|
التطبق والإختلاف
علي عبد الواحد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1465 - 2006 / 2 / 18 - 06:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكثيرون منا مازالوا يرددون جملاً ومفاهيم ، لايمكنهم ألإلتزام بها على الرغم من إنها أصبحت من بديهيات الحياة الجديدة وتطوراتها المتسارعة ، ولقد وصل الأمر بالبعض إلى إستخدام صوراً وعبارات مستعارة من مشاهد وظروف أخرى لاتمت بصلة الى ظروفنا ، وهذا الموضوع سأتوقف عنده لاحقاً، أما الآن فيهمني الحديث عن الآراء المختلفة والمتعددة لتفسير ظاهرة ما أو حدثٍ ما ، وهذه مسألة طبيعية لأنها تتوقف على جملة من العوامل والتداعيات المتشابكة :الثقافية، الإجتماعية، والسياسية ، والطبقية المختلفة ، إضافة للعوامل النفسية. ولما كانت هذه العوامل طبيعية في المجتمع الواحد ، ومقبولة من الجميع ، فإن من الطبيعي أن تكون نتائجها مقبولة ومتفق عليها ،فالمجتمع العراقي وعلى مر الأزمنة التاريخية المختلفة لم يلوّن أبناءه وبناته بلون فكري واحد، بل حتى إن أبناء العائلة الواحدة يظهر بينهم الإختلاف الفكري والإنتماء السياسي ، وغيرها من الإختلافات. وكنا ونحن طلاب في المدرسة المتوسطة والثانوية نشخص الفروقات ما بين المدرسين ومن منهم الأقرب الى همومنا ، ومازالت شخصية ذلك المدرس الرائع ماثلةً أمامي ، فهو قد خصص جزءاً من درسه لمناقشة مشاكلنا وقتها ، ولم تغب عن بالي دعواته المتكررة لنا للذهاب الى المسرح والسينما ، وكيف إنه خصص وقتا لشرح ومناقشة فلم المحاكمة (القضية) لكافكا لمخرجه أرسون ويلز وبطولة أنتوني بركنز، وكيف إنه كان يرد على المعترضين بهدوء وكلمات بسيطة (مو هذا يفيدكم !). وما دام الناس قد تقبلوا هذه الفروق الفردية ، فمن المعقول جداً أن يتم تقبل ما ينتج عن هذه الفروق وأعني بها قبول الإختلاف في الر أي. ويكونوا كما قال مونتسكبو (قد أختلف معك في الرأي ولكني على إستعداد أن أموت في سبيل أن تقول رأيك). في عالمنا المعاصر تتغير المشاهد بسرعة هائلة ، فلا يمكن لإنسان ما ، أن يدعي بأنه أمسك بشئ واستطاع معرفته حتى يكتشف بأنه تسرب من بين أصابعه ليحلّ محله شئ آخر جديد ، ويصبح القول الذي تعلمناه نظرياً واقعاً ملموساً وهو( لانهائية المعرفة)، وأزعم بأني أستطيع الجزم بذلك من خلال متابعة البرامج الموسيقية الغنائية فبالكاد يستطيع الواحد منا أن يحفظ اللحن والأداء لأغنية معينة ، حتى يكتشف إن أوانها قد إنتهى وحلت محلها أغنية أخرى ذات طابع آخر. ومثل ذلك ينطبق على الرأي والحلول التي تصلح لهذا اليوم ربما لا تناسب غداً، وكثيراً ماكان يقال عن قضية واضحة المعالم ، بأنها بسيطة مثل 1+1=2، ولكن هل إن 1+1=2 دائماً؟ أشك في ذلك! واترك البت فيها الى القارئ الذي لن يفوته معرفة إن الأرقام هي (رموز) مجردة تعبر عن أشياء ملموسة، فالرقم 3 مثلاً يعبر عن أشياء ثلاثة ،تختلف عن الأشياء التي يعبر عنها رقم 3 آخر. فلو فرضنا إن الرقم 3 الأول يعبر عن ثلاث دقائق والرقم 3 الثاني يعبر عن ثلاث سنوات تصبح العبارة 3+3 في هذه الحالة لامعنى لها. ويمكن القياس بالمثل على 1+1 ، ولذلك كله يصبح الإختلاف في الرأي ضروري. وليس ذلك وحسب بل إن التعصب للرأي وإعتباره هو الصحيح يصبح ضرباً من ضروب الخيال ، ولا معنى للخطوط الحمر في الحياة والسياسة لأنها قد تصبح ذات لون آخر. دخلت العولمة عالمنا من أبوابه الواسعة ، وذلك نتيجة للتطورات الحاصلة في العالم الرأسمالي ، ولم تعد أدواتها المتمثلة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ، على أهميتها الأدوات الوحيدة في إطارها ، وقيل الكثير عنها ، وسأختار ما قاله المفكر صادق جلال العظم (( إن عملية العولمة كما أرصدها الآن تعمل في الغالب لاعلى تغيير العالم ولا على فهمه ولا على تفسيره ،بل تعمل على تكريسه وتسويقه وتبريره وعقلنته على حساب الأضعف في المعادلة )) ، في الوقت الذي يقف مفكرون آخرون لايقلون شأناً عن المفكر العظم ، موقفاً آخراً من العولمة ، وهناك من ينعي وسائل الأعلام والسلطة الرابعة ، على أساس إن تصاعد وتيرة العولمة خلال السنوات الخمس عشرة الآخيرة ، أفرغت هذه السلطة من محتواها، وأفقدتها شيئاً فشيئاً وظيفتها الأساسية كسلطة مضادة،فالإنطلاقة الهائلة للإعلام أدت الى ظهور تشابك ما بين وسائل الإعلام الكلاسيكية نفسها (الراديو ، الصحافة، التلفزيون ) إضافة الى هذا التشابك مع وسائل الإتصال الجماهيري الأخرى، وظهور شركات عملاقة في هذا المجال ، مما أدى الى زوال الإستقلالية التي كانت تميزها وازدياد تبعيتها الى الإداراة العملاقة وليس الى إداراتها القومية......الخ!! ، إن هذا القول رأي آخر يتوجب دراسته . وما دام الحديث يدور عن الإعلام وإستقلاليته ؛ يصبح من نافل القول إن الحديث عن الضجة الكبيرة التي تثار بسبب الرسوم الكاركتيرية التى مست شخصية النبي محمد(ص) في الصحيفة الدنماركية (يولاند بوستن)وبعض الصحف الأوربية التي أعادت نشرها، لقد أشبعت القضية كتابة وأعمال عنف وحرق سفارات وحرب آراء، وسببها الرئيسي الذي أصيح واضحاً للعيان هو إن طرفي المشكلة لم يفهما بعضهما البعض أثناء حدوثها ، وإن هناك دوائر مستفيدة في الطرفين سعرّت الأمور وصعدت الخلافات لمصالحها الذاتية .بالرغم من إعتذار الرسام والصحيفة الى المسلمين ومنهم وتوضيحهم بانهم لم يكونوا مدركين المكانة التي يحتلها الرسول الكريم في نفوس المسلمين ، ويبدو ان هذا الإعتذار لم يشف غليل الهائجين ومن ورائهم ، فذهب البعض منهم واغلبهم رجال دين من مختلف المذاهب، الى مطالبة الحكومة الدنماركية بالإعتذار رسمياً الى المسلمين، وهذا طلب لايراعي الواقع الديمقراطي في الدنمارك وفي اوربا عموماًحيث لاسلطان للحكومة على وسائل الإعلام والصحافة منها ، التي تتمتع بحريةٍ وإستقلالية لاحدود لها ، هذا اولاً، والفعل الذي صدر كان من الصحيفة التي إعتذرت، ثانياً وإعتذار الحكومة عن ذنب لم تقترفه لامعنى له، ثالثاً، ولايمكن تعامل المسلمين مع هذه الحكومات كما لو إنها على شاكلة حكوماتهم التى بيديها الحل والربط، وتملك كل شئ حتى الأرواح، فلا يمكن المطالبة بتغيير الأنظمة الديمقراطية وإعادة صياغتها وفق موديلنا، وهذة حقيقة من الضروري لنا دراستها والقبول بها . والأمر الأخر الذي يستدعي ألإهتمام ملاحظة المصالح الإقتصادية في المشكلة ، ورؤية البضائع البديلة عن المنتجات الدنماركية المقاطعة، وملاحظة السهولة التي يتم فيها إستغلال الدين والمشاعر الصادقة لتوجيهها حسب المصالح . ناهيك عن إن هذه الأجواء بررت الإرهاب واظهرت الإرهابيين كغيارى على دينهم وبررت افعالهم الدنيئة ، وهناك بعض الحركات وبعض الدول إستغلت الموضوع للخروج من ازماتها وعزلتها. ومع ذلك تبقى الأمور وجهات نظر مختلفة وآراء متعددة ، يركن للملائم منها للذي يفكر بالحدث وابعاده وكل حسب طريقته. وفي شأننا العراقي الكثير من التداعيات والمفارقات غير المنتهية لحد الآن على الرغم من إختيار المرشح لرئاسة الوزراء ، ولكن هل تم إختيار الوزراء وهل وضع برنامج الحكومة على طاولة المباحثات،وهل حلت القضايا العالقة من ايام المرحوم مجلس الحكم؟؟ اسئلة بحاجة الى رؤى ليست بالضرورة ان تكون متفقة.
#علي_عبد_الواحد_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسؤولية الكبيرة
-
مناقشة هادئة
-
المجتمع المدني ومنظماته
-
أم أحمد العريفة وحكاياتها
-
مستقبل منظمات حقوق ألإنسان في العراق
-
الشيوعية في العراق والديمقراطية
-
لقطات هوليودية
-
اعطب صوتي للقائمة 731 بدون تردد
-
الخطاب الجديد للسياسيين والكتاب العراقيين
-
وافق شن طبقة
-
هل تختلف الجينات العربية عن غيرها ؟
-
ياهو مالتي
-
الديمقراطية وألأصلاح ألسياسي في العالم العربي
-
المال العام ومسودة الدستور الدائم النهائية
-
الجلاوزة هم الجلاوزة وأن أختلفت المسميات
-
العراق ما بين الواقع ورؤى الكتل السياسية
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|