وقفة عند عبارة يجب الغاء الاستفتاء

بدرخان السندي

الحوار المتمدن-العدد: 5666 - 2017 / 10 / 11 - 23:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد الاستفتاء االذي جرى في الخامس والعشرين من ايلول الماضي في اقليم كردستان حول تقرير الشعب الكردي لمصيره نشط الحديث عنه في كل الوسائل الاعلامية والمحافل السياسية وجاءت المقترحات من كل حدب وصوب وتعددت ردود الفعل عراقيا واقليميا وعالميا ولكن من اغرب المقترحات التي طرحت في نظري مقترح حكومة بغداد الذي يطالب الكرد بالغاء الاستفتاء !!
اذا كان بامكان شخص ما الغاء استفتاء صوت عليه الشعب فلماذا اذن لايجوز لهذا الشخص ان يدلي بصوته بالنيابة عن كل الشعب ؟ اي لماذا لا يكون بامكانه ان يقول:
( باسم ملايين الكرد في الأقليم اقول نعم للاستقلال ) ما دامت له صلاحية وقدرة مصادرة إرادة شعب ستكون له صلاحية وقدرة اعلان إرادة شعب بكامله ايضا من دون الرجوع الى الشعب أليس كذلك يا بغداد ؟ إذن لماذا قمنا بلأستفتاء ؟ و لماذا مفوضية الأستفتاء و لماذا أرسلنا دعوات لدول العالم والمنظمات لحضور ومراقبة الأستفتاء و لماذا الصناديق ؟ ولماذا الاحتفالات المليونية والالفية في مدن كردستان؟
اليس هذا الطلب استهانة واهانة بكل ولكل الكرد؟ اقولها مخلصاً ومؤمناً ومتألماً ان من يفكر باالغاء استفتاء لأي شعب على الأرض فأنه غيرمؤهل اساساً لأن يمارس السياسة و ليس من حقه اساساً ان يتحدت حتى ولو مرة واحدة عن الديمقراطية فأي ديمقراطية يمتلكها او يؤمن بها صاحب فكرة الغاء ارادات الشعوب؟ اي احترام يبقى لانسان بكر النهوض في الصباح ليدلي بايمانه وبصيغة مستقبله وشرف قومه ووصية ابائه ومستقبل اولاده واحفاده ثم يقال له لقد الغينا ايمانك فعد الى فراشك واكمل نومك...؟ وحتى اذ تمسكت بغداد بفكرة أن الدستور لايسمح بالأستفتاء نقول :
أولاً –
اذا كان حكام بغداد يحاولون القول ان الدستور لا توجد فيه عبارة ( يحق للشعب الكردي اجراء استفتاء للأنفصال عن العراق و تأسيس دولته ) نقول نعم لا توجد مثل هذه العبارة نصاً ولكن في نفس الوقت لاتوجد عبارة في الدستور تقول ( لا يجوز للشعب الكردي اجراء استفتاء من اجل الأنفصال و تأسيس دولته ) اليس كذلك ؟ فالدستور لم يذكر ولكنه لم يمنع من ذلك اما الحديث عن وحدة العراق فالسؤال هو ( متى كانت كردستان جزءاً من العراق ؟ ) لدينا مئات الشواهد التي تظهر ان كردستان ضمت قسرأً الى بغداد خلاف ارادة شعب كردستان بعد الحرب العالمية الاولى .. و عندما سأل فيصل الأول من البريطانيين بعد تأسيس المملكة العراقية ما اذا تمتد مملكته الى كردستان قال تشرشل :
( اخبروا فيصل نحن اسسنا له دولة العراق وليس امبراطورية عربية وحدود دولته جبال حمرين )
ثانياً –


يبدو ان بعض ساسة العراق لا يعلمون أو يتجاهلون ان الدستور .. اي دستور كان مصنوع وان الشعوب اكبرمن دساتيرها واردة الشعب اعظم من دستوره اذا ماقال الشعب كلمته ..
هل كان الحاقنا ببغداد بعد الحرب العالمية الأولى بموجب دستور وشارك الكرد في صياغته؟ ام كان تنفيذا لرغبة اجنبية كولونالية للحلفاء تشوبها رائحة نفط كردستان وبلهجة المنتصر في تلك الحرب التي لم يكن لنا نحن الكرد ناقة فيها ولاجمل ..
ثالثاً – سمعت مرة من السيد رئيس وزراء العراق ( ان الدستور لا يسمح باستقلال كردستان واذا كان ولابد فلنغير الدستور و نستفتي شعب العراق عليه ).
ان ما لا يعرفه او قد يعرفه الحكام العراقيون ان الأخوان العرب في العراق لا يحق لهم ان تستفتيهم الدولة العراقيه في اقامة الكرد لدولتهم ، فهم مع احترامنا لهم لاعلاقة لهم في ذلك . اذ ليس من حقنا ان نتدخل في مشاعر العرب تجاه اقامة وحدة عربية مثلاً او رغبة البصرة في الانفصال عن بغداد. فالدولة الكردية شأن كردي بحت ليس من المنطق ان نستفتي غير الكرد على تأسيسها و ويلز البريطانية لا تستفتى على استقلال سكوتلندا ، لا نعلم هل عندما يقترح سياسي عراقي بمستوى رئيس وزراء مثل هذا الأقتـراح لا يعرف هذه الحقيقة وفي نتأئج معلومة سلفاً ؟
حقيقة هذا الرصيد البائس من العبارات التي افرزتها التصريحات الرسمية للساسة العراقيين والندوات الاعلامية المتلفزة جديرة بأن تدرس فهي مادة خصبة في مجال علم نفس السياسة psychopolitics . واجراء سلسلة من عمليات تحليل المحتوى content analysis لفهم العقليات التي تقف وراء عجلة السياسة العراقية.
وكما يقال شر البلية ما يضحك فانا لا استطيع ان انكر ان تصريحات الساسة العراقيين والماكنة الاعلامية العراقية في بغداد اليوم اعاداني الى زَهو عمر الشباب فهم يتداولون اليوم نفس العبارات والمصطلحات التي كنت اسمعها في شبابي ايام عبد الكريم قاسم وعبدالسلام عارف وعبدالرحمن عارف والبكر وصدام فيما يخص قضيتنا العادلة.
ان طلب الغاء الاستفتاء لحل القضية الكردية يذكرني بحكاية الوالي العثماني الذي باشر بمنصبه في بغداد في شهر اب في ذروة الحر ولما سال عن سبب هذا الحر في العراق قالوا له لكي ينضج التمر لان النخيل يحتاج الى الحرارة فاجاب فورا( ما نريد تمر واقطعوا كل اشجار النخيل في العراق لكي يبرد الجو) ...

#بدرخان_السندي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات