أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغناطيس-في السّجن-2-














المزيد.....

المغناطيس-في السّجن-2-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5663 - 2017 / 10 / 8 - 18:17
المحور: الادب والفن
    


عندما تعود حبيبتي من السّفر سوف أشعل لها شمعة
أضيء الكون بجبينها، أنحني كعبد لها
حبيبتي أجمل النّساء، وأذكى النساء
-من هي حبيبتك يا سعدون؟ أنا
-طبعاً لا يا ختام. علاقتنا عابرة. حبيبتي هناك، فردت ضفائرها على الكون.
-لماذا تزوجتني إذن؟
-لم أقصد. عفوك صوفيّا. اعتقدت أنّك أنت ترغبين بذلك. تزوّجتك عندما كنت صوفيا، لكنّك لم تعودي تليقين بي.
-أتذكر أنّني أنا من تخلى عنك أمام كاهن معبد القضيب؟
-كنت تمزحين. يمكنني العودة إليك متى شئت، فأنا ذكي أجيد التعامل مع المرأة.
-ومن هي حبيبتك؟
-هي زوجتي التي قتلتها، وفردت ضفائرها على القبر. ألم تسمعي: " من الحبّ ما قتل؟
لقد أذنبت بحقي عندما دفعتني لقتلها. تصوري كم هي مجرمة بحقي!
إنّني بريء. هي من أجبرني. كانت تعيّرني بأنّني لست رجلاً، دافعت عن رجولتي فقتلتها.
-كم كانت إنسانة رائعة حبيبتك يا سعدون. كشفت أنّك لست رجلاً.
. . .
لا أنجح رغم المحاولة
تسجنني أنفاسي، وأغرق في حلم طويل
أنسى من أين أتيت، من أنا
لم يعد للوقت حساب، ولا للزمن مرآة
أتكور على زاوية عمر ليس له بداية، ولا نهاية
أعود جنيناً في خيمة عنكبوت
هذيان، هراء، هي الحياة هكذا
دون وداع أو لقاء
أين أنت يا فاطمة؟
-دعيني مختبئة ، أغمض عيني، أقول: ليته حلم !
كم طال الوقت. أشعر أنّني هنا قد ضعت. هل لك أن تقتليني يا ختام، أو تكلّفي سعدون بذلك. دبري لي تهمة أحاكم عليها. أرغب أن أرى نفسي أعاقب على ما قمت به في هذه الدّنيا، ولو كانت عقوبتي الموت لكنت أستحق.
-هاتي يدك. دعيني أساعدك على السيّر . جسدك يرتجف. هل أنت فاطمة حقاً؟ لم أنظر لك منذ فترة طويلة. إنّك عجوز يا عزيزتي. متى كبرت؟
-وأنت أيضاً يا ختام تبدين عجوزاً، وكذلك سعدون.
ألا يوجد معك مرآة؟ أين نحن يا حياة. كأنّ كل ما تحدثنا عنه لم يكن حقيقة. الحقيقة أراها الآن. أين كنّا بين مرحلة الشباب والشيخوخة.
-سوف أتفقد المكان.
لا أبواب في المكان الذي نعيش فيه، فتحة صغيرة فقط.
أحدهم يرمي شيئاً من الفتحة
أيّها الإنسان. قل لي
-أنا لست إنساناً. إنّني من طاقم السّجان.
-أين نحن الآن يا سجان؟
-أنتم في إصلاحية الأحداث . دخلتم إليها قبل ثلاثين عاماً، وبقيتم هنا. نسى الموظّف أن ينقلكم إلى سجن الكبار. أعتذر لكم نيابة عنه. كان من المفروض أن تكونوا خارج هذا المكان منذ خمسة وعشرين عاماً. لكنّهم سوف يفرجون عنكم غداً.
جلبنا لكم ثياباً، وصابوناً، وسوف يتمّ الاحتفال بخروجكم غداً.
-هل سمعتم كما سمعت؟ هل فهمتم ما قاله الرّجل؟
ألم يكن لدينا قصر، ولا معبد للقضبان، ولا جميع ما مرّ معنا. لم يكن قد مرّ معنا.
. . .
أدق على صدري عسى القلب يجاوب
أسأل على عمري، والعمر كذبة
يروح الوجع لبعيد، ويرجع تفاجئني
أبكي، أو لا أبكي . كلّ الدموع خادعة
على من أبكي؟ ما في إلا الوجع ناطرني
أخجل من ضحكتي، ومن بكوتي
لو أختفي ، وذوب ، وتنطفي شمعتي
قولي يا فاطمة. ابكي، وسوف نبكي معك. ضاع عمرنا في السجن. نسونا هنا
ابكي يا فاطمة، اندبي، فلم نبني قصوراً ولا مدناً، وكل أحاديثنا كانت محض خيال توقعناه من الحياة، خيال لم نستطع تحقيق شيء منه، فلا سعدون ربته ذئبة، ولا أنت لك زوج وأطفال، ولا أنا من لآل الفقير. كل هؤلاء يعيشون، وكلّ ما تحدثنا عنه من قصص تخصّ من هم في الخارج، كنا قد سمعنا بها أطفالاً وفتياناً . فقد كانوا يحدثوننا عن القصر، ومملكة القضبان، وسوزانا وصوفيا. تقمصنا الشخصيات، كي نتجاوز واقعنا.
. . .
الحقيقة الوحيدة اليوم أننا ثلاثتنا سجناء في إصلاحية للأحداث. اسمها الحياة البديلة. لو كانت إصلاحية حقاً لم تكن تلك الجدران عالية، والنوافذ مرتفعة وعليها شبك. هذه الغرفة ليست كبيرة. بالكاد تتسع لنا. كيف كنا نزرع فيها الورود، ونبني القصور؟
تبدو ضيّقة جداً، لكن في زواياها تاريخ لناس قضوا هنا، فهذه بقايا جثّة لم منها يبق سوى العظام.
عندما أتينا إلى هنا. كنا فتيانا، تحدينا العالم. تعاهدنا أن نغيّر العالم، لكنّنا بدلاً من ذلك قضينا عمنا في تلك الغرفة القذرة. أيها العالم: هل لك آذان؟
يقولون أن موعد الفرج غداً. سوف تعمّ الاحتفالات. هل تذكرون اسم رئيسنا قبل الدخول هنا.
-هل تقصدين ابن تيمية؟
-هذا صاحب طريقة دينية. ربما كان اسمه ابن الأشرفين
-أعرف اسمه جيداً، ولا زلت أتذكر عندما تحدثوا عنه، إنه الأزعر الكلبي، غيروا اسمه فأصبح الأزهر القلبي، ومن ثمّ كتبوا عن نسبه. انظروا! اسمه هنا: وضع حجر الأساس لهذه الإصلاحية المدنية الأزهر القلبي رعاه الله, ابن الأكرمين. أرادها ملهمة للشباب، وبديلاً للحياة في الخارج، وتعاون مع أكبر الفنانين في العالم من أجل عزف موسيقى تصويرية يسمعها من هم في الدّاخل تبث في نفسهم الخشوع، والخوف.
-لعنة عليك يا أزعر الكلبي. هل هذا السّجن هو بديل للحياة؟
رغم كلّ شيء، فنحن نتوق ليوم غد. كيف سيكون لون السّماء، وهل سوف نرى القمر؟
هل تعتقد أن أمي لا زالت على قيد الحياة يا سعد؟
وحتى لو كانت أمهاتنا وآباؤنا على قيد الحياة. لن نذهب إليهم. تعودوا على موتنا. لماذا عليهم أن يرونا على هذا الشّكل؟
عشنا عمرنا هنا. كان لنا أحلاماً، ذكريات. دعونا اليوم نحتفل معاً بوداع المكان.
اذهب يا سعد، واجلب لنا الشّمبانيا. سوف نتذوّق طعمها.
علينا غداً أن نعيش، لدينا فرصة بعض الأيام.
نتزوج، نصبح أغنياء ، ننجب الأطفال، وكلها خلال يوم واحد .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغناطيس-في السّجن-1-
- حول جائزة نوبل للأدب-فنّان اللغة مع نمطه الخاص-
- المغناطيس -في المزرعة -3
- قد تكون العزلة الاجتماعية خياراً
- البيئة التي نعيش فيها تدفعنا لليأس
- العنف في برشلونة يرتدّ إلى مدريد
- المغناطيس-في المزرعة-2
- لا نازيين في مدينتنا غوتنبرغ
- هل يؤثر اللون حقا على العقل والجسم؟ أستاذ علم الألوان يوضّح ...
- هل يمكن للمرأة السّورية أن تتحدّث علانية عن الاعتداء الجنسي ...
- اللهجة الحماسية، ومصطلحات سورية
- المغناطيس-في المزرعة-1-
- لماذا تشاركون الكثير من المعلومات؟ أكثر من 80٪من الأطف ...
- المغناطيس -في المعبد-3-
- إسقاط الكتّاب قبل إسقاط الدكتاتور
- المغناطيس-في المعبد- 2-
- البطل ماكوما
- قد أخسر الأصدقاء عندما أقول الحقيقة
- خبير التّغذية:الأطباء بحاجة إلى إخبار الناس أنه يمكنهم التّخ ...
- المغناطيس-في المعبد-1-


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغناطيس-في السّجن-2-