أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - مشاهد من المراهقة














المزيد.....

مشاهد من المراهقة


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5674 - 2017 / 10 / 20 - 14:54
المحور: الادب والفن
    



-1-

كلما مررت بالقرب من تلك البناية، أشعر بوخز عميق يؤلمني، إنها تذكرني بسجن طويل دام نصف العقد، لازلت أذكر الأسرة الصدئة و الزنزانة النتنة، لقد مضت سنين طويلة، إلا أن نومي يغيب وتلوح أمام مخيلتي الأحجار المتطايرة في الهزيع الأخير من الليل، وانكماشي وسط الملاءة، و أتذكر خوار الحارس وثغاء المعلمين الداخليين وهم يحملون سطولا باردة في بداية الفجر. من يستطيع أن يتذكر علال ذلك النزيل الجديد القادم من الريف القصي؟ لقد بقي منكمشا في ملاءته حتى داهمته أمواج من مياه سيبيريا في غضون الفجر الدامع والباكي !!
-2-
ماذا تعلمت في تلك البناية الآثمة؟ الصداقة ! كان عندي أصدقاء قبل أن أدخلها، القراءة ؟ كنت أقرأ الجرائد في المرحلة الابتدائية، الفطام ؟ ربما الفطام . في ليلتي الأولى شعرت أنني مفطوم عن الأم، مفطوم عن القرية، مفطوم عن الريف الفسيح . في ليلتي الأولى كنت أهيم في النجوم و أحسدها لأنها في السماء ترى قريتي، بينما أنا السجين لا أرى سوى الأسرة وأطفال من أصقاع الريف لا أعرف من يكونون ! كنت غريبا بينهم، أشعر بعزلة رهيبة لا يضاهيها سوى بعد الأرض عن السماء.
-3-
هل قمت بقطيعة مع الريف ؟ كلا الريف حاضر في وجداني دائما، متى وعيت بأني ريفي ؟ وعيت بالريف في صميم المدينة ! المدينة كانت مدرسة، المدينة كانت مختبرا لذاتي المدينة كانت صدمة بالنسبة لي، عرفت الريفيين في المدينة ولم أعرفهم في الريف، وأدركت حقيقة المدينيين في المدينة وبالضبط في تلك البناية الآثمة، فبمجرد أن يلج الريفيون المدينة يشعرون بدونية رهيبة، يبدو لهم الآخر المديني صنما، وإذا كلمهم يشعرون بنشوة لا مثيل لها، لا أعرف سبب هذه العقدة !! كان علال لا يحب العودة إلى الريف، كان يقضي نهاية الأسبوع يلعب الكارتة، ويدخن السيجارة ويقرأ الجرائد، ويصول في شوارع المدينة لعله يعثر على بعض الغنائم !! كانت القرية تمثل لعلال صحراء قاحلة ! شخصيا كانت تبدو لي القرية خلاصي وملاذ حريتي، بينما كانت بالنسبة لي المدينة كفتاة متغنجة شمطاء لا أنوثة فيها، كنت أذمها على الدوام، كانت تبدو لي ضيقة ورهيبة كالسجن، كانت مليئة بالضجيج والصراخ، ظلت على الدوام رمزا للسراب.
-4-
من يكون علال ؟ علال فتى قروي، التقيته في تلك البناية، تفوق في دراسته القروية لكي يرحل إلى المدينة ويتخلص من الشقاء السيزيفي في الريف، كان يرعى ويجلب الماء ويدرس القمح في البيدر ويحرث الأرض، أتعبه الوالد، فوجد ضالته في المدينة، علال هو الوحيد الذي تعرفت عليه، لم يكن من المتملقين للإدارة، كان كلمة، كان رأسه مرفوعا، لا ينحني أبدا، دائما كنت أراه خلف البناية يقرأ، كنا نتبادل قراءة الجرائد والكتب، منذ تلك الأيام لم أر علال .

ع ع/ الدار البيضاء/ 19 أكتوبر 2017



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاهد من الطفولة
- قد أنبعث من رمادي
- الينابيع الأولى لحب القراءة: الشمعة والكتاب
- في انتظار الأمل الذي قد يأتي
- اتيان دولا بويسي مؤولا: العبودية طوعية والحرية بيد الشعب
- بين الحب الدنجواني والحب العذري: تمرد على شريعة الزواج . قرا ...
- من مراكش إلى قلعة السراغنة : حرارة البحث عن التاريخ العميق !
- من امنتانوت إلى مراكش : الأرض القاحلة
- من أكادير إلى امنتانوت : حين تجتمع الحرارة المفرطة بالطريق ا ...
- من كلميم إلى تيزنيت : شدة المناخ
- كلميم : باب الصحراء
- من افني إلى كلميم : بين اكجكال واجكال : لبس في المعنى
- إفني : عروس تجلس على هضبة ساحرة
- من مير اللفت إلى ايفني : الطبيعة الجميلة / المهمشة
- من أكادير إلى مير اللفت: المغامرة الأولى
- الصويرة في سطور
- من الصويرة إلى أكادير : الخشوع أمام جلال الطبيعة .
- من الدار البيضاء الى الصويرة : سؤال الآخر يؤرقني
- من عين اللوح إلى الرباط: بحث في العوالم المنسية
- من عيون أم الربيع إلى عين اللوح : الطبيعة العذراء والتهميش ا ...


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - مشاهد من المراهقة