أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - هل الانتحار جبنٌ ، أم شجاعةٌ ؟














المزيد.....


هل الانتحار جبنٌ ، أم شجاعةٌ ؟


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 5661 - 2017 / 10 / 6 - 00:42
المحور: الادب والفن
    


أكذب لو قلت : إن اليأس لم يطرق بابي ، و أن الخيبة لم تزرني ، أو إنني لم أستضيف الفشل في حياتي ،
أو لم تلاحقني الهزائم .
كما أخالف الصدق لو قلت : إنني لم أفكر حتى بالانتحار ، حينما نجحوا في كبح جماحي ،
و نالوا من عزيمتي .
إلا أنني لم أختر عقوبة الانتحار . بل آثرت أن أعاقب نفسي بقبول أمرٍ مستكرهٍ ، كردة فعلٍ سلبيةٍ للغاية .
فدفعت ثمن عنادي غالياً ، و لا زلت .

مهما كنتَ عنيداً ، فالظروف نادراً ما تصادر قوتك ، و تستطيع الإيقاع بك ، و تزجك في مأزقٍ يستحيل خروجك منه .
و تبدو لك الحياة كأنها لا تطاق ، و الرغبة في الموت تستيقظ من أعماقك .
فإما أن ترفع يديك مستسلماً خائر القوى نتيجة الصراع مع الخيبات ، و الفشل في إسكات صدى الانتكاسات المؤلمة ،
و الحوادث المهينة التي تصارع الكرامة و تقتلها ، و توحش الاضطرابات النفسية ، ثم إخمادها إلى حد الإحباط .
و إما أن تختار أمرين كلاهما بطعم العلقم :
الأول : أن تتجرأ فتنتحر ، و يتهاوى جسدك ، و تذبل روحك رويداً إلى حد التلاشي .
و الثاني : أن تقدم على فعلٍ تستقبحه ، و لا تميل إليه البتة ، و لا مكان له في قلبك ، بغية الانتقام من نفسك ،
أو من أحد المقربين ممن كبل قدراتك .
مع أنه بالاستسلام أو الانتقام تبقى على قيد حياةٍ تشبه الانتحار .

يقول الفيلسوف الألمانيُّ فريدريك نيتشه : ( متى ما شعر المرء بعدم قدرته على المزيد و الإبداع ، و السمو على ما هو فيه ، حينها يشعر بحاجته الماسة إلى الموت .... و عليه اختيار يوم لموته ، كي يسرق الفرصة من الموت المفاجئ ، ليجعله عيداً )
لعل نيتشه يقصد المشاهير من الأدباء و الشعراء و الكتاب و الفنانين .... أكثر من البسطاء و عامة الناس الذين تدفعهم البطالة للانحدار إلى قاع الفقر ، أو يداهمهم الفشل العاطفي .
فهذا اللورد بايرون الشاعر الانكليزي يشير إلى ذلك عند حديثه عن الشعراء و الأدباء قائلاً : ( نحن أصحاب الصنعة كلنا مجانين ، فنوبات الفرح الزائد ، و إفراط الكآبة تصيبنا جميعاً )

الشاعر الفرنسي بودلير حاول الانتحار عندما قُبِلَ حبه ل ( جين دوفال ) بالرفض من قبل أمه .
الطالب الهندي ( روهيت فيمولا ) انتحر شنقاً في سنٍ مبكرةٍ ، لأن الجامعة حرمته من منحته المادية ، فأغرق في الديون عقاباً لنشاطه السياسيِّ .
الكاتب الأمريكيُّ أرنست همنغواي الحائز على جائزة نوبل - و التي أخافته من ألا يستطيع أن يكتب أفضل مما كان يكتبه قبل حصوله على الجائزة – حاول الانتحار مرتين .
و في المرة الثالثة وفق في تحقيق هدفه حينما وجعه بلغ أقصى مداه فأطلق الرصاص على رأسه اقتداءً بوالده المنتحر بدوره .

الشاعرة آنا سيكستون حسدت صديقتها الشاعرة ( سيلفا بلاث ) عندما أقدمت الأخيرة على الانتحار ، فأطلقت الأولى صرختها المرعبة : ( كنت أنا أولى بهذا الموت ) .
فانتحرت بعد أحد عشر عاماً باستنشاقها غاز أحادي أوكسيد الكربون .

مع أن هؤلاء أحرزوا نجاحاً باهراً ، فحصدوا المراكز الأولى في المنح و الجوائز ،
لكنهم كانوا يخفون خلف هذا الانبهار روحاً مختنقةً من وطأة العذاب و قسوة الألم .
فكان التمزق بين غول الاكتئاب ، و جاذبية الرغبة في الحياة الهادئة .
و كانت النتيجة اختيار الموت الأبدي .

و على النقيض كثيرون هم الذين سقطوا مراراً ، و تكررت تعثراتهم ، غير أنهم غدوا أكثر الناس شهرةً و نجاحاً ، بعد أن شاحوا بوجههم عن الانتحار ، و أيقنوا أن البحث عن الجمال ، و الإصرار على حب الحياة أفضل من أي عقابٍ للذات .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعلم برسالته يخترق جدران كل الأزمنة .
- النفوس اللئيمة تفتقد الوفاء .
- يضعون الكرد دائماً في قفص الاتهام .
- يومٌ ميمونٌ ليس كغيره من الأيام .
- حينما بأمانيك يعبث الزمن ، بخلط أوراقك .
- نكتةٌ حمقاءٌ سمجةٌ لمجلس الأمن الدوليِّ .
- بعض الأحلام من خلف قضبان التمني تتحرر .
- الذوبان في عالم الكتب ، خيرٌ من مجالس السوء .
- لمن نستغيث ، لإطفاء جمرة المحسوبية البغيضة ؟!
- المجازفة بكل شيءٍ ، من أجل المجهول .,
- سماسرة النهب و السلب .
- يعشق الجسد لا الروح .
- كن نقي النفس ، أو الجم لسانك .
- التمييز بين الموت الظالم و العادل .
- المشعوذ النشال .
- هياطهم زوبعةٌ في فنجانٍ .
- من ألاعيب القدر .
- حياةٌ عبثيةٌ .
- رنين الهاتف .
- أفئدةٌ أعياها المنفى .


المزيد.....




- الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا ...
- طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با ...
- الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
- فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب ...
- افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو ...
- ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو ...
- محمد الأثري.. فارس اللغة
- الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة - ...
- فنانو وكتاب سوريا يتوافدون على وطنهم.. الناطور ورضوان معا في ...
- ” إنقاذ غازي ” عرض مسلسل عثمان الحلقة 178 كاملة ومترجمة بالع ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - هل الانتحار جبنٌ ، أم شجاعةٌ ؟