|
-رئيس التحرير بين الرواية والسيرة.. قراءة للسيد نجم
السيد نجم
الحوار المتمدن-العدد: 5678 - 2017 / 10 / 24 - 13:42
المحور:
الادب والفن
"رئيس التحرير" بين الرواية والسيرة.. قراءة للسيد نجم بقلم: السيد نجم تلاحظ كتابة عنوان ﺇضافى(تفسيرى) تحت عنوان الكتاب "أهواء السيرة الذاتية"، بينما العنوان الرئيس "رئيس تحرير"، وهو ما يثير شهية القارىء ﻹقتناء الرواية/السيرة نظرا لكون كتابات السيرة أكثر الكتابات جاذبية للقارىء العادى، والرواية هى أكثر الأجناس الأدبية رواجا الآن. السيرة الذاتية فى أبسط صورها شهادة من الكاتب لرصد حادثة حقيقية ما، لعل الغرض الأدبى منها هى محاولة لمحاكمة الذات بمعنى ما بعد تجربة حياتية طويلة، وبالتالى ﺇكتشاف الذات عن مسافة زمنية طويلة من الوقائع. وتبدو السيرة الذاتية على أشكال مختلفة: اليوميات؛ وهى تلك التى توثق للأحداث يوما بيوم.. ثم المذكرات؛ التى تعتمد على ذاكرة الكاتب والوثائق بعد فترة زمنية طويلة من الأحداث.. ومن كتابات السيرة ما ﺇتخذ شكل السرد الروائى، وهو ما ﺇبتدعه "طه حسين" فى كتابه "الأيام" وغيره من بعض الكتاب العرب مثل "الخبز الحافى" لمحمد شكرى. أما وقد سجل الكاتب كلمة "أهواء" قبل السيرة الذاتية وببونط كبير أسفل عنوان الكتاب، وسجل كلمة "رواية" على ﺇستحياء فى أسفل واجهة الكتاب "الغلاف"، فلا يبقى ﺇلا متابعة القراءة بعيدا عما سجله الكاتب، وبعيدا عن ﺇصدار الأحكام والغوص فى متاهة تجنيس العمل الأدبى الذى نحن نصدده ﻹعتبارات متعدده. ﺇن النص الأدبى الشيق "رئيس تحرير"، هو النص السردى الأول لكاتبه "أحمد فضل شبلول".. الكاتب من أعلام جيل الثمانينيات فى الشعر.. يرصد الكتاب الكثير من الأحداث والوقائع الحقيقية، والتى بدأت مع بدايات وعى الكاتب ومشاركته فى الحياة العامة مع مظاهرات 18 و19 سناير 1977م.. وﺇن تغلبت وقائع سنوات عمل الكاتب فى مجال الدوريات المطبوعة العربية بالخليج، وهو ما برر عنوان "رئيس تحرير". يبدو وكأن القارىء عليه أن يلاحق ملامح ذلك النص الحكائى مستمتعا بأحداثه بعيدا عن تجنيس النص، على الأقل مع القراءة الأولى، وقد تلاحظ: .. ﺇستخدام ضمير المتكلم.. طوال 27فصلا هى فصول الكتاب كله، ﺇستخدم الكاتب ضمير المتكلم، ولم يحيد عنه. بدأ الفصل الأول "الاعيب ثقافية" بقوله: "ستة شهور مرت على آخر ﺇتصال تليفونى من رئيس التحرير.." هكذا كان العنوان مع أول جملة سردية، لنشارك الكاتب تجربته للعمل باحدى المجلات الخليجية، وكيف أنه كتم الآمر حتى لا يسطو على ذاك العمل أو الوظيفته الصحفية تلك، أحد المتنمرين لﻹستيلاء عليها، وهو ما حدث معه فى أكثر من تجربة سابقة. .. رصد الوقائع و الأحداث.. منها ما هو عام ومنها ما هو خاص، ﺇلا أن القارىء يلاحظ غالبا ما يكون التعبير عن الموقف الخاص من خلال الحدث العام.. ففى الفصل الثانى "18 و19 يناير، يبدأ الفصل بوصف الألم الذى أصابه بسبب ضربة شديدة من "شومة" أثناء اﻹنتفاضة فى عهد رئاسة "أنور السادات". وفى الفصل نفسه يتابع وصف علاقته الشخصية بتلك الفتاة اليسارية غير الجميلة، وكيف أنها من قيادات جماعة سياسية بالجامعة، وترجو أن يلتحق الكاتب ﺇلى جماعتهم، ولعل أهم ما يتميز به الكاتب أنه من شعراء الكلية، ويمكن اﻹستفادة منه فى تأليف الشعارات التى تحمس الطلبة أثناء المظاهرات. .. التوقف مع بعض الوقائع الخاصة.. وخصوصا تلك ذات العلاقة بالأدب والصحافة، وهى ما بدت جلية فى الفصل الثالث "ﺇستدعاء"، وفيه تعرف القارىء عن بعض أحوال الثقافة العامة من خلال التجربة الخاصة للكاتب. فقد كان تدخل "أمن الدولة" للتعرف على اﻹتجاهات الفكرية للأدباء والكتاب من الأمور العادية الشائعة.. وبسبب أن ورد خطاب من مجلة "الموقف العربى" الليبية للكاتب بوعد لقراءة القصيدة ونشرها فى حالة الصلاحية مع أقرب عدد، حيث تم ﺇستدعاء الكاتب، ووصف كيف بدت تجربة قاسية نفسيا قبل أن تكون جسمانيا قاسية. كما واقعة أن قدم طفل الجيران كى يشرح له الكاتب دروس اللغة العربية، لأن مدرس اللغة العربية فى المدرسة تونسى يشرح اللغة العربية باللغة الفرنسية.. وهى واقعة فصل "درس خصوصى". .. بدايات طموح الكاتب أن يصبح رئيسا للتحرير.. وهى سردية الفصل الرابع والخامس، حيث كان حلم رئاسة مجلة ثقافية هو الحلم الطاغ على كل أحلام الكاتب المستقبلية، وله فى ذلك تجربة علاقته بالصحفية "منى فارس".. وان فشلت مع محاولة التحقق، يبدو وكأنها نجحت (أعنى منى) فى توفير المكان المناسب له للعمل فى صحافة الخليج. .. مصداقية الاسماء.. يلاحظ القارىء أن بطل النص اسمه "يوسف"، وليس اسم الكاتب المعروف، وهو يحيل القارىء ﺇلى ﺇحتمال ﺇقتراب النص من النص الروائى ويبعده عن نص السيرة. ففى الفصل السادس تردد الاسم "يوسف" حيث عملت "منى" على توفير العمل المناسب له فى ﺇحدى الصحف الخليجية، وبالفعل بدأ الراوى رحلته اﻹحترافية فى الصحافة حيث سافر، وأحال القارىء ﺇلى شواهد الفصل الأول. .. التشويق بين السيرة والرواية.. فى الفصلين التاليين، "غريب على الخليج" و"رسالة كيدية" و"هارد ديسك خارجى"، بدت سمة التشويق جلية، وهى سمة مطلوبة فى كل من النص الروائى والسيرة، وهو ما يزيد من "الحبكة" الفنية فى أى نص، والحبكة هنا تبدو خارجية مرتبطة بالوقائع والممارسات الحياتية، وان زادت الحبكة فى النص الروائى داخلية كما هى خارجية. فالأول يصف لنا قدر الورطة التى شعر بها عندما هبط المطار ولم يجد أحدا فى ﺇستقباله، ولا يعرف كيف يتصرف.. ثم فى الفصل التالى يتناول سرد تلك الرسالة التى هاجمته وأساءت ﺇلى كتاباته وعمله على أنها من سيدة مغربية، بينما هى من أحد الزملاء.. ثم فى الفصل التالى كانت واقعة سرقة محتويات كل ما دونه فى جهاز الكمبيوتر الخاص به، حتى يطلع عليه رئيس التحرير! .. أغوار الشخصية.. هو مصطلح يجب على السارد الروائى الحرص عليه وﺇبرازه، وقد وضح فى فصل "فتاة الغلاف"، حيث تعرف السارد على تفاصيل خفية لشخصيتين ممن يعملن بالمجلة، ونجح فى بيان الجانب الخفى فيهما، وهو ما لم يتابعه السارد مع شخصيات أخرى سابقة، مثل رئيس تحرير المجلة، وهو من الشخصيات الرئيسية فى النص. وان بدت جلية مع شخصية نسائية فى فصل "شاشى الهندية" تلك المرأة الهندية التى تعمل خادمة وقدمت جسدها هينا ﺇلى السارد حيث لم تجد زوجته برفقته. .. المفارقة.. مع فصل "مؤتمر صحفى" بدت سمة المفارقة جلية، وهو ما يتابعه الكاتب على كل حال، ربما تجلى فى هذا الفصل تحديدا نظرا لتلقائية التناول المعتمد على سمة التذكر لدى الكاتب، حيث شارك "يوسف" فى مؤتمر فنون مسرحية وتقدم بسؤال لم يخطر على بال رئيس ولا نائب رئيس المؤتمر، وهو ما يعتبر خروجا عن المألوفا، وقد عاتبه عليه رئيس التحرير، كما فسره صحفى شاب له قائلا، أنه فى المؤتمرات الصحفية لأى مناسبة لا يجب أن تسأل؟! وهو أيضا ما تجلى فى فصل "ملف الثورة"، حيث طلب رئيس التحرير ﺇعداد ملفا متميزا عن ثورة يوليو وعبدالناصر، ومع ﺇجتماع الأسبوع التالى ألغى الملف دون توضح السبب؟! الطرفة أن بدت المفارقة فى فصل تال "الغربة وتكاليفها"، أن بدت فى العنوان المفارق لمتن الفصل، حيث ينقل لنا السارد تجربة عشق جسدى مع "الجوهرة ابراهيم"، وعلى الرغم ما فيها من سرد شعرى ووصف جميل، ﺇلا أنه يبدو مناقضا لرغبات الكاتب وقيمه الخاصة، فكان العنوان المعبر عن الندم، فبالرغم من السرد الحكائى القصصى للمتن، كان العنوان واعيا بالذات لدرجة لافته. .. أما تلك التفاصيل الحياتية اليومية داخل الدار الصحفية فقد شغلت حيزا متميزا داخل النص؛ كما فى الفصول: "ضحكة هندرستمية"، "رقصة التنورة". فقد أفرد الكاتب بعض من تلك الصراعات داخل دهاليز دور الصحافة ما بين العاملين، وكذلك أفرد لنفسه فصلا يصف فيه سعادته أن استخدم دورة مياه "الجوهرة". .. المعلوماتية.. وهى سمة فى بعض السرديات الجديدة، حيث يتوقف الكاتب لبيان تفاصيل معلوماتية حول فكرة ما أو موضوع لم يطرق بتفاصيله الجديدة التى يسردها. وهو بالضبط ما وظفه الكاتب مع فصل "النبطى" حيث توقف طويلا مع "البترا" الأردنية، فضلا عن سعادته التى عبر عنها بقوله فى بداية الفصل ".. ربما أكون قد ولدت هناك فى الماضى السحيق". .. فصول تأريخية.. هى تلك الفصول التى ﺇرتبطت بشكل حاد بحادثة تاريخية ما تؤكدها، مثل حادثة ﺇحتلال العراق وخطورة الﺇقامة على أرضها بعد الغزو الأمريكى لها عام 2003م، وهو ما وضح جليا فى فصل "مؤتمر بغداد". أما فصل "على بهادر" ذلك اللبنانى السيعى من أصل ﺇيرانى، وقد توفى فجأة على غير توقع، بعد أن أمضى الكاتب معه ليلة كاملة فى العمل، وقد تعرف على تفاصيل مأساته التى هى حرمانه من زوجته وسفرها ﺇلى بيروت لانها سنية، وهروبه هو من جنوب لبنان ﺇلى الخليج.. ولا واصل بينهما ﺇلا السكايب حيث يتحادثان معا ويتعرا كل ليلة وطوال أيام ﺇقامتهما بعيدا! وجاء فصل "ثورات قادمة" لتأكيد تلك السمة حيث تنبأ رئيس التحرير بالمتغيرات الخطيرة التى سوف تحدث، وقد حدثت بثورة تونس ثم مصر فى يناير 2011م واللافت أن حديث الرجل لم يكن بالتنبؤ بل بالتأكيد؟! وهو ما تأكد فى فصل آخر "العودة الى الاسكندرية"، حيث رصد الكاتب قدر الخراب الذى نال من الشوارع فى الاسكندرية، وزوال مشاعر الأمن.. فيما جاءت "الجوهرة" لتقيم مع الكاتب فى فندق فلسطين وخصصت له جناحا خاصا على الرغم من أنه يملك شقته فى ميامى. .. مضمون حوار صحفى.. وهو ما قدمه الكاتب فى فصل كامل "فى أبو ظبى"، حيث التقى بمنى فارس واجرى حواره هذا.. وسوف يعد هذا الحوار ومضمونة وثيقة فنية تؤرخ للفترة الآنية للدراما فى مصر والعالم العربى. .. جاءت الخاتمة فى ثلاث فصول تناولت وصفا للأحداث العامة والخاصة فى الاسكندرية، وكذلك الربط الانسانى مع الشخصيتين النسائيتين فى حياة السارد. خاتمة: إن أحداث الحياة هى الواقع قبل أن يرصدها الكاتب بقلمة، لكنها أصبحت حياة أخرى وجديدة قابلة للتشكيل والتقييم من جديد بعد رصدها بالقلم فى شكل أو جنس كان، وأرانى أراها مشروع حياة جديدة، تخص الكاتب فى جزء منها، وتشمل كل القراء فى أغلبها.. هكذا بدت سيرة أو رواية "رئيس تحرير" للكاتب الشاعر "أحمد فضل شبلول". ****** Ab
#السيد_نجم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابداع التجربة الحربية المصرية لمعارك اكتوبر 73
-
قصة من التراث للصغار- الاخوة المغامرون
-
التقنية الرقمية تبدع مسرحها.. المسرح الرقمى
-
ملف -السيد نجم أديب المقاومة-
-
المنتج الثقافى لثورة 25يناير.. تحت المجهر
-
ملامح ثقافية وأدبية مع ثورة25يناير
-
عالم -نجيب محفوظ- فى أضخم ببليوجرافيا!
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|