دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5681 - 2017 / 10 / 27 - 02:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تركيا، ومنذ استلام حزب العدالة والتنمية للسلطة عام 2002، أفصحت عن توجهها الإقليمي وعلى لسان أحد أهم قيادات الحزب، أحمد داوود أوغلو، حينما قال " لدينا ميراثاً آل إلينا من الدولة العثمانية. إنهم يقولون، هم العثمانيون الجدد. نعم، نحن العثمانيون الجدد. ونجد أنفسنا ملزمين بالاهتمام بالدول الواقعة في منطقتنا. نحن ننفتح على العالم كله، حتى في شمال أفريقيا ".
بالنسبة لأقرب جيران تركيا في المشرق، وهم العرب والفرس، فإن ما كان يفصلها عنهم هم الكرد؛ العدو اللدود لهذه الدولة منذ أن أسسها أتاتورك على أنقاض السلطنة العثمانية. في سبيل استمرار النهج القومي الأتاتوركي، المعادي لحقوق الكرد سواء في الداخل أو الجوار، كان أردوغان على استعداد لغض النظر عن تسلط الحكم الطائفي الأسدي على الأغلبية السنية في سورية. كذلك الأمر في عراق صدّام، الذي كان يقمع الأقلية التركمانية كما باقي المكونات الأثنية. ولم يجد أردوغان حرجاً في الانفتاح حتى على ايران، التي كانت لا تخفي نواياها في السيطرة على المشرق وإعادة أمجاد الأكاسرة بقناع شيعي صفوي.
سقوط نظام صدّام، أشعل مخاوف تركيا من نشوء دولة كردية مستقلة. فحاولت حصار الإقليم الفيدرالي الكردي، إلا أنها عزفت عن ذلك بعد بضعة أعوام ولم تلبث أن أقامت مع الإقليم علاقات متينة إقتصادية وسياسية. حتى إذا نشبت الثورة السورية، عادت تلك المخاوف تقلق الأتراك من أن يؤدي سقوط النظام إلى خلق حالة كردية شبيهة بما حصل في العراق. ومن النافل ذكر ما صنعته أنقرة في هذا السياق، سواء باحتضانها المعارضة الأخوانية أو الجماعات المتطرفة كجبهة النصرة ( وداعش في بداية نشوئها على الأقل )؛ وكل ذلك لكي توجه تركيا مسار الثورة بما يتوافق مع قلقها الموصوف.
غير أن النكسات توالت على سياسة أردوغان الإقليمية، بسقوط الحكومات الإخوانية في مصر وتونس وليبيا واليمن أو بانحسار نفوذها كما في المغرب. كذلك الأمر، بالنسبة للمعارضة الأخوانية في سورية والتي تلقت الهزيمة تلو الأخرى مع بقية أذيالها كالقاعدة وداعش. هذه الأخيرة، لسوء حظ " أسد السنّة "، سقطت دولتها في سورية بيد الكرد والذين ورثوا معظم أراضيها الشاسعة الغنية بالنفط. اللعنة الكردية، لاحقت أردوغان إلى أوروبا والولايات المتحدة، فوصلت علاقته مع هذه الدول إلى حدود القطيعة. ثم جاء التحالف السعودي المصري مؤخراً، ليدق المسمار الأخير في نعش الحلم الأردوغاني، العثماني؛ فلم يتبق لأنقرة صديق في العالم العربي سوى دولة قطر العظمى (!)
اليوم، يحاول أردوغان تعويض خسائره المتتالية، باستغلال الخلاف بين بغداد وأربيل على خلفية موضوع الاستفتاء على الاستقلال. التحركات التركية المكثفة مع ايران لمحاصرة الإقليم، لم تؤدي سوى لتعزيز نفوذ طهران. ويقال، أن ثمة خطة لنقل نفط كركوك الى مصفاة عبادان الايرانية كبديل عن الخط التركي المار بأراضي إقليم كردستان. على ذلك، يبدو أن الخيبة ستواجه أردوغان في هذا الملف الجديد أيضاً. فالغرب لن يسمح بتجاوز أنقرة لحدودها، مثلما أنه يراقب بيقظة التحركات الايرانية في العراق.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟