هيام محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5660 - 2017 / 10 / 5 - 08:21
المحور:
الادب والفن
هناك قصص تنتهي ، وأخرى لا يجبُ لها أن تُدركَ ختامًا .. وإن أدرَكَته فإنها لا تفنى ، لا تنتهي ، لأنها الألف والياء .. وحتمًا سيمرّ أحدهم يومًا ، فيبدأ منها أو ينتهي إليها .. قدر محتوم لا هروب منه وإن كان ظالمًا ، لا بديل عنه ! وطوبى لمن كان قضاؤه عادلاً .. طوبى لمن غرق في بحور الألف وفنى في نيران الياء ..
ياهْ ! كم أنا سعيدة !
علاءْ ..
قالت لي حبّكِ هُراءْ ..
قريبًا تهجُرينَا ..
تَقْتُلينَا ..
وتقولي كنتُ بلهاءْ ..
ياهْ ! كم أنا سعيدة !
تامارا أختي الوحيدة ، أختي الكبيرة حسب توقيت خروجها للحياة خارج رحم أمي ، خرجَتْ قبلي ببضع دقائق .. لمّا كنّا صغيرات كانت تامارا عندما تغضب مني تُعيِّرني ب "القاتلة" ، إيلان أنتِ قتلتِ ماما ، أنتِ شريرة ، أنا خرجتُ ولم أقتل ماما ! أكرهكِ إيلان أكرهكِ ! فأبكي وأقول لها : كاذبة ، أنتِ تُحبّينني وتعلمين أنكِ خرجتِ قبلي لأنّكِ إستيقظتِ قبلي وتركتيني نائمة ، لو إستيقظتُ قبلكِ كنتُ أيقظتكِ وخرجنا معا ولم تمت ماما ! .. فتقول : هل ماما غضبت مني لأني تركتك وذهبتُ وحدي ؟ .. فأجيبها : ماما الآن في السماء تنظر إلينا وهي غاضبة منكِ لأنكِ تقولين أنكِ لا تحبينني وأنني "قاتلة" .. فتحضنني وتقول : أنا أمزح ، أنتِ أختي العزيزة وأنا أحبكِ أكثر من كل شيء ولن أذهب وأترككِ وحدكِ أبدا .. فأسألها : أكثر من بابا ؟ .. فتجيب : أنا لا أحب بابا ، بابا لا يحب ماما .. فأجيبها : بابا شرير تزوج إمرأة أخرى أنا أيضا لا أحبه ! ..
ياهْ ! كم أنا سعيدة !
قسَتْ فكنتَ لي العزاءْ ..
وعَلِمْتَ أنّي دونكما فنَاءْ ..
قلتَ لنْ تُثنينَا ..
وتُبكينَا ..
فنهلكَ في الصحراءْ ..
ياهْ ! كم أنا سعيدة !
قصص ، قصص و قصص ! .. هذا يطلب مالاً ، ذاكَ جاهًا ، هذه كذبًا ، تلكَ عبثًا ، أولئك وهمًا وهؤلاء يُريدون قصصًا ! ليناموا ، ليحلموا ولا يستيقظوا أبدًا .. تامارا تحبّ القصص ، كنتُ أحكي لها ولي الكثير منها ، كنتُ "ال" "قاصّة" ولا زلتُ ، تسمعني تامارا وأسمع نفسي عندما أقصّ ، كانت تبكي فأبكي معها وكنتُ أبكي فتبكي معي وأنا أقصّ .. لم يكن لدينا إلا إكليل شوك واحد ، أضعه على رأسها وأجلدها ، وتضعه على رأسي وتجلدني .. لم يكن لدينا إلا صليب واحد عليه أصلبها وفي قلبها أطعنها ، وعليه تصلبني وفي قلبي تطعنني .. أفديها وتفديني .. كم سخرنا من بدوي عبريّ دجّال وعُصورِ جهالةٍ يرثيها الجُهَّال ، أشباهُ نساءٍ وأشباهُ رجال .. قلنا مُحال ! فقد فُدينا وإنتهينا ! .. عدنا إلى منزلنا العتيق نبحث عن الشوك والخشب ، كان يوم شتاء أردنا أن نحرق ذلك الخشب فلم نستطع : بكيتُ وبكت تامارا معي وصرخنا : لا نستطيع !
ياهْ ! كم أنا سعيدة !
هي الألفُ وأنتَ الياءْ ..
وعروق جرتْ فيها الدماءْ ..
فغنّي أمانينا ..
وأَطْرِبينَا ..
قَدْ خُلِّصْنَا وتمَّ الفداءْ ..
#هيام_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟