|
بُقع الفقدان..
يعقوب زامل الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 5663 - 2017 / 10 / 8 - 22:48
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة ..... بقع من ضوء الشمس تسللت من بين الاغصان العالية لأشجار تتابع طريقها باستقامة للأعلى كما زينة تتوجها، واثقة من جمالها. هناك حيث يصير العالم أشبه بمحارة. ــ نحن شخصان لا يمكننا أن نعيش بعيدا عن بعضنا. أتذكر جيدا، أنكِ غصصتِ، وأنتِ تتطلعين للضوء. كنتِ تؤثرين العثور على شيء، لا يعني لكِ الفقدان الذي لا ريب فيه. آنذاك صعدت مع دمك دفقة تعطيك شيء من رفقة بعيداً عن غيمة الحزن الارجوانية. وبعيداً عن ما يعترض حبكِ، اضفتِ: ــ " أنه جسدي. عندما أكون معك، لا أريده أن يخونني ". ولأن السر يكمن في الغريزة، كان هناك نوع من النهم، أو قل أنه الرغبة. بعض الناس لا يخبروك بماهية هذا الشعور، فقط أنت تعيشه وكأنه إيقاع داخلي. لا شيء يضلل المفاجأة، سوى الحقيقة. عدتِ من جديد لتؤكدي بعض من أهمية تلك الحقيقة: ــ " أُريد أن أهبك أسرة. أنا أعلم جيداً أن لديَّ رحماً جيدا. ومناسب تماماً ليهبك هذه الاسرة الجميلة ". ومرّت أعوام ثلاثة، وكنا قد ارتبطنا قبل عام، وقدمتي لي أولى هباتك. يومها، حدقتي بوجهها بعينيكِ الباسمتين، وسمعتكِ : ــ " أنظر لوجهها جيداً. إن لها أنفك، وذقني أنا. هل ترى فيها جسدي وجسدك؟ ". لهذا كان عليّ، أن أجعل من جسدي مأوى لكِ، وأن أمنحكِ أحشائي أيضا. وحتى لو انتزعتُ مني بعض جسدي لأهبك إياه، فسوف أكون سعيداً. فما أملكه بعد هذا سيكفيني أن أعيش فيه معكِ. وقبل أن تهبيني بقية الاسرة، قلتِ لي، وكنتِ على وشك البكاء: ــ " عندما ذهبت عني في نومك، وبقيتُ مسهدة، فكرت وأنا أحدق بوجهها، عندما تكبر وتصبح امرأة وتتزوج، هل ستتركنا، وتغدو لزوجها واولادها فقط ؟ ". وفي الصباح عندما سألتكِ " لماذا أنتِ ضجرة ؟! " غادرني وجهك لناحية لا أعرف " اين ". فقط سمعتكِ تقولين " لأني لم أنم ما يكفي ". ثم حين وضعتِ وجهك أمام الصحون وأنتِ تشطفيها، همستِ " أريدك.. أريدك أكثر من أي وقت مضى ". لهذا أدركت، أن كثيراً من المحادثات الأليفة ستكون على الطريق. الصوت، هو يجعلنا نسمع نغمة الأشياء، إن كانت تحمل ذاتها، او هي فارغة. وكنا متوترين قليلا. في ليلة وقد وصلتُ في الوقت المناسب. وجدتكِ متمددة على سريركِ نصفكِ غافٍ، ونصفك الاكثر جاهزية للمعاشرة، كان واعٍ. فكرت،" كم أحتاج، في هذه اللحظة، للتمتع برؤية هذا البرونز اللحمي ". ساقكِ البض الحنطي كان مندلقاً من تكوّر الغطاء وثوب نومك. عندها شعرت بأهمية لماذا كان عليّ أن أتقن فن الرقص. أتذكرين حين أكدتُ لكِ ساعتها " ان جسدي يحب هذا الايقاع. وأني في قمة سعادتي لأني وصلت في الوقت المناسب؟ ". قفلي، كما باب غرفتنا لم يكن موصدا. وكان على جسدينا ألّا يخوننا. هذه الاحداث، وتلك التفاصيل التي تحتاج لملجأ، مناسبة تماماً لكي تحدث فينا مماثلتنا مع بعضنا بعض. تحمل تأشيرة سفرنا معاً لأنفاس الكون، كما يجري عادة. أن نموت ألف مرة، وأن نعيش ألف مرة، لم يكن يعني لنا من شيء، سوى أن نخرج منتصريّن. أن نروي قلبينا الوحشيين بالحب والعاطفة المستدامة. لكن عندما رأيتُ وجهكِ وسط القفر، وقد سقط تحت ضربة الخسارة الكبيرة، أدركت أن الريح لم تعد تحرك شعر رأسك. وأن عينيكِ المسكوبتين على الدوام، من إناء وسيلة الحب، لم تعد تأخذني لوطني الجميل. وان عليّ أن اختبي جيدا من عود ثقاب الفقد الذي لم ينطفئ، وجدت نفسي أمام المخبأ الوحشي، حيث تهيمن الوحدة. وأن ما يتصاعد ساعتها، ليس سوى بخار غيوم لا تنقشع. وسألت كما لو أنني أجهل الحقيقة: " لماذا لم أمنع عنكِ هذا التفتت. ولم أقل لكِ لا تذهبي بعيداً، كما كنتِ تأكدين عليّ. في تلك اللحظة السريعة، كنتِ تجتازين حزنك. تعيشين في مكان لا أستطيع الوصول إليه لأودعك. لأول مرة كنِتِ تخرجين وحدكِ. حيث الموطأ بلا اشتياق. بلا مبرر للأمر. هناك، إلى ذاك المكان القصي!
#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى أكثر اقناعاً...
-
لحظة أفعوان الكلمة...
-
بين إلهٍ متخفٍ، ونصفكِ الاكليلي!
-
إياكِ ، الوردة/ وغموض العطر !...
-
أحيانا، الصوت يتلف الحوار!
-
ما يترنح مثقلا بالنعاس!..
-
فتور الملاطفة !..
-
لُجْةٌ من طبول!
-
الحلم، عشيقة تمنح تجاوزها !
-
نصفُ اختطاف ، ونصف...
-
قصة، ما لا يُمكن رؤيته!..
-
شيء ما، غير قابل للتفاوض!..
-
لرائحة النماء !...
-
لملمس الاصابع والعصافير..
-
مِنكَ، لبياض الشراشف..
-
يتابعُ الطينُ مجراه ...
-
خارج المُغلق !...
-
للعشبِ الريشي !..
-
مقايضة الداخل...
-
Aut stop..
المزيد.....
-
صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا
...
-
-القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب
...
-
ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|