أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمود - الكردي الرشيد: رشيد كرد















المزيد.....

الكردي الرشيد: رشيد كرد


ابراهيم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1466 - 2006 / 2 / 19 - 09:16
المحور: الادب والفن
    


( لَكَم هي الحياة شهية وبهية)
" رشيد كرد"
ثمان ٍ وثلاثون سنة، أصبحت المسافة الزمنية الفاصلة بين الكثيرين منا، و" رشيد كرد : رشاد محمد علي"، الذي غادر هؤلاء الكثيرين منا إلينا، حاملاً بموته الصعب، ليشغل عبء حياتنا محمولاً بحياته الرحبة، ضداً على الموت المترصص المتربص فينا علينا، بعد أن عاش ميتات كثيرة، لمن كانوا حوله، وما كانوا حولاً له، وإنما أحالوا دون رشده الكردي الانساني مراراً.
قد لا يمكن الحديث عن رشيد كرد هذا الذي دام طويلاً فيما تفكَّره وما تدبره، أو تخيَّره وتحسر عليه، ليس لأنه كان معتل الإرادة، بقدر ما كان مختل حياة من كانوا هواناً لا هوناً ولا عوناً لـه، وهو يوسّع في الحياة رغم فذاذة شقاواتها، حياة تراوحت كثيراً بين سجن يجوب داخله، وسجن يؤوب إليه، وسجن يكون في انتظاره، وهو كان يسعى، كما هو تاريخه الكردي ، بالضبط، أن يحيل سجنه فذَّ الكفاءة والقراءة، ليكون بالتالي، المجاز بامتياز في حياة، لا تتهيأ لأي كان.
ربما يعتقد البعض الكثير، أو الكثير القليل بالتقابل والتكامل، أن هذا الكلام المثار، يشكل ضرباً من ضروب الأكروبات الكلامية، وهو في حقيقة أمره، وكما أقول أنا طبعاً ، وبالتأكيد حرب لغة على جنون لغو متهتك مشاع هنا وهناك ، من جهة الذين افتقدوا الكثير من جهاتهم، من كرده لا كرده أو سواهم في امتدادهم، في مدادهم.
رشيد كرد الذي يفصلنا عنه الكثير من العصور، إن قسنا المسافة بين حياة محتسبة وأخرى محتجبة بها أو باسمها، بالمعنى الارتدادي على حياة منشودة، قياساً على ما توخاه الكردي رشيد، وتمناه من صميم مبادئه، كما تقول أرضه الواسعة الضيقة عليه بلاداً لم تحتف به مثله في ذلك مثل القليلين مثله، سجناً واسعاً ضيق المدى عليه، وهو خارج أعين المدججين بالخوف من حياته وحياة القلة الكثرة الثرة مثله، ومن يرادفونه في لغات عدة في محيطه وخارجه، مثلما يفصلنا عنه القليل من السنين، وربما الساعات أو الثواني، فيكون أمامنا في الكثير مما شابه من أوجه حياة نراها أو نسمع بها دون القدرة على اعتيادها وهي في احتدادها، إن أردنا استعمال التوقيت الروحي وبراعة الرؤيا لما هو انساني وعظيم في الانسان، وهو بكامل أهليته القيمية الملهمة.
رشيد كرد، لكم هو طويل في عمق ورحب مداه الروحي، وعميق في طول باله، رغم انشغال باله هذا، ولكم هو المأخوذ باسمه خارج دائرة التصنيف اللغوي المحمَّل به تاريخاً اجتاحه دون أن يكون له يد فيه، وهو المضمخ بلقبه: انتمائه، داخل الدائرة الكبرى لما كان يعيشه إنسياً.
كم حياة عاشها، وهو الحامل ببكتيريا كل من الحياة والموت لـه ولغيره، لكرديته ولقوميته على طريقته الكردية، ولانسانيته على منهج روح البلاغة الانسانية، رغم ما تخللها من شوائب القول هنا وهناك، ممن عايشوه وعششوا فيه ترهاتهم وعاهاتهم وبلاهاتهم، مقابل آخرين قلة قليلة عايشوه وعاشوه في صمت، والذين أدركوه وما تداركوه، حتى الآن فيما كان موزَّعاً به ومتشعباً باسمه، وهو الواحد في ابتدائه واختتامه، حين أبصره النور في روشاتهRoşatê، ولم يحسن اكتمال التعليم، لفظاظة التقليم من جهة الذين ما أرادوه كائناً بشرياً، وكردياً من البشر، ومواطناً صالحاً في مجتمع: منتجع البشرية جمعاء، لأنهم أبصروا فيه ما كان يعميهم، فحاربوه في اسمه ولحمه وعظمه وشعره التاريخ، كغيره من القلة الكثيرة، وهو الذي انتقلت به الأرض الواحدة، بحدودها الممثّل فيها في كرديتها، والمجزأة بلغاتها الثقيلة عليه، وهي تشده بعضه على بعضه الآخر، وضد بعضه الآخر، ليكون هو وليس هو ، كما هو شأن من يريد الحياة لغيره ولنفسه ثمئذ، نفسها الأرض بكلاليبها رغم اختلاف لغات السوء الطاعنة فيه، حين ولد في روشاته، وكان في ديريكي Dêrîkê، أو حل في ماردين، أو بعدئذ عاموداباد، أو قامشلو، أو شاموكي، وما أثمرته الأحيرة من جليل العذابات في جسده المحوَّل للتفتيت قبل أوانه، كما هو المبدأي الكردي في كل أوان، في مزتها مُزتها، أو بيروت، أو حين كان في بوخارست أو يريفان.. أو رجوعه إلى ينبوعه المحروس بحية تلسع وتمنع من ارتشاف ، ولو قطرة من ماء حياة، كما هو سواه في أكثر من لغة.
رشيد كرد الذي كانت انطلاقته في الحياة( وهي لا زالت قائمة عائمة)، منذ 1910، الكردي ابن الكردي ابن الكردي ابن الكردي إلى سابع أو سبعين أو ما يبزها عدداً في وصل كرديته بفصل كريته الغابرة، دون أن ينعزل عن وصلات الآخرين في انتماءاتهم الأخرى، كونه الكردي والأممي الشيوعي كان، ويعني ذلك أنه اجتبى سماء رحبة في جسده الضيق المدى عينياً، لكنها الكون رمزياً، لأنه لطالما حورب في كرديته، من قبل كردييه، على شيوعيته من قبل شيوعييه كرداً وغير كرد، وقد كان ماض ٍبماضيه الموسَّع فيه، بشهادة حسن سلوكه: السجن الذي كان يسلمه لسجن، وهذا لغيره، وهذا بدوره لغير غيره، ليبلغ كمال التحليق بالدقيق في مروءته القيمية، كردياً وشيوعياً وانسانياً وكونياً، كما تقول عنه شهادات سجانيه بإمضاءات كرابيجهم أو عصيهم اللدنة أو سلاسل الحديد التي تركت معالمها: جرائمها: هزائمها، دليل عزائمها في معصميه: البرزخ الفاصل بين جبن حياة لسواه، وحياة شجاعة له ولنظرائه من أخوة الحياة.
رشيد كرد الذي فسخ العقد مع حياته المادية في الساعة الخامسة من صباح شباط المعهود بزمهريره كما همو المعنيون به في الشهور الأخرى شباطيين، وفي العشرين منه تاريخاً شهرياً رغم ضراوة الترميز، و1968، رغم فاجعة الترقيم السنوي، لأنه رأى تفسخات ومسوخاً بروحه من الألسن أرضه التي بلغها، ولم تبلغه في روحه المعطاة، كما الحال في كرّ السنوات التالية عليه، شهادة على بؤس حيوات الذين يشيرون إليه كردياً، وما يشار إليه إلا مضضاً، وشيوعياً، وهو المتروك بين المنتهك للاسم، وللانتماء كردياً وغير كردي، ولكنه في قرارة روحه، كان التطابق بين ما كان عليه مذ لفظ أنفاسه الأولى، وودع الأخيرة كمداً وحسرة، لأنه كان في انتظار الكثير من الإجابات المتعلقة بأسئلة أقضت مضجعه فيما كان ينشغل به، ويقاوم باسمه، ولهذا أشدد عليه في نباهة السلوك والقول، وبراعة التجاذب والتحابب، خلاف الكثيرين ممن يخلطون بين ثراهم المجافي لتكوينهم الجسدي، وثرياهم المنافية لتدوينهم الروحي، وأنا أستعيد ما قاله، أو ما أراد أن يقوله بصوت عال ٍ، لحظة انكباس الموت الضروس، خلل المرض العبوس ، ونهش روحه المقاومة، وهو المسنَد بزوجته وابنته، وفي ذلك الصباح المسند بالليل، ولكنه بالموعود بالنهار الذي بان خجلاً في قرمزية اللون الغامقة، قبيل طلوع الشمس بأكثر من معنى، وكما جاء قوله في نهاية ديوانه المنشور بعد موته( القافلة Kerwan) ، السويد 1991، وبالكردية طبعاً:
( ثمة الكثير من المهام والمسؤوليات التي كان علي القيام بها، لم أنجزها بعد ، كان علي ألا أموت الآن..كان يجب أن أعود إلى بساتين ديريكي، هذه التي اشتقت إليها منذ زمن طويل، لأراها، وبعدها فليأتي الموت)، لكنه لم يذهب إلى هناك.
ربما نحن من نُعنى به، من يستطيع تحقيق رغبته تلك، باصطحابه إلى هناك، بالتذكير به، أو على الأقل، بإيقاظه فينا، ولو في السنة مرة واحدة فقط، فقط مرة واحدة، وذلك أضعف الإيمان، تجاه من كان قوي الإيمان بانتمائه القومي والانساني. إني أشهد!



#ابراهيم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغزل الكردي
- هل يصلح الرمز الديني موضوعاً للسخرية؟
- الدولة العشائرية الموقَّرة
- دولة قوية دون شعبها
- السورية تيتانيك 3- مرسى تيتانيك مرسومة
- السورية تيتانيك2- الإبحار الكارثي
- السورية تيتانيك 1- لحظة الإبحار
- عمر الشريف بارزانياً
- فجيعة نفسي بنفسي- من وراء البللور السميك
- رسالة مفتوحة إلى صبحي حديدي: العربي الأثير في مزيج من كرديته ...
- الارتحال إلى الدكتور نورالدين ظاظا 13- دعوا جنازتي تمشي بمفر ...
- تصريح: الكتاب الكردي الأسود
- خارج الجوقة، بحثاً عن جوقة : خدام نموذجاً
- خارج الجوقة، بحثاً عن جوقة: خدام نموذجاً
- الارتحال إلى الدكتور نورالدين ظاظا 9- مفهوم الرفاقية كردياً
- الارتحال إلى الدكتورنورالدين ظاظا6- بين الوعيين : القومي وال ...
- نيران الكردي الفاشية
- الارتحال إلى الدكتور نورالدين ظاظا4- سيرة المكان في سيرة حيا ...
- رسالة مفتوحة إلى الأخ الرئيس مسعود البارزاني: حين يكون العدل ...
- الألفباء الكردية اللاتينية إنشاء امبريالي:ترجمة وتعليق وتقدي ...


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمود - الكردي الرشيد: رشيد كرد