو عبد الحليم حافظ و داخل حسن وكاظم الساهر .. الرغبة هي الديمومة في الحياة وعدم الإنقراض .. الرغبة هي الإبتعاد عن الذات قليلا للذهاب الى الإتحاد بين نصفي المعادلة الجنسية ثم الرجوع الى الذات مرة أخرى وهكذا دواليك حتى تستمر الحياة بلاتوقف . الرغبة هي التي مات دونها مجنون ليلى ثم ليلاه في حبهم العذري القاتل . الرغبة هي (النساء اللواتي يتقاسمن رغباتنا ، يضاعفن عذاباتنا ، ويزدن مصروفاتنا ثلاثة أضعاف ...أوسكار وايلد) . الشاعر في ديوانه هذا كتب عن الجوع وعن الرجال ألأبطال الذين دافعوا عن الفقرء وأولهم أبو ذر الغفاري ثم أعطانا درسا في الإجتماعيات من اننا علينا أن لانتألم حين يدق القدر بابنا بل أن نتحلى بالهدوء الرواقي قدر مستطاعنا حتى لو جرفتنا عواطفنا. يحيى السماوي إستطاع من خلال ديوانه النثري هذا أن ينتج نصوصا بمستويات عالية وهو بهذا قد وصل الى ذروة الحداثة مع إجتياز بعض التابوات . كما وانه إستطاع أن يحقق ماقاله ( فريدريك شليغل ) ......في انه بإمكان الشاعر أن يجعل من كل قصيدة جنساً أدبياً مستقلاً بذاته ................وهذا ما وجدته في القابلية المذهلة لدى صديقي الشاعر الكبير يحيى السماوي في تحقيق هذا الغرض وبمهارة وفنية فائقتين .
#هاتف_بشبوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يحيى السماوي وأزاهيرِ حديقتهِ الكلماتية (2) ......
-
يحيى السماوي وأزاهيرِ حديقتهِ الكلماتية ( 1) ....
-
جدارة ُالحياةِ أنتَ ياجيفارا
-
صادق الزعيري حين يكتبُ على الأرض (3) ......
-
صادق الزعيري حين يكتبُ على الأرض(2) ....
-
صادق الزعيري حين يكتبُ على الأرض(1) ....
-
إحسان أبو شگاگ حين يومضُ في الحجر( الجزء الثالث )
-
بين العراقية و الكولمبية
-
نساء 18
-
إحسان أبو شگاگ حين يومضُ في الحجر¬¬(2)...
-
الموجة الزّرقاء
-
إحسان أبو شگاگ حين يومضُ في الحجر...
-
محمد حياوي ..في خان الشابندر(3)....
-
موسيقى القطِّ والفأر.... Katten & Musen
-
نساء (17)....
-
باقرعبد الملك ..إستشهادُّ شيوعيُّ ورياضي
-
محمد حياوي..في خان الشابندر (1)......
-
نساء (16)...
-
لؤي عمران ...كي لايعود دكتاتورُّ ثانية ً( 3).........
-
نصوص قصيرة (16)
المزيد.....
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|