|
التدهور المُزري الذي أصاب لغتنا العربية
أمير ماركوس
الحوار المتمدن-العدد: 5659 - 2017 / 10 / 4 - 17:22
المحور:
الادب والفن
التدهور المُزري الذي أصاب لغتنا
أصبَحَت متابعةُ الحوارات الإعلامية، بالنسبة لمن ينتمي لجيلنا المخضرم، مُحتاجة إلى صبر وبلادة ذهنية ليس من السهل أن تتوافر لنا، وما دفعني إلى كتابة هذا المقال هو مهرجان السينما المُسمَّى (مهرجان الجونة) في مصر، وهو بدون شك مهرجان رائع أنفق عليه ببذخ شديد ونجح في جذب شخصيات عالمية معروفة ومتميِّزة ، كما تميَّز من بين أشياء أخرى، بعُروض حية لأزياء من تصميم مُصمِّمين عالميين، أُنفقت عليها إستثمارات مالية هائلة، خصوصاً وأن المهرجان إستمر أسبوعاً كاملا وبشكل يومي .. ويمكننا أن نتخيل حجم الإنفاق في بند واحد وهو بند ملابس الشخصيات المشهورة المشاركة في المهرجان.
ما يعنيني هو اللغة المُستخدمة من قبل الإعلاميين الذين تولّوا مهمة تقديم فقرات المهرجان، وإدارة حوارات جانبية مُتعدِّدة، هناك التكرار المُمل في كل جملة لكلمة (تم) (يتم)، واستخدام ألفاظ باللغة الإنجليزية بالرغم من أن لها مُقابل شائع ومعروف باللغة العربية، أي ليس هناك ما يدعو لاستخدام الكلمة أو العبارة الإنجليزية طالما كان هناك مقابل يؤدي نفس المعنى باللغة العربية، وفي أحيان كثيرة كنا نلاحظ أخطاء لغوية في اختيار الكلمات الإنجليزية، وأخطاء في النطق، وإذا كان ذلك عائداً إلى انتشار الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي، فقد كان من الواجب على إدارة المهرجان مراعاة التنبيه المُشدّد المُسبق على مُقدِّمي الفقرات المختلفة والمُحاورين في اللقاءات الثنائية، بالإلتزام بأن تكون الحوارات باللغة العربية مع كافة المتحدثين باللغة العربية، وإلا كان علينا أن نُعلن رسمياً وفاة اللغة العربية مأسوفاً عليها من الأجيال المُخضْرَمة التي تعلمت في المدارس الحكومية المجّانية قبل عصر الإنترنت.
وللدلالة على حجم التدهور الذي أصاب الثقافة العامة، أتذكر حواراً جَرَى منذ حوالي عاميْن أمام بوابة جامعة القاهرة، حيث جَرَى حوارٌ بين مُراسلة إحدى القنوات الفضائية المصرية، وبين أحد طلبة جامعة القاهرة، وهو يحمل الكتب في يده، سألتْهُ المُراسِلة: ماذا تعرف عن عباس العقاد؟. وجاءت الإجابة هكذا: (هو شارع في مدينة نصر)، ويُعبِّر هذا المثال عن مدى التدهْوُر والإسفاف الذي أصاب الثقافة بشكل عام، إذا كان طالب الجامعة في مصر لم يسمع عن فيلسوف ومُفكر رائع هو عباس محمود العقاد، بخلاف أنه شارع في مدينة نصر بالقاهرة، ولم يسمع عن مجموعة كتب (العبقريات) التي قرأها جيلنا وكان مُعظمُنا يقتنيها في مكتبته المنزلية حيث كانت تباع بقروش قليلة، فعلينا أن نترَحَّم على الثقافة العامة، وبهذه المناسبة أتذكر الأجيال السابقة التي كنا نسمع منها أن الشخص يشتري قرطاساً من (اللب) بمبلغ 2 مليم (نكلة) لكي (يُقزقز) اللب ثم يفرد ورقة القرطاس ويقرأ محتوياتها لأنها أصلا صفحة مقطوعة من كتاب، إختلف الوضع جذرياً الآن وأصبحت آلاف الكتب منشورة بالكامل على شبكة الإنترنت، وممكن الدخول إليها مجاناً بمجرد الضغط على الزر، ومع ذلك فلا أحد يهتم ولا أحد يقرأ... واختفى الكتاب بالكامل من حياة الأجيال الشابة ولم تعُد هناك المكتبة المنزلية التي عرفناها جميعاً في منازلنا... وأصبحنا نجد أخطاء نحوية رهيبة في عناوين الصحف المشهورة في مصر،ويبدو أن وظيفة (المُصحِّح اللغوي) قد انقرضت في الصحافة المصرية.
كما أتذكر في شبابنا عندما كنا نضع كتاباً في جيب (الجاكيت) لنقرأه أثناء تجولنا في المواصلات العامة من مكان إلى آخر .. كانت للوقت قيمة كبرى، وللثقافة العامة أهمية وأولوية في قائمة اهتماماتنا... وكانت تجمَعُنا تجمُّعات ثقافية مثل نادي القراءة ومسابقة القراءة الصيفية وخطبة الصباح في مايكروفون الإذاعة المدرسية كل صباح، والحفلات المدرسية السنوية التي كانت تقام في نهاية العام الدراسي، وكنا نُقدِّم فيها مسرحيات شعرية، وتاريخية باللغة العربية الفُصحى يتولى الإخراج فيها مخرج مسرحي مُحترف.
وأختم بعبارة منسوبة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر عند وقوع الإنفصال بين مصر وسوريا عام 1961 – أعان الله مِصرَنا الحبيبة على أمورها ...
#أمير_ماركوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعليق على مقال الأستاذ أسعد أسعد عن إصلاح الدولة المصرية
-
هل هناك تنمية بشرية حقيقية في دولة الإمارات
-
لماذا تحول الشعب المصري إلى شعب دموي إلى هذه الدرجة
-
نوادر وملاحظات من واقع التجربة الإماراتية
-
ردودنا على تعليقات القراء على مقالينا عن الإستثمار العقاري ف
...
-
الحكومة الإلكترونية .. دعابة كبرى في عالمنا العربي
-
تعليق على هامش أزمة الإستثمار العقاري في دبي
المزيد.....
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
-
بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan
...
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
-
-رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
-
فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
-
فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال
...
-
اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة
...
-
كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك
...
-
الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|