أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - فيلم فوتوكوبي وقصور الرؤية الإخراجية















المزيد.....

فيلم فوتوكوبي وقصور الرؤية الإخراجية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5672 - 2017 / 10 / 17 - 01:09
المحور: الادب والفن
    


لم يكن رصيد المخرج المصري تامر عشري خاويًا قبل إخراج فيلمه الروائي الطويل الأول الذي ينضوي تحت عنوان "فوتوكوبي"، فلقد سبق له أن أخرج عددًا من الأفلام القصيرة مثل "كش ملك" و "الحادثة"، كما أنجز عددًا من الأفلام الوثائقية نذكر منها "الحرب السابعة"، "صُور من غزة"، "لُقمة نظيفة" و "همزة وصل". وقد أثرى خبرته الإخراجية حينما عمل كمخرج مساعد لمدة عشر سنوات مع عدد من المخرجين المصريين الشباب مثل مروان حامد وأحمد علاء وأحمد جلال وتعلّم منهم كيفية إدارة الممثلين، والتعامل مع مواقع التصوير قبل التعاطي مع القصة، والسيناريو، والحوار، والمعالجة السينمائية التي يُفترض أنها تحتل جزءًا كبيرًا من اهتماماته الفنية التي درَسها أو ألمّ بها خلال سنوات التلمذة والتدريب.
لا ينتمي تامر عشري إلى تيار حديث أو موجة سينمائية جديدة، فهو مُخرج تقليدي بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معنى، وفيلم "فوتوكوبي" هو دليل دامغ على رؤيته الكلاسيكية ليس في الإخراج حسب وإنما في القصة والتصوير والمونتاج. ولو تفحصنا قصة هذا الفيلم لوجدناها لا تعدو أكثر من "رغبة محمود، صاحب محل الاستنساخ في الزواج من جارته صفية مع أنّ كليهما في خريف العمر"، أما التصوير فهو لا ينطوي على لقطات ومشاهدَ فنية مُحترفة أو مدهشة، بينما تباطأ إيقاع الفيلم إلى درجة مملة جدًا، ولولا وجود الفنان محمود حميدة الذي حمل على عاتقه جزءًا كبيرًا من القصة السينمائية لوقع الفيلم في أخطاء فنية كثيرة تجعل من مشاهدته أمرًا شاقًا وعسيرًا على المُتلقي الذي بات مُقتنعًا بأنه يشاهد قصة مكررة، ومَشاهد مُستعادة سبق أن رآها في أفلام مصرية أُخر.
لا شك في أن مشكلة هذا الفيلم تكمن في قصته الركيكة، أو البسيطة إن شئتم، لأنها لا تتوفر إلاّ على حكاية متشظية المعلومات، ومتناثرة الأحداث لا يجمعها جامع، ونظرًا لخبرة الكاتب المتواضعة التي لا تتعدى أربعة أفلام قصيرة ووثائقية لم يستطع أن يفجّر الأحداث أو يصعدها دراميًا في الأقل ذلك لأنها مغلقة من جهة أو أنها لا تحتمل التصعيد لأنها تسير بخط أفقي لا تتخلله الهزّات المفاجئة وكأن القصة برمتها مكتوبة لشخصية العم محمود "محمود حميدة" الذي وجد نفسه مُحالاً على التقاعد بعد أن انقرض قسم "التجميع" في صحيفة رسمية ووُزع طاقمه على الأرشيف والكافتيريا وما إلى ذلك. وبما أن الراتب التقاعدي لا يكفي لسدّ متطلبات الحياة اليومية فقد وجدنا العم محمود يمارس عمله الجديد في محل للاستنساخ يصور الأوراق والمستندات التي كشفت له بعض أسرار الناس وعقودها، ووثائقها الرسمية. ثم تنفتح هذه القصة قليلاً على بعض الشخصيات مثل صفية "شيرين رضا" التي تعاني هي الأخرى من الوحدة لكنها تخشى من عدم موافقة ابنها المغترب على فكرة الزواج، كما أنها تثير سؤال الأنوثة والجمال بعد استئصال ثديها إثر إصابتها بمرض السرطان، ومعاناتها الدائمة من مرض السُكّري. وضمن التشظيات المحدودة للقصة نتعرّف على صاحب العمارة حسني "بيّومي فؤاد" الذي يلحُ على العم محمود بضرورة تسديد إيجاراته المتأخرة، ويحاول إزعاجه وطرده من المحل الذي يكسب منه قوته اليومي.
لم يبحث كاتب القصة السينمائية ومُخرج الفيلم عن ماضي الشخصيات الرئيسة التي قُدِّمت للمُشاهدين بصيغة مبتورة، فعُزلة البطلين ووحدتهما النفسية لم تهبط من السماء مباشرة، وكان الأولى بكاتب السيناريو أن يعود إلى الوراء قليلاً ليكشف لنا الأجواء العائلية الحميمية التي كان يعيشها البطلان في مرحلة الشباب أو في أثناء حياتهما الزوجية السابقة قبل أن تنتهي إلى هذا الفراغ المؤلم، والإحساس القاسي بالعزلة.
لا شك في أن فكرة الانقراض بحد ذاتها هي فكرة جميلة وتنطوي على قدر كبير من الإثارة لو أن كاتب القصة عالجها بطريقة إبداعية تتوفر فيها الضربة الفنية التي تلامس أعماق المتلقين. فهذه الفكرة قائمة على مرّ السنين فمثلما انقرضت الديناصورات لأسباب علمية وبيئية تنقرض العديد من الوظائف والمهن فحينما ظهرت أجهزة الكومبيوتر إلى الوجود انتفت الحاجة إلى أقسام التجميع في الصحف وصار بإمكان الكاتب إلى أن يوصِل مقاله إلى أي قسم يشاء من دون المرور بقسم التجميع، ولعل مهنة الاستنساخ أو التصوير الضوئي مهددة هي الأخرى بالانقراض طالما انتقلت المطابع إلى البيوت وأن التصوير الإليكتروني قد حلّ محلها. تُرى، ما الذي يفهمه المُشاهد من بحث العم محمود في أسباب انقراض الديناصورات؟
إنّ من يتتبع الأدوار التي أدّاها الفنان محمود حميدة في أكثر من ستين فيلمًا يلمس جديته، وحبّه لفن التمثيل خاصة، وللفن السابع بشكل عام، وغالبًا ما يكون المحور الذي يفعِّل أداء بقية الشخصيات كما هو الحال في "فارس المدينة" و "مَلك وكتابة" و "بحب السيما" و "احكي يا شهرزاد" وغيرها من أدواره الكثيرة التي يحبها جمهوره ومتابعوه، فلقد غابت نفحته الإبداعية في دور العم محمود، وتلاشت الهالة التي كانت ملازمة له في أفلامه السابقة، وقد سقط في خانق الأدوار المستنسخة والمكرورة التي لا تضيف شيئًا لجعبته السينمائية الممتلئة بالأفلام النوعية، وهذا الدور تحديدًا يُشكِّل انتكاسه ملحوظة لا تليق بجاذبيته، وألقه الأدائي المعبِّر. وهذا التراجع يُسجّل أيضًا على الفنانة شيرين رضا التي بدا دورها مفتعلاً في التجسيد والأداء، فلا الصوت مقبول، ولا الحركات الجسدية مُقنعة مع أنها توهجت في العديد من الأدوار التي جسدتها في باقة من الأفلام الجيدة نذكر منها "حسن اللول" و "هيبتا" و "الفيل الأزرق" وما دمنا منغمسين في أداء الشخصيات فلابد من الإشادة بدور عبد العزيز الذي جسده الطفل الفنان "أحمد داش"، بواب العمارة الذي توفي والده وتركه يواجه مصاعب الحياة لوحده غير أن تفاعله مع الأحداث والشخصيات جعلته العنصر الوحيد الذي يتحرك بحيوية، ومهارة، وخفة ظل واضحة للعيان. وقد اشترك هذا الطفل الموهوب في عدد من الأفلام والمسلسلات المهمة مثل "لا مؤاخذة" و "اشتباك" و "سرايا عابدين" و "إمبراطورية مين؟" وسوف يكون نجمًا لامعًا في السينما المصرية إن هو واصل مشواره الفني بذات الدأب والمحبة الكبيرة للتمثيل السينمائي والتلفازي على حدٍ سواء.
لم يكن فيلم "فوتوكوبي" في واقع الحال أفضل فيلم عربي مشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي ومع ذلك فقد نال هذه الجائزة من دون أن يستحقها ولعل لجنة التحكيم أرادت أن ترضي الجميع فوزعت الجوائز على الأفلام العربية الثلاثة حيث أسندت جائزة أفضل ممثلة لنادية كوندا بطلة فيلم "وليلي" للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، وجائزة نجمة الجونة الفضية لفيلم "قضية رقم 23" للمخرج اللبناني زياد دويري ولم تترك اللجنة فيلمًا روائيًا عربيًا طويلاً يخرج من المولد بلا حمّص! وفي هذه الترضية تشجيع للأفلام الهابطة، وإيهام القائمين عليها وخاصة صنّاع الأفلام الذين لا يتوفرون على موهبة أو رؤية إخراجية تتوفر على أدنى قدر من الجانب الإبداعي الذي يتيح للمتلقي القدرة على مُشاهدة الفيلم حتى اللقطة الختامية. وكان بإمكان اللجنة أن تحجب هذه الجائزة أو تمنحها لفيلم "قضية رقم 23" لأنه حقًا أفضل فيلم روائي عربي طويل مُشارك في المسابقة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شريط -وليلي-. . أداء معبِّر لقصة سينمائية هزيلة
- عقوبة الإعدام بين العدالة والانتقام
- بداية موفقة لمهرجان الجونة السينمائي
- حكايات سينمائية تتجاوز لذة السرد
- اللمسات الإنسانية في الأفلام الروائية لمهرجان الجونة السينما ...
- معرض استعادي للفنانة البريطانية راتشيل وايتريد في«تيت غاليري ...
- الفنان علي الموسوي بين فكرة الأمومة وهاجس الجسد الإنساني
- مُعجم طنجة . . سيرة مدينة تحتفي بالثقافة المُضادّة
- رسائل خاتون بغداد ودورها في تعرية المواقف المحجوبة
- فرناندو بيسوّا. . الكاتب المختبئ وراء أنداده السبعين
- فرق يهودية معاصرة تتنازعها الاختلافات الدينية
- الفنان التشكيلي سعد علي: ما أزال تائهًا بين ثنايا الروح الحل ...
- الفنانة مونيك باستيانس . . شغف بالطبيعة ونزوع لتجميلها
- البوح وسيلة للاعتراف في النص السردي
- الكتابة والحياة: سيرة جريئة كتبها علي الشوك قبل ضمور الذاكرة
- محمد شكري جميل . . عرّاب السينما العراقية بلا مُنازع
- حكاية البنت التي طارت عصافيرها: لغة سلسة وبناء قصصي متماسك
- رازقي . . رواية جريئة تفتقر إلى الثيمة الرئيسة
- اللاجئ العراقي وثنائية الهجرة والحنين إلى الوطن
- الشخصية المُناهضة للحرب في رواية السبيليات


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - فيلم فوتوكوبي وقصور الرؤية الإخراجية